اشتباكات جديدة في نابلس تعزز المخاوف من تصاعد التوتر والفلتان

أجهزة الأمن تبث تسجيلات لتعقب مسلحين قواتها ومسؤول فتحاوي يطالب بالتحقيق

عناصر من قوات الأمن الفلسطينية أثناء قيامهم بدورية في مدينة نابلس بالضفة الغربية  بعد اشتباكات بين القوات الفلسطينية ومسلحين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن الفلسطينية أثناء قيامهم بدورية في مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد اشتباكات بين القوات الفلسطينية ومسلحين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات جديدة في نابلس تعزز المخاوف من تصاعد التوتر والفلتان

عناصر من قوات الأمن الفلسطينية أثناء قيامهم بدورية في مدينة نابلس بالضفة الغربية  بعد اشتباكات بين القوات الفلسطينية ومسلحين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن الفلسطينية أثناء قيامهم بدورية في مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد اشتباكات بين القوات الفلسطينية ومسلحين الشهر الماضي (أ.ف.ب)

تكاد تكون الاشتباكات بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومسلحين وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، طقسا متكررا في المدينة، التي شهدت في الأسابيع القليلة الماضية، مقتل 6 فلسطينيين على الأقل، من أبناء الأجهزة الأمنية ومسلحين مطلوبين، ما أثار مخاوف من توسع دائرة التوتر أكثر، وانتشار أكبر للفلتان.
وقتلت قوة أمنية أمس، أحد أبناء المدينة بعد اتهامه مع آخرين، بالمشاركة في إطلاق نار على أفرادها، وهذا ما نفاه مسؤول في حركة فتح، تاركا الفلسطينيين في حيرة.
وقال محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب، إن قوات الأمن ردت فجر الأربعاء، بإطلاق النار بالمثل، على مسلحين بادروا بإطلاق النار من داخل سيارة، ما أدى إلى إصابة أربعة شبان. وأضاف الرجوب، أن معلومات وصلت إلى الأجهزة الأمنيّة عن مجموعة شبان تتابع نشاطا للأجهزة الأمنية لاعتقال مطلوبين في منطقة المساكن الشعبية شرقي المدينة. وأثناء عودة القوة من مهمتها، تعرضت لإطلاق نار من داخل سيارة بالقرب من مفترق الغاوي. وتابع قائلا إن «أجهزة الأمن ردت بإطلاق النار على السيارة التي فرت باتجاه مخيم بلاطة، ووجدت متوقفة على بعد مئات الأمتار، وبداخلها ثلاثة مصابين»، موضحا أنه تم تقديم الإسعافات الأولية للمصابين ونقلهم إلى مستشفى رفيديا الحكومي، وفي وقت لاحق، قام مجهولون بنقل مصاب رابع إلى أحد المستشفيات الخاصة. وأعلن لاحقا عن وفاة أحدهم.
وقال مصدر في وزارة الصحة الفلسطينية، إن ضياء عرايشه (24 عاما) توفي متأثرا بجروحه بعد ساعات من دخوله مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس.
وفورا أغلق شبان غاضبون مداخل مخيم بلاطة وشوارع رئيسية في المدينة وأشعلوا الإطارات، وراحوا يهتفون ضد السلطة الفلسطينية. وزاد من حالة الغضب في المخيم، ما أعلنه النائب عن حركة فتح جمال الطيراوي، الذي استنكر «إطلاق قوات الأمن الوطني وابلاً من الرصاص بشكل مفاجئ على شبان عزل لا يملكون أي سلاح»، وطالب بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الحادث. وأكد الطيراوي في بيان صادر عن مكتبه، أن الشبان الأربعة كانوا عزل، وتفاجأوا بوابل من الأعيرة النارية تطلق باتجاههم، بعد توقف سيارتهم بسبب نقص الوقود. ونفى الطيراوي أن يكون الشبان مطلوبين للأجهزة الأمنية، أو أنه كان بحوزتهم أي نوع من السلاح.
وتساءل الطيراوي عن مصير السلاح إن وجد. وقال إنه يملك فيديو يدحض الاتهامات بوقوع اشتباكات. وناشد أهالي المصابين وذويهم ضبط النفس والتحلي بالصبر، و«تفويت الفرصة على المتربصين من أعداء هذا المخيم وأصحاب الأجندات غير الوطنية».
لكن الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري، رد مؤكدا وجود تسجيل يثبت تورط المجموعة التي أصيبت بالرصاص في نابلس. وقال إن 3 منهم مطلوبون للأمن في قضايا مختلفة، وأحدهم مطلوب لسبع قضايا.
وأعاد الضميري الاتهامات بأن النار أطلقت على قوات الأمن من جهات مختلفة، قبل أن ترد على مصادر إطلاق النار بالمثل.
وبثت الأجهزة الأمنية الفلسطينية تسجيلا يظهر مجموعة الشبان يتتبعون تحركات قوات الأمن في نابلس ويتبادلون معلومات قبل أن يتضح وجود صلات لهم مع مطلقي النار.
ومن شأن الحادث الجديد أن يؤدي إلى زيادة التوتر بعد سلسلة حوادث مشابهة، انتهت الشهر الماضي بمقتل 5 في نابلس، بينهم 2 من قوات الأمن تعرضوا لكمين، و3 قالت السلطة إنهم مطلوبون، 2 منهم بالرصاص، وثالث بالضرب بعد اعتقاله.
ويخشى كثير من الفلسطينيين من أن يدفع تكرار حوادث القتل البعض إلى أخذ القانون بيده، خصوصا مع محاولات استهداف عناصر الأمن وحوادث قتل رجال الأمن لمطلوبين.
وطالب مركز حقوقي أمس، النيابة العامة بالتحقيق في حادثة مقتل مواطن برصاص عناصر الأجهزة الأمنية في نابلس شمال الضفة الغربية والوقوف على ظروفها وملابساتها. ودعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان صحافي وزير الداخلية رئيس وزراء حكومة الوفاق رامي الحمد الله، إلى القيام بواجباته لضمان التزام قوات الأمن بمعايير احترام القانون في حدود المعايير الدولية لاستخدام القوة. وشدد المركز على ضرورة التزام قوات الأمن بمبدأي التناسب والمشروعية في استخدام القوة، منددا بشدة بأي استخدام مفرط أو عشوائي للقوة. وتقول السلطة إنها تحارب كل سلاح غير سلاحها، حتى لو كان سلاح حركة فتح. كما تحارب غسل الأموال، وتريد من الجميع الانصياع للقوانين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.