جدل تعديل المناهج المدرسية في الأردن.. جهل وتحريض أم تخوف من التغيير؟

نائب رئيس الوزراء: اكتشفنا في بعضها ما يحفز على الإرهاب

رسوم لمعلمة محجبة قبل التعديل في كتاب مدرسي تابع لمناهج وزارة التربية - الصفحة ذاتها في الكتاب بعد تعديلات المناهج - طالبات في إحدى المدارس الحكومية بالأردن (غيتي)
رسوم لمعلمة محجبة قبل التعديل في كتاب مدرسي تابع لمناهج وزارة التربية - الصفحة ذاتها في الكتاب بعد تعديلات المناهج - طالبات في إحدى المدارس الحكومية بالأردن (غيتي)
TT

جدل تعديل المناهج المدرسية في الأردن.. جهل وتحريض أم تخوف من التغيير؟

رسوم لمعلمة محجبة قبل التعديل في كتاب مدرسي تابع لمناهج وزارة التربية - الصفحة ذاتها في الكتاب بعد تعديلات المناهج - طالبات في إحدى المدارس الحكومية بالأردن (غيتي)
رسوم لمعلمة محجبة قبل التعديل في كتاب مدرسي تابع لمناهج وزارة التربية - الصفحة ذاتها في الكتاب بعد تعديلات المناهج - طالبات في إحدى المدارس الحكومية بالأردن (غيتي)

أثارت تعديلات المناهج المدرسية في الأردن سجالا بين الأوساط الثقافية والتربوية والنقابية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني التي وصلت إلى حد الغضب لأنها مست المعتقدات الدينية بشكل واضح، من خلال حذف آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، بحجة مكافحة الإرهاب.
وعلى الرغم من تدارك وزارة التربية والتعليم التي سارعت بتشكيل لجان لدراسة أثر هذه التغييرات والخروج بتقارير تخفف من حدة التوترات التي ظهرت من خلال بيانات وتصريحات لنقابة المعلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وأساتذة جامعات وغيرهم من العاملين في التربية، فإن نائب رئيس الوزراء وزير الصناعة والتجارة الأردني الدكتور جواد العناني كان أكثر صراحة من أي مسؤول أردني. إذ قال في تصريح صحافي: «إن الحكومة الأردنية ليست خجلة من تعديل المناهج، فنحن نريد مراجعة المناهج لأننا اكتشفنا أن في بعضها ما يحفز على الإرهاب».
وشدّد على أنّ المناهج يجب أن تعلّم «الطلبة الحب والتجانس لا أن يحمل السيف ويبدأ بالقتل. يجب أن نكون واضحين. ففي أي اتجاه جرى تعديل المناهج؟ فأنت تعيد النظر في المناهج لأنّك تعلم طفلاً في الصف الرابع الابتدائي فاقتلوهم. لماذا أبدأ به؟ يجب أن أعلم الطلبة الحب والتجانس ولا أعلمه أن يحمل السيف ويبدأ بالقتل».
من جانبهم انتقد أردنيون إلغاء النصوص القرآنية والحديث النبوي الشريف، وإزالة صورة سيدة محجبة من كتاب الصف الثالث، واستبدالها بأخرى متبرجة، مؤكدين رفضهم وتصديهم القاطع لهذه السياسية بكل السبل المتاحة.
إلى ذلك، قال أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأردنية الدكتور عطا الله الحجايا إن «عملية التطوير الأخيرة التي جرت على المناهج فإننا نتحدث عن عملية (تطهير) وليس تطويرا، وعن اعتداء فاضح وواضح على القيم والعادات والتقاليد فضلا عن الدين، كما كشفت العملية عن تقزيم وتسطيح كبيرين، فلا تفكير تعلمه، ولا طرائق حل مشكلات تعالجها». كما تساءل الدكتور عطا الله: «ما ملامح التطوير الذي يحدثه المحدثون على المناهج؟.. خذوا أمثلة: - حذف آيات القران الكريم، والحديث النبوي، وأي عبارة تحمل نفسا دينيا - تغيير الصور بحيث تحذف كل صورة لامرأة محجبة». وقال: «سوف ندافع عن ديننا وتراثنا وقيمنا وأجيالنا وأبنائنا بكل ما أوتينا..وإنها لمواجهة وإنا لها».
من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات أهمية الدعم الكبير والمستمر الذي توليه القيادة الأردنية لقطاع التربية والتعليم والمبادرات الملكية التي تستهدف الارتقاء بهذا القطاع وبما يسهم في تقدم الأردن وتعزيز مسيرته التنموية.
وعرض الدكتور الذنيبات الأهداف المنشودة لتطوير التعليم والتي تتضمن تطوير بنية السلم التعليمي، ومراجعة مساراته، والتوسع في مرحلة رياض الأطفال، وتطوير المناهج الدراسية لمراحل التعليم المختلفة، إضافة إلى تطوير التعليم المهني وإعادة هيكلة تخصصاته، وزيادة مشاركة القطاع الخاص بما يحقق المواءمة مع احتياجات سوق العمل والتنافسية وزيادة نسبة الملتحقين بهذا الفرع.
وأشار إلى أن عملية تطوير المناهج والكتب المدرسية هي جهد مشترك قام عليه معلمون ومشرفون تربويون من ذوي الكفاءة والخبرة تم اختيارهم على أساس تنافسي، إضافة إلى جهود أكاديمية من أساتذة الجامعات الأردنية شاركت في اللجان القائمة على عملية التطوير ومراجعة وتقييم مستفيض من الميدان التربوي.
ولفت الدكتور الذنيبات إلى ما قدمه معلمون مختصون من عروض خلال الندوة الحوارية التي أقامها مجلس التربية والتعليم في أكاديمية عمان مؤخرًا وما تضمنته هذه العروض من تحليل دقيق للمناهج المطورة، مبينين أنها أقرب للواقع بتضمينها مواقف حياتية، وأسهل للفهم والتعليم، «وتراعي قدرات الطلبة وتنسجم مع البيئات التعليمية المتاحة إضافة إلى انسجامها مع مبادئنا وقيمنا العربية الإسلامية ووسطية الإسلام كنهج أردني معاش».
ورفضت نقابة المعلمين الأردنيين على لسان الناطق باسمها الدكتور أحمد الحجايا للتعديلات التي طالت المناهج مؤخرا، واصفا أنها اعتمدت على سياسة مجافاة نصوص القران الكريم والأحاديث النبوية. وأكد الحجايا على موقف النقابة الداعم لتطوير المناهج وإثرائها بطريقة تخدم بناء العقول وبناء الأجيال، بعيدًا عن استبعاد واضح ومقصود للنصوص الدينية التي أثارت استهجان التربويين والرأي العام خلال الفترة الأخيرة، بعد تداول ونشر عدد كبير من الصفحات داخل المناهج التي مسها التعديل.
وأكد على موقف نقابة المعلمين الأردنيين الداعي إلى ضرورة تمسك المعلمين بكل ما يعمق الهوية الدينية والوطنية وغرس قيم الدين والأخلاق في نفوس الطلبة. وأشار إلى أن الذرائع التي يريد البعض من خلالها مكافحة الإرهاب والتطرف ما هي إلا ممارسات قد تولد أساليب أخرى في التطرف وقد تخلق بيئة خصبة للنشء الذي سيسعى لصناعة وإنتاج فكر التطرف وقد يصبح عرضة للاختطاف الفكري.
ومن الناحية القانونية، أشار الحجايا إلى أن قانون نقابة المعلمين وحسب نص المادة 5 فقرة ج هو الذي جعل النقابة عاجزة عن التدخل في سياسات التعليم والمناهج، لافتًا إلى أن النقابة ستسعى بكل جهدها لدراسة كل التعديلات التي ستجعل من النقابة شريكا أساسيا في العمل مع وزارة التربية والتعليم.
وطالبت النقابة بإقالة الوزير وكل من تسبب بهذا العبث أو امتدت يده لمناهجنا الوطنية، ومحاسبتهم على ذلك وإيجاد الضمانات بعدم العودة مستقبلا لمثل هذه الأفعال.
من جانبه قال الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات: «الكتب المدرسية التي صدرت عن الوزارة 2016 تعرضت إلى عاصفة من التضليل، قادته مجموعات متعددة، لم يقرأ أحدها محتوى هذه الكتب، تحت شعار: «الإسلام في خطر»، وهم يعرفون قيمة هذا الشعار في مجتمعنا الأردني، وما قد يثيره شعارهم من فتنة غير محسوبة. وأضاف أن «أي تغيير على مستوى فكري يتطلب تغييرًا في فلسفة التربية، فالمناهج المدرسية تعكس هذه الفلسفة، ولن تستطيع أي قوة، في وزارة التربية أو غيرها، أن تغير فلسفة المناهج والكتب، بما يخالف فلسفة التربية».
واستطرد: «فلسفة التربية لدينا موجودة في قانون التربية رقم 3 لعام 1994، وما زالت الفلسفة هي هي، وصدور أي منهج يخالف هذه الفلسفة هو أمر غير قانوني، ويمكن لأي محكمة بسيطة إلغاء هذا المنهج»، مشيرًا إلى أنه لم تتغير فلسفة التربية، «وليس لدنيا فلسفة تربية جديدة: علمانية أو غيرها». ودعا الذين هاجموا الكتب الدراسية «أن يقرأوا الكتب المدرسية ولو فعلوا لشكروا وزارة التربية على جهدها».
وقال إنه «من حق المجتمع، أن يناقش المناهج والكتب المدرسية، لأنها هي التي تشكل مستقبل المجتمع. ومن حق كل فرد في المجتمع أن يقدم رأيه».
وأشار إلى أن «المشكلة الأساسية في الكتب المدرسية، بدأت عندما كلفت الوزارة لجانًا تقليدية - لها أجندة - بوضع الكتب المدرسية، ورطّت هذه اللجان وزارة التربية بوضعها كتبًا مدرسية مليئة بالأخطاء والخطايا، ولم يراقب مجلس التربية، مع الأسف، هذه الكتب، فصدرت صادمة، ضعيفة مؤدلجة ساذجة، مليئة بعبارات لم تراعِ حقوق الإنسان أو المواطنة أو المرأة أو حتى المنطق العادي. وحين تعرضت هذه الكتب إلى نقدٍ تحليلي، لا نقدٍ ديني، تم سحب بعض العبارات التي دخلت الكتب في ليل «داعشي»، بحسب قوله.
وإن الضجة التي تناولت التعديلات قد تهدف إلى تكبيل وزارة التربية، وربما الدولة، لعدم إجراء تعديلات أساسية، نحو التفكير الناقد والاقتصاد في اليقين، والانفتاح على العالم والثقافات المختلفة. وما زلنا نرى أن الضجة التي صدرت عن الظلاميين هي لمنع إحداث تغييرات تبني جيلاً حرًا.
من جانبها، ردت وزارة التربية والتعليم حول ما تداولته وسائل الإعلام ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي عن الكتب المدرسية الجديدة، مشيرة إلى أن المتخصصين في الوزارة درسوا كل ما أفرزته تلك الوسائل وراجعوه، وفي هذا الصدد تبين لها أن الكثير ممن تناولوا موضوع المناهج والكتب المدرسية وقعوا في خطأ كبير حين قاموا بمقارنة الكتب المدرسية في طبعتها الجديدة لعام 2016م مع الكتب التي طبعت عام 2015م وتم إلغاؤها، إذ ظهر أن الأغلبية منهم لم يقرأوا تلك الكتب ولم يطلعوا على ما فيها من مادة علمية واكتفوا بالشائعات والأحكام المسبقة التي أطلقها بعضهم أو الأقاويل التي تداولتها بعض وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير أهداف أصحاب هذه الأقاويل.
ووسط الجدل، قرر الوزير الذنيبات تشكيل لجنة لمراجعة الكتب المدرسية التي وردت حولها الملاحظات، وتقديم الاقتراحات اللازمة، كل حسب اختصاصه، وإعداد تقرير مفصل حول ذلك. وأكدت وزارة التربية والتعليم ترحيبها بكل رأي أو اقتراح بنّاء من ذوي الخبرة والاختصاص وأهل الرأي حول الكتب المدرسية.
وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم وليد الجلاد، إن اللجنة بدأت عملها بجمع وتحليل جميع ما ورد في مواقع التواصل الاجتماعي والتغذية الراجعة من الميدان ووسائل الإعلام حول المناهج ودراساتها، مبينًا أن اللجنة ستعمل حال الانتهاء من عملها، على تقديم تقرير مفصل للوزير الذنيبات.
كما شكل الدكتور الذنيبات لجنة برئاسة الأمين العام للشؤون التعليمية وعضوية مدير إدارة التعليم ومدير إدارة التعليم الخاص والناطق الإعلامي ومدير تربية قصبة عمان ومدير الكتب في إدارة المناهج لدراسة الملاحظات والتغذية الراجعة التي وردت من الميدان التربوي والمواطنين ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول المناهج، في انتظار حسم السجال الذي اشتعل في المملكة الأردنية وما زال صداه عاليًا مع عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.