أسعار المساكن الصينية تواصل الارتفاع رغم «مخاوف الفقاعة»

شينشن تحتفظ ببريقها رغم فقدان القمة لصالح شيامين

مدينة شينشن الصينية لا تزال الأغلى من حيث سعر المتر المربع السكني رغم أنها لم تعد الأسرع ارتفاعا (رويترز)
مدينة شينشن الصينية لا تزال الأغلى من حيث سعر المتر المربع السكني رغم أنها لم تعد الأسرع ارتفاعا (رويترز)
TT

أسعار المساكن الصينية تواصل الارتفاع رغم «مخاوف الفقاعة»

مدينة شينشن الصينية لا تزال الأغلى من حيث سعر المتر المربع السكني رغم أنها لم تعد الأسرع ارتفاعا (رويترز)
مدينة شينشن الصينية لا تزال الأغلى من حيث سعر المتر المربع السكني رغم أنها لم تعد الأسرع ارتفاعا (رويترز)

خسرت مدينة شينشن مكانتها باعتبارها البقعة «الأكثر سخونة» في سوق العقارات الصينية في أغسطس (آب)، ولكن «مدينة التكنولوجيا» المزدهرة الملاصقة لحدود هونغ كونغ، ظلت مع ذلك إحدى أبرز المدن الرئيسية وراء النمو السريع للأسعار، مع تزايد المخاوف بشأن التدفقات المالية في السوق العقارية.
وارتفعت أسعار المنازل الجديدة بنسبة إجمالية بنسبة 36.8 في المائة في شينشن عن العام الماضي، هبوطا من مستوى بلغت نسبته 40.9 في المائة في يوليو (تموز)، ما أتاح لمدينة شيامين الساحلية التتويج خلال أغسطس كصاحبة أسرع وتيرة ارتفاع عقاري.
وذكر مسح رسمي أن أسعار العقارات واصلت نموها المتسارع في الصين خلال شهر أغسطس الماضي، حيث زاد عدد المدن التي سجلت زيادة شهرية في أسعار المساكن الجديدة.. وذلك رغم التحذيرات الكثيرة التي يطلقها الكثير من الاقتصاديين حول خطورة استمرار أسعار العقارات الصينية في الارتفاع غير المبرر، أو المدعوم بقيمة فعلية حقيقية للأصول العقارية، ما يشكل «فقاعة عقارية» متنامية.
وأظهر مسح شمل 70 مدينة صينية كبيرة ومتوسطة الحجم خلال أغسطس الماضي، ونشرت نتائجه أمس، ارتفاع أسعار المساكن الجديدة في 64 مدينة، مقابل ارتفاعها في 51 مدينة في يوليو الماضي، و55 مدينة في يونيو (حزيران) الماضي.
وتقول روسيلا ياو، الخبيرة الاقتصادية في «جافيكال دراغنوميكس»، إن «القفزات الزائدة في الأسعار تسببت فيها قليلا من المدن الساخنة عالية الإقبال، على غرار المدن الأربع الكبرى عقاريا، وهي بكين وشنغهاي وغوانزو وشينشن»، بحسب «رويترز».
كما أظهرت بيانات المسح الذي أجراه مكتب الإحصاء الوطني الصيني تراجع أسعار المساكن شهريا في 4 مدن صينية، بعد انخفاضها في 16 مدينة في يوليو الماضي، وفي 10 مدن في يونيو الماضي.
في الوقت نفسه زادت أسعار المساكن الجديدة في 62 مدينة صينية خلال الشهر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق 2015، في حين تراجعت الأسعار في 6 مدن خلال الفترة نفسها، بعد ارتفاعها في 58 مدينة وتراجعها في 11 مدينة خلال يوليو الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
وكانت مدينة شيامين شرق الصين قد سجلت أعلى زيادة سنوية في أسعار العقارات. ورغم ذلك فما تزال شينشن هي الأغلى عقاريا في الصين، مع تصاعدها المتواصل منذ أبريل (نيسان) عام 2015، حيث إن متوسط سعر المتر المربع الواحد بالمدينة هو 54.5 ألف يوان (نحو 8 آلاف دولار)، وفقا لموقع «فانغ دوت كوم» Fang.com، وهو موقع الوكيل العقاري الأكبر في الصين.
ولمعرفة مدى تطور الأسعار في شينشن، يمكن مقارنة سعر المتر المربع السابق، مع المتوسط في مدينة نيويورك الذي يبلغ نحو 18.5 ألف دولار، أو طوكيو حيث يبلغ سعر المتر المربع في المتوسط ما يوازي نحو 13.8 ألف دولار.
وتأتي تلك الارتفاعات السعرية رغم تأكيد كبير للاقتصاديين في بنك الشعب الصيني في وقت سابق من الشهر الحالي، على ضرورة كبح «الفقاعات»، وإيقاف تدفق رؤوس الأموال بشكل مفرط إلى سوق العقارات.
ويرى محللون أن ارتفاع الأسعار في شينشن، رغم تباطئه قليلا خلال الشهر الماضي، له أسبابه.. وأن المدينة مستمرة في الصعود. حيث إن «شينشن هي محور التكنولوجيا في الصين، حيث يوجد مقر الكثير من الشركات المدرجة في أسواق المال العالمية.. وهو ما يجعل كثير من المستثمرين يشعرون بالثقة والأمان للاستثمار العقاري في المدينة»، بحسب ما قاله تشانغ ييبينغ، محلل الاقتصاد الكلي في «تشاينا ميرشانتس سيكيوريتيز» لـ«رويترز». الذي أضاف أيضا أن «محدودية المساحة المتاحة للبناء، واندفاع قسم كبير من الشباب ذوي الحاجة الملحة إلى الشراء نظرا لاتصالهم بالمدينة، هي عوامل أخرى هامة تدفع الأسعار للصعود».
وزادت الأسعار سنويا في مدن شنغهاي بنسبة 37.8 في المائة، وبكين بنسبة 25.8 في المائة، سنويا على الترتيب، خلال أغسطس الماضي، بعد ارتفاعها بنسب 33.1 في المائة، و22.7 في المائة، على الترتيب، في يوليو الماضي.
وأشارت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى أن مدينة جينشو في إقليم لياونينغ شمال شرقي الصين قد سجلت أكبر تراجع سنوي في أسعار المساكن الجديدة خلال الشهر الماضي، وذلك بنسبة 3.8 في المائة.
من ناحية أخرى، زادت أسعار المساكن القائمة شهريا بنسبة 57 في المائة، خلال الشهر الماضي، بينما تراجعت في 9 مدن خلال ذات الفترة، وذلك بعد أن كانت شهدت زيادة في 51 مدينة وتراجعت في 12 مدينة أخرى خلال يوليو الماضي.
لكن وسط ذلك الصعود، تحذر الخبيرة الاقتصادية روسيلا ياو، من أن الأسعار قد تتضخم إلى «مستويات لا يمكن تحملها»، وأن السياسات المتراخية نسبيا وقروض التمويل العقارية السخية ستستمر في دفع الأسعار إلى الارتفاع. موضحة أنه عندما كانت هناك طفرات مماثلة في سوق العقارات في الصين قبل بضع سنوات، فإن 47 مدينة فرضت قيودا على أسعار المساكن، ولكن الآن لا يزيد عدد المدن التي تفرض ذلك على نحو ست فقط.
وتشدد ياو على أن الاعتماد على نظريات «تراجع الطلب» ربما لن ينجح في الصين في الوقت المناسب. وتضيف قائلة إن «تحفيز الائتمان في بداية هذا العام لعب دورا كبيرا في رفع الأسعار.. والبحث عن كيفية الحد من السيولة في السوق ينبغي أن يكون الشغل الشاغل للحكومة».
وقد أعرب عدد من الاقتصاديين الصينيين عن تخوفهم من تنامي حجم القروض العقارية بنسب مقلقة نتيجة التضخم الذي يتزايد في السوق العقارية مؤخرا، داعين إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات الوقائية التي تحد من تدفق رؤوس الأموال إلى «الفقاعة العقارية».
وأظهرت بيانات رسمية حديثة أن قروض الرهن العقاري لا تزال المحرك الرئيسي لقطاع القروض البنكية، وقد مثلت وحدها أكثر من 70 في المائة من القروض المصرفية في أغسطس.
وفي محاولة لردع المضاربين وتهدئة الأسعار، أعلنت سلطات الإسكان المحلية في مدينة هانغزو شرق البلاد يوم الأحد الماضي أنها ستبدأ إجراءات لتنظيم عمليات شراء المنازل. حيث إن الأسر التي لم يتم تسجيلها كمقيمين بالمدينة، وتمتلك بالفعل واحدا أو أكثر من المنازل في مناطق معينة، لن يسمح لها بشراء منزل آخر، سواء من المنازل الجديدة، أو كعملية إعادة بيع.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».