«أكاذيب سمعتها من مدرسي» يكشف أفدح الأخطاء بمناهج التاريخ

جمعها المؤلف بعد زيارة 18 مدرسة ثانوية في الولايات المتحدة

«أكاذيب سمعتها من مدرسي» يكشف أفدح الأخطاء بمناهج التاريخ
TT

«أكاذيب سمعتها من مدرسي» يكشف أفدح الأخطاء بمناهج التاريخ

«أكاذيب سمعتها من مدرسي» يكشف أفدح الأخطاء بمناهج التاريخ

توجد في اسم هذا الكتاب: «أكاذيب سمعتها من مدرسي»، مبالغة، بهدف جذب القراء، كما اعترف كاتبه جيمس لووين، ودار نشره «تاتشستون». كما يوجد سبب آخر للمبالغة، وهو أن هذه هي الطبعة الثانية. صدرت الأولى قبل خمس عشرة سنة، وهذه طبعة منقحة ومعدلة و«مثيرة».
في كل الحالات، يهدف الكتاب إلى كشف معلومات تاريخية غير صحيحة يُدرسها أساتذة التاريخ في المرحلة الثانوية بمدارس الولايات المتحدة، جمعها المؤلف بعدما زار 18 مدرسة.
ويوجد في هذه الطبعة الجديدة فصل أخير عن «الأخطاء التاريخية حول هجمات 11 سبتمبر، وغزو العراق».
مؤلف الكتاب هو جيمس لووين، وهو أستاذ في التعليم. درس عندما صدرت الطبعة الأولى في جامعة ولاية فيرمونت. وفي الوقت الحاضر، مع صدور الطبعة الثانية، تقاعد ويعيش في واشنطن العاصمة. وكتب لووين في مقدمة الطبعة الجديدة أنه توجد مشكلتان في مقررات التاريخ:
أولاً: «لم أشاهد مدرس تاريخ يدرس التاريخ لتلاميذه بطريقة مشوقة، تجعلهم يتذكرونه».
ثانيًا: «يبتعد مدرسو التاريخ عن التاريخ عندما تسيطر عليهم عواطف مثل الوطنية، والتفاؤل، والإحساس بالفخر، والإحساس بالذنب».
وأضاف أن هذه المشكلة «تغطي كل مقررات التاريخ، منذ أن اكتشف كولومبوس الدنيا الجديدة عام 1495 وحتى هجم (الإرهابيون) علينا في 11 سبتمبر عام 2001».
وينقسم الكتاب إلى قسمين متوازيين: انطباعات زيارة المؤلف للمدارس الثانوية، ودراسات المؤلف في كتب التاريخ.
ويبدو واضحا أن أكثر مؤلفي هذا الكتاب من عباقرة المؤرخين الأميركيين. وهنا المشكلة مثل: توماس بيلي، وديفيد كنيدي، مؤلفي كتاب «المهرجان الأميركي». ومثل بول لويس تود، وميرل كيرتي، مؤلفي كتاب «انتصار الأمة الأميركية».
يقول الكتاب إن كثيرا من المقررات التاريخية «تتأثر كثيرا بالتفكير الغربي»، وتوجد هنا مشكلتان:
الأولى: «عدم التنوع في معالجة التاريخ يجعله روتينيا، خصوصا بالنسبة لطلاب وطالبات في مرحلة المراهقة تربوا على أفكار جديدة، تختلف، في حالات كثيرة، عن الأفكار التي تربى عليها آباؤهم وأمهاتهم»، لهذا «لا غرابة أنهم يرون مقررات التاريخ مملة، ولا يكادون يتذكرونها بعد نهايتها».
المشكلة الثانية: الأخطاء في هذه المقررات، وهي ثلاثة أنواع: «أخطاء واضحة» و«أخطاء بالحذف» و«أخطاء مخفية» (مثل غمزة عين تعني: «أنا أعرف، وأنتم تعرفون»).
هذه بعض فصول الكتاب:
1 - مشكلة عند كتابة التاريخ: تمجيد الأبطال.
2 - حقيقة «أول عيد الشكر» الأميركي.
3 - غياب العنصرية في مقررات التاريخ.
4 - هل حقيقة «أميركا أرض الفرص»؟
5 - إنكار قتلى الفيتناميين في حرب فيتنام.
6 - اختفاء حقائق في تاريخنا الحديث.
7 - لماذا يكتب التاريخ هكذا؟
8 - ما نتائج كتابة التاريخ هكذا؟
في عام 1917، مع الثورة الشيوعية في روسيا، أرسلت الولايات المتحدة قوات إلى شرق روسيا للدفاع عن «المنشفيين» (الليبراليين، الأقلية، في الثورة) ضد «البلشفيين» (الشيوعيين، الأكثرية)، لكن انتصر الشيوعيون.
لكن، لا تقل هذه مقررات التاريخ التي درسها مؤلف الكتاب في المدرسة الثانوية في خمسينات القرن الماضي. تقول إن القوات الأميركية دخلت روسيا كجزء من الحرب ضد اليابان. لهذا، بعد أن صار مؤلف الكتاب أستاذا جامعيا، بحث، ووجد الحقيقة.
يوجد في الكتاب قول دبليو آي دوبوي، المؤلف ذات البشرة الداكنة في بداية القرن العشرين: «قالوا لنا إن دانيال وبستر كان من قادة الثورة الدستورية الأميركية. لكنهم لم يقولوا لنا إنه كان عربيدا مخمورا. وقالوا لنا إن جورج واشنطن هو أبو الاستقلال. لكنهم لم يقولوا لنا إنه كان يملك جيشا من العبيد».
وأضاف المؤلف أمثلة أخرى، منها: تركز المقررات المدرسية على الرئيس الأميركي وودرو ويلسون، الذي «أعلن الحرب» (دخول أميركا في الحرب العالمية الأولى). وتهمل المقررات العمياء الصماء العبقرية هيلين كيلر، «لأنها لم تعلن الحرب». وقال إن بعض كتب التاريخ في المدارس الثانوية ولا حتى تشير إلى هيلين كيلر، «لأنها كانت اشتراكية متحمسة».
من المفارقات أن هيلين كيلر كانت تقود مظاهرات النساء المطالبات بحق التصويت في الانتخابات، بينما عارض ذلك الرئيس ويلسون.
أخيرا، في آخر فصل، قدم الكتاب اقتراحا: «لندرس التاريخ من الأمام إلى الخلف».
مثلا: في البداية، يدرس التلاميذ هجمات 11 سبتمبر، ثم حرب فيتنام، ثم الحرب العالمية الثانية، وهكذا، وقال الكتاب في هذا فائدتان:
أولاً: سيثير اهتمام التلاميذ والتلميذات.
ثانيًا: سيقدم «الصورة الكبيرة».

* بالنسبة للتطورات في الشرق الأوسط خلال الخمسين عاما الأخيرة، يقول الكتاب إن بعض كتب مقررات التاريخ لا «تقدم صورة صحيحة» أو «تكذب»:
أولاً: ليست فيها معلومات عن مؤامرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) التي أسقطت حكومة محمد مصدق في إيران (عام 1953).
ثانيًا: ليست فيها معلومات صحيحة عن أسباب تدخل القوات الأميركية في لبنان لحماية حكومة الرئيس كميل شمعون (عام 1958).
ثالثًا: ليست فيها معلومات صحيحة عن أسباب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية (عام 2001).



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.