غضب على نتنياهو في العواصم الغربية لاتهامهم بتأييد التطهير العرقي لليهود

الإدارة الأميركية اعتبرت تصريحاته موجهة ضد سياستها إزاء المستوطنات

فلسطينيان يشتريان الحلويات استعدادا لعيد الأضحى بمدينة القدس المحتلة بأكملها من إسرائيل منذ عام 1997 (أ.ف.ب)
فلسطينيان يشتريان الحلويات استعدادا لعيد الأضحى بمدينة القدس المحتلة بأكملها من إسرائيل منذ عام 1997 (أ.ف.ب)
TT

غضب على نتنياهو في العواصم الغربية لاتهامهم بتأييد التطهير العرقي لليهود

فلسطينيان يشتريان الحلويات استعدادا لعيد الأضحى بمدينة القدس المحتلة بأكملها من إسرائيل منذ عام 1997 (أ.ف.ب)
فلسطينيان يشتريان الحلويات استعدادا لعيد الأضحى بمدينة القدس المحتلة بأكملها من إسرائيل منذ عام 1997 (أ.ف.ب)

أعربت الإدارة الأميركية وأوساط سياسية في دول أوروبا، عن غضبها الشديد إزاء الشريط الذي نشره رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي لمح فيه إلى أن الولايات المتحدة ودول الغرب تدعم ما سماه «التطهير العرقي» لليهود في الضفة الغربية، لأنها تدعم إخلاء المستوطنات كجزء من إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة.
وحرص عدد من السياسيين الغربيين على تسريب تصريحات شديدة اللهجة ضده، مثل القول: «إنه يعاني من جنون العظمة»، و«إسرائيل لم تعد تتسع لنتنياهو، ويريد الهيمنة على الخطاب السياسي العالمي».
وكان نتنياهو قد بادر إلى نشر شريط يتضمن كلمة للجمهور اتهم فيها الفلسطينيين بالتطهير العرقي لليهود، لأنهم يطالبون بإخلاء المستوطنات اليهودية التي أقيمت فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال إنه لا يتقبل الادعاءات التي تسمع في الغرب، والتي تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية عقبة أمام السلام، وقال إنه «على سبيل المقارنة لا يتجرأ أحد على الادعاء بجدية أن المليوني عربي في إسرائيل هم عقبة أمام السلام». واتهم نتنياهو القيادة الفلسطينية بأنها تطرح شرطا لإقامة الدولة الفلسطينية، وهو أن لا يكون فيها يهود. وقال نتنياهو في الشريط: «يوجد مصطلح مهني لذلك، ويسمى تطهيرا عرقيا. هذا المطلب يثير الغليان، إنه حتى يثير الغضب بشكل أكبر حين لا يعتقد العالم بأنه لا يثير الصدمة. بل إن بعض دول العالم، التي تصف نفسها بالمستنيرة، تدعم هذا الموقف المثير للغضب وتدفعه».
وقد اعتبرت الإدارة الأميركية تصريحات نتنياهو موجهة ضد السياسة الأميركية إزاء المستوطنات. وانتقدت إليزابيث طرودو، الناطقة في وزارة الخارجية الأميركية، بشدة تصريحات نتنياهو في الشريط، وقالت: «نحن لا نوافق بشكل عميق على الوصف الذي يعتبر من يعارض البناء في المستوطنات أو يعتبرها عقبة أمام السلام، يدعو بهذا الشكل أو ذاك إلى التطهير العرقي لليهود من الضفة الغربية. نحن نعتقد أن استخدام هذه اللهجة غير مناسب ويسبب الضرر». وقالت طرودو إن «إدارة أوباما، مثل كل الإدارات الأميركية السابقة، ومثل المجتمع الدولي كله، تعتقد أن استمرار البناء في المستوطنات هو عقبة أمام السلام. وأضافت أنه لا يمكن الاعتراض على حقيقة أنه تم منذ بداية السنة بناء وتخطيط آلاف المساكن في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتشريع البؤر غير القانونية والسيطرة على أراضي في الضفة لغرض استخدامها من قبل إسرائيل، وتكثيف هدم بيوت الفلسطينيين. وكما قلنا في مرات كثيرة، فإن هذا يطرح علامات استفهام حول نيات إسرائيل طويلة الأمد في الضفة الغربية».
وقال دبلوماسيون إسرائيليون إن «المسؤولين الكبار في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، شعروا بالجنون والغضب الشديد، بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، حين شاهدوا الشريط».
وتبين من فحص كلمات الشريط أن مصدر كثير من النص والادعاءات التي طرحها نتنياهو في الشريط، يعود إلى وثيقة إعلامية كتبها في عام 2009، فرنك لونتس، أحد المستشارين السياسيين البارزين المتماثلين مع الحزب الجمهوري ومع اليمين العميق في الولايات المتحدة. وكان سفير إسرائيل حاليا في الولايات المتحدة، رون دريمر، المقرب جدا من نتنياهو، قد عمل في مكتب لونتس في بداية التسعينيات. وكان لونتس قد كتب الوثيقة للتنظيم المناصر لإسرائيل «مشروع إسرائيل» (The Israel Project) الذي كان يحتسب على الحزبين الأميركيين، لكنه انجرف في السنوات الأخيرة كثيرا نحو اليمين. وفي الصفحة 62 من تلك الوثيقة كتب بأن «التطهير العرقي هو أفضل ادعاء في موضوع المستوطنات يمكن طرحه أمام الجمهور الأميركي». وقد نسخ نتنياهو النص من وثيقة لونتس حرفيا تقريبا وأضافه إلى شريطه الإعلامي.
وحسب هؤلاء الدبلوماسيين، فإن «المسؤولين في الإدارة الأميركية فوجئوا، للمرة التي لا يعرف أحد عددها، بأن نتنياهو لا يعرف الحدود في كل ما يتعلق بالهجوم عليهم، حتى في أكثر الفترات السياسية حساسية التي يحتاج فيها إلى المساعدة الدبلوماسية والأمنية الأميركية. ففي الأشهر الأخيرة فقط، طلب نتنياهو المساعدة الأميركية، على اليمين وعلى اليسار - أن تخفف تقرير الرباعي الدولي، أن تساعد على صد خطوات معادية لإسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة، وأن تقتل مبادرة السلام الفرنسية. وفوق هذا كله يقف اتفاق المساعدات الأمنية الذي يصل حجمه إلى قرابة 40 مليار دولار، ويشرف على التوقيع». ويرى كبار المسؤولين الأميركيين في شريط نتنياهو جزءا من توجه بدأ فور نشر تقرير الرباعي الدولي، الذي انتقد إسرائيل، وكان يمكن أن يكون أشد حدة لولا إصرار الأميركيين على موازنته وتخفيف حدته. ويشعرون في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية الأميركية، بأن نتنياهو يضحك عليهم، في أفضل الأحوال، أو يبصق عليهم في أسوئها. فالحكومة الإسرائيلية تسرع البناء في المستوطنات، وتزيد من هدم بيوت الفلسطينيين، وتشرع البؤر غير القانونية وتتوج ذلك بأفلام فيروسية ساخرة. وهم - المسؤولون الأميركيون - لا يفهمون لماذا يخرج نتنياهو، الآن بالذات، في حملة إعلامية كهذه دفاعا عن المستوطنات. لماذا يقامر في موضوع يحظى بالإجماع الدولي ضد إسرائيل، والذي يمكن أن يتدحرج بهذا الشكل أو ذاك إلى مجلس الأمن، فور انتهاء الانتخابات الأميركية في بداية نوفمبر (تشرين الثاني). وقال أحدهم: «كان يجب على نتنياهو الامتناع عن ذلك قدر الإمكان، لكنه في سلوكه يستدعي قرارا في مجلس الأمن. ليس من المؤكد أن الرئيس سيدفع قرارا في مجلس الأمن في نهاية فترة ولايته، ولكن ليس من المؤكد أيضا أنه سيمتنع عن استغلال الفيتو ضد قرار يتعلق بالمستوطنات، مثلا. الأمر المؤكد أن شريط نتنياهو يشجع الرئيس الأميركي فقط على فعل ذلك».
وتساءل الخبير العسكري، باراك رلبيد، أمس: «جنون العظمة هو الذي يجعل نتنياهو يشعر، كما يبدو، بأن إسرائيل صغيرة عليه، ويقوم بتصوير الأفلام التي تحاول إعادة تثقيف المجتمع الدولي. لكن المشكلة في شريط نتنياهو تكمن أيضا في جوهر الادعاءات التي يطرحها. كل دبلوماسي أو زعيم في العالم يشاهد هذا الشريط لن يستطيع الهرب من الفهم بأن ما يسعى إليه نتنياهو هو الضم الزاحف للضفة الغربية ودولة ثنائية القومية، وليس دولتين. أضف إلى ذلك أن نتنياهو يحول النقاش، من خلال هذا الشريط، من نقاش سياسي إقليمي إلى جدال حول الحقوق. هذا لعب بالنار يمكن لنتائجه أن تكون خطيرة جدا على إسرائيل. فنتنياهو يسحب كل ادعاء إسرائيلي ضد حق العودة، والاعتراف بإسرائيل بوصفها دولة الشعب اليهودي. إذا كان اليهود يملكون حق الإقامة في كل مكان في الضفة الغربية، وإذا كانت الحكومة ترسل اليهود للسكن في الدولة القومية للشعب الثاني، فلماذا لا يملك الفلسطينيون حق العودة إلى حيفا أو الإقامة في دولة القومية اليهودية؟ فهم أيضا يدعون أنه في 1948 تم تنفيذ التطهير العرقي ضدهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.