كادت هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية لرئاسة الجمهورية، أن تقع على الأرض يوم الثلاثاء الماضي،، وهى في طريقها إلى السيارة التي كانت تنتظرها. ويوم الأربعاء، اضطرت لتكشف ما لم يكن معروفًا عن صحتها. ويوم الخميس، اضطر ترامب ليكشف ما لم يكن معروفًا عن صحته. وعندما باغتت كلينتون وعكة صحية أثناء حضورها مراسم ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) بمدينة نيويورك. وبانتشار مقطع فيديو يوضح معالم الإعياء الواضحة على كلينتون، سارعت طبيبة المرشحة الديمقراطية إلى إعلان أنها تعاني من التهاب رئوي.
ويوم الجمعة، سألت صحيفة «واشنطن بوست»: «ماذا إذا لم تصور كاميرا فيديو كلينتون وهي كادت أن تقع على الأرض؟ هل كانت هي، وهل كان ترامب، سيتحدثان عن صحتهما، ناهيك بأن يكشفا ما لم نكن نعرف؟».
في الحقيقة، في اليوم نفسه (الثلاثاء)، قال بيان أصدرته حملة كلينتون الانتخابية إن «حمى» هي سبب ما حدث لها. في اليوم التالي، ومع صدور تقرير طبي، غيرت حملة كلينتون رأيها، وقالت إن السبب هو «نمونيا» (التهاب رئوي).
يوم الخميس، في مقابلة تلفزيونية مع د. محمد أوز (أميركي تركي)، اعترف ترامب بأنه يعاني من زيادة في الكولسترول. ويتناول دواء «ليبيتور». لكنه نفى أنه مصاب بأي مرض خطير، مثل ضغط دم عالٍ، ومثل سكري. وبطريقته الفريدة، قال إنه يعتبر الحديث أمام الناس، ورفع يديه، نوعا من أنواع الرياضة. واعترف أنه ظل بدينًا قليلاً منذ أن كان صغيرًا. لكنه اعترف أنه يحتاج لأن يخفض وزنه قليلاً.
صارت الاعترافات الصحية لكل من كلينتون وترامب هامة لأربعة أسباب:
أولاً: كانا يخفيان بعض الحقائق.
ثانيًا: أكبر مرشحين سنًا في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية. (هو 70 عامًا، وهي أقل منه بعام).
ثالثًا: عبر التاريخ، تحاشى الصحافيون الأميركيون صحة الرؤساء، ناهيك بصحة المرشحين للرئاسة.
رابعًا: جعلت التكنولوجيا الحديثة (خصوصًا الفيديوهات والتليفونات) كل شخص صحافيًا، يقدر على متابعة كل شيء تقريبًا.
عن هذا قال جوليان زيلنغر، أستاذ التاريخ في جامعة برنستون (ولاية نيوجيرسي): «صار لدينا هذا التوثيق البصري. وصار الناس يشاهدون أي منظر مرارًا وتكرارًا وتكرارًا». وأضاف: «إذا كانت الشرطة السرية تشددت في حماية كلينتون، وإذا كانت أحاطت بها بصورة أكثر فعالية، ربما ما كنا سنعرف مرض كلينتون الحقيقي. هكذا، وبسبب مسألة بوصات قليلة، تغيرت مسيرة الحملة الانتخابية الحالية».
وأشار زيلنغر إلى السرية التي كانت تحيط بالمرشحين في الماضي، وخصوصًا بالرؤساء. مثل عندما حدث الآتي:
أولاً: أصيب الرئيس ودرو ويلسون بجلطة دموية، ونجا منها.
ثانيًا: كان الرئيس فرانكلين روزفلت يتحرك بكرسي به عجلات.
ثالثًا: كان الرئيس جون كينيدي يعاني من آلام حادة في الظهر.
وقال دوغلاس برنكلي، أستاذ التاريخ في جامعة رايس (ولاية تكساس): «عندما يشاهد الناس صورة أو فيديو عن صحة مسؤول كبير، يصير النقاش واقعيًا، وليس مثل عندما لا يعرف الناس ما حدث».
وأشار إلى صور سقوط جون كيري، وزير الخارجية، من على دراجة عندما كان في فرنسا قبل عامين. وإلى صوره وهو يمشي بعكاز. لكن، في عام 2004، عندما ترشح كيري ضد الرئيس جورج بوش الابن، غاب لأسابيع بسبب عملية جراحية لعلاج سرطان البروستاتا. نعم، عرف الناس الخبر. لكنهم، لم يشاهدوا صور عملية جراحية، أو فيديو من غرفة العمليات.
لكن، يوجد فيديو مناظرة عام 1984 بين الرئيس رونالد ريغان، والمرشح الديمقراطي والتر مونديل. كان ريغان يتردد ويتلعثم، وتساءل ناس عن قدرته العقلية.
لهذا، في المناظرة التالية، قال ريغان في تصميم واضح: «لن أسمح بأن يكون عمري قضية في هذه الحملة الانتخابية. ولن أسمح بأن يستغل عمري لأغراض سياسية». وأضاف في خبث واضح: «يجب ألا يسمح معارضو (مونديل) بأن يستغل شبابه، غير أنه قليل التجارب».
فاز ريغان في تلك الانتخابات مثلما لم يفز رئيس قبله: كسب كل الولايات، عدا ولاية واحدة. لكن، بعد سنوات قليلة، تأكد أن ريغان مصاب بمرض ألزهايمر. وهو المرض الذي مات به. وهناك فيديو تقيوء الرئيس جورج بوش الأب فوق ملابس رئيس وزراء اليابان، عندما كان يعاني من التهاب في المعدة والأمعاء، في عشاء رسمي في اليابان في عام 1992.
كان ذلك عام الانتخابات الرئاسية.
عن هذا قال برنكلي: «شاهدنا ذلك الفيديو مرات ومرات. واستغله بات بيوكانان. (كان يريد أن يترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري). وزاد الهجوم على بوش، وركز على ضعف بوش، في صحته، وفي سياساته».
وهناك فيديوهات سوء حظ الرئيس جيمي كارتر، خطوة بعد خطوة، في عام 1979:
أولاً: سجل فيديو سقوطه من الإعياء الحراري عندما كان يركض في سباق طوله ستة أميال.
ثانيًا: ألقى خطابًا متشائمًا، انتقد فيه الشعب الأميركي، وقال إنه «شعب لا يكترث».
ثالثًا: أجرى تعديلاً وزاريًا وصف بأنه «لمجرد إضافة إثارة عند شخص ممل».
رابعًا: فشل في إطلاق المعتقلين الأميركيين في إيران (بعد الثورة التي قادها آية الله الخميني). وفشلت محاولة عسكرية لإنقاذهم.
وقال برنكلي: «سجلت فيديوهات كل هذه العثراث. وشاهدها الأميركيون مرات بعد مرات بعد مرات. ولم يستغرب الأميركيون عندما سقط الرئيس كارتر في الانتخابات الرئاسية (أمام ريغان، عام 1980)».
تكنولوجيا الفيديو تكشف مرض كلينتون.. وترامب أيضًا
أكبر مرشحين سنًا في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية يعترفان بالحقائق الطبية
تكنولوجيا الفيديو تكشف مرض كلينتون.. وترامب أيضًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة