الهند تفتح أبوابها للتمويل الإسلامي

الخطوة الأولى اتخذت خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي للمملكة العربية السعودية

الهند تفتح أبوابها للتمويل الإسلامي
TT

الهند تفتح أبوابها للتمويل الإسلامي

الهند تفتح أبوابها للتمويل الإسلامي

الهند على طريقها لتصبح ثاني دولة غير مسلمة تفتح أبوابها لتدفق التمويلات الإسلامية. جاءت الإشارات الإيجابية على ذلك الأمر من واقع تقرير صدر أخيرا عن أحد أكبر البنوك الهندية، بنك الاحتياطي الهندي، حيث أفاد التقرير بأن البنك الكبير يعتزم العمل مع الحكومة الهندية لاستحداث نظام للخدمات المصرفية الخالية من الفوائد، في جزء من الجهود الرامية لتحسين التفاعل مع أكبر الأقليات الهندية في البلاد، المسلمين. وأعلن البنك المركزي الهندي عن ذلك المقترح في الوقت الذي يغادر فيه المحافظ الحالي، راغورام راجان، منصبه مسلما مقاليد الأمور إلى خليفته، أورجيت باتيل. ومن الجدير بالذكر أن الهند تضم أقلية من المسلمين يبلغ تعدادها 180 مليون نسمة.
وكانت الخطوة الأولى في هذا المسار قد اتُخذت عندما قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة المملكة العربية السعودية خلال العام الحالي، وعقد محادثات رفيعة المستوى مع الجانب السعودي بشأن الأعمال التجارية والاستثمارات من خلال التمويلات الإسلامية في الهند على خلفية صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يتحكم في تريليوني دولار، إلى جانب صناديق الاستثمار الضخمة الأخرى في دول الخليج العربي الأخرى مثل قطر، والبحرين، والكويت، والإمارات العربية المتحدة.
وأعقب تلك المحادثات إبرام صفقة بين بنك «إكسيم» الهندي المملوك للدولة وبين بنك التنمية الإسلامية «إسلاميك كورب»، والذي يتخذ من مدينة جدة مقرا له، بهدف افتتاح أولى العمليات المصرفية الإسلامية في الهند في ولاية غوجارات، وهي مسقط رأس رئيس الوزراء الهندي، والتي تضم ستة ملايين مواطن من المسلمين، وذلك من خلال ذراع القطاع الخاص المعروفة باسم «المؤسسة الإسلامية للتنمية».
ومن شأن بنك التنمية الإسلامية، الذي يبحث آفاق النمو والفرص الجذابة في الهند، أن يفتتح فرعه الجديد في مدينة أحمد أباد الهندية، وهو الفرع الذي سوف يتأسس برأس مال يبلغ 100 مليون دولار تحت تصرفه، من أجل دعم شركات ريادة الأعمال والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، لتسهيل تصدير السلع والخدمات من الهند إلى الدول الأعضاء في بنك التنمية الإسلامية والبالغ عددها 56 دولة، وأغلبها من دول الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وجنوب شرقي آسيا، وآسيا الوسطى.
وصرح بنك التنمية الإسلامية بأن الخدمات المصرفية المقدمة من خلاله سوف تكون متاحة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء، وأن البنك يعتزم افتتاح مزيد من الفروع في البلاد في المستقبل القريب، ومن المرجح أن يكون ذلك في منطقة جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، إلى جانب الولايات الهندية ذات التعداد السكاني الكبير من المسلمين، مثل ولايات آسام، وغرب البنغال، وكيرالا، وأوتار براديش.
ويمكن القول إن بنك التنمية الإسلامية يعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية في معاملاته المصرفية، ويهدف إلى العمل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء والدول ذات الأقليات المسلمة. يقول ظفار ساريشوالا، مدير عمليات بنك التنمية الإسلامية في ولاية غوجارات الهندية: «من شأن دخول بنك التنمية الإسلامية إلى الولاية وإلى الهند، أن يعزز من التمويلات الخاصة على المدى الطويل من الدول الأعضاء في البنك وعلى نطاق كبير».
يتعين، حتى يتسنى للمصارف الإسلامية العمل في الهند، سن تشريعات موازية أو إدخال تعديلات على التشريعات القائمة من قبل البرلمان الهندي، حيث إن المصارف الهندية ممنوعة في الوقت الراهن من الدخول في أي عقود لتقاسم الأرباح أو عقود شراكة من أي نوع، إلى جانب الحظر القائم على الهياكل التمويلية الإسلامية مثل المرابحة، أو الشراء، أو البيع، أو مقايضة البضائع.
وشكل بنك الاحتياطي الهندي في عام 2005 مجموعة عمل رسمية لمراجعة «الأدوات المالية المستخدمة في الأعمال المصرفية الإسلامية»، وخلصت المجموعة إلى أنه إذا كان من المقرر السماح للمصارف الهندية بتنفيذ الأعمال المصرفية الإسلامية، فلا بد حينئذ من إدخال التعديلات التشريعية المناسبة على قانون تنظيم الأعمال المصرفية الهندية. ومن المفارقات، أن مجموعة العمل المذكورة لم تضم بين خبرائها أي خبير للتمويلات الإسلامية، كما أنها لم تخضع للمعايير المستخدمة من قبل الوكالات الدولية، مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، أو مجلس الخدمات المالية الإسلامية، كما أن مداولات الصيرفة الإسلامية قد فشلت في متابعة أعمالها من قبل في الهند.
وعلى الرغم من ذلك، وفي عام 2015، وإثر مبادرة من رئيس الوزراء ناريندرا مودي لوضع خطة عمل قابلة للقياس والمراجعة بقصد الإدماج المالي، فإن بنك الاحتياطي الهندي أوصى بعد دراسة مستفيضة ضمت خبراء في المجال، بأنه «يمكن للبنوك التجارية العاملة في الهند افتتاح نوافذ خاصة خالية من الفوائد مع بعض المنتجات المصرفية البسيطة».
وأعلنت لجنة بنك الاحتياطي الهندي «أن هناك بعض العقائد تحظر استخدام بعض الأدوات المالية التي تتعامل بالفوائد المصرفية»، وأدى عدم توافر المنتجات المصرفية الخالية من الفوائد ببعض المواطنين الهنود، بما في ذلك الطبقات المحرومة اقتصاديا من المجتمع، إلى عجزهم عن الوصول إلى المنتجات والخدمات المصرفية لأسباب تتعلق بالعقيدة، ويحرم ذلك الأمر البلاد من الوصول إلى المصادر الكبيرة للمدخرات من دول أخرى في المنطقة.
إضافة إلى ذلك، ينظر البنك المركزي الهندي في احتمالات استحداث بعض المنتجات المصرفية المشابهة للمنتجات المصرفية التقليدية، مثل التأجير التمويلي والمرابحة (وفيها يقوم الوسيط بشراء الممتلكات بصك ملكية حر وصريح)، وتم طرح صندوق تنمية البنية التحتية ورأس المال الاستثماري تحت رعاية إدارات التمويل الإسلامي في البنوك التقليدية، ولم يحدد بنك الاحتياطي الهندي جدولا زمنيا معينا لإطلاق المنتجات المصرفية، حيث إنه في انتظار صدور الإخطار الحكومي اللازم بهذا الصدد.
وللمرة الأولى، تصدر عن البنك المركزي الهندي وثيقة بهذه الأهمية في مجال الصيرفة الإسلامية. وقال عبد الرقيب، الأمين العام للمركز الهندي للشؤون المالية الإسلامية: «آمل أن تعمل الحكومة على دخول التشريعات الجديدة حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن».
ويدعم المركز الهندي للشؤون المالية الإسلامية في نيودلهي، مجموعة من أبرز رجال الأعمال الهنود والأكاديميين المسلمين، وهم على هذا النحو يعتبرون مجموعة ضغط سياسية قوية داخل البلاد، وهم بمعرض تأسيس مركز للأبحاث ومركز للمنح الدراسية الجامعية للخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ورفض عبد الرقيب فكرة أن الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية سوف تساعد في الترويج للإسلام ومساعدة المسلمين فحسب.
في الوقت الراهن، حقق التمويل الإسلامي مجموعة من النجاحات في الداخل الهندي، من خلال الشركات المالية غير المصرفية والتعاونيات، وكانت ولاية كيرالا هي الولاية الهندية الوحيدة التي خبرت تجارب التمويل الإسلامي في عام 2000. ومع ذلك، فشلت بعض المحاولات الأولية بعد توقف شركة الاستثمارات البديلة والائتمانات المحدودة عن العمل، واستمرت تلك الشركة في العمل حتى عام 2012، ثم ألغى البنك المركزي الهندي شهادة التسجيل الممنوحة لها، وهناك قضية معلقة حاليا أمام المحكمة العليا في مومباي، بشأن إلغاء شهادة تسجيل الشركة المذكورة من قبل البنك المركزي الهندي.
وفي عام 2013، وفي محاولة أخرى حيال الخدمات المصرفية الخالية من الفوائد، تأسست شركة «شيرامان» للخدمات المصرفية في ولاية كيرالا تلك التي وافق البنك المركزي الهندي عليها لتوفير التمويل من دون فوائد، أو التمويل الأخلاقي لمشروعات البنية التحتية، والخدمات، والصناعات التحويلية في الولاية.
لقد بدأت الهند طريقها نحو تأسيس منظومة حقيقية للصيرفة والتمويل الإسلامي، ولكن خطوات كثيرة لا بد أن تتخذ حتى تستطيع الهند، إحدى أعضاء مجموعة «بريكس»، وإحدى قوى النمو في العالم، أن تجتذب كثيرا من الاستثمارات، وتستفيد من المزايا الكثيرة التي تقدمها نُظم التمويل الإسلامي.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.