لبنان: حادث فردي يتحول إلى حرب شوارع في عرمون.. وأهالي المنطقة يتخوفون من الأسوأ

السوريون انقسموا بين الطرفين

لبنان: حادث فردي يتحول إلى حرب شوارع في عرمون.. وأهالي المنطقة يتخوفون من الأسوأ
TT

لبنان: حادث فردي يتحول إلى حرب شوارع في عرمون.. وأهالي المنطقة يتخوفون من الأسوأ

لبنان: حادث فردي يتحول إلى حرب شوارع في عرمون.. وأهالي المنطقة يتخوفون من الأسوأ

لا تزال الأسباب الكامنة وراء الاشتباكات التي وقعت في منطقة عرمون وتحوّلت إلى حرب شوارع مساء أول من أمس، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة واستمرت نحو ساعتين، وأدّت إلى سقوط جرحى سوريين ولبنانيين، مجهولة، في ظل غياب أي بيان رسمي أو توضيح من قيادة الجيش اللبناني وتعدّد الروايات المتداولة حولها. وتشكّل «عرمون» نموذجا لعدد من المناطق اللبنانية، حيث يتوزّع أكثر من مليون لاجئ، وما حصل في أحد شوارعها، المعروف بـ«شارع مريم» قد يحدث في أي منطقة في لبنان في أي وقت، بحسب ما يقول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، معتبرا في الوقت عينه أن لبنان كلّه معرّض لأحداث مماثلة بعدما بات يعاني من ضغط اجتماعي واقتصادي، من دون أن ينفي أن الانقسام السياسي فيما بين السوريين أنفسهم واصطفافهم إلى جانب الأفرقاء اللبنانيين، المعارضين للنظام والموالين له، من شأنه أن يزيد من الخطر الأمني.
وفي حين تشير بعض المعلومات إلى أن المشكلة التي وقعت في عرمون انطلقت من حادث فردي وتطورت إلى مواجهات دخل فيها اللبنانيون والسوريون، يؤكّد مدير مؤسسة «لايف»، نبيل الحلبي لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل كان نتيجة إطلاق رصاص من قبل أشخاص محسوبين على «سرايا المقاومة» على أحد أصحاب المولدات الكهربائية من أبناء المنطقة الذي يعمل لديه عمال سوريون، وبعد ذلك تطوّر الأمر ووصل إلى حد المواجهات بالأسلحة، نافيا المعلومات التي أشارت إلى وجود أسلحة في صفوف السوريين. في المقابل، يؤكّد أحد أبناء المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة كانت قد بدأت قبل أيام بين شاب لبناني وآخر سوري على خلفية معاكسة فتاة، لا علاقة للسياسة بها، لكنها تطوّرت في اليوم التالي، حيث تدخّلت مجموعتان من الشباب السوريين واللبنانيين لمناصرة كل منهما».
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» قد أشارت إلى سقوط عدد من الجرحى جراء تبادل كثيف لإطلاق النار من أسلحة رشاشة في دوحة عرمون بين عدد من أهالي وسكان المنطقة من جهة، ولاجئين سوريين من جهة ثانية، قبل أن يتدخل الجيش ويطوّق الشارع الذي وقعت فيه الحادثة، المعروف بـ«شارع مريم» ويوقف عددا من مطلقي النار ويلاحق آخرين.
وفي ظل الغموض الذي يحيط بالحادثة باستثناء المعلومة المؤكدة الوحيدة وهي أن عددا من الجرحى لا يزالون يرقدون في المستشفى أحدهم في حالة خطرة، لا يزال أبناء المنطقة يتخوفون من أن يكون ما حصل بداية لمشكلات أكبر، لا سيما أن المنطقة تجمع أطرافا سياسية متعدّدة؛ بل ومتناقضة، وتشهد خلافات شبه يومية فيما بينهم. وفي السنوات الأخيرة انضم إليهم عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين استأجروا منازل في المنطقة وسكنوا فيها وفتحوا فيها مؤسسات. مع العلم بأن هذه المنطقة المختلطة يوجد فيها عناصر تابعون لـ«سرايا المقاومة» وشاكر البرجاوي، المقرّب مما يسمى «حزب الله» والنظام السوري، ومناصرون له، إضافة إلى مناصرين لـ«تيار المستقبل»، وهو الأمر الذي يضع المنطقة أمام احتمال المواجهات الدائم بين الأطراف المتنازعة، التي انضم إليها السوريون بحسب أيضا توجهاتهم السياسية الموالية للنظام أو المعارضة له، وإن كان السواد الأعظم منهم من المعارضين. وفي هذا الإطار، يرى الحلبي أنه لا داعي للخوف من تفاقم المشكلة في عرمون، مشيرا إلى أن هذه المنطقة لا تضم لاجئين سوريين ولا مخيمات على غرار مناطق لبنانية أخرى، موضحا أن معظمهم من المقيمين الذي استأجروا منازل مع عائلاتهم، وعدد كبير منهم كان يعمل في لبنان قبل بدء الثورة السورية، واستقدم عائلته إلى لبنان هربا من الحرب، من دون أن تكون له أي نشاطات أو مواقف سياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.