من الصعب أن يتذكر المرء أسماء الكثير من اللاعبين الذين قاموا برحلة مكوكية إلى بريشيا الإيطالية في فترة تتوسط اللعب لريـال مدريد وبرشلونة. بل من الغريب أن نفكر بلاعب يترك ريـال مدريد لفريق صعد حديثا إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي «سيري إيه»، ثم يتحمل الهبوط إلى الدرجة الثانية «سيري بي»، ولا يعود إلى الدوري الإسباني الممتاز «لا ليغا» إلا بعد أن يكون قد تم تأمين الصعود من جديد والفوز بالكأس الأنجلو - إيطالية (بطولة أقيمت من عام 1970 و1996 بين الأندية الإنجليزية والإيطالية). ومع هذا، ففي صيف 1992، فعل جورجي هاجي صاحب الـ27 عاما هذا، بانتقاله من إسبانيا إلى إيطاليا. ورغم أن هذا الانتقال لم يكن ناجحا تماما، فلقد سمحت له هذه الفترة القصيرة بأن يصير أسطورة مع فريق بريشيا.
يتمتع بريشيا بقدرة استثنائية على اجتذاب اللاعبين المشهورين، وقد وطأت أقدام لاعبين من أمثال روبرتو باجيو وجوسيب غوارديولا، وأندريا بيرلو ولوكا توني البساط الأخضر على ملعب ستاديو ماريو ريغامونتي. بدأ هاجي وعدد قليل من اللاعبين الدوليين الرومانيين هذا الاتجاه؛ وهو ما جعل بريشيا هو الاختيار الشائع في هذا الزمان.
وفي حين قد يبدو تدفق اللاعبين الرومانيين على ناد إيطالي متواضع المستوى اختيارا غريبا الآن، فقد كان ذلك هو العصر الذي كانت فيه القواعد الخاصة باللاعبين الأجانب تقيد انتقالات اللاعبين. لم يكن مسموحا للأندية سوى بـ3 لاعبين أجانب، في الوقت الذي كانت أندية الدوري الإيطالي الممتاز تحقق نجاحات من خلال هذه الاستراتيجية نفسها؛ كان لدى ميلان 3 لاعبين هولنديين، هم ماركو فإن باستن ورود خولت وفرانك ريكارد، في حين كان لدى الإنتر 3 لاعبين ألمان، هم لوثر ماتايوس وأندرياس بريمي ويورغن كلينسمان.
ومن ثم فقد سعى بريشيا للحل الروماني. استعان مدرب النادي، مرسيا لوتشسكو باللاعبين الرومانيين على مدار 13 عاما ودرب 5 منهم، ومن ثم فقد كان الرجل المثالي لتأسيس نموذج روماني مصغر في شمالي إيطاليا. كان هاجي هو الانقلاب، ولا شك في هذا، حيث توصل رئيس النادي لويجي كوريوني إلى اتفاق بقيمة 8 مليارات ليرة مع ريـال مدريد لضم لاعب الوسط بالراتب نفسه الذي كان يحصل عليه في إسبانيا. انضم إلى زملائه الدوليين الرومانيين، دورين ماتيوت، الذي قدم من ريـال سرقسطة، وفلوريان رادوتشيو، الذي انتقل من هيلاس فيرونا، وإيوان ساباو القادم من فاينورد.
كان الموسمان اللذان قضاهما هاجي في بريشيا متضاربين. تلقى بطاقة حمراء في أول مباراة في الدوري وهبط النادي إلى الدرجة الثانية في النهاية، بعد الهزيمة في مباراة حاسمة مع أودينيزي. كان هاجي قد أحرز ضمن مسيرة غير مقنعة. وتعرض لغرامة لتأخره في حضور التدريبات؛ ودخل في جدال مع المدرب حول مسؤولياته الإعلامية؛ بل والأسوأ، أنه كان كسولا في المباريات.
كان كسولا؟ ربما، لكن غير مخلص للفريق، لا. بقي هاجي مع بريشيا ليؤكد أنه «ليس جبانا أو خائنا»، وأصبح نجم الفريق. ربما أدى بتراخ كبير في الموسم الأول في إيطاليا؛ اعتقادا منه أن الدوري الإيطالي الممتاز سيكون نزهة بعد أن لعب بقميص ريـال مدريد، لكنه قدم مستوى أعلى وصنع قصة نجاح في الدرجة الثانية.
في موسم 1993 - 94، ظهر «مارادونا البلقان» فعليا، حيث فتحت تمريراته الساحرة الثغرات في دفاعات المنافسين، وزادت ثقته، وأظهر قدرته على تخطي المدافعين ببراعة وأحرز 9 أهداف في الدرجة الثانية، أقل قليلا من أوليفر بيرهوف وغابرييل باتيستوتا، لكنه سجل كان كافيا ليعيد بريشيا إلى أضواء الدوري الممتاز. كذلك، فاز هاجي بلقبه الوحيد مع بريشيا في 1994، عندما هزم نوتس كاونتي 1 – 0، أمام 17.185 مشجعا في ويمبلي ليحقق لقب الكأس الأنجلو - إيطالية.
عاد هاجي بفضل التحسن الذي طرا على مستواه، إلى الخريطة من جديد، وعندما قاد منتخب رومانيا الذي استحوذ على قلوب العالم في مونديال أميركا 94، بدأت نخبة الأندية الأوروبية تطرق بابه من جديد. ودع هاجي إيطاليا عندما تدخل يوهان كرويف ليتعاقد معه ليلعب بقميص برشلونة، بطل الدوري الإسباني في ذلك الوقت. وبهذا أسدل الستار على مسيرته القصيرة الحافلة التي لا تنسى في إيطاليا. كان هاجي كسولا ومتمردا في بعض الأحيان خلال وجوده في بريشيا، لكنه كان رائعا ولا شك.
هاجي ورحلته العجيبة بين إسبانيا وإيطاليا
الروماني الذي غادر ريـال مدريد واستراح في بريشيا.. ثم انضم إلى برشلونة
هاجي ورحلته العجيبة بين إسبانيا وإيطاليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة