ضغوط على واشنطن تهدد بتسليح المعارضة.. إن لم يتوقف الهجوم على حلب

مصادر غربية لـ «الشرق الأوسط»: على الإدارة الأميركية «القيام بشيء ما»

مقاتل من الجيش السوري الحر يدون ملاحظات بينما يجلس مع زميله في حي الميسر بالجزء الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يدون ملاحظات بينما يجلس مع زميله في حي الميسر بالجزء الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (رويترز)
TT

ضغوط على واشنطن تهدد بتسليح المعارضة.. إن لم يتوقف الهجوم على حلب

مقاتل من الجيش السوري الحر يدون ملاحظات بينما يجلس مع زميله في حي الميسر بالجزء الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يدون ملاحظات بينما يجلس مع زميله في حي الميسر بالجزء الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (رويترز)

أشارت مصادر دبلوماسية غربية في باريس إلى وجود «ضغوط قوية» على الإدارة الأميركية من أجل «القيام بشيء ما» لوقف الهجمات الجوية والبرية على مدينة حلب التي تخضع، منذ انهيار الهدنة في 22 سبتمبر (أيلول) الحالي، لقصف جوي ومدفعي سوري - روسي لم تعرف له مثيلا.
وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، إن الأطراف المعنية الغربية والخليجية والتركية التي تعزو الوضع الحالي في سوريا إلى «ضعف» رد الفعل الأميركي إزاء الهجمة الروسية، أخذت تلمح إلى احتمال «تحللها» من القيود التي تفرضها واشنطن على تسليح المعارضة السورية، وإلى تصرفها «انفراديا» ما دامت الإدارة الأميركية لا تزال «مترددة» ميدانيا وتراهن على دور روسي إيجابي «لن يأتي أبدا».
وتعد هذه المصادر أن الإدارة الأميركية تعاني من أمرين اثنين: الأول، وجود تضارب في الآراء والمقاربات بين دوائر صنع القرار، خصوصا التباعد بين ما تراه وزارة الخارجية وما يتمسك به البنتاغون لجهة التعامل مع موسكو. والثاني، تخبط رأس الإدارة، أي الرئيس أوباما، الذي أبانت كلمته أول من أمس بمناسبة اجتماع عقده في قاعدة عسكرية «ليس فقط عن ارتباك سياسي؛ بل عن ضياع». وكان أوباما قد وصف الوضع في سوريا بأنه «يفطر القلب»، قبل أن يضيف أنه يعيد النظر في سياسته كل أسبوع. ولعل أبلغ دليل على حيرته قوله إنه سيستعين «بخبراء مستقلين وبمنتقدين لسياسته» لرسم سياسة جديدة وتقديم النصح له «لمنع الحرب الأهلية» الدائرة في سوريا. وفي أي حال، استبعد أوباما سلفا أي توجه يمكن أن ينص على إشراك أعداد كبيرة من القوات الأميركية في هذه الحرب، وهو ما لا يتوقعه أحد. ولأنه يرى أن «ما من سيناريو - دون نشر أعداد كبيرة من قواتنا - يمكننا فيه أن نوقف حربا أهلية كل طرف منغمس فيها بقوة»، فإن أوباما يريد أن يكون «متعقلا»، مما يعني عمليا الاستمرار في السياسة التي سار بها حتى الآن في سوريا والتي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه الآن. وفي حين ربطت هذه المصادر بين النقاشات «المستجدة» الجارية حاليا داخل الإدارة الأميركية لبلورة «سياسة جديدة» بعد فشل الرهان على التفاهم مع روسيا وانهيار الاتفاق الثنائي الذي أبرم في جنيف في 9 سبتمبر الحالي في مراحله الأولى، لا تعرب هذه المصادر عن كثير من التفاؤل لجهة ما ستقرره واشنطن من تدابير «عسكرية» يمكن أن تردع النظام من خلال استهداف قواته وقواعده الجوية. وتستند في ذلك إلى قناعة راسخة مفادها أن واشنطن «لا تريد مواجهة عسكرية مع قوات النظام، خصوصا مع القوات الروسية في سوريا، في الوقت الذي كانت تسعى فيه للتعاون معها». والدليل على ذلك، وفق هذه المصادر، أنه عندما استهدفت طائرات التحالف موقعا قرب القاعدة الجوية السورية في دير الزور، سارعت الدوائر الأميركية للإعراب عن أسفها والتأكيد على أنها لم ترد يوما ضرب القوات النظامية. وفي أي حال، فإن نشر روسيا منظومات دفاع جوي صاروخية متقدمة «S400» تغطي كل الأراضي السورية يجعل أي عمل جوي محفوفا بالمخاطر، مما سيحمل الرئيس أوباما على معارضة أي مشروع كهذا.
إزاء هذا الوضع المعقد، ترى المصادر المشار إليها أن «الخيار الأكثر احتمالا» في الرد على التطورات العسكرية في حلب، أن تعمد الدول المعنية لدعم المعارضة السورية عسكريا وإلى «تجاوز اعتراضات واشنطن»، وتزويدها بأسلحة «نوعية» تمكنها من الصمود من جهة؛ وإيجاد «توازن قوى» جديد من جهة أخرى. وبحسب المعلومات المتوافرة لديها، فإن إجراءات من هذا النوع «أخذت طريقها إلى التنفيذ». لكنها رفضت الخوض في مزيد من التفاصيل.
بيد أن هذا التوجه ما زالت تلازمه علامات استفهام بخصوص احتمال أن تغض واشنطن الطرف عن تزويد المعارضة بأنظمة للدفاع الجوي وتحديدا الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من الكتف. وتفيد المصادر الغربية أن الجانب الأميركي ما زال يرفض «حتى الآن» حصول تطور كهذا، وهو قادر على منعه لأن الصواريخ الأكثر فعالية أميركية الصنع «صواريخ ستينغر» وهي التي أثبتت فعاليتها ضد الطائرات الروسية في حرب أفغانستان وحيّدت، إلى حد كبير، «القيمة المضافة» التي يشكلها سلاح الجو في أرض المعركة. وتتخوف واشنطن ومعها العواصم الغربية من أن تقع أسلحة كهذه بأيدي تنظيمات إرهابية؛ سواء أكانت تنظيمي «داعش» أو «النصرة»، أو تنظيمات أخرى متطرفة، ما من شأنه تهديد طيران التحالف الدولي فوق العراق وسوريا، فضلا عن أنه يشكل تهديدا جديا للطيران المدني في المنطقة ومناطق أخرى كذلك. وكان تقرير لوكالة «رويترز» نقل عن مسؤول أميركي أن واشنطن «حالت دون وصول كميات كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف إلى سوريا وأنها، بدل ذلك، سعت إلى توحيد الحلفاء الغربيين والعرب خلف هدف تقديم التدريب وأسلحة المشاة لجماعات المعارضة المعتدلة مع مواصلة المحادثات مع موسكو». ولذا، فإن السؤال الذي تطرحه الأوساط الغربية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» هو عما إذا كانت تركيا أو الدول الخليجية الأكثر انغماسا في دعم المعارضة عازمة على تخطي «الممانعة» الأميركية التي تبدو بمثابة «خط أحمر» في ما يتعلق بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة. والحال، أن النظام وروسيا يستفيدان من خلو الأجواء لهما بشكل كامل، وهو ما يوفر لهما تفوقا ملحوظا على قوى المعارضة منذ بدء الحرب السورية قبل خمس سنوات ونصف لم تحل خلالها إشكالية المضادات الجوية.
بموازاة ذلك، جاءت التسريبات الأميركية حول انكباب الإدارة على دراسة «خيارات» عسكرية مختلفة للرد على التصعيد غير المسبوق في حلب بمثابة «بالون اختبار» لمعرفة ردود الطرف الآخر. وكان أول الغيث إعراب موسكو، بأمر من الرئيس بوتين، عن استعدادها للاستمرار في التعاون مع واشنطن ليعيد وصل الحوار الصعب بين الطرفين. فهل ستكون موسكو مستعدة حقيقة للمساعدة في خفض العنف وتنفيذ الاتفاق الموقع في جنيف قبل 3 أسابيع، أم إنها ستستمر في كسب الوقت سعيا وراء هدف واضح وهو تمكين النظام من السيطرة على كامل حلب، ما سيعد خطوة كبيرة نحو تنفيذ الحل العسكري؟



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».