بوتين يسعى للانتقام.. والتجسس على واشنطن وسيلته

موسكو استهدفت بيانات مرشحين أميركيين للتأثير على سير الانتخابات

بوتين يسعى للانتقام.. والتجسس على واشنطن وسيلته
TT

بوتين يسعى للانتقام.. والتجسس على واشنطن وسيلته

بوتين يسعى للانتقام.. والتجسس على واشنطن وسيلته

أفاد خبراء روس مختصون في شؤون الاستخبارات الأميركية والأوساط الأكاديمية بأن رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من السجلات التي حصل عليها قراصنة الإنترنت الروس جاءت بمثابة انتقام من طرف الرئيس فلاديمير بوتين عما اعتبره مساعي أميركية لإضعافه وإحراجه على المسرح العالمي وأمام شعبه.
ويسعى بوتين للثأر ورد الاعتبار المفقود لدولته كقوة عظمى في ظل ضعف النمو الاقتصادي، بحسب مقابلات صحافية أجريت مع مختصين في موسكو وواشنطن مع مسؤول استخباراتي أميركي رفيع المستوى، وضباط متقاعدين حديثا بوكالة الاستخبارات الأميركية (سي أي إيه) عملوا في الشأن الروسي، وثلاثة ضباط استخبارات آخرين مختصين في تحليل شؤون روسيا وأوراسيا ممن عملوا بمكتب الاستخبارات الوطنية.
وقالت فيونا هيل، ضابطة استخبارات مختصة بالشأن الروسي في إدارتي الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما بهذا الشأن «إن كان بوتين يعتقد أن لديه القدرة على فعل ذلك، فنحن أيضا (الاستخبارات الأميركية) نفعل نفس الشيء».
في البداية، استهدف القراصنة الروس بريد كبار المسؤولين الأميركيين، وعقب ذلك تعرض بريد اللجنة الديمقراطية الوطنية للاختراق. وكان ذلك قبل الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الديمقراطي الأخير الذي شهد كذلك تسريب السجلات الانتخابية الخاصة بعدد من الولايات. وتعرضت الملفات الطبية لبعض المشاهير الرياضيين الأوليمبيين الأميركيين للقرصنة أيضا، خلال الأسبوع الماضي، في خطوة انتقامية لاستبعاد رياضيين روس ثبت تعاطيهم للمنشطات للمنافسة على الميداليات في الدورة الأولمبية.
وأضافت ضابطة الاستخبارات هيل أن «الهدف من عمليات القرصنة تلك هو استفزازنا لأقصى درجة». وكانت خمسة من أجهزة «أيفون» الخاصة بهيل قد تعرضت للاختراق خلال الشهور الستة الماضية بعد نشر كتاب لها بعنوان «السيد بوتين: رجل العمليات في الكرملين» عام 2015.
في حين تعتمد الصين استراتيجية طويلة المدى في اختراق الأسرار الأميركية، كالاطلاع على الملايين من شهادات تأدية الخدمة العسكرية لاستخدامها في التجسس مستقبلا، والاطلاع على الأسرار العسكرية والتجارية لدعم تنميتها، يتفق الخبراء على أن الروس يفضلون الأسلوب التكتيكي الذي يعطي السياق والتوقيت أهمية كبيرة.
فبعد سنوات من التكتم والسرية حول القرصنة الإلكترونية التي تقوم بها، انتهزت روسيا فترة التوتر التي تمر بها السياسة الأميركية للإعلان عن خروقاتها. فقد صرح المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب بأنه لا يمكن الوثوق في النظام السياسي الأميركي، ولمح بأن نتائج الانتخابات قد يجري تزويرها. والآن بعد أن تكشفت وقائع القرصنة الروسية، يسيطر القلق على الديمقراطيين وعلى جهات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات الأميركية بشأن سلامة سير الانتخابات. وأفاد دبلوماسي رفيع في موسكو، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث في الأمر، بأن «هذا هو العدو الرئيسي لبلاده (روسيا)، فهو ينتهز الفرص لاستغلال نقاط ضعفها في اللحظات الحرجة».
من جانبه، أوضح أليسكاندر بونوف، دبلوماسي روسي سابق وحاليا زميل بمركز «كرانيغي موسكو»: «أرى رد الفعل السياسي للولايات المتحدة ضارا جدا للديمقراطية في جميع أنحاء العالم»، مضيفا: «هم يفعلون نفس ما يفعله بوتين بأن ينسبوا أي مشكله إلى التدخل الخارجي. أنت لا تتخيل كم الضرر الناتج عن ذلك، فالصورة التي نراها هنا هي أن السياسيين الأميركيين يعطون السياسة الأميركية صبغة بوتينية».
ويلعب الإعلام الأميركي كذلك دورا هاما في تسليط الضوء على بوتين لتعطيه، غير مستقصدة، هالة زعيم دولة عظمى. ففي يوم الأربعاء الماضي، على سبيل المثال، خصصت صحيفة «نيويورك تايمز» ثلاث صفحات من الست صفحات الأولى للحديث عن روسيا، وعن دورها في سوريا وقرصنتها الإلكترونية الأخيرة ونفوذها في أوروبا.
بهذا الشأن أفادت أنجيلا ستينت، ضابطة استخبارات أميركية سابقة خلال الفترة من 2004 – 2006 بأن «بوتين لا يزال يتعافى من التعليقات التي قللت من شأنه في السابق»; التي أطلقها أوباما عندما وصف روسيا كقوة إقليمية، مضيفة أنها «محاولة لتأكيد وجود روسيا، فأيا كانت الحقيقة، روسيا قد عادت».
وبحسب مسؤول استخبارات أميركي سابق، فإن روسيا تتبع نفس قواعد اللعبة التي استخدمتها في أوروبا في محاولة لزعزعة ثقة الناس في الحكومة ولإضعاف الدعم لحلف شمال الأطلسي العسكري والتأثير على الناخبين ممن يميلون لرؤية وأهداف بوتين.
وتشمل الحملة الاستثمار في الإعلام الخاضع لسيطرة الكرملين مثل شبكات «أر تي» و«سبونتك» الإخبارية، وبث أخبار كاذبة ومضللة وغيرها من الأنشطة الخفية. وأضاف المسؤول الاستخباراتي أن «موسكو تبدو كـأنها تسعى لإظهار أهميتها كلاعب إقليميي رئيسي، وكقائد عالمي، إلا أنها تواجه مشكلة محدودية قدراتها بسبب ركود الاقتصاد الروسي والتراجع الديموغرافي، ونهج السياسية الخارجية الخرقاء»، لافتا إلى أن «روسيا تسعى أيضا لمواجهة قيادة ونفوذ الولايات المتحدة للنظام العالمي».
ولأكثر من عقد كامل، استمرت موسكو في اتهام واشنطن بالتدخل في شؤونها السيادية، زاعمة أن وزارة الخارجية الأميركية ترعى انشقاقا سياسيا وأن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي أي إيه) تخطط لانقلاب داخل نطاق نفوذ الكرملين.
وشكّلت ما يعرف بـ«الثورات الملونة»، وهي الاحتجاجات التي اجتاحت الشوارع وأسقطت حكومات كثيرة خلال الفترة من 2003 – 2005 في الكثير من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ومنها أوكرانيا، نقطة تحول في العلاقات الروسية الأميركية. فبعدما تسببت الانتخابات البرلمانية عام 2011 في إثارة الاحتجاجات، زعم بوتين أن وزير الخارجية الأميركية حينها هيلاري كلينتون «أرسلت بإشارة» إلى المحتجين مفادها أن الانتخابات «لم تكن حرة ولا نزيهة».
وبدأ المخططون العسكريون الروس في التعامل مع الثورات الملونة كنهج جديد للحرب والتغيير السياسي. ففي عام 2014. عندما أسقط المتظاهرون الرئيس الأوكراني فيكتور ينكوفيتش، وسط حالة من الجدل الواسع حول تحديد ما إذا كان مستقبل أوكرانيا سيرتبط بروسيا أم بالغرب، زعم بوتين أن المتظاهرين تلقوا تمويلا وتدريبا من الخارج.
وكان بوتين قد صرح في برنامج «60 دقيقة» الإخباري في سبتمبر (أيلول) 2015 بقوله «ما أؤمن أنه ليس مقبولا بكل تأكيد هو حل السياسات الداخلية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق من خلال الثورات الملونة والانقلابات العسكرية وإزاحة الأنظمة عن السلطة بشكل غير دستوري. كل هذا غير مقبول على الإطلاق».
فالخبراء الذين عملوا في روسيا أفادوا بأن ميزانية الخدمات الأمنية التي تستهدف تعزيز السيطرة الإلكترونية ضخمة وأن خبراتهم ومهاراتهم العملية في ظل الحكم السوفياتي كانت كبيرة وأن ما فعلوه مؤخرا ما هو إلا إعادة تنشيط لتلك المهارات.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.