مع كامل الاحترام لسام ألارديس والحقبة الجديدة التي يبدأها المنتخب الإنجليزي، فإن غالبية عاشقي كرة القدم سيشعرون بالارتياح مع تزحزح الموسم الدولي جانبًا ويستعيد الدوري الإنجليزي الممتاز فعالياته، السبت، بديربي مانشستر الذي يترقبه الجميع.
بطبيعة الحال، يترقب عاشقو كرة القدم جميع لقاءات الديربي، لكن تبقى مانشستر على قدر خاص من الأهمية، لأنها تعكس حقيقة الأوضاع على صعيد كرة القدم الإنجليزية بوجه عام، في اللحظة التي تقام خلالها المباراة. وبالنظر إلى الاسم الرفيع والمكانة البارزة التي يتمتع بها مدربا الفريقين، والأموال الهائلة التي أنفقت خلال موسم الانتقالات والبداية الرائعة التي قدمها كل من مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي للموسم الجديد من الدوري الممتاز، من الواضح أن الأمور تطورت بضع خطوات نحو الأمام منذ اللقاء المشهود قبل 5 سنوات بين الفريقين على أرض أولد ترافورد، وانتهى بنتيجة أكدت محطة تلفزيون «بي بي سي» أنها ستثير موجات من الصدمة عبر مختلف أرجاء الدوري الممتاز.
كان ذلك عندما فاز مانشستر سيتي بـ6 أهداف مقابل هدف واحد على حامل اللقب مانشستر يونايتد، بقيادة السير أليكس فيرغسون. وكانت تلك أسوأ هزيمة يمنى بها الأخير على مدار ما يزيد على نصف قرن، ولا تزال صورة فيرغسون حية بالأذهان وهو يوبخ لاعبيه لاستمرارهم في السعي وراء إحراز أهداف، الأمر الذي عرض شباكهم لمزيد من الخسائر، بدلاً من تركيز الاهتمام على تقليص الخسائر بمجرد تعرض جون إيفانز للطرد واتضاح أن خصمهم أصبح بعيد المنال.
المؤكد أن هذه ليست الصورة التي أراد فيرغسون أو فريقه أن يتذكرهم الناس بها، ويقتضي الإنصاف هنا الاعتراف بأنهم حقًا لا يستحقون ذلك، لكن تبقى مثل هذه النتائج ممكنة الحدوث في لقاءات الديربي. أما ما قد لا يتذكره الكثيرون بالدرجة ذاتها، فهو اللاعب الذي سجل أول هدفين خلال اللقاء، وكان يدعى ماريو بالوتيلي، وكانت آخر مرة شوهد فيها قبل أن يرحل إلى ليفربول ومنه إلى تيس الفرنسي على نحو مخزٍ ومن دون مقابل، ولم ترافقه سوى تغريدة ساخرة من جيمي كاراغر تشير إلى أن النادي الفرنسي دفع أكثر مما ينبغي. ومع أن تجربة اللاعب الإيطالي في إنجلترا لم تكن إخفاقًا مدويًا مثلما توحي الفترة التعيسة التي قضاها مع ليفربول، فإن إسهامه الآن يبدو ضئيلاً لدى مقارنته بالجهود المستمرة من جانب سيرغيو أغويرو وديفيد سيلفا.
وقد كان اللاعبان أيضًا في صفوف المتميزين عام 2001، والمؤكد أن الاثنين كانا يأملان في المشاركة في أول ديربي بمانشستر تحت قيادة جوزيب غوارديولا، لولا الإيقاف الذي تعرض له أغويرو، مما يجعل مشاركته أمرًا مستحيلاً. ومع هذا، من المتوقع أن يثبت كيليتشي أيهيناتشو أنه بديل كفء، إلا إذا اختار غوارديولا الدفع بنوليتو إلى الأمام لمسافة أكبر مع إدخال تغييرات على وسط الملعب، وإن كان غياب أغويرو سيحدث بالتأكيد تغييرًا في أسلوب اللعب. في المقابل، ورغم أن زلاتان إبراهيموفيتش وواين روني كليهما، في الثلاثينات من العمر، فإنهما لا يزالان يعملان على تطوير الشراكة الهجومية بينهما.
ومع وجود المبهرين دوما سيلفا وكيفين دي بروين وراء رأس الحربة في مانشستر سيتي مباشرة، واستعادة رحيم ستيرلينغ سابق نشاطه وحيويته على نحو يضفي على الفريق سرعة جيدة وقدرة على الاختراق من الجانبين، فإن مانشستر سيتي لا بد أنه شعر، قبل حادثة أغويرو أمام وستهام، أن باستطاعته الرد على سرعة وإبداع خط هجوم مانشستر يونايتد. من ناحيته، يبلي إبراهيموفيتش بلاءً حسنًا في الأمام، ومن المحتمل أن يحرز كثيرًا من الأهداف، رغم أنه في ظل إصابة هنريخ مخيتاريان يبقى المصدر الوحيد الحقيقي للسرعة في الخط الهجومي لمانشستر يونايتد مع أنتوني مارسيال، إلا إذا نجح جوزيه مورينهو بصورة ما في إفساح مجال لماركوس راشفورد.
من جانبه، يتمتع مانشستر سيتي بالسرعة على الجانبين، وقدر كبير من الخيال والابتكار في وسط الملعب، لكنه سيفتقد أغويرو، أحد أفضل لاعبي الدوري الممتاز من حيث اللمسة الأخيرة الفتاكة. في المقابل، نجد أنه قد يتمتع مانشستر يونايتد بخط دفاع أفضل، حيث سرعان ما تأقلم إريك بايلي في الوقت الذي يقدم ديلي بليند أداء جيدًا بما يكفي للإبقاء على كريس سمولينغ خارج التشكيل الأساسي.
من ناحية أخرى، فإن واحدة من النقاط المثيرة لقلق مورينهو تكمن في مدى قدرة أنطونيو فالنسيا على المشاركة، ذلك لأن لاعب الظهير الأيمن الدولي من المقرر عودته الجمعة بعد مشاركته مع المنتخب الإكوادوري. إلا أن واحدة من المميزات التي ورثها الفريق من حقبة لويس فان غال هي إحكام خط الظهر، وقد تميز مانشستر يونايتد الموسم الماضي بأقوى خطوط الدفاع على مستوى الدور الممتاز، الأمر الذي يعود جزء كبير من الفضل فيه لحراسة ديفيد دي خيا اليقظة للمرمى.
أما غوارديولا فقد اختار تغيير جو هارت حارس مرمى مانشستر سيتي هذا الموسم وعوضه بكلوديو برافو القادم من برشلونة، والمؤكد أن الاستعانة بلاعب جديد في هذا المركز ليحل محل اللاعب الذي طالما شغل حراسة المرمى تحمل دومًا مخاطرة، مثلما اكتشف مانشستر يونايتد مرارًا خلال العقدين الماضيين. أيضًا، يفتقر خط ظهر سيتي أمام برافو إلى الاستقرار. وسيكون جون ستونز الوافد الجديد على دفاع سيتي مناسبًا تمامًا للمشاركة، وإن كان قد كشف افتقاره إلى الخبرة بعض الأحيان في إيفرتون الموسم الماضي، لكن حتى يستعيد فنسنت كومباني كامل لياقته البدنية، ستبقى هوية شريكه المنتظم غير واضحة.
ومع انتقال إلياكيم مانغالا وجيسون ديناير إلى فالنسيا وسندرلاند على الترتيب، يبقى نيكولاس أوتيمندي المرشح الأقرب للعب بجوار ستونز، وإن كانت الحقيقة تبقى أنه لو كان أوتيمندي يتمتع بكامل ثقة مدربه، لما كان النادي سعى بهذا الإصرار وراء ستونز. ورغم أن هذا الديربي قد يأتي في وقت مبكر للغاية بالنسبة لكومباني، فإن القائد البلجيكي من المحتمل أن يعود في أسرع وقت ممكن تسمح به ظروف لياقته البدنية. وهنا يظهر من جديد التساؤل المعتاد: إلى متى ستستمر معاناته مع الإصابات العضلية؟
أن تشتعل المنافسة في الدوري ويتقارب مستوى الفريقين فنيًا وإداريًا، فهذا في حد ذاته ميزة كبيرة. مانشستر محظوظة في هذا الجانب في الموسم الحالي. كانت المرة الأخيرة التي فاز فيها كل فريق بأول 3 مباريات في المسابقة في موسم (2011/ 2012)، وكانت هذه المرة هي التي فاز فيها مانشستر سيتي باللقب واقتنصه من جيرانه بفارق هدف واحد في اليوم الأخير من الموسم، بفضل هدف أغويرو الأسطوري في نهاية المباراة أمام كوينز بارك رينجرز. يلتقي الفريقان هذه المرة بمدربين جديدين يدعيان أنهما غير مكترثين بنتائج السباق الماضي بينهما عندما كانا يقودان ريـال مدريد وبرشلونة في إسبانيا.
أبلى مورينهو بلاء حسنا في إعادة مانشستر إلى مستواه السابق، وبسرعة ضم لاعبين مثل بول بوغبا وإبراهيموفيتش، بعد أن خفض فان غال من سقف التحدي في نهاية خطته الشهيرة التي دامت لـ3 مواسم. في المقابل لم يكن غوارديولا بطيئًا في إظهار الثقة وتحمل المسؤولية في سيتي، فقرر الإطاحة بحارسه جو هارت إلى إيطاليا، وترك يايا توريه خارج قائمة الفريق في بطولة أوروبا. ومع القادمين الجدد مثل إيكاي غوندغان وليروي سان اللذين ما زالا في بداية المشاركة مع الفريق، فإن مشجعي مانشستر سيتي بالفعل يشعرون بالإثارة لنوعية الكرة التي بات يقدمها فريقهم، وشعرت الجماهير بالارتياح عندما أدركت أن الـ44 مليون جنيه إسترليني التي دفعها فريقهم الموسم الماضي في رحيم ستيرلينغ لم تذهب هباء.
ومن مكان ما في أقصى الشرق، فقد يشعر مانويل بليغريني، المدير الجديد لفريق هيبي تشاينا فورتيون، وعلى وجهة ابتسامة ساخرة بأن اللاعب الذي أحضره إلى مانشستر سيتي وعانى في البداية، انتعش الآن وبات يقدم أداء راقيًا تحت قيادة خليفته. لكن لو أن بليغريني فشل في إخراج أفضل ما في لاعبه ستيرلينغ، فلن يستطيع المجادلة مع إدارة مانشستر سيتي التي أرادت استقدام مدرب آخر، فهذه هي كرة القدم.
إذا نظرنا إلى هذا الدوري فسوف نجد أن ليس من المعقول أن نرى هذين الفريقين يتركان ليستر سيتي يتسلل ليتخطاهم، كما حدث الموسم الماضي، وبعد أن بات مورينهو وغوارديولا في موقع المسؤولية مع قطبي مانشستر، يصعب أن يتكرر هذا مرة أخرى.
ديربي مانشستر يصيغ الموسم الجديد للدوري الإنجليزي
المواجهة المبكرة بين يونايتد وسيتي ستكشف كثيرًا من مساعي الفريقين للفوز باللقب هذا الموسم
ديربي مانشستر يصيغ الموسم الجديد للدوري الإنجليزي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة