تحاول الحكومة الموريتانية أن تغير من صورتها النمطية في العالم، التي تربط بين البلد وممارسة العبودية، وهو ما تنفيه الحكومة، مؤكدة أن ما يوجد في موريتانيا ليس عبودية وإنما آثارها، وقد وضعت خططًا محكمة لمحو هذه الآثار من خلال محاربة الفقر والجهل في مناطق الريف النائية. ومن أجل تحسين مكانتها في العالم استضافت بعثة برلمانية فرنسية لتقصي الحقائق، وكانت تطمح أن تحصل من خلالها على تزكية حول سجلها في هذه القضية وقضايا أخرى تخص انتهاكات حقوق الإنسان.
ويرى مراقبون أن الهدف من زيارة البعثة البرلمانية الفرنسية موريتانيا، هو تغيير الصورة النمطية لموريتانيا داخل أروقة البرلمان الفرنسي.
كانت موريتانيا قد استنسخت القوانين والنظم التشريعية من فرنسا، وذلك بعد الاستقلال عنها عام 1960، وبالتالي فإن البلدين يتشابهان في كثير من المعطيات التشريعية، مع بعض الاختلافات الطفيفة. ولكن موريتانيا واجهت في السنوات الأخيرة كثيرًا من الانتقادات بسبب ملفات حقوق الإنسان، خصوصًا فيما يتعلق بالعبودية والتعامل مع مناهضيها الذين يوجد في السجن 13 منهم، بتهم تتعلق بإثارة الشغب والاعتداء على الشرطة أثناء احتجاجات غير مشروعة.
وقد تسببت ملفات حقوق الإنسان في توتر العلاقات بين موريتانيا وفرنسا خلال السنوات الماضية، خصوصًا أن السلطات الموريتانية لا ترتاح للنشاط المكثف الذي يقوم به عدد من المعارضين فوق الأراضي الفرنسية، وظهور عدد منهم داخل البرلمان الفرنسي ليتحدث عن ممارسة العبودية في موريتانيا وتواطؤ السلطات مع ممارسي العبودية.
وكانت قد أدانت الولايات المتحدة موقف السلطات الموريتانية تجاه المعارضين لممارسات العبودية وادعاء بالتعذيب، بعد أن مررت محكمة في العاصمة نواكشوط أحكامًا بالسجن ضدهم تتراوح بين 3 و15 عامًا.
تزور موريتانيا حاليًا بعثة من البرلمان الفرنسي، يقودها رئيس لجنة الاطلاع حول التعاون المغاربي - الأوروبي، النائب البرلماني الفرنسي غي تيسي، وذلك بدعوة من الحكومة الموريتانية الساعية نحو اطلاع الرأي العام الغربي على ما حققته موريتانيا في مجال حقوق الإنسان ومحاربة العبودية، بالإضافة إلى التعريف بفرص الاستثمار في البلاد.
البعثة التقت بكثير من المسؤولين الموريتانيين، كان آخرهم الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم أمس (الجمعة)، الذي استقبل أعضاءها في القصر الرئاسي بنواكشوط، حيث أجرى معهم مباحثات طغى عليها الملف الأمني في منطقة الساحل الأفريقي، وتداعيات الحرب الدائرة في ليبيا ضد تنظيم داعش والجماعات الإرهابية.
وقال رئيس البعثة البرلمانية الفرنسية غي تيسي، في تصريح صحافي عقب اللقاء: «ناقشنا مواضيع مهمة جدًا بالنسبة لنا وبالنسبة لموريتانيا على وجه الخصوص، ويتعلق الموضوع الأول بالأمن وعدم الاستقرار في ليبيا، وما قد ينجر عنه من مخاطر لزعزعة أمن المنطقة برمتها». وأضاف تيسي أنه وزملاؤه بحثوا مع الرئيس الموريتاني «التعاون الثنائي بين موريتانيا وفرنسا»، مشيرًا إلى أن ولد عبد العزيز «أشاد بالعلاقات الممتازة بين البلدين»، وفي الوقت ذاته، قال البرلماني الفرنسي إنه «استعرض خلال المباحثات التعاون بين موريتانيا وأوروبا، باعتباره من محاور خارطة طريقنا»، وفق تعبيره.
وخلص رئيس البعثة البرلمانية الفرنسية إلى القول إن «هناك تقدمًا ملحوظًا تم إحرازه في ضوء احتياجات موريتانيا، والإمكانيات التي بوسع أوروبا تقديمها»، قبل أن يؤكد: «سنعمل على المضي قدمًا لتطوير التعاون بين الجانبين، لأن موريتانيا وجوارها الإقليمي بحاجة إلى مساعدة جوهرية، ليس لضمان أمنها فحسب، وإنما لتعزيز جهود التنمية الحالية فيها»، على حد تعبيره.
والتقت البعثة الفرنسية التي تضم عددًا من البرلمانيين بالإضافة إلى وزراء سابقين، بكثير من المسؤولين الموريتانيين، من وزير الخارجية إلى الوزير الأول، مرورًا برئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وقد مكنتها هذه اللقاءات من الاطلاع على التجربة الموريتانية في مجال حقوق الإنسان ومحاربة العبودية.
وخلال اللقاء الذي جمع البرلمانيين الفرنسيين برئيس الجمعية الوطنية الموريتانية محمد ولد ابيليل، استعرض الأخير ما قال إنه «إنجازات تحققت خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا في مجالات البنية التحتية والأمن وتعزيز دولة القانون والتحسين من الظروف المعيشية للسكان ومكافحة الفقر في المناطق التي توجد بها الفئات الاجتماعية الهشة». وقد عبر البرلمانيون الفرنسيون ونظراؤهم الموريتانيون عن تطلعهم نحو تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، وقال رئيس الفريق البرلماني للصداقة الموريتانية - الفرنسية النائب سيد أحمد ولد أحمد، إن زيارة البعثة الفرنسية «تشكل إضافة نوعية في مجال تطوير العلاقات وتبادل التجارب بين الغرفتين البرلمانيتين؛ الموريتانية والفرنسية». واستعرض في السياق ذاته «ما حققته موريتانيا في مجالات تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وإشاعة ثقافتها من خلال اعتماد جملة من القوانين والتشريعات المتعلقة بهذه المجالات».
من جانبها، ثمنت رئيسة فريق الصداقة الفرنسي - الموريتاني في الجمعية الوطنية الفرنسية سيسيل إنترمايير، خلال الزيارة ما قالت إنها «الإجراءات التي اعتمدتها موريتانيا في مجال تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان»، وأكدت أن الزيارة «ستتيح الفرصة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات في المجال البرلماني بين البلدين».
موريتانيا تطمح إلى تغيير صورتها النمطية في العالم
تستضيف بعثة فرنسية تتقصى اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان وممارسة العبودية
موريتانيا تطمح إلى تغيير صورتها النمطية في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة