الغابون: حالة من الحذر والترقب

المحكمة الدستورية ترفض طعن المعارضة وتحكم لصالح بونغو

الغابون: حالة من الحذر والترقب
TT

الغابون: حالة من الحذر والترقب

الغابون: حالة من الحذر والترقب

انتشرت قوات الأمن في الشوارع الرئيسية بمدينة ليبريفيل، عاصمة الغابون، فيما أغلقت الشوارع المؤدية إلى القصر الرئاسي، تحسبًا لوقوع احتجاجات وأعمال عنف لرفض قرار المحكمة الدستورية الذي أصدرته في وقت متأخر من ليل الجمعة / السبت، ورفضت فيه طعن المعارضة في نتيجة الانتخابات التي فاز بها الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو.
وتعد الغابون الواقعة في وسط القارة الأفريقية، واحدًا من أكثر بلدان القارة استقرارًا، وأكثرها نموًا اقتصاديًا، إذ يعتمد هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز سكانه المليون نسمة على مخزون نفطي هائل، ولكن الغابون دخلت في أتون أزمة سياسية عاصفة بعد الانتخابات الرئاسية التي نظمت 27 أغسطس (آب) الماضي، وتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو، ومرشح المعارضة جان بينغ.
وشهدت البلاد أعمال عنف بعد إعلان النتائج المؤقتة يوم 31 أغسطس الماضي، أسفرت عن مصرع سبعة أشخاص وسقوط عشرات الجرحى، كما اعتقل الأمن مئات الشبان الناشطين في صفوف المعارضة تتهمهم السلطات بإحراق مبنى البرلمان والتخطيط لزعزعة الاستقرار في البلاد، فيما تقدم مرشح المعارضة جان بينغ بطعن إلى المحكمة الدستورية يطالب فيه بإعادة فرز الأصوات في محافظات يقول إنها شهدت عمليات تزوير لصالح الرئيس. وتحول الصراع بين أنصار الرئيس علي بونغو وداعمي مرشح المعارضة جان بينغ، إلى أروقة المحكمة الدستورية، التي تعرضت لضغط كبير خلال الأسبوعين الماضيين، وواجهت رئيستها اتهامات من طرف معسكر المعارضة بالانحياز للرئيس، فيما أكد الرئيس ثقته في الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية بوصفها أعلى هيئة تشريعية في البلاد، وقال إنه سيقبل بحكمها مهما كان، وفق تعبيره.
ولكن حكم المحكمة الدستورية لم يخالف توقعات الكثيرين، فقد رفضت طعن مرشح المعارضة ودعوته إلى إعادة فرز الأصوات في المقاطعة التي ينحدر منها الرئيس علي بونغو، حيث حقق فوزًا ساحقًا بنسبة تزيد على 95 في المائة، وقد بررت المحكمة قرارها بأن طعن المعارضة يفتقد للأسس القانونية اللازمة.
من جهة أخرى أجرت المحكمة الدستورية تعديلات على النتائج المؤقتة الصادرة عن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وبموجب هذه النتائج النهائية الصادرة عن المحكمة اتسع الفارق بين الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو (50.66 في المائة) ومرشح المعارضة جان بينغ (47.24 في المائة)، ليصبح أكثر من 11 ألف صوت، فيما لم يتجاوز الفارق في النتائج المؤقتة 6 آلاف صوت فقط.
ومن المتوقع أن يعلن زعيم المعارضة جان بينغ مساء اليوم موقفه من قرار المحكمة الدستورية، إلا أن الوزير الناطق باسم الحكومة حذر بينغ من الاعتقال إذا ما حرض على العنف بعد قرار المحكمة، وقال الوزير: «على بينغ ألا يجازف باعتقاله إذا اندلعت أعمال عنف بعد قرار المحكمة». وكانت السلطات في الغابون قد كثفت خلال الأيام الماضية من إجراءاتها الأمنية تحسبًا لوقوع أي أعمال عنف، فيما تحدثت الصحافة المحلية عن حملة اعتقالات في صفوف المعارضة، طالت رئيس حزب معارض كان من أبرز داعمي جان بينغ في الانتخابات الرئاسية.
في غضون ذلك أصدر القضاء أحكامًا بالسجن في حق عدد من المعارضين الذين اعتقلوا خلال أعمال العنف التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات نهاية الشهر الماضي، ومن ضمن المحكوم عليهم الأمين العام السابق لنقابة موظفي النفط، بعد أن أدين بتهمة «توزيع منشورات تحض على التمرد».
وفي ظل أجواء التوتر التي تغلب على الغابون منذ أكثر من شهر، دعا الرئيس علي بونغو أمس إلى «حوار سياسي» مفتوح أمام كل أطراف المشهد السياسي بما فيها المعارضة وزعيمها جان بينغ؛ وقال بونغو في خطاب ألقاه عبر التلفزيون الرسمي عقب قرار المحكمة الدستورية: «أدعو جميع المسؤولين السياسيين، وضمنهم المرشحون الذين لم يحالفهم الحظ في انتخابات السابع والعشرين من أغسطس، إلى حوار سياسي»؛ وأضاف بونغو: «عندما تنتهي انتخابات برؤية عائلات تبكي أمواتها، فهذه خيانة للديمقراطية»، داعيًا النخبة السياسية في البلاد إلى العمل من أجل «عدم تكرار» ما جرى خلال هذه الانتخابات الرئاسية.
وكان علي بونغو قد فاز بولايته الرئاسية الأولى عام 2009، في انتخابات نظمت عقب وفاة والده عمر بونغو الذي حكم الكونغو منذ عام 1967، وبالتالي يرى أنصار المعارضة أن فوز الرئيس علي بونغو بالانتخابات الرئاسية الأخيرة يجسد استمرار حكم عائلة بونغو لأكثر من نصف قرن في الغابون؛ ولكن علي بونغو لديه وجهة نظر أخرى تنطلق من أن جميع رموز المعارضة كانوا يعملون مع والده بمن فيهم جان بينغ، مؤكدًا أنه هو من يمثل التغيير الحقيقي والقطيعة مع «الحكم البائد».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».