ابن كيران يتعهد بمواصلة الإصلاح إذا فاز بفترة حكومية ثانية

قال إن رأسمال حزبه الأساسي هو «الصدق والمعقول» في تعامله مع المواطنين

ابن كيران لدى إطلاقه الحملة الانتخابية الرسمية لحزبه في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
ابن كيران لدى إطلاقه الحملة الانتخابية الرسمية لحزبه في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

ابن كيران يتعهد بمواصلة الإصلاح إذا فاز بفترة حكومية ثانية

ابن كيران لدى إطلاقه الحملة الانتخابية الرسمية لحزبه في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
ابن كيران لدى إطلاقه الحملة الانتخابية الرسمية لحزبه في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)

تعهد عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية) ورئيس الحكومة المغربية، بمواصلة الإصلاح إذا فاز حزبه بولاية حكومية ثانية. وقال ابن كيران إن شعبيته في استمرار وازدياد ولم تنقص رغم تدبيره للشأن العام لمدة خمس سنوات، مشيرا إلى أن رئيسًا سابقا للحكومة الفرنسية سأله عن سبب عدم فقده شعبيته، وحين عجز ابن كيران عن الجواب قال له المسؤول الفرنسي إن «المواطنين حينما يسمعون السياسيين يتحدثون، فإنهم يعرفون من يريد لهم الخير ومن يريد الضحك عليهم».
وعزا ابن كيران، الذي كان يتحدث بالرباط أول من أمس بمناسبة إطلاق الحملة الانتخابية لحزبه تحت شعار: «صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح»، اتساع دائرة شعبية حزبه باستمرار منذ دخوله الساحة السياسية، إلى كون رأسمال الحزب الأول والأساسي هو «الصدق والمعقول» في تعامله مع المواطنين، وأعطى مثالا على ذلك بازدياد عدد المجالس المحلية التي يتولى تسييرها في كثير من مناطق المغرب.
واعتبر ابن كيران أن حضور نحو 20 ألف شخص مهرجان إطلاق الحملة الانتخابية لحزبه شيء يبشر بالنصر في الانتخابات. وقال ابن كيران إنه لا توجد حكومة في المغرب يتذكرها المغاربة أكثر من حكومته، مشيرا إلى أن أول ما فعل هو أنه تحدث مع الناس واتخذ الإجراءات وشرحها لهم.
وتحدث ابن كيران عن الظروف التي صعد فيها حزبه إلى رئاسة الحكومة، وقال إن سنة 2011 كانت سنة الشك في مصير النظام العربي، بعد ما وقع في تونس وليبيا ومصر وبعض الدول العربية، وأضاف أن حزب العدالة والتنمية رفض المغامرة بالبلاد والمؤسسة الملكية التي تعد الضامن للاستقرار والأمن.
وأوضح ابن كيران أن الضجيج الذي كان في الشارع عام 2011 أفزع الجميع.. «لكنه تبخر وذهب إلى حال سبيله، وبقي الأمان والاستقرار». وقال: «نحن جزء من هذا الأمان والاستقرار»، قبل أن يضيف: «نحن واثقون بأننا سنستمر في هذا الطريق؛ لأن أمن البلاد واستقرارها لا يباع ولا يشترى». وأثنى ابن كيران على الظروف التي طبعت العمل الحكومي، مسجلا أنه لم تسجل أي أزمة حقيقية مثل أزمتي 1981 و1990 رغم الإضرابات العامة والوقفات الاحتجاجية، مشيرا إلى أنها كانت دائمًا تنفض بسلام. وعزا ذلك إلى أن اختيار الحكومة كان ديمقراطيا ولم يذهب في اتجاه إقصاء أي احد. وزاد قائلا إن الناس عندما يرون المعقول «يأتون عندك ولن يسألوك هل عندك لحية طويلة أم لحية قصيرة؟».
وتحدث ابن كيران عن علاقته مع المؤسسة الملكية، وقال إنه دبر العلاقة معها بمنطق الود والتعاون بعيدا عن التنازع، وتمكن من النجاح في ذلك.
وعزا ابن كيران إصلاح حكومته صندوقي التقاعد والمقاصة (دعم المواد الأساسية) إلى أن حزبه وجد مركب البلاد مليئا بالثقوب، وبالتالي «كان لا بد من الإصلاح لإنقاذ المركب من الغرق، ولم يكن هناك مفر من الإصلاح، رغم أنني كنت أعرف أنه يمكن للناس أن يخرجوا إلى الشارع».
وخاطب ابن كيران أعضاء حزبه قائلا إن «هذا الإصلاح لم يطلبه مني أحد، وإن الحكومة أخذته على عاتقها». وزاد قائلا: «ارفعوا رؤوسكم لأنكم أنقذتهم دولتكم من حبل المشنقة الذي كان يلتف على عنقها شيئا فشيئا وكاد يخنقها». وأشار ابن كيران إلى أنه لم يجد طريقة للتخلص من الفساد سوى وضع حد للمقاصة.
وبعث ابن كيران برسائل طمأنة لرجال الأعمال المغاربة، معبرا عن رغبته في العمل إلى جانبهم. وقال: «نحن لا نذهب لنبتزهم ونجمعهم في الفنادق رغما عنهم وهم مفزوعون، بل نرى ما فيه مصلحة البلد ونقوم به». وأشار ابن كيران إلى دور المقاولة في التصدير وجلب العملة الصعبة وخلق مناصب الشغل، داعيا في الوقت ذاته إلى تشجيعها. وقال: «إذا فشلت المقاولة فشل كل شيء في البلد». وخلص ابن كيران إلى القول: «مشكلة البلد هي القناعة التي لم تعد موجودة»، وقال إنه قنوع، وإنه خلال ولايته الحكومية اشترى سيارة صغيرة لزوجته، وأصلح غرفة استقبال الضيوف في منزله، وغرفة النوم، كما أصلح المطبخ.
وكان سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب ووزير الخارجية السابق، قد وجه في بداية المهرجان الخطابي انتقادات حادة لمسيرة الدار البيضاء التي نظمت الأحد قبل الماضي ضد ابن كيران وحزبه، وقال إن حزب العدالة والتنمية هو «حزب الوضوح، ولا يستغفل أحدا.. وليس مثل أولئك الذين استقدموا الناس من البوادي». وقال إن الساحة السياسية تحتاج إلى الوضوح «وهذا ما يتمتع به حزبنا».
وندد العثماني بـ«الحملات الكثيرة والمغرضة ضد بعض قيادات الحزب»، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية يرحب بالنقد البناء، معترفا بوجود بعض النواقص التي شابت العمل الحكومي. بيد أنه قال: «ابتلينا بمعارضة لا تريد النقد والنقاش الصريح»، داعيا إلى الحرص على الارتقاء بالخطاب السياسي.
وشهد المهرجان الخطابي أيضا حفل توقيع رؤساء اللوائح الانتخابية لحزب العدالة والتنمية على «ميثاق المنتخب» الذي يتضمن مجموعة من الالتزامات إزاء الكتلة الناخبة في المغرب، ومبادئ وأسسًا تضبط العلاقة مع الناخب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».