الاتفاق النفطي السعودي ـ الروسي يعيد الأمل لموسكو في «أزمة عجز ميزانيتها»

الاقتصاد الأوكراني يخسر 15 مليار دولار نتيجة الأزمة مع بوتين

الاتفاق النفطي السعودي ـ الروسي يعيد الأمل لموسكو في «أزمة عجز ميزانيتها»
TT

الاتفاق النفطي السعودي ـ الروسي يعيد الأمل لموسكو في «أزمة عجز ميزانيتها»

الاتفاق النفطي السعودي ـ الروسي يعيد الأمل لموسكو في «أزمة عجز ميزانيتها»

تواصل الحكومة الروسية الإنفاق من صندوق الاحتياطي وسط تحذيرات من احتمال نفاده خلال العام الجاري ولجوء الحكومة العام القادم للإنفاق بصورة رئيسية من صندوق آخر هو صندوق الرفاه الوطني لتغطية العجز في الميزانية، هذا في الوقت الذي سجل فيه احتياطي النقد الأجنبي في روسيا (الاحتياطي الرسمي الدولي) زيادة ملموسة وفق ما أكد البنك المركزي، مقابل تفاؤل بتغيير جذري بعد توقيع البيان النفطي السعودي - الروسي.
من جانب آخر معروف أن العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب النزاع في أوكرانيا، هي أحد أسباب استعصاء أزمة الاقتصاد الروسي، إلا أن تداعيات ما يجري في أوكرانيا لم تضرب بالاقتصاد الروسي وحده، بل تسببت بضربة شديدة الألم للاقتصاد الأوكراني الذي خسر الكثير جدا بعد القطيعة مع روسيا، وفق ما يؤكد الرئيس الأوكراني فيكتور بوروشينكو.
وكان البنك المركزي الروسي قد أكد يوم أول من أمس أن احتياطي النقد الدولي في روسيا الاتحادية سجل في شهر أغسطس (آب) ارتفاعا ملموسا بقدر 1.28 مليار دولار، وبذلك يصل إجمالي احتياطي النقد الأجنبي المتوفر لدى المصرف المركزي الروسي نحو 395.19 مليار دولار. إلا أن وضع صندوق الاحتياطي الروسي كان على العكس تماما، حيث تراجعت مدخراته بشكل ملموس خلال شهر أغسطس، وفق ما ذكرت وزارة المالية الروسية في تقرير حول إنفاقها، وأشارت فيه إلى اضطرارها استئناف الإنفاق من صندوق الاحتياطي، حيث وجهت 390 مليار روبل من مدخرات ذلك الصندوق لتغطية عجز الميزانية في أغسطس، ويعادل ذلك المبلغ 18 في المائة من مدخرات الصندوق بالروبل الروسي، الذي لم يبق فيه حاليا سوى 2.1 تريليون روبل، وهو ما يعادل 32.2 مليار دولار.
وتوضح وزارة المالية الروسية أنها قامت خلال شهر أغسطس ببيع 2.92 مليار دولار، و2.46 مليار يورو، و0.31 مليار جنيه إسترليني، وحصلت من تلك العملية على 390 مليار روبل روسي، تم تحويلها إلى الحساب الموحد للميزانية الفيدرالية. وكانت الحكومة قد أنفقت مبلغ 390 مليار روبل خلال شهري أبريل (نيسان) ومثله خلال شهر مايو (أيار)، ومن ثم توقفت خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) عن الإنفاق من صندوق الاحتياطي، لتعود وتنفق ذات المبلغ في شهر أغسطس. وبهذا يصل إجمالي ما أنفقته الحكومة الروسية هذا العام من صندوق الاحتياطي إلى 1.17 تريليون روبل، علما بأنها كانت قد خططت لإنفاق 2.1 تريليون روبل هذا العام من مدخرات صندوق الاحتياطي، إلا أنها قد تضطر لتجاوز هذا السقف وربما تستهلك كل مدخرات الصندوق.
وتشير التوقعات إلى احتمال أن يزيد الإنفاق حتى نهاية العام ليصل حتى 2.3 تريليون روبل، ما يعني الاقتراب من الخط الأحمر واحتمالات أن يبقى في الصندوق ما بين 300 إلى 400 مليار دولار فقط، هذا بحال تم تأجيل عملية خصخصة شركة «روس نفط» حتى العام القادم، حيث تأمل الحكومة بالحصول من عملية الخصخصة تلك على مبالغ تساهم في تغطية جزء من عجز الميزانية لتفادي استهلاك مدخرات صندوقي الاحتياطي والرفاه الوطني. ومقابل التحذيرات من السيناريو الأسوأ واستهلاك المدخرات عاد التفاؤل مجددا ليهيمن على توقعات المحللين في السوق لا سيما بعد توقيع المملكة العربية السعودية وروسيا بيانًا حول التعاون لصياغة تدابير ترمي إلى استعادة استقرار سوق النفط العالمية، ومن تلك التدابير تجميد حصص الإنتاج، وتقليص الإنتاج إن تطلب الأمر. وقد انعكست الأنباء حول ذلك البيان إيجابيا على أسعار النفط، وبحال استمرت الأمور على هذا النحو فإن روسيا قد تتمكن من تجاوز أزمة عجز الميزانية بأقل خسائر.
في هذه الأثناء وليس ببعيد عن موسكو التي كان موقفها من النزاع في أوكرانيا أحد أسباب اشتداد أزمتها الاقتصادية، فإن وضع الاقتصاد الأوكراني يبدو اليوم بأسوأ حال نظرا لجملة أسباب ولعل أهمها القطيعة مع روسيا التي كانت حتى الأمس القريب واحدا من أهم الشركاء التجاريين –الاقتصاديين لأوكرانيا. وكان الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو قد كشف نهاية الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) أن خسائر الاقتصاد الأوكراني نتيجة القطيعة مع روسيا تقدر بمبلغ 15 مليار دولار أميركي، موضحًا أن الأسواق الروسية كانت قبل الأزمة تستهلك ثلث الصادرات الأوكرانية، بينما تراجعت الصادرات الأوكرانية حاليا إلى روسيا وهي اليوم لا تتعدى 9 في المائة، وما زال تراجعها مستمرًا، حسب قول بوروشينكو الذي يرى أن أسواق الاتحاد الأوروبي تشكل بديلا عن السوق الروسية. إلا أن معطيات المكتب الصحافي في وزارة الاقتصاد والتنمية الأوكرانية تشير إلى أن أسواق الاتحاد الأوروبي لن تتمكن من التعويض عن القطيعة التجارية – الاقتصادية مع روسيا.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.