كولومبيا: حركة التمرد تبحث الانتقال إلى السلم بعد نزاع هجّر 6 ملايين مواطن

في أول مؤتمر يجتمع فيه القادة والمقاتلون منذ عام 1993

كولومبيا: حركة التمرد تبحث الانتقال  إلى السلم بعد نزاع هجّر 6 ملايين مواطن
TT

كولومبيا: حركة التمرد تبحث الانتقال إلى السلم بعد نزاع هجّر 6 ملايين مواطن

كولومبيا: حركة التمرد تبحث الانتقال  إلى السلم بعد نزاع هجّر 6 ملايين مواطن

افتتح متمردو حركة «القوات الثورية المسلحة الكولومبية» (فارك) أمس مؤتمرهم العاشر في كاغان، معقلهم التاريخي في جنوب شرقي كولومبيا، ليبتوا في مسألة المصادقة على اتفاق السلام الذي أبرم مع الحكومة ويتخلوا بذلك عن الكفاح المسلح للانتقال إلى العمل السياسي.
وقال كارلوس أنطونيو لوسادا، أحد قادة حركة التمرد، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «أهم حدث في تاريخنا»، موضحا أن الأمر يتعلق «باتخاذ قرار بالتحول من منظمة سياسية عسكرية إلى منظمة سياسية منفتحة تتحرك بكل شرعية».
وبعد نزاع استمر 52 عاما، ستناقش الحركة الماركسية «فارك» للمرة الأولى السلام وليس استراتيجيات الحرب في هذا المؤتمر الذي ينظم في ال ديامانتي، كبرى مدن منطقة يانوس ديل ياري في مقاطعة كاكيتا.
وسيعلن نحو مائتي مندوب في أقدم حركة تمرد في الأميركيتين، خلال المؤتمر الذي يستمر حتى 23 سبتمبر (أيلول)، بمن فيهم أعضاء قيادتها البالغ عددهم 29 وممثلون لقاعدتها، عن رأيهم فيما جرى التفاوض حوله لإنهاء النزاع.
أسفر هذا النزاع الذي انخرطت فيه على مر السنين حركات تمرد يسارية متطرفة أخرى وقوات شبه عسكرية يمينية متطرفة والجيش، عن سقوط 260 ألف قتيل وفقدان 45 ألفا آخرين. كما أدى إلى تهجير 6. 9 مليون شخص. وقال لوسادا: «نحن واثقون بالتأكيد في أن المؤتمر سيوافق على الاتفاقات التي أعلنت في 24 أغسطس (آب) في هافانا»، وأدرجت في وثيقة من 297 صفحة تشكل نتيجة أربع سنوات من محادثات سلام مع حكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس.
النقطة الاستثنائية الثانية في هذا المؤتمر هي أن قادة حركة التمرد التي انبثقت في 1964 عن حركة تمرد فلاحية وتضم اليوم نحو 7500 مقاتل، لن يعقدوا اجتماعهم سرا بل بموافقة الحكومة وبوجود وسائل إعلام.
وسمحت الحكومة لـ24 متمردا بالخروج مؤقتا من السجن للمشاركة في الحدث الذي يغطيه صحافيون من نحو 400 وسيلة إعلام في العالم، تم اعتمادهم لهذه المناسبة ودخلوا بحرية تامة إلى المنطقة. ولم يكن عليهم سوى تقديم بطاقة هوية والحصول على شعار المؤتمر.
من جهته، قال كايلي جونسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إنها «المرة الأولى منذ 26 عاما التي يعقد فيه مؤتمر يجتمع فيه القادة والمقاتلون معا». وأضاف هذا المحلل الموجود في المكان أن «المرة الأخيرة التي رأوا بعضهم فيها كانت في 1993 في المؤتمر الثامن في لاأوريبي (مقاطعة ميتا وسط البلاد). أما المؤتمر التاسع في 2007 فقد جرى عبر الإنترنت».
وعمل مئات المتمردين ببزاتهم العسكرية أو باللباس المدني وبعضهم مسلحون، الجمعة، لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات من أجل ما وصفته الحركة بـ«أكبر معسكر للثوار في البلاد».
قالت فانيسا أورتادو (26 عاما) التي كانت مع بعض هؤلاء المتمردين بين أكياس البصل وأكوام الموز: «إنني سعيدة جدا ومتفائلة». وقد انضمت هذه الشابة التي تنتمي إلى عائلة من المقاتلين المتعاونين مع «فارك»، إلى حركة التمرد في سن الرابعة عشرة. وهي تحلم الآن بتعلم اللغات الأجنبية مع مواصلة العمل للحزب السياسي المقبل الذي ستتحول إليه «فارك».
وفي مكان غير بعيد عن ألواح خشبية مغطاة بقطع بلاستيك ينام فيها المقاتلون، نصبت خيام بيضاء في السهل الذي سيستقبل اجتماعات المؤتمر في جلسات مغلقة تستمر سبع ساعات كل يوم.
وأقيم مركز للإسعاف ومطعم وخيم للصحافيين وخشبة مسرح هائلة. والسبب هو أن كل يوم سينتهي بالموسيقى، وآخر يوم ستقدم فيه حفلة بعنوان «لنفتح طرق السلام». وإذا سمح له المؤتمر، سيوقع تيموليون خيمينيس، الملقب بـ«تيموشنكو» القائد الأعلى «لفارك»، الاتفاقات مع الرئيس سانتوس في 26 سبتمبر في كارتاهينا على الساحل الكاريبي. وفي اليوم نفسه، سيقيم المتمردون حفلة كبيرة في ال ديامانتي.
لكن المتمردين لن يسلموا أسلحتهم إلا بعد أن يوافق الناخبون على الاتفاق في استفتاء ينظم في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول).
وكشف آخر استطلاع للرأي نشرت صحيفة «ال تييمبو» نتائجه الجمعة، وهي أن 55. 3 في المائة من الناخبين يؤيدون الاتفاق، أي بزيادة 9. 5 نقاط عن النسبة التي سجلت في الاستطلاع السابق قبل أسبوع.
وتؤكد ديانا كايسيدو (30 عاما) أنها تؤمن بالسلام. وقالت هذه الطباخة التي تعمل في قرية لاس داماس القريبة من ال ديامانتي أن «توقيع السلام سيغير حياتنا. لن تكون هناك معارك ولا قتلى ولا دماء».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.