فلسطين تطلع الأمم المتحدة على خطورة الوضع.. وتطالب بوقف الانتهاكات

تل أبيب تحمل أبو مازن مسؤولية فشل لقاء موسكو

مقر الأمم المتحدة في نيويورك
مقر الأمم المتحدة في نيويورك
TT

فلسطين تطلع الأمم المتحدة على خطورة الوضع.. وتطالب بوقف الانتهاكات

مقر الأمم المتحدة في نيويورك
مقر الأمم المتحدة في نيويورك

في الوقت الذي تتعثر فيه الجهود الروسية لعقد لقاء قمة في موسكو بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، توجه الدكتور رياض منصور، المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، أمس، برسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن (نيوزيلاندا) ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذر فيه من «الوضع الخطير في دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، نتيجة للسياسات والممارسات غير القانونية والاستفزازية التي تنتهجها إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال)، ضد الشعب الفلسطيني يوميا.
وقال منصور في رسالته إن الانتهاك الإسرائيلي الخطير للقانون الدولي وشرائع حقوق الإنسان، تزيد من تفاقم الوضع الإنساني على الأرض وتكثيف المشاق التي تواجه الشعب الفلسطيني، وتبدد أي أمل في تحقيق السلام القائم على حل الدولتين.
وكانت مصادر إسرائيلية قد بددت الآمال التي بعثتها مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، بواسطة لقاء قمة كان من المفترض أن يلتئم في موسكو أمس الجمعة. لكنه تأجل بدعوى «الأسباب التقنية».
وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن «اللقاء المذكور لا يبدو في الأفق القريب لأن هناك هوة عميقة بين الطرفين، ذلك أن الرئيس الفلسطيني، وعلى عكس ما يروجون له، لم يتنازل عن شروطه بأن يتم إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين، وأن يتم تجميد البناء في المستوطنات اليهودية في القدس والضفة الغربية. في حين يرفض نتنياهو هذه الشروط، ويشترط أن يتم اللقاء من دون أي شروط مسبقة».
وحذر السفير الفلسطيني منصور من الوضع الحرج للأسرى الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل بشكل غير قانوني، مشيرا إلى أن الآلاف من الفلسطينيين، من بينهم نساء وأطفال يعيشون ظروفا مزرية في السجون الإسرائيلية، ويتعرضون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مشيرا على وجه الخصوص إلى محنة ثلاثة أسرى مضربين عن الطعام في احتجاج سلمي غير عنيف على اعتقالهم دون تهمة، وهم مالك القاضي (20 عاما)، والأخوان محمد(25 عاما) ومحمود البلبول (21 عاما)، وقال إن هؤلاء الأسرى «يواجهون الموت بسبب الإهمال والمعاملة غير الإنسانية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. فمحمد البلبول يعاني حاليا من العمى المؤقت، وقد ساءت حالته الصحية بعد محاولة العاملين في المستشفى وسلطات الاحتلال الإسرائيلي إجباره على الطعام الذي يعتبر شكلا من أشكال التعذيب، وفي الوقت نفسه تدهورت صحة أخيه محمود الذي أصبح يواجه خطر الإصابة بالشلل، فيما يعاني مالك القاضي من آلام حادة في الصدر والبطن».
وطالب منصور المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لإجبار إسرائيل على وقف هذه الممارسات المدانة، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون ومراكز اعتقالهم، واحترام حقوقهم الإنسانية، وقال في هذا السياق: «ينبغي بذل جهود جادة من قبل المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على الانصياع للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وتحديدا المادة 76 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، التي تحدد بوضوح حقوق الأشخاص الذين يواجهون الاعتقال من جانب السلطة القائمة بالاحتلال.
وتطرق منصور إلى الإعدامات الإسرائيلية لفلسطينيين، ومثّل ذلك بقتل الشاب مصطفى نمر (27 عاما)، وإصابة ابن عمه علي نمر بجروح خطيرة في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية المحتلة، بعد أن أطلقت قوات الاحتلال أكثر من 60 رصاصة على سيارتهما. وأردف قائلا: «هذه الجريمة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومن هنا نطالب المجتمع الدولي بتحقيق العدالة لشعبنا وبمحاسبة مرتكبي هذه الجريمة، وغيرها من جرائم الحرب. إن ثقافة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل لما يقرب من 50 عاما على حساب حياة الفلسطينيين الأبرياء، نتيجة تقاعس المجتمع الدولي، يجب وضع حد لها بشكل فوري».
وطالب منصور المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تصعيد هذا الوضع الخطير في دولة فلسطين المحتلة، بما في ذلك على وجه الخصوص القدس الشرقية المحتلة، ووضع حد لانتهاكات السلطة القائمة بالاحتلال للقانون الدولي، التي تسبب مشاق ومعاناة جسيمة للشعب الفلسطيني، كما تهدد بشكل خطير آفاق تحقيق تسوية عادلة وسلمية على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفقا لحل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967».
واختتم السفير منصور رسائله بالقول إنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يواصل إعفاء إسرائيل من مسؤوليتها عن هذه الانتهاكات ومن التزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.