يوما بعد يوم، تتكشف حقائق جديدة عن ظاهرة الراديكالية والإرهاب في فرنسا. ويوما بعد يوم، تتوالى المفاجآت على الرأي العام الفرنسي الذي لم تصدمه فقط العمليات الإرهابية المتلاحقة منذ بداية العام الماضي بل أيضا هوية القائمين بها. فبعد الصورة النمطية للإرهابي «الكلاسيكي» الذي عرف السجن بسبب تصرفات جنحية مثل اللصوصية والمخدرات، ثم التحول إلى الراديكالية فالإرهاب، أخذت تبرز صور جديدة طالت هذه المرة النساء، وحتى الشابات كما حصل الأسبوع الماضي في باريس حيث سعت نساء إلى تفجير سيارة محشوة بأسطوانات الغاز قرب كاتدرائية نوتردام، في قلب العاصمة، وفي الأيام الأخيرة، ظهرت صورة «الإرهابي القاصر» ابن الـ15 عاما الذي خرج لتوه من المرحلة الدراسية التكميلية، وها هو يضع رجله في عالم العنف الأعمى تحت تأثير أطراف خارجية.
والسبت الماضي، اعتقل رجال المخابرات الداخلية في باريس مراهقا عمره 15 عاما كان يتحضر للقيام بعمل إرهابي بالسلاح الأبيض، إذ كان ينوي كما قالت مصادر في الشرطة، مهاجمة مارة في الحي الذي كان يقيم فيه، كما أنه كان راغبا في أن «يستشهد» برصاص الشرطة التي كانت ستصل بطبيعة الحال إلى مكان ارتكاب الاعتداء المخطط له. وأمس، تكرر سيناريو يوم السبت مجددا، بعد اعتقال مراهق آخر في بيته الكائن في الدائرة 20 من العاصمة. وبحسب وزير الداخلية، برنار كازنوف، فإن هذا الشاب المولود عام 2001: «عرض خدماته» للقيام بعمل إرهابي. لكن حتى مساء أمس، لم يكن قد عرف طبيعته ولا مكانه أو مدى التحضير له، أو الذين يفترض أن يشاركوا فيه أو يقدموا المساعدة بمختلف أنواعها. وما توافر عن هذا المراهق هو أنه كان تلميذا في المرحلة الثانوية، وأن الأمن صادر هاتفه الجوال وحاسوبه لمعرفة ما يحتوي عليه من معلومات يمكن أن تنير التحقيق.
ما يجمع بين هذين المراهقين القاصرين ليس فقط سنهما، بل خصوصا «الطريق» الذي قادهما إلى حيث هما اليوم. فهذان الشابان لم يكونا معروفين لدى الأمن الداخلي ولم يكن اسماهما، بعكس الإرهابيين الآخرين الذين ارتكبوا كثيرا من الهجمات في باريس، موجودين على أي من القوائم التي تسجل فيها أسماء وهويات الأشخاص الخطرين على الأمن بسبب حداثة سنهما.
أما الأهم من ذلك كله، فهو أن جنوحهما نحو الراديكالية يعود لسببين رئيسيين: الأول وسائل التواصل الاجتماعي التي قادت رجال الأمن إلى المراهقين. وثانيهما: وقوعهما بأيدي «مشغل» الإرهابيين في فرنسا و«مرشدهم» إلى سلوك درب الراديكالية والعنف. وهذه الشخصية التي سعت قوات كوماندوز فرنسية لتحديد مكانه في الشمال السوري في الأشهر الأخيرة للقضاء عليه ليس سوى رشيد قاسم المواطن الفرنسي، صاحب السجل الحافل في دفع الشبان الذين كان يتواصل معهم إلى ولوج عالم الإرهاب.
وتنتهي صباح الغد فترة توقيف المراهق الذي قبض عليه صباح أمس، التي لا يمكن أن تتجاوز الـ48 ساعة بسبب صغر سنه «دون 16». وسيقدم إلى قاض يستطيع أن يوجه إليه اتهامات رسمية ويودعه السجن أو إخلاء سبيله.وكل هذه المحاولات تبرر ما تقوله السلطات الفرنسية من أن التهديد الإرهابي على «أشده» وتفسر الأسباب التي تجعل الرئيس فرنسوا هولاند يكثر هذه الأيام من اجتماعات مجلس الدفاع المخصصة للنظر في التهديدات الأمنية، والتدابير الواجب اتخاذها لتلافي تكرار ما عرفته فرنسا منذ أوائل العام الماضي. وأمس، قال وزير الداخلية، برنار كازنوف، إن القوات الأمنية وصلت إلى حالة «الجهوزية القصوى» لمواجهة الإرهاب، في حين لا ينفك رئيس الحكومة مانويل فالس «وأيضا هولاند» من التنبيه من أن التهديد الأمني «في أعلى درجاته» ما يدفع أصحاب الشركات والمصالح، خصوصا في القطاع السياحي، إلى التساؤل عن فائدة «التخويف المستمر» الذي ينعكس على الحركة السياحية،
بعد الكوماندوز النسائي.. «إرهاب المراهقين» يثير قلق السلطات الفرنسية
توقيف شاب جديد بشبهة الاستعداد للقيام بعمل إرهابي في باريس
بعد الكوماندوز النسائي.. «إرهاب المراهقين» يثير قلق السلطات الفرنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة