إلقاء القبض على 3 سوريين في ألمانيا بتهمة الانتماء إلى «داعش»

وزير الداخلية الألماني تحدث عن علاقتهم بمنفذي عمليات باريس

جنود من القوات الخاصة الألمانية خلال اعتقال أحد اللاجئين السوريين بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» في ولاية سكسونيا السفلى أمس (رويترز)
جنود من القوات الخاصة الألمانية خلال اعتقال أحد اللاجئين السوريين بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» في ولاية سكسونيا السفلى أمس (رويترز)
TT

إلقاء القبض على 3 سوريين في ألمانيا بتهمة الانتماء إلى «داعش»

جنود من القوات الخاصة الألمانية خلال اعتقال أحد اللاجئين السوريين بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» في ولاية سكسونيا السفلى أمس (رويترز)
جنود من القوات الخاصة الألمانية خلال اعتقال أحد اللاجئين السوريين بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» في ولاية سكسونيا السفلى أمس (رويترز)

ضمن استراتيجيتها في توجيه الضربات الاستباقية للتنظيمات الإرهابية، ألقت الشرطة الألمانية، مدعومة بوحدات مكافحة الإرهاب، القبض على 3 لاجئين سوريين بتهمة الإرهاب والانتماء إلى تنظيم «داعش». وذكرت متحدثة باسم النيابة العامة الاتحادية يوم أمس الثلاثاء، إنه لا تتوفر أدلة على أن الثلاثة كانوا يخططون لعمليات إرهابية، إلا «أننا لم نستطع الانتظار؛ لأن الأدلة الأولية كافية».
وعممت النيابة العامة بلاغًا صحافيًا تحدثت فيه عن حملة مداهمة شملت ولايتي سكسونيا السفلى وشليسفيغ هولشتاين، شارك فيها أكثر من 200 شرطي، وتمخضت عن القبض على 3 سوريين. والسوريون هم ماهر ال هـ. (17 سنة)، ومحمد أ. (26 سنة) وإبراهيم م. (18 سنة)، ووجهت النيابة العامة إليهم تهمة العضوية في تنظيم داعش، والتحضير لتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا، أو انتظار تعليمات لاحقة من التنظيم.
وتكشف معلومات النيابة العامة أن واحدًا من الثلاثة على الأقل، وهو ماهر الـ هـ.، تدرب في الرقة على استخدام السلاح وتركيب المتفجرات. وصدر أمر إلقاء القبض على الثلاثة من المحكمة الاتحادية العليا يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري. وصادر المحققون هواتف المتهمين الثلاثة الجوالة وكثيرًا من «المواد» المهمة، في إقامة الدليل على علاقتهم بالتنظيم الإرهابي، بينها وثائق خاصة بأنظمة حفظ المعلومات.
وسافر الثلاثة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 من الرقة في سوريا، بتكليف من التنظيم الإرهابي، لبلوغ ألمانيا عبر تركيا واليونان وطريق البلقان الذي يسلكه اللاجئون. ووفر «داعش» للثلاثة جوازات السفر وبضعة آلاف من الدولارات، إضافة إلى هواتف جوالة تمت فيها برمجة اتصالاتهم مع التنظيم الإرهابي.
وكان الثلاثة يخضعون منذ فترة لمراقبة لصيقة من قبل دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العام)، ورقابة شرطة الجنايات الاتحادية. وجاء في تقرير النيابة العامة أنها تلقت المعلومات عن نشاط الثلاثة من قبل الجهازين الألمانيين بعد تحليل معطيات الهواتف الجوالة والاتصالات.
وأكدت ألكسندرا غايلهورن، المتحدثة الصحافية للنيابة العامة، لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود أدلة على مخططات جاهزة لتنفيذ هجمات إرهابية في ألمانيا؛ لكنها أكدت أيضًا أن الأدلة على عضوية الثلاثة بالتنظيم الإرهابي ثابتة، بينها معطيات تحليل اتصالاتهم الهاتفية مع بعضهم بعضًا، ومع التنظيم. وحول ما إذا كانت هوياتهم سورية فعلاً أم أنهم يستخدمون جوازات مزورة، قالت المتحدثة إن ذلك سيجري كشفه من خلال التحقيق. والثابت أيضًا أنهم أرسلوا إلى ألمانيا بتكليف من «داعش».
ويعيش الثلاثة في مساكن مخصصة للاجئين في ولايتين ألمانيتين لا يزيد بعد أحدها عن الآخر عن 20 كيلومترا. فهل حصل هذا صدفة، أم أنهم يشكلون «خلية نائمة»؟ تقول المتحدثة إن ذلك عسير على التكهن؛ لأن اللاجئين يجري توزيعهم على مناطق السكن من قبل دائرة اللجوء، وربما حصل ذلك صدفة.
ونشرت جريدة «دي فيلت» الواسعة الانتشار خبر التحقيقات مع المتهمين الثلاثة قبل فترة من حملة المداهمة، وربما عجّل هذا الكشف قرار إلقاء القبض على الثلاثة. وذكرت الجريدة أن التحقيق مع السوريين الثلاثة أجرته وحدة خاصة أسستها شرطة برلين اسمها «إي جي غالاكسي»، تتخذ من برلين – تريبتوف مقرًا لها، وتتخصص بالتحقيق في قضايا الإرهابيين المشتبه بتسللهم بين صفوف اللاجئين.
وذكرت القناة الأولى في التلفزيون الألماني أن المتهمين الثلاثة كانوا يعيشون في مجمعات خاصة باللاجئين، وأن اثنين من هذه المجمعات يقعان في حي غروسهانزدورف وحي أرنسبورغ في ضواحي هامبورغ، وفي حي راينفيلد قرب مدينة لوبيك الشمالية.
وعقد وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير مؤتمرًا صحافيًا في العاصمة برلين، تحدث فيه عن علاقة للمعتقلين السوريين الثلاثة بمنفذي عمليات باريس في نهاية العام الماضي. وأكد الوزير أن كثيرًا من المؤشرات تشي بأن عصابة التهريب التي أوصلت السوريين الثلاثة إلى ألمانيا هي نفس العصابة التي هربت منفذي عمليات باريس عبر طريق البلقان. كما صدرت الجوازات التي استخدمها السوريون الثلاثة عن نفس «المشغل» الذي أنتج جوازات منفذي عمليات الجمعة الدامي في العاصمة الفرنسية. ورجح دي ميزيير، في الحديث عن المعتقلين الثلاثة في شمال ألمانيا، أن تدور التحقيقات حول «خلية نائمة».
كان الثلاثة، ضمن آخرين، يخضعون إلى مراقبة السلطات الأمنية منذ فترة، لكنهم لم يشكلوا خطرًا داهمًا ولا في أي وقت من الأوقات. وحذر الوزير من تعميم الشبهات على كل اللاجئين القادمين إلى أوروبا عن طريق خط البلقان، مؤكدًا «أن اللاجئين ليسوا كلهم إرهابيين، لكن هناك بينهم من يتعاطف مع الإرهابيين».
جدير بالذكر أن هولغر مونش، رئيس شرطة الجنايات الاتحادية، تحدث قبل شهر عن أكثر من 400 إخبارية عن إرهابيين مندسين بين اللاجئين. وقال حينها إن معظم هذه التبليغات لم تكن جادة، وكان بعضها «كيديًا» تحركه الأحقاد القومية والطائفية. وأضاف أن دائرته توظف كثيرًا من المال والوقت والمحققين للتحقيق في قضايا الإرهابيين المندسين بين اللاجئين، وتحدث عن 60 تحقيقًا جاريًا في هذا الاتجاه، إلا أنه لم يشر إلى موضوع السوريين الثلاثة، ربما خشية على سرية التحقيق.
وحصلت مجلة «فوكوس» على معلومات من مصادر أمنية داخلية ذكرت أن المخابرات الألمانية تلقت المعلومات حول السوريين الثلاثة من جهاز أمني أميركي «صديق». ويفترض أن الأميركيين سلموا إلى الجانب الألماني صور المتهمين الثلاثة، وأن السلطات الألمانية تعرفت عليهم كطالبي لجوء إلى ألمانيا، من خلال نظام البحث الإلكتروني عن الإرهابيين.
وكانت عملية مراقبة الثلاثة معقدة، بحسب معطيات «فوكوس»؛ لأن الثلاثة كانوا يغيرون شرائح الاتصال باستمرار في هواتفهم الجوالة. وثارت شكوك الشرطة الألمانية قبل شهرين حول نية الثلاثة تنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا خلال بطولة كأس أوروبا لكرة القدم في فرنسا، ولذلك فقد خصصت عشرات من رجال الشرطة السريين لمراقبتهم طوال 24 ساعة في اليوم، ووضعت القوات الخاصة في حالة إنذار دائم.
ورصدت دوائر التحقيق الألمانية صلات للسوريين الثلاثة مع عربيين اثنين اعتقلا في زالسبورغ (النمسا) في ديسمبر (كانون الأول) 2015، وهما على طريق مدينة ميونيخ. وتجري محاكمة المغربي (26 سنة) والجزائري (40 سنة) في زالسبورغ بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي والمشاركة في التحضير لعمليات باريس. ويشكل الاثنان جزءًا من شبكة واسعة من الإرهابيين ساهمت في التحضير لعمليات باريس وتنفيذها. وسكن الاثنان في نفس بيت اللاجئين الذي سكن فيه الإرهابيان عادل هـ. (29 سنة) والباكستاني محمد ي. (35 سنة)، اللذان تم تسليمهما إلى السلطات الفرنسية لمشاركتهما في التحضير لعمليات باريس، وقدم كلاهما نفسه كلاجئ إلى النمسا في أكتوبر (تشرين الأول) 2015.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.