سجلت السوق العقارية السعودية أداء منخفضا في معظم الأفرع العقارية، إلا أن الفرع العقاري الأكثر توهجًا ولا يزال يؤدي نتائج جيدة بكافة أنشطته هو «الفرع التجاري»، حيث انعكس ذلك على أداء تأجير العقارات الترفيهية وقاعات المناسبات التي سجلت أداء متميزا خلال أيام الحج نتيجة ارتفاع الطلب عليها، خصوصًا على القاعات الكبرى المعدة للتأجير وقصور الأفراح والعروض التجارية الترفيهية الأخرى، حيث لامست نسبة إشغالها وتأجيرها خلال الفترة ما يزيد عن 95 في المائة، لتتصدر بذلك المشهد العقاري السعودي.
وتحدث عدد من الملاك والمستثمرين عن أن سبب طلب هذا النوع من العقارات في هذه الأيام ينحصر في نوعين، الأول احتضانها للاجتماعات العائلية السنوية، والثاني مواسم الزواج التي بدأت تنشط هذه الأيام، الأمر الذي رفع أسعار التأجير بنسب متفاوتة. ويقتسم الاستثمار في العقارات الترفيهية وقاعات الأفراح نسبا جيدة من الإقبال على القطاع العقاري بشكل عام، حيث يسجل هذا النوع من التجارة نسبة ممتازة من التعاطي، وهو ما يحفز الإقبال عليها والتعامل بها.
وقال محمد العبيد المستثمر في قطاع تأجير قاعات المناسبات، إنهم يعتمدون على «الموسمية» بالدرجة الأولى في جني الأرباح وليس التأجير في طوال العام، حيث إنهم في بعض الأحيان يغلقون أبوابهم لأسابيع طويلة نتيجة عدم وجود مستأجرين، وفي أحيان أخرى تكون القاعة محجوزة قبل دخول المواسم بثلاثة أشهر كحد أدنى مثل هذه الأيام، حيث يعد هذا الموسم من أكثر المواسم تحقيقا للأرباح، إذ تكون قاعات قصور الأفراح مشغولة بكل طاقاتها ويتم تأجيرها بالساعة الواحدة.
ولفت العبيد إلى أن الاجتماعات العائلية هي الرقم الصعب في تحقيق الأرباح، وقال: «معظم الملتقيات تكون على وجبة الغداء، وهو الوقت الذي غالبا ما يكون القصر فيه شاغرا، بعكس المساء الذي تنشط فيه الزواجات.. ونقوم بجهد كبير لتجهيزها بين وجبتي الغداء والعشاء»
وأضاف العبيد: «تبلغ قيمة تأجير الساعة الواحدة نحو 4000 ریال (نحو ألف دولار) نظرا إلى ارتفاع الطلب خلال هذه الأيام»، مبينا أنه خلال الأيام العادية يتم التأجير بشكل يومي بسعر لا يتجاوز الـ10500 ریال (2800 دولار)، إلا أن حلول الموسم له الكلمة الفصل في تحديد نوعية التأجير وتحويلها إلى نظام الساعات. واستطرد بالقول إن تقديمهم الخدمات المساندة للتأجير كان له الدور الكبير في تحقيق الأرباح، مثل تقديم المأكولات والمشروبات والحلويات وتجهيز العشاء، إضافة إلى توفير العمالة، مما يلقي بظلاله على زيادة الدخل وتعويض فترات التوقف.
ويشار إلى أن لقصور الأفراح في السعودية استخدامات متعددة لا تقف عند حفلات الزواج، فالبعض يستخدمها لإقامة مراسم العزاء، وآخرين يستأجرونها للملتقيات العائلية وغيرها من المناسبات، وينشط الطلب عليها في أوقات الأعياد باعتبارها الخيار الأول لإقامة الملتقيات العائلية خصوصًا لبعض العوائل أو القبائل ذات العدد الكبير.
من جانبه، قدر سعود الضرمان، الذي يمتلك عددا من قصور الأفراح بالرياض، الحجم المتوسط لتأجير قصر الأفراح الواحد بمبلغ 35 ألف ریال (نحو 9.3 ألف دولار)، وهو متوسط أسعار التأجير، وتنخفض إلى عشرة آلاف ریال وتزيد إلى عشرات الآلاف؛ بل بعضها يصل إلى مئات الآلاف، خصوصًا للقاعات الفندقية، لكن الأغلبية تتراوح قيمتها بعيدًا عن السعر المتوسط، وتختلف بحسب حجم القاعة وموقعها وتجهيزاتها وحداثتها، وجميعها أمور تتبلور عند تحديد السعر. كما أن للحجز المبكر ودفع كامل القيمة خصما خاصا. ولفت إلى أن نسبة الأشغال في هذه الأيام تتجاوز الـ95 في المائة، مضيفا: «الحجز يتم قبل أشهر من حلول الموسم خصوصا أيام الأعياد، لضمان الحصول على قاعة مناسبة للزواج أو الاجتماعات العائلية على حد سواء».
وأوضح الضرمان أن الملتقيات العائلية تنعكس بشكل إيجابي على تحقيق الأرباح لملاك قصور الأفراح، وقال إن «بعض الملتقيات العائلية تستمر لعدة أيام متتالية تصل إلى ثلاثة أيام، وبوجبتي غداء وعشاء»، مقدرا نسبة ارتفاع الأسعار في هذه الأيام عن غيرها من المواسم بأنها كبيرة وتتجاوز الـ30 في المائة، مقارنة بالمواسم التي تختلف عن أوقات الأعياد، وهو وقت الذروة الذي يعتمدون عليه كثيرا في تحقيق الإيرادات، وهي الفترة الممتدة من يوم العيد ولمدة سبعة أيام متواصلة.
وحول تأثير القاعات الأصغر حجما والمنتشرة حاليا، أكد أن معظم العوائل الكبيرة تعتمد على قصور الأفراح عند رغبتها في إقامة أي مناسبة، فقط العوائل الصغيرة أو ذات الشريحة المحدودة تعتمد على هذا النوع من القاعات، واستطرد بالقول إن هذا النوع من القاعات أصبح منافسا لهم بشكل كبير، إلا أنه لم يستطع أن يلغي وجودهم نظرا إلى اعتماد الأغلبية عليهم في إقامة المناسبات.
ويشار إلى أن بعض العائلات السعودية تحرص على إقامة ملتقيات سنوية لأبنائها في مواسم الأعياد، لذا تجد هذه العائلات قصور الأفراح مكانا مناسبا لإقامة احتفالاتها، وهي عادة سنوية يجتمع فيها أفراد العائلة من مختلف مناطق المملكة، بل إن بعض العوائل يكون أبناؤها مقيمين خارج المملكة؛ وخصوصًا في بعض الدول الخليجية.
من جهة أخرى، قال محمد الرهيمي، الذي وجدناه يهم باستئجار إحدى قاعات قصور الأفراح بالرياض، لتوفير مكان مناسب لإقامة الملتقى السنوي لأبناء عائلته إن «أسعار قصور الأفراح تشهد ارتفاعا ملحوظا، إذ إن مبلغ الإيجار تتم زيادته بشكل سنوي نظرا للإقبال الكبير».
وأضاف الرهيمي: «قمت باستئجار إحدى القاعات العام الماضي بمبلغ 35 ألف ریال لليوم الثاني من أيام عيد الفطر المبارك في أحد أحياء شرق الرياض، والأسعار ترتفع عن هذا الرقم كلما اتجهت شمالا من العاصمة»، مستشهدا بأنهم قاموا بالحجز هذا العام بمبلغ 40 ألف ریال غير قابلة للاسترداد رغم صغر القاعة وفقدها لبعض الخدمات المساندة، إلا أنهم مضطرون إلى استئجارها لإقامة ملتقى العائلة، لافتا إلى أن مبالغ تكاليف الملتقيات يتم تأمينها عن طريق صندوق العائلة.
تجدر الإشارة إلى أن تسعيرة العقارات في السعودية بشكل عام، يتم تحديدها عن طريق المالك، ولا توجد أي جهة حكومية تتبنى تحديد الأسعار ومراقبتها منعا للاستغلال، لذلك تجد أن للمواسم أسعارا خاصة تكون غالبا ذات قيمة مبالغ فيها، ويكون رأي العميل فيها القبول بالاستئجار أو الرفض والبحث عن غيرها، رغم تشابه أسعارها إلى حد كبير.
«عقارات المناسبات» تتوهج في «التجاري السعودي» بإشغال يتجاوز 95 %
الاستثمار في تأجيرها يشهد إقبالاً جيدًا وحركة متميزة رغم موسميتها
«عقارات المناسبات» تتوهج في «التجاري السعودي» بإشغال يتجاوز 95 %
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة