في القرى الواقعة في أعالي الجبال غرب اليمن، يعيش السكان في أمان بعيدا عن النزاع المستعر في معظم أنحاء البلاد، لكنهم يعيشون حياة قاسية لم يطرأ عليها تغير يذكر منذ مئات الأعوام. ونظرا لأن السكان اعتادوا على الحياة من دون كهرباء أو مياه جارية، فلم يشعروا سوى بقليل من التأثير للحرب المستمرة منذ 18 شهرا، والتي تسببت في حرمان غالبية سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة من هذه الخدمات الأساسية.
ويشعل السكان الحطب لطهو طعامهم، ونور الفجر يشير لبدء العمل في الحقول. لكن بعيدًا عن الجو الريفي فهم يصارعون من أجل البقاء. ينقل سكان منطقة الجعفرية الواقعة في محافظة ريمة غرب اليمن احتياجاتهم الأساسية إلى أعلى التلال الخضراء سيرًا على الأقدام، أو على ظهر الدواب أو عن طريق عربة معلقة بسلك غليظ بين قمم التلال على ارتفاع 1200 متر، حسبما أفادت وكالة «رويترز» في تقرير لها.
ويحرك ماجد عبد الله العايشي (14 عاما) هذه العربة التي يعلوها الصدأ لنقل منتجات وسلع أساسية، يحملها بعد ذلك إلى أعلى التل حتى يصل إلى قريته. وقال العايشي بحزن: «هذا يؤلم ظهري جدا. أتمنى لو أن هناك حلا آخر لنقل البضائع؛ لأن المصعد غير آمن وقد يسقط».
ولا تزال الزراعة هي المهنة الرئيسية لغالبية القرويين في المنطقة التي تشتهر بتربية النحل وعسلها المتميز الذي يباع في أنحاء اليمن. ويأخذ محمد يحيى حيدر (65 عاما) الحلو مع المر ويقول: «على الرغم من صعوبة الحياة فإننا لا نزال نعيش هنا مثلما فعل آباؤنا وأجدادنا. نزرع البن والحبوب مثلما فعلوا، واعتدنا على هذه الحياة بكل خشونتها وصعوبتها الشديدة».
ويعيش معظم سكان اليمن في الريف ومناطق صحراوية وجبال وأحراج، وحتى في أوقات السلم نادرا ما تصلهم سلطة الحكومة ومزايا خدماتها. وهذه العزلة أكسبت القرويين القدرة على تحمل صعوبات الحياة الريفية، وحتى المباني هناك مبنية بطريقة عملية لمواجهة هذه الصعوبات.
ونُحتت الصهاريج التقليدية في الصخر لجمع مياه الأمطار، وكثير من المباني الحجرية في المنطقة تحملت عوامل الطقس لمئات الأعوام. لكن إذا حدثت كارثة ما قد تكون عزلة السكان لعنة عليهم عندما يحتاجون إلى رعاية طبية في العيادات البعيدة. ويعاني النساء الحوامل من مشكلات صحية، ويكون المرضى المقعدون محظوظين إذا نجحوا في تحمل رحلة إلى العيادات تستغرق 8 ساعات على نقالة محمولة على أكتاف الرجال.
في جبال اليمن النائية.. لا أثر للحرب لكن الحياة قاسية
قرويون يعيشون على الزراعة ولم يستفيدوا من خدمات الحكومة حتى وقت السلم
في جبال اليمن النائية.. لا أثر للحرب لكن الحياة قاسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة