«الهدنة» تتعثر في حلب ودرعا.. والمعارضة تتوقع انهيارها بالكامل قريباَ

بعد أسبوع على بدئها.. طائرات حربية تقصف في الشمال السوري.. وقوافل المساعدات تنتظر على الحدود

سوريان أحدهما مسلح يسيران في منطقة الشعار بحلب أمس (رويترز)
سوريان أحدهما مسلح يسيران في منطقة الشعار بحلب أمس (رويترز)
TT

«الهدنة» تتعثر في حلب ودرعا.. والمعارضة تتوقع انهيارها بالكامل قريباَ

سوريان أحدهما مسلح يسيران في منطقة الشعار بحلب أمس (رويترز)
سوريان أحدهما مسلح يسيران في منطقة الشعار بحلب أمس (رويترز)

بعد أسبوع على وقف إطلاق النار في سوريا وتراشق الاتهامات بين طرفي الاتفاق الرئيسيين، روسيا وأميركا، حول الجهة المعرقلة لتطبيقه، ترى المعارضة أنّ هذه هي بداية نهاية الهدنة، متوقعة، أن يتم الإعلان عن سقوطها خلال ساعات. وفي حين لا تزال قوافل المساعدات تنتظر السماح لها بالدخول إلى أحياء حلب الشرقية المحاصرة، قصفت طائرات حربية يوم أمس المدينة للمرة الأولى خلال الهدنة بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما تجددت الاشتباكات على أكثر من جبهة ونقلت وكالة إنترفاكس عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن التوتر يتصاعد في مدينة حلب السورية والمسلحون يعدون لعمليات عسكرية كبيرة.
واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الهدنة سقطت في درعا وحلب، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قصفا بالبراميل المتفجرة استهدف أحياء في مدينة حلب حيث سقط عدد من الجرحى وقتيل. كما سقط 9 قتلى من المدنيين نتيجة القصف في منطقة داعل في درعا الخاضعة لسيطرة فصائل معتدلة.
وفي هذا الإطار، رأى نائب رئيس الائتلاف السابق هشام مروة، أن الهدنة التي ولدت غير قابلة للحياة، باتت اليوم تترنح في ظل عدم تطبيق أي من بنودها، ولا سيما إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة. وقال مروة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أقلّ ما يقال عن الهدنة هو أنها لم تحقّق الهدف المرجو منها، وهذا الأمر يؤكد أن نجاحها غير متاح في ظل، أيضا، تسجيل خروقات يومية من قبل النظام». ووثّق الائتلاف الوطني 220 خرقا من قبل النظام خلال ستة أيام من الهدنة.
بدوره، توقّع مصدر في الائتلاف أن يتم الإعلان عن فشل الهدنة خلال ساعات قليلة، مذكرا بما سبق أن قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري «إن الاتفاق لا يقوم على الثقة إنما على الخطوات العملية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو واضحا أنّ إيران وبواسطة النظام السوري لا تريد رفع الحصار عن حلب بعدما زجّت الميليشيات الطائفية في المعركة وتريد الإطباق على المدينة في محاولة لإعادة احتلالها وإجبار الفصائل على الاستسلام كما حصل في داريا والمعضمية وما سيحصل الآن في حي الوعر في حمص، وحصر وجود الفصائل المعارضة في إدلب ومن ثم قصفها». وأشارت المصادر إلى أنه وخلال الساعات القليلة المقبلة إذا لم يتم إدخال المساعدات إلى حلب سيعلن عن سقوط الهدنة، في وقت كان يفترض أن تكون قد وصلت وبعد أسبوع من بدئها إلى كل المناطق المحاصرة. وأضاف: «مع العلم أن إدخال المساعدات التي تطلّبت المباحثات حولها أسبوعا كاملا من دون أن تصل إلى مستحقيها، ليس إلا بندا واحدا من الاتفاق ومن القرار 2254 الذي يتضمن أيضا الإفراج عن المعتقلين وفك الحصار».
وتنتظر منذ أيام عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات في المنطقة العازلة عند الحدود السورية التركية على أمل إيصال المساعدات إلى الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، حيث يعيش 250 ألف شخص.
بدوره، قال الدكتور نصر الحريري، عضو الائتلاف الوطني السوري، لـ «الشرق الأوسط» أمس، إن الاتفاق الأميركي ـ الروسي بخصوص سوريا يجب أن يكون لإنهاء الأزمة، وأن يكون نهائيًا وكاملاً، مشددًا على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية على الفور، لإنقاذ المدن المحاصرة. وأشار إلى أن التراشق الإعلامي الروسي ـ الأميركي، يهدف إلى إشغال العالم عن القضية الرئيسية لسوريا، ما يهدد بانهيار الهدنة مع ارتفاع مستمر للخروقات إضافة إلى استهداف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، وسعي النظام السوري إلى إحراز تقدم في أكثر من جبهة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وأضاف: «لا توجد إرادة أميركية لإقرار حل في سوريا، إذ تشغل العالم في قضايا جانبية، ولذلك فإن كل الاتفاقات السياسية التي تتعلق في البلاد وهمية، ولم تر النور، ويصعب تطبيقها على الأرض، والمشادات الكلامية الروسية الأميركية شكلية ولن يكون لها انعكاسات على أرض الميدان، ولن يكون لدى الأطراف أي حل سياسي في المدى المنظور على الأقل».
في غضون ذلك، وإن كان الهدوء الحذر مسيطرا على مدينة حلب المقسمة باستثناء بعض القذائف القليلة خلال الأيام الماضية، فإن وقف إطلاق النار لم يدم طويلا في مناطق وجبهات سورية عدّة، في حين أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد القتلى المدنيين منذ بدء الهدنة إلى 16 شخصا.
وقد وثّق الائتلاف الوطني السوري، مستندا على شبكات محلية، وناشطون، تسجيل 220 خرقا في 39 منطقة خلال ستة أيام من الهدنة، أبرزها، ريف دمشق وحماه وإدلب وحمص وحلب ودرعا والقنيطرة.
ويوم أمس، وبحسب «شبكة شام المعارضة»، حاولت قوات النظام وللمرة الثالثة خلال أيام، مدعومة بدبابات وآليات ثقيلة التقدم من جديد على محاور حي جوبر بدمشق حيث دارت على إثرها اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة.
وبموجب الاتفاق، يمتنع النظام السوري الذي أعلن التزامه في الاتفاق، عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام.
كما ينص على وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق أساسية سيتم تحديدها، ووقف خصوصا القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين. فيما تلتزم المعارضة باتفاق وقف الأعمال القتالية. ويمتنع الطرفان عن شن هجمات وعن محاولة إحراز تقدم على الأرض.
ومن أبرز نقاط الاتفاق إدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.
وبعد مرور سبعة أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس تنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم داعش.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.