«روسيا الموحدة» يحتفل بالنصر

حضور منافسيه في مجلس «الدوما» غدا شكليًا.. إثر فوز حزب بوتين بالغالبية الدستورية البرلمانية

«روسيا الموحدة» يحتفل بالنصر
TT

«روسيا الموحدة» يحتفل بالنصر

«روسيا الموحدة» يحتفل بالنصر

اختار الناخبون الروس يوم الثامن عشر من سبتمبر (أيلول) ممثليهم في مجلس «الدوما» - أو مجلس النواب - وهو المجلس الأدنى في البرلمان الروسي. ومهمته سن تشريعات جديدة، والنظر في جزء من القرارات الحكومية والرئاسية للموافقة عليها أو رفضها، والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وغيره من مهام تقوم بها عادة المجالس التشريعية، بما في ذلك منح أو حجب الثقة عن الحكومة أو الرئيس. ولم تحمل نتائج الانتخابات في الدورة الحالية مفاجآت أثرت بصورة جوهرية على تركيبة البرلمان الجديد، إذ حافظت الأحزاب الرئيسية التي شكلت البرلمان في دورته السابقة على تمثيلها في البرلمان الجديد، مع فارق كبير في الأصوات لصالح حزب السلطة الذي حصد نسبة من الأصوات تمنحه الحق بثلثي التمثيل في «الدوما»، بينما يبقى الثلث للأحزاب الأخرى التي تمكنت من الحصول على التمثيل النيابي بعد تجاوزها عتبة 5 في المائة من أصوات الناخبين، أي النسبة التي تشكل الحد الأدنى لحصول أي حزب سياسي على مقاعد برلمانية. وبموجب هذه النتائج لن يكون لمجمل أصوات الأحزاب الأخرى في البرلمان تأثير على القرارات التي قد يوافق عليها أو يرفضها حزب روسيا الموحدة.
يجمع المراقبون على أن الانتخابات البرلمانية الروسية لهذه الدورة اتسمت بتراجع ملحوظ على صعيد نسبة المشاركة التي لم تتجاوز 47 في المائة من أصل قرابة 100 مليون ناخب روسي. ولعل أحد أهم أسباب هذه الظاهرة هو شعور كثيرين بأن النتيجة محسومة، وأن حزب السلطة سيحافظ على الغالبية في البرلمان، أيًا كانت نسبة الاقتراع. وحقًا، على سبيل المقارنة شارك 60.21 في المائة من الناخبين في الاقتراع خلال الانتخابات البرلمانية عام 2011، وحصد حزب «روسيا الموحّدة» بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين، حينذاك نسبة 46.3 في المائة من تلك الأصوات التي خوّلت له شغل 238 مقعدا برلمانيًا. وفي انتخابات عام 2007 شارك في التصويت 63.78 في المائة من الناخبين وحصل «روسيا الموحّدة» حينذاك على 64.3 في المائة من الأصوات، وبالتالي، تظهر هذا الأرقام تراجعًا من عام لآخر بنسبة المشاركة في العملية الانتخابية.

المشهد العام
بصفة عامة، لم تخرج النتائج كثيرا عن التوقعات، فمن أصل 14 حزبا تنافست على المقاعد البرلمانية، تقاسمت الفوز بموجب القوائم الحزبية أربعة أحزاب رئيسية كانت ممثلة في البرلمان السابق، ومعها حزبان فازا بمقاعد في البرلمان بموجب القوائم الفردية. وجاء في المقدمة حزب «روسيا الموحّدة» الذي حصل على ما يزيد على 54 في المائة من أصوات الناخبين، وثانيًا جاء الحزب الشيوعي بزعامة غينادي زوغانوف الذي حصل على 13.45 في المائة من الأصوات، يليه بفارق ضئيل الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي بزعامة فلاديمير جيرينوفسكي الذي حصل وفق النتائج الأولية على 13.24 في المائة من الأصوات. وحل رابعًا حزب «روسيا العادلة» بزعامة سيرغي ميرونوف حاصلاً على 6.17 في المائة من الأصوات.
هذه النتائج تخوّل لحزب «روسيا الموحدة» (حزب السلطة، أي بوتين) شغل 343 مقعدًا من أصل 450 مقعدًا هو إجمالي عدد المقاعد في البرلمان الروسي. أي أنه ظفر بحجم تمثيل يتجاوز الثلثين. وهذا ما لم يسبق أن حصل الحزب على مثله في الانتخابات السابقة، وبفضله باتت له غالبية دستورية يستغني معها «روسيا الموحّدة» عن الحاجة لتعاون الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان خلال التصويت على مشاريع القرارات والتشريعات. ثم إن هذا التمثيل «المريح» يتيح للحزب إدخال تعديلات على الدستور في حال تطلب الأمر ذلك. أما الحزب الشيوعي الروسي فسيشغل، بموجب النتائج، 43 مقعدًا مقابل 39 مقعدًا للحزب الليبرالي الديمقراطي، في حين يتقاسم «روسيا العادلة» المقاعد المتبقية في البرلمان مع أحزاب فازت بموجب القوائم الفردية وهي حزب «الوطن» و«المنصة المدنية»، إذ حصل كل من الأحزاب الثلاثة على مقعد بموجب القوائم الفردية.

الترجمة العملية للنتيجة
وتشكل النتيجة التي حققها حزب «روسيا الموحدة» أهمية كبرى للسلطة الروسية بشكل عام، وللرئيس فلاديمير بوتين بصورة خاصة، فهو يتجه نحو الانتخابات الرئاسية عام 2018 في ظل أوضاع معقدة داخليا نظرًا للأزمة الاقتصادية التي انعكست بصورة مباشرة على حياة المواطنين في البلاد. كذلك، هناك الوضع السياسي الذي خلفته الأزمة في العلاقات مع الجوار، لا سيما أوكرانيا والعلاقة مع أوروبا. وعليه، ستوفر الغالبية الدستورية سندًا مضمونًا بنسبة 100 في المائة يدعم سياساته وأية قرارات سيتخذها في هذه المرحلة، مما سيمكّنه من دخول الانتخابات الرئاسية من موقع قوي.
ومن ثم، فهو بحال قرر خوض انتخابات عام 2018، والأرجح أنه سيشارك وسيفوز، فإنه سيدخل ولايته الثانية والأخيرة في رئاسة روسيا مدعومًا خلال السنوات الأولى من تلك الولاية بالتركيبة البرلمانية ذاتها، حيث إن الغالبية الدستورية لصالحه، ستضمن له البقاء مسيطرا على مؤسسات السلطة التنفيذية والتشريعية، وسيستطيع اتخاذ القرارات المناسبة لتنفيذ سياساته في شتى المجالات.
ويتفق معظم أصحاب الرأي على أن النسبة العالية من الأصوات التي حصدها «روسيا الموحّدة» قد لا تعبر عن مدى تأييد الناخبين للحزب بحد ذاته، بقدر ما هي نتيجة تعكس مستوى التأييد الشعبي الذي يحظى به بوتين حتى الآن. وهكذا فإن بوتين قد يستفيد خلال عمل البرلمان بتركيبته الجديدة للسنوات الخمس المقبلة كي يتخذ إجراءات معينة ترسخ وضع حزبه بصفة «الحزب القائد» في البلاد، حتى بعد عام 2025، حين تنتهي الولاية الرئاسية الثانية والأخيرة لبوتين نفسه، مما يعني ضمانته استمرار روسيا لعدة سنوات على «النهج البوتيني».

كيف تحقق الفوز
توجه اتهامات كثيرة لحزب «روسيا الموحدة»، حزب بوتين، بشأن الآليات التي سمحت له بتحقيق الفوز بالغالبية الدستورية وتغييب أحزاب كانت تطمح إلى دخول المعترك السياسي الداخلي عبر البرلمان. ومن الاتهامات التي تطلق عادة هي التزوير أثناء عملية الاقتراع، حيث عرض نشطاء مشاهد فيديو من عدة مراكز اقتراع يظهر فيها العاملون في المركز وهم يدسّون كميات من البطاقات الانتخابية في الصناديق. وفي كل المشاهد يبدو واضحًا كيف يقوم بعض العاملين في المركز بالمراقبة والتغطية بينما يتولّى آخرون رمي تلك «الدستات» من البطاقات الانتخابية في الصناديق. وبالفعل، إثر ذلك أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات عن إلغاء النتائج في بعض المراكز، والتحقيق في حالات أخرى بالانتهاكات التي أبلغ عنها ممثلو الأحزاب. إلا أن المراقبين يجمعون على أن إعادة الاقتراع في تلك المراكز وعدد البطاقات الانتخابية المزوّرة لن يتركا تأثيرا يُذكر على النتيجة النهائية وسيبقى حزب «روسيا الموحدة» محافظًا على الغالبية الدستورية.
من جهة ثانية، رأى معلّقون أن فوز حزب السلطة جاء نتيجة طبيعية لسياسة ممنهجة اعتمدها الكرملين في الحد من نفوذ أحزاب المعارضة وملاحقة رموزها والزجّ بهم في السجون، فضلا عن السيطرة شبه الكاملة على وسائل الإعلام مقابل تضييق الخناق على وسائل الإعلام المعارضة، التي تكاد تكون شبه غائبة في روسيا حاليًا. إلا أن مؤيدي الكرملين ينفون تلك الاتهامات، ويشيرون بهذا الصدد إلى السماح لأحزاب يصفونها بأنها «متشددة جدًا في معارضتها للكرملين» بخوض الانتخابات البرلمانية، مثل حزب «يابلوكو» الليبرالي الذي يعارض الكرملين في قضية غاية في الحساسية مثل ضم شبه جزيرة القرم لكيان روسيا، وكذلك حزب «باراناس» الذي يحمّل السلطات الروسية الحالية المسؤولية عن تردّي الوضع الاقتصادي في البلاد، والتوتر في العلاقات مع الجوار، وتحديدًا أوكرانيا، فضلا عن التوتر في العلاقات مع الغرب. وللعلم، يدعو «باراناس» علانية إلى تغيير السلطة في روسيا، ولكن رغم هذا سُمح له بالمشاركة في الانتخابات، وفق ما يقول مؤيدون لحزب السلطة في دحضهم للاتهامات بقمع القوى المعارضة.
في أي حال، وبغض النظر عن مدى دقة تلك الاتهامات، فإن ثمة مجموعة حقائق موضوعية يمكن لأي متابع أو محلل ملاحظتها وإدراجها ضمن جملة الأسباب التي ساعدت حزب «روسيا الموحّدة» على تحقيق تلك النتيجة في الانتخابات البرلمانية. ومن هذه الحقائق يشير كثيرون إلى استفادة «روسيا الموحّدة» من موقعه على رأس السلطة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي سمح له دون انتهاك أي قوانين، بأن يحظى، على سبيل المثال، بتغطية إعلامية لمختلف نشاطاته، وهو ما لم تكن تحصل عليه بتلك الصورة حتى الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان السابق.
ومن جانب آخر فإن شغل ممثلي «روسيا الموحدة» المفاصل الرئيسية في الدولة على المستويين الفيدرالي والمحلي، أثر نفسيًا ولا شك على المزاجية الانتخابية للمواطنين الروس الذين، حالهم حال كثيرين، ينطلقون في اتخاذ القرار «لمَن يصوتون» من مبدأ «مَن تعرفه أفضل ممَّن تجهله»، ناهيك بأن مزاجية المجتمع الروسي ضمن الظروف المعقدة التي يمرّ بها حاليًا بسبب الأزمة الاقتصادية ليست مهيأة لتقبل أي تغيرات مجهولة النتائج، فكان الخيار لصالح حزب «روسيا الموحّدة». وأخيرًا، لعب التصادم مع الغرب ودفاع بوتين بشراسة عما يعتبره «الكرامة الوطنية» بوجه الغرب - أي اللعب على الوتر القومي والوطني - دوره في صياغة مزاجية نسبة كبيرة جدًا من الناخبين الروس، لا سيما أولئك الذين يذكرون التسعينات عندما كان الغرب يتعامل مع روسيا باستخفاف وكأنها «دولة صغيرة». كل هذه بعض العوامل التي أسهمت بشكل أو بآخر بفوز حزب «روسيا الموحّدة» في الانتخابات الحالية بأغلبية دستورية في البرلمان.

... والمعارضة تشكك
لقد سارع حزب «روسيا الموحّدة» إلى الاحتفال بانتصاره في الانتخابات بعد ساعات قليلة على إغلاق مراكز الاقتراع، حين بدأت الشاشات تبث النتائج الأولية لفرز الأصوات في أقاليم أقصى شرق روسيا وغيرها، وبينما كانت مراكز استطلاع الرأي تبث النتائج الأولية بناء على مسح عام أجرته خارج مراكز الاقتراع بين الناخبين بعد التصويت، أظهرت تقدّم الحزب. وبهذه المناسبة زار الرئيس بوتين مقر «روسيا الموحّدة» في العاصمة موسكو يرافقه الزعيم الحالي للحزب رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف، الذي قال إن «النتيجة التي حققها الحزب في الانتخابات جيدة. حزبنا سيحصل على الغالبية المطلقة في البرلمان». وأكد بوتين بعده على أن النتيجة جيدة، معربًا عن اقتناعه بأن «الناس في ظل هذه الظروف المعقّدة يختارون دون شك الاستقرار، ويمنحون ثقتهم للقوة السياسية القائدة في البلاد. يثقون بالحكومة التي تعتمد على كتلة روسيا الموحدة في البرلمان، ويثقون بأننا سنعمل كلنا معا بمهنية وبما يخدم مصالح المواطنين والبلاد».
وبينما أعلن كل من فلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، وسيرغي ميرونوف زعيم حزب «روسيا العدالة» عن رضاهما على نتائج الانتخابات، لم يكن غينادي زوغانوف زعيم الحزب الشيوعي راضيًا، بل اشتكى من «سرقة أصوات» كان يفترض أن تكون لصالح حزبه، ويقصد بذلك حزبين هما «حزب الشيوعيين الروس» و«حزب المتقاعدين»، ووصفهما بأنهما حزبا «نصب» استخدمهما الكرملين في العملية الانتخابية. وحذّر زوغانوف حزبي «النصب» هذين، وحزب السلطة ذاته من «اللعب بالنار»، وفق ما قال زوغانوف في حديث عبر وسائل الإعلام الروسية.
غير أن الانتقادات الأكثر شدة للانتخابات البرلمانية الروسية الحالية جاءت على لسان رئيس الحكومة الروسية سابقًا ميخائيل كوسيانوف، زعيم حزب «باراناس»، الذي اعتبر أن «الانتخابات لم تكن حرة، ولم تكن نزيهة، والنتائج لم تكن دقيقة». وأردف أن «هذا يدفع إلى استنتاج وحيد: الانتخابات لم تكن شرعية، والبرلمان الذي سيتشكّل بناء على نتائجها لن يكون مؤسسة شرعية». أيضًا، وصف كوسيانوف الانتخابات بأنها «كانت الفرصة الأخيرة لتغيير السلطة في البلاد بأسلوب ديمقراطي»، معربا عن قناعته بأنه بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات «تراجعت إلى حد كبير فرصة التغيير الدستوري السلمي للسلطة».
أما الحزب المعارض الآخر «يابلوكو»، فقد اعتبر على لسان زعيمه غريغوري يافلينسكي أن نسبة التصويت المتدنية بشكل عام لصالح حزبه أتت على خلفية موقفه من الأزمة مع أوكرانيا وموضوع القرم. وتجدر الإشارة إلى أن يافلينسكي يعارض ضم القرم إلى روسيا الاتحادية، وكان قد دعا إلى إعادة الاستفتاء في شبه الجزيرة حول مصيرها، لكن على أساس إجراء الاستفتاء وفق القوانين الأوكرانية. واقترح أيضًا إقامة «حزام أمان» بين روسيا وأوكرانيا، وحذر من أن رفض إعادة القرم قد يتحوّل إلى مسألة تؤرق روسيا لسنوات طويلة.

المواقف الدولية من الانتخابات
والواقع أن قضية شبه جزيرة القرم، المطلة على البحر الأسود، طفت من جديدة على سطح الخلافات بين «الجارتين»، روسيا وأوكرانيا، إبان حملة الانتخابات الروسية، إذ عارضت أوكرانيا بشدة نيات روسيا إجراء الانتخابات في القرم أيضًا، كما قررت رفض السماح للمواطنين إذا ما أصرّت موسكو على مشاركة القرم في العملية الانتخابية. ومن ثم، لم تكترث روسيا للاعتراضات الأوكرانية، ونظم التصويت في القرم حالها حال مختلف الأقاليم الروسية خلال الانتخابات يوم 18 سبتمبر الحالي. ولقد أدانت أوكرانيا في بيان رسمي عن وزارة الخارجية تلك الانتخابات محذّرة من أنها ستسلّم الشركاء الغربيين قائمة بأسماء الشخصيات الضالعة، بصورة مباشرة، في تنظيم تلك الانتخابات بغية ضمهم إلى قائمة العقوبات الغربية ضد روسيا.
وفي سياق متصل انتقدت منظمة «فريدوم هاوس» Freedom House إجراء الانتخابات البرلمانية الروسية في القرم، واعتبرت أنها لا يمكن أن تمنح الشرعية لضم السلطات الروسية شبه الجزيرة. كذلك وصفت المنظمة الانتخابات هناك بأنها «لم تكن شرعية حرة وعادلة»، نظرًا لأن «سكان القرم لم يتمكنوا من اتخاذ القرار بخصوص مَن سيفوز في تلك الانتخابات ومن سيمثلهم»، حسب بيان رسمي عن روبرت غيرمان نائب رئيس «فريدوم هاوس». وتبنّى الاتحاد الأوروبي موقفا مماثلا، وعلما بأن فيديريكا موغيريني، المفوضة الأوروبية لسياسة الأمن والشؤون الخارجية، كانت قد صرحت في بيان رسمي بعد ظهور نتائج الانتخابات بأن «الاتحاد الأوروبي لا يعترف بالضم غير الشرعي لشبه جزيرة القرم و(ميناء) سيفاستوبول إلى الاتحاد الروسي، وبالتالي، لا يعترف بنتائج الانتخابات البرلمانية الروسية في القرم وسيفاستوبول».
وأكدت موغيريني أن المراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والدبلوماسيين من دول الاتحاد الأوروبي لم يشاركوا في مراقبة العملية الانتخابية في القرم وسيفاستوبول، مشددة على تمسك الاتحاد الأوروبي بدعمه لوحدة الأراضي الأوكرانية. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن موقف مماثل قبل الانتخابات بيوم. وفي ضوء هذه المواقف يحذر مراقبون سياسيون من أن تؤدي هذه المواقف لاحقًا إلى التشكيك بشرعية القرارات التي يصوّت عليها مجلس «الدوما» بمشاركة ممثلي، أو نواب، القرم.
وفي السياق نفسه، أشارت المفوضة موغيريني إلى تقرير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الذي، وإذ أكد على زيادة مستوى الشفافية والثقة في الانتخابات البرلمانية الحالية، فإنه سجل «مجموعة من المشكلات التي شابت العملية الانتخابية، ومنها تراجع نسبة المشاركة في التصويت، والتأثير السلبي الذي تركه على الانتخابات وعلى مشاركة المواطنين فيها، والحد من الحريات الرئيسية والحقوق، والتحكم بوسائل الإعلام وممارسة الضغط على المجتمع المدني»، وفق ما جاء في تقرير مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ومما أورده المراقبون «جملة انتهاكات» ادعوا أنه حدثت خلال فرز الأصوات، وأن الأحزاب التي تنافست في الانتخابات البرلمانية لم تقدم برامج انتخابية واضحة الأمر الذي أدى إلى الحد من خيارات الناخبين.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.