إردوغان يتهم أميركا بتسليح أكراد سوريا.. وواشنطن: لم يحدث

أنقرة تبدأ تجنيس اللاجئين السوريين بشروط محددة

مقاتل من المعارضة السورية يمر أمام جنود من جيش النظام السوري أمس قبل إخلاء منطقة وسط حمص، بعد التوصل لاتفاق بين الطرفين  (رويترز)
مقاتل من المعارضة السورية يمر أمام جنود من جيش النظام السوري أمس قبل إخلاء منطقة وسط حمص، بعد التوصل لاتفاق بين الطرفين (رويترز)
TT

إردوغان يتهم أميركا بتسليح أكراد سوريا.. وواشنطن: لم يحدث

مقاتل من المعارضة السورية يمر أمام جنود من جيش النظام السوري أمس قبل إخلاء منطقة وسط حمص، بعد التوصل لاتفاق بين الطرفين  (رويترز)
مقاتل من المعارضة السورية يمر أمام جنود من جيش النظام السوري أمس قبل إخلاء منطقة وسط حمص، بعد التوصل لاتفاق بين الطرفين (رويترز)

تجمعت بوادر توتر جديد بين أنقرة وواشنطن على خلفية اتهامات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للإدارة الأميركية بإمداد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا بالسلاح.
إردوغان قال خلال اجتماع نظمه التجمع الثقافي التركي - الأميركي في ولاية نيويورك الأميركية بحضور ممثلي منظمات المجتمع المدني التركي في الولايات المتحدة: «قبل ثلاثة أيام، أرسلت طائرتان محملتان بالأسلحة إلى عين العرب(كوباني) في سوريا لـ(وحدات حماية الشعب) الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي». ولفت إلى أنه بحث هذه المسألة مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه قال إنه لا يملك معلومات حول الأمر. ومعلوم أن تركيا تعتبر أن ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة «إرهابية».
واعتبر إردوغان أن على واشنطن أن تصنّف «وحدات حماية الشعب» الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي مجموعتين إرهابيتين رغم أنهما تقاتلان ضد تنظيم داعش الإرهابي. وأشار، على سبيل المثال، إلى «جبهة النصرة» التي غيرت اسمها في الآونة الأخيرة لتصبح «جبهة فتح الشام» والتي تصنفها واشنطن «منظمة إرهابية» رغم أنها معارضة أيضا لتنظيم داعش. وتساءل الرئيس التركي خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك الليلة قبل الماضية «الأميركيون يعتبرون (وحدات حماية الشعب) وحزب الاتحاد الديمقراطي يقاتلون ضد (داعش). لكن إذا كان ذلك صحيحًا فهل جبهة النصرة لا تقوم جاء هذا الموقف بينما أكدت الولايات المتحدة مساء الخميس أنها لم تسلم أسلحة حتى الآن إلا للفصيل العربي من ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» - ذات الغالبية الكردية - التي تعد «وحدات حماية الشعب» عموده الفقري، والتي سيطرت في الآونة الأخيرة على مدينة منبج الاستراتيجية واستعادتها من أيدي «داعش». وقالت واشنطن في الوقت نفسه، إنها تفكر في تزويد الفصيل الكردي في هذه القوات بالسلاح إذا شارك في هجوم محتمل ضد الرقة، معقل «داعش» في سوريا. وأوضح قائد هيئة أركان القوات الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد الخميس خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن واشنطن «تعمل بشكل وثيق جدا مع الحلفاء الأتراك، للتأكد من أن بوسعنا تنفيذ عمليات فعالة وحاسمة في الرقة مع قوات سوريا الديمقراطية، وفي الوقت نفسه تبديد المخاوف التركية بشأن أكراد سوريا على المدى البعيد».
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية يوم أول من أمس الخميس أن بلاده لن تشارك في عملية محتملة يخطط لها التحالف الدولي لتحرير مدينة الرقة السورية من أيدي «داعش» إذا شاركت فيها الميليشيات الكردية، لافتا إلى أن المباحثات مستمرة ولا يوجد شيء محدد حتى الآن لكن موقف تركيا لم يتغير بشأن رفض مشاركة حزب الاتحاد و«وحدات حماية الشعب».
وفي حين قال إردوغان إن عدد عناصر «داعش» في سوريا يصل إلى عشرة آلاف وفي العراق العدد نفسه، متسائلا كيف لم يتمكن تحالف من 65 دولة أن يهزمهم؟ تواصلت الانتقادات التركية للولايات المتحدة، حيث أعربت وزارة الخارجية التركية عن قلقها إزاء مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، الذي أقره الكونغرس الأميركي. وقالت في بيان أمس الجمعة: «نعتقد أن مشروع القانون هذا يتعارض مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة ولا سيما فيما يتعلق بسيادة الدول والمساواة فيما بينها». وأشارت الوزارة التركية إلى أن مشروع القرار الأميركي ليس متعارضا مع القانون الدولي فقط، إنما هو نتاج طريقة معاملة مشوهة، من شأنها عرقلة التعاون الدولي في محاربة الإرهاب.
وأكدت مواصلة تركيا الوقوف إلى جانب ضحايا الإرهاب، مشددة على ضرورة التصدي لجميع أشكال الإرهاب أيا كان مصدره أو نوعه دون تمييز أو ازدواجية في المعايير. وأضاف البيان أن تركيا تطالب الرئيس الأميركي بإعاقة تحول هذا المشروع إلى قانون، وتدعو جميع الدول الحلفاء والشركاء لاتخاذ خطوات إيجابية تؤدي لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب. كما لفتت تركيا إلى موقف منظمة التعاون الإسلامي في هذا الخصوص، بصفتها رئيس الدورة الحالية للمنظمة.
في هذا الأثناء، شنّت مقاتلات من طراز «إف 16» تابعة لسلاح الجو التركي، يوم الخميس، غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا؛ ما أسفر عن مقتل وإصابة الكثير من مسلحي التنظيم. وعلى صعيد عملية «درع الفرات»، التي تدعم تركيا فيها عناصر من «الجيش السوري الحر» في شمال سوريا، قال الجيش التركي في بيان إن مقاتلات من طراز «إف 16» هاجمت أهدافًا لتنظيم داعش في محيط بلدة الراعي بريف حلب ما أدى إلى تدميرها ومقتل الكثير من مسلحي التنظيم.
وعلى صعيد آخر، تجدد الحديث في تركيا عن منح الجنسية التركية للسوريين وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه من الممكن منح الجنسية التركية للاجئين السوريين في تركيا ممن تتوفر لديهم الشروط اللازمة للحصول عليها. وكان يلدريم يعلق بذلك على تصريحات للرئيس إردوغان في نيويورك بخصوص تجنيس السوريين المقيمين في بلاده. وأوضح يلدريم أن «شروط منح الجنسية التركية معروفة، ويمكن منحها لكل لاجئ تتوافر فيه تلك الشروط، ولم يتورّط بأي جريمة أو عمل مشبوه، ويمكن أن يوفر قيمة مضافة لبلادنا بعد حصوله عليها». ثم أشار إلى أن هذه الشروط ليست حصرية بالنسبة للاجئين فحسب، وإنما تشمل أيضًا مواطني جميع الدول الذين يستطيعون المساهمة في تطوير تركيا.
جدير بالذكر، أن إردوغان قال خلال حفل استقبال أقامه الرئيس الأميركي باراك أوباما، في نيويورك، لرؤساء الوفود المشاركة في اجتماعات الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة إن «بلاده تسمح للاجئين بالعيش والعمل في المدن التركية ليتمكنوا من تأمين حياتهم بأنفسهم». وأضاف الرئيس التركي: «بدأنا في الوقت الراهن بعملية تجنيس اللاجئين، علمًا بأن هذه الخطوة من شأنها أن تشكّل أزمة اجتماعية في البلاد، ولكن نحن أخذنا ذلك بعين الاعتبار، ولسنا نادمين». ووفق التقارير، يوجد في تركيا نحو 2.7 مليون لاجئ سوري يتوزع معظمهم في محافظات غازي عنتاب وهطاي وكيليس وشانلي أورفة على الحدود مع سوريا بجنوب البلاد، وإسطنبول في غرب البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».