أنقرة والرياض نحو شراكة استراتيجية شاملة.. وتطابق حول سوريا واليمن والإرهاب

الجبير وجاويش أوغلو أعلنا عن 8 لجان لدفع التعاون.. ومجلس تنسيقي رفيع المستوى

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة والرياض نحو شراكة استراتيجية شاملة.. وتطابق حول سوريا واليمن والإرهاب

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تطابقت الآراء بين السعودية وتركيا بشأن مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، بالتأكيد على استبعاده، وفي حين أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، أن الرياض وأنقرة أول من دعم المعارضة السورية المعتدلة، أشار أيضا إلى أن المملكة كانت أول من بادر بضرب «داعش» في إطار التحالف الدولي، كما أكد دعم المملكة للعملية العسكرية التركية «درع الفرات» في شمال سوريا لمواجهة الجماعات الإرهابية.
وأعلن الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، عقب مباحثاتهما في أنقرة أمس، أن «المعارضة السورية المعتدلة وضعت خريطة طريق لتكون أساسا للمرحلة الانتقالية في سوريا». ووصف الجبير خطة المعارضة السورية بأنها «خطة جادة وشاملة فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية للوصول لمستقبل جديد في سوريا، ونالت تقدير كل الدول التي شاركت في اجتماع مستقبل سوريا في لندن مساء أمس (أول من أمس) وأثبتت للعالم أجمع أن المعارضة السورية مستعدة للانخراط في العملية السلمية بشكل جاد، لتطبيق إرادة المجتمع الدولي التي يرفضها النظام».
وشدد الجبير على أنه «لا بديل عن الحل السياسي في سوريا» لافتا إلى أن الحلول العسكرية ستكون البديل بعد استنفاد كل الجهود السياسية.
وأكد أن هناك ضرورة لتطبيق وقف إطلاق نار جاد في سوريا، وفتح جميع المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية. وأعاد الجبير التأكيد على موقف المملكة بشأن التمسك بسوريا موحدة، لا مكان للأسد فيها، لافتًا إلى أن «وجهتي النظر السعودية والتركية متطابقتان منذ اليوم الأول للأزمة».
كما أكد الجبير التطابق الكامل بين المملكة وتركيا بشأن جميع ملفات سوريا واليمن والعراق ومكافحة الإرهاب، قائلا: «نتطلع إلى العمل دوما في المسائل المشتركة والثنائية بين البلدين».
وتابع الجبير، أن المملكة وتركيا تربطهما علاقات سياسية استراتيجية، مشددا على أن المملكة تقف مع أشقائها في تركيا وتدعم الشرعية في تركيا، في إشارة إلى محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي. وأضاف أن المملكة تساند كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية للدفاع عن نفسها وتجاوز هذه المرحلة. وبدوره قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن بلاده والمملكة بينهما توافق تام فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا واليمن، وأنهما سيواصلان العمل معا للتوصل إلى حل للأزمتين.
وأكد أن الأسد لا يمكن أن يشارك في أي مرحلة انتقالية مقبلة في سوريا، قائلاً: «لقد رفض (الأسد) كل المبادرات، واستخدم الأسلحة الكيماوية، وقتل أكثر من 600 ألف مواطن من شعبه، ومن ثم لا يمكن الحديث عن أي دور له في المستقبل». وأضاف أن عملية «درع الفرات» التي أطلقتها بلاده على حدودها مع سوريا «مستمرة حتى تطهير الحدود من الإرهابيين». مضيفا: «تركيا ستعمل مع المملكة وبقية حلفائها على إعادة السوريين إلى المناطق التي خرجوا منها في بلادهم».
وبشأن التعاون العسكري بين المملكة وتركيا، قال جاويش أوغلو، إن «هناك تعاونا قائما بالفعل بين البلدين حاليا، ونحن ندعم السعودية عسكريا واستخباراتيا في حربها ضد تنظيم داعش، وأنا شخصيا حضرت عدة اجتماعات في هذا الشأن». وتابع أن الرئيس رجب طيب إردوغان أكد للعاهل السعودي استعداده لتقديم الدعم الكامل عقب بدء العلميات العسكرية للتحالف العربي في اليمن. وهناك عسكريون وطائرات عسكرية سعودية تستخدم قاعدة تركية في حربها ضد تنظيم داعش.
وتشارك قوات سعودية في عمليات التحالف الدولي لضرب «داعش» وتنطلق الطائرات السعودية من قاعدة إنجيرليك في أضنة جنوب تركيا. وقال جاويش أوغلو: «نحن مستعدون دائمًا لتطوير وتعزيز هذا التعاون العسكري مع السعودية لمواجهة التنظيمات الإرهابية». وأعلن وزير الخارجية التركي عن تشكيل مجلس تنسيقي رفيع المستوى من أجل تحقيق شراكة استراتيجية في المجالات كافة بين تركيا والمملكة.
وقال جاويش أوغلو، إن البلدين شكلا حتى الآن 8 لجان لتعزيز التعاون، مشيرا إلى أن أول اجتماعات المجلس الجديد ستعقد في تركيا خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وشدد على تطابق رؤية تركيا والسعودية في العمل من أجل استقرار الأوضاع في المنطقة.
ومن جانبه قال الجبير، إن السعودية تتطلع إلى عقد أول اجتماع للمجلس التنسيقي المشترك رفيع المستوى بين البلدين. وأعرب جاويش أوغلو عن شكر تركيا للقيادة السعودية على موقفها المساند الذي أبدته عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وعبر الوزير التركي عن امتنان بلاده لما تقوم به المملكة العربية السعودية لخدمة حجاج بيت الله الحرام وإدارة الحج وتأمين الحجاج، قائلا إن الحجاج الأتراك، وعددهم 52 ألفا في العام الجاري، يشعرون أنهم في بلدهم الثاني، نظرا لحسن الضيافة السعودية.
في شأن آخر، قال جاويش أوغلو إن بلاده ستسمح لنواب ألمان بزيارة قاعدة إنجيرليك الجوية في جنوب تركيا، بعد أن أوفت ألمانيا بالشروط اللازمة للزيارة. وكانت تركيا قد منعت البرلمانيين الألمان من زيارة القاعدة ردا على قرار أصدره البرلمان الألماني وصف فيه أحداث شرق الأناضول في عام 1915 بأنها كانت مذابح إبادة جماعية، وأرادت أنقرة أن ينأى النواب بأنفسهم عن القرار قبل الزيارة.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد بدأ مباحثاته في أنقرة أمس، بلقاء مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وسيلتقي أيضا كلا من رئيس الوزراء بن علي يلدريم والرئيس رجب طيب إردوغان قبيل اختتام زيارته لتركيا اليوم الجمعة، والتي تستهدف تأكيد الدعم السعودي لتركيا في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري الفاشل، وتعزيز التنسيق بين البلدين بشأن قضايا المنطقة. وتناولت مباحثات الجبير وجاويش أوغلو أمس إلى جانب العلاقات الثنائية التطورات في كل من سوريا واليمن والعراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.