عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات بين ميليشيات مسلحة

ليبيا تحتفظ بطائرة القذافي بعد تخلي مجموعة كويتية عن مصادرتها

قوات موالية لحكومة السراج تحاول التخلص من قنابل تركها أتباع داعش في ضواحي سرت (رويترز)
قوات موالية لحكومة السراج تحاول التخلص من قنابل تركها أتباع داعش في ضواحي سرت (رويترز)
TT

عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات بين ميليشيات مسلحة

قوات موالية لحكومة السراج تحاول التخلص من قنابل تركها أتباع داعش في ضواحي سرت (رويترز)
قوات موالية لحكومة السراج تحاول التخلص من قنابل تركها أتباع داعش في ضواحي سرت (رويترز)

تجاهلت حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس، الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بشكل مفاجئ مساء أول من أمس، واستمرت ساعات عدة بين ميلشيات مسلحة في المدينة، فيما أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحكومة، التي يترأسها فائز السراج، رفع حالة الاستعداد ووضع خطة شاملة لتأمين طرابلس اعتبارا من اليوم (الأحد)، وذلك بمناسبة حلول عيد الضحى المبارك.
وقال سكان محليون ومصادر أمنية في العاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدوء الحذر ساد شوارع المدينة منذ صباح أمس عقب الاشتباكات، التي اندلعت بين ميلشيات (كتيبة ثوار طرابلس) وميلشيات مسلحة أخرى، محسوبة على مدينة مصراتة قرب جزيرة دوران سيدي المصري وسط العاصمة».
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصادر، أن المدينة شهدت توترًا أمنيًا وانتشارًا واسعًا للميليشيات في عدد من أحياء وشوارع المدينة، وذلك بعد المواجهات التي دامت لبضع ساعات بمختلف أنواع الأسلحة، مشيرة إلى أن بعض العائلات غادرت حي دمشق عقب تصاعد الاشتباكات. وسيطر تحالف ما يسمى بـ«قوات فجر ليبيا» على طرابلس منذ نحو عامين بعد معارك طاحنة ضد ميلشيات تابعة لبلدة الزنتان الجبلية. لكن هذه الميلشيات لا تخضع لسيطرة حكومة السراج بشكل كامل.
من جهته، قال العميد محمد الغصري، الناطق الرسمي باسم عملية البنيان المرصوص، التي تشنها قوات موالية للسراج ضد «داعش» في مدينة سرت الساحلية إن «معركة الحسم ضد التنظيم المتطرف لم تتحدد، وإذا بدأت فلن تتوقف».
وأوضح الغصري في تصريحات لوكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج، أن المقاتلين «جاهزون لإطلاق معركة الحسم، ونحن نرصد تحركات الدواعش ومحاولاتهم اليائسة للفرار من المواقع التي يختبئون فيها، حيث تم القضاء على ثلاثة منهم حاولوا الفرار»، مضيفا، أن أتباع التنظيم المتطرف «محاصرون في أقل من كيلومتر في عمارات 600 ومنطقة الجيزة؛ ولذلك فإن القضاء على بقاياهم مسألة وقت، ولكنه ليس طويلا».
إلى ذلك، دعا جونثان وينر، المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، إلى حل الميليشيات المسلحة في البلاد وانضمام عناصرها للعمل في قوات أمنية وشرطية جديدة. ودافع وينر عن سياسية بلاده تجاه ليبيا بقوله إن «الولايات المتحدة لن تقرر مستقبل ليبيا ولا أي دولة أخرى ستقوم بذلك.. الولايات المتحدة لديها رغبة في أن ترى ليبيا ناجحة، وأنا لا أستطيع أن أسمي هذا تدخلاً.. نحن نريد فقط تقديم المساعدة بقدر ما نستطيع». وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه «لا يوجد بلد يستطيع الاعتماد على الميليشيات بديلا لقوة نظامية تقوم بضبط الأمن.. ليبيا في حاجة إلى أن تكون لها قوات مسلحة نظامية وشرطة مدربة على توفير الأمن». وحول الجدل الدائر حول الفريق خليفة حفتر، الذي يتولى قيادة الجيش الوطني الليبي، قال المبعوث الأميركي «نحن نعتقد بأن حفتر يجب أن يكون خاضعا للمجلس الرئاسي، شأنه شأن أي قوة في ليبيا». وفي المقابل، حث حفتر قوات الجيش على ضرورة سحق ما تبقى من الإرهابيين في بنغازي بأقصى سرعة. إلى ذلك، تخلت مجموعة «الخرافي» الكويتية التي كانت تريد مصادرة الطائرة الخاصة للعقيد الراحل معمر القذافي المتوقفة في جنوب فرنسا، عن متابعة خلافها مع السلطات الليبية، وأعلنت وفقا لمحاميها الفرنسي ريمي باروس أنها سحبتها.
وقال باروس «لقد فضلنا مواصلة عمليات مصادرة أرصدة ليبية أخرى يمكن إنجازها بسهولة أكبر»، مشيرا إلى «شكوك حول صفقة لبيع الطائرة وسعرها».
وعبرت محامية الدولة الليبية كارول سبورت عن ارتياحها في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية لأن «الطائرة 5 إيه وإن لم تعد خاضعة لإجراءات قضائية، ستبقى في ملكية الدولة الليبية». لكنها ستبقى على الأرجح في بيربينيان «من أجل عمليات إصلاح وصيانة وحمايتها بسبب الوضع غير المستقر في ليبيا»، كما قال محامو الدولة الليبية خلال الجلسة.
وطالبت مجموعة «الخرافي» الاستثمارية الكويتية بالحصول على الطائرة، انطلاقا من مطالبتها بتعويضات عن عدم التزام نظام القذافي بعقد أبرم معها في 2006، ويقضي ببناء مشروع سياحي على شاطئ المتوسط كان يفترض أن تستثمره الشركة على مدى تسعين عاما. وكانت الشركة الكويتية ترغب في بيع الطائرة في مزاد علني يبدأ بسعر 62 مليون يورو.
وعثر الثوار الليبيون على الطائرة الفخمة في شهر أغسطس (آب) عام 2011 في طرابلس ونقلت إلى فرنسا في 2012 بعد سقوط نظام القذافي في إطار عقد صيانة وقع مع شركة «إير فرانس» نفذته شركة تعمل من الباطن في بيربينيان.
وهناك قضية أخرى عالقة تكمن في أن شركة الطيران الفرنسية «اير فرانس» ما زالت تملك حق الحجز على الطائرة بهدف استعادة مبلغ 2.4 مليون يورو، هي كلفة الأشغال التي أجريت على الطائرة، كما قال مجلس إدارة الشركة ولم يتم دفعها بعد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».