«تنسيق الأمر الواقع» بين «الحر» والنظام بالقلمون الشرقي ضد «داعش»

تضاعفت بعد تسليم ربّان طائرة سقطت أثناء قصفها مواقع التنظيم

«تنسيق الأمر الواقع» بين «الحر» والنظام بالقلمون الشرقي ضد «داعش»
TT

«تنسيق الأمر الواقع» بين «الحر» والنظام بالقلمون الشرقي ضد «داعش»

«تنسيق الأمر الواقع» بين «الحر» والنظام بالقلمون الشرقي ضد «داعش»

فتح إسقاط تنظيم داعش طائرة «ميغ 23» تابعة للنظام السوري في القلمون الشرقي أول من أمس (الأربعاء)، النقاش حول «تنسيق غير معلن»، أو «تقاطع مصالح»، بين النظام وفصائل الجيش السوري الحر المقاتلة ضد التنظيم في المنطقة، بالنظر إلى أن الطائرة كانت تنفذ غارات جوية على مواقع لـ«داعش»، بموازاة معارك تخوضها قوات الجيش الحر ضد المتشددين.
وتضاعفت الشبهات حول التنسيق بين الطرفين، إثر تسليم فصيل تابع لقوات الجيش الحر، الطيار السوري الذي هبط في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الحر في القلمون الشرقي، للنظام السوري، إذ أكد ناشطون ما تحدثت عنه وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش»، عن تسليم قائد الطائرة إيهاب سليمان للنظام.
وذكر موقع «زمان الوصل» المعارض، أن ألوية «العبدو» سلمت قائد الطائرة إيهاب سليمان للنظام في بلدة جيرود بعد أسره، وذلك بموجب «اتفاق الهدنة» بين ألوية «أحمد العبدو» وقائد «الفرقة 20» السابق اللواء الطيار جايز الموسى في خريف 2014.
وكان قائد الطائرة المقدم إيهاب سليمان المتحدر من ريف بانياس، قذف بنفسه من الطائرة بعد عجزه عن السيطرة عليها، وهبط بالمظلة في منطقة تسيطر عليها فصائل من ألوية «أحمد العبدو» و«جيش الإسلام»، وذلك بعدما أصيبت طائرته أثناء إغارتها على أحد المواقع التي تدور فيها معارك بين تنظيم داعش من جهة وألوية «أحمد العبدو» و«جيش الإسلام» من جهة أخرى في منطقة البترا شمال مطار «الضمير» العسكري.
وقال مصدر معارض، لـ«الشرق الأوسط»، إن تسليم الطيار «يأتي تنفيذًا لاتفاق مع المعارضة في القلمون، يمنعها من الاحتفاظ بأي جثة أو أسير طيار»، مشيرًا إلى أن إعدام قوات المعارضة طيارا كان قد سقط في القلمون قبل شهرين، «دفع النظام إلى قصف منطقة جيرود بكثافة، وهو ما أرادت المعارضة تجنيب نفسها هذه المرة».
غير أن تسليم الطيار الذي أثار حفيظة ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، بدا على أنه جزء من تنسيق بين قوات الجيش السوري الحر والنظام في منطقة القلمون الشرقي، وهي منطقة خاضعة لاتفاقات مصالحة بين الطرفين، تبدأ من الضمير، وتشمل عدة مدن وبلدات في المنطقة التي تتضمن أبرز القواعد العسكرية للنظام بينها مطار الضمير العسكري، ويحاول تنظيم داعش التقدم فيها باتجاه الغوطة الشرقية لدمشق.
وتحدث ناشطون عن أن منطقة القلمون الشرقي «هي المنطقة الوحيدة في سوريا التي يتم فيها التنسيق بين طيران وقوات النظام وفصائل المعارضة، ويتم ذلك بشكل شبه يومي لصد تنظيم داعش الذي يحاول اقتحام مواقع الفصائل في جبال القلمون الشرقي»، وأن التعاون «لم يقتصر على الجانب العسكري بل أيضا تتم معالجة الإصابات الخطيرة لمقاتلي المعارضة في مستشفيات النظام، خصوصًا في مستشفى القطيفة».
لكن مصادر المعارضة، نفت أن يكون هناك أي تحالف عسكري بارز بين النظام وقوات الجيش الحر، واصفة الأمر بأنه «تحالف الأمر الواقع»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «تنسيق الضرورة بين الطرفين يظهر حين يحاول تنظيم داعش التقدم»، مشيرة إلى أن تقدم التنظيم المتشدد في المنطقة «يهدد النظام بالنظر إلى أن المنطقة تتضمن أكبر قواعده العسكرية، كما يهدد قوات الجيش السوري الحر التي تربطها مصالحات مع النظام، في الوقت نفسه».
وأحرزت قوات الجيش السوري الحر، أمس، تقدمًا ملحوظًا في القلمون الشرقي، رغم أنه تقدم «غير استراتيجي»، وصدت هجمات تنظيم داعش الذي دفع بتعزيزات من شرق سوريا إلى المنطقة للمشاركة في المعارك. وأعلن «جيش الإسلام» كما «أحرار الشام» إحراز التقدم في المنطقة. وأفادت وكالة «آرا نيوز» بأن فصائل المعارضة المسلحة سيطرت على منطقة الرجم العالي في سلسلة جبال الأفاعي التابعة لمنطقة القلمون الشرقي في ريف دمشق، بعد معارك مع تنظيم داعش.
وتزامنت تلك التطورات مع تواصل الاشتباكات بين الفصائل المقاتلة والإسلامية من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر في ريف حلب الشمالي، وسط تقدم الفصائل واستعادة سيطرتهم على قريتي جكة ويني يابان بريف حلب الشمالي، فيما شهدت مناطق في ريف الراعي قصفًا من طائرات حربية يعتقد أنها تركية بالتزامن مع قصف على مناطق سيطرة التنظيم فيها.
ومع دخول عملية «درع الفرات»، يومها الثلاثين، تمكنت قوات الجيش السوري الحر بمساندة قوات المهام الخاصة التركية ومقاتلات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، من تحرير مساحة ألف و200 كيلومتر مربع، من المنطقة الحدودية مع تركيا شمال سوريا، ما مهّد الطريق لعودة أكثر من 20 ألف لاجئ سوري إلى مدينة جرابلس التي انطلقت منها العملية، بحسب ما أفادت وكالة «أناضول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».