تركيا توسع محاور القتال في شمال سوريا وتدخل بلدة الراعي

سقوط 3 قذائف على كيليس واستئناف بناء الجدار الإسمنتي بمواجهة جرابلس

دبابات تركية على الحدود مع سوريا (أ.ب) - سوريون فارون من القتال الدائر بين القوات التركية وعناصر داعش على الحدود السورية ـــ التركية (أ.ف.ب)
دبابات تركية على الحدود مع سوريا (أ.ب) - سوريون فارون من القتال الدائر بين القوات التركية وعناصر داعش على الحدود السورية ـــ التركية (أ.ف.ب)
TT

تركيا توسع محاور القتال في شمال سوريا وتدخل بلدة الراعي

دبابات تركية على الحدود مع سوريا (أ.ب) - سوريون فارون من القتال الدائر بين القوات التركية وعناصر داعش على الحدود السورية ـــ التركية (أ.ف.ب)
دبابات تركية على الحدود مع سوريا (أ.ب) - سوريون فارون من القتال الدائر بين القوات التركية وعناصر داعش على الحدود السورية ـــ التركية (أ.ف.ب)

وسّع الجيش التركي أمس السبت من محاور القتال في شمال سوريا، مع دخول عملية «درع الفرات» يومها الحادي عشر بدخول قوات تركية إلى بلدة الراعي. وعبرت دبابات ومدرعات تركية من مدينة كيليس الحدودية التركية إلى شمال سوريا، بينما قصفت مدافع ميدان «هاوتزر» مواقع لتنظيم داعش الإرهابي، في ثاني توغل لقوات تركية في إطار «درع الفرات»، التي تدعم تركيا فيها عناصر من الجيش السوري الحر، بهدف تطهير حدودها من عناصر «داعش» وكذلك ميليشيات «وحدات حماية الشعب» الكردية.
قنوات التلفزيون التركية بثت صور دخول دبابات وناقلات جند ومدرعات تابعة للجيش التركي بلدة الراعي، آتية من بلدة ألبايلي التابعة لمدينة كيليس الحدودية. وأثناء عبور الدبابات من ألبايلي قصفت الوحدات المتمركزة على الحدود مواقع تابعة لـ«داعش» بالمدفعية الثقيلة وقذائف العاصفة قرب قرية جوبان باي التركية على الجانب الآخر من الراعي، التي تبادل «داعش» ومقاتلو المعارضة السيطرة عليها خلال الأشهر الأخيرة. وتقع هذه المنطقة على بعد نحو 55 كيلومترا جنوب غربي مدينة جرابلس الحدودية السورية، حيث أطلقت قوات سورية مدعومة من تركيا الأسبوع الماضي عملية «درع الفرات» التي شكلت أول توغل تركي كبير بشمال سوريا منذ بداية الحرب السورية قبل أكثر من خمس سنوات.
من جهة ثانية، سقطت أمس 3 قذائف صاروخية مصدرها الأراضي السورية على قلب مدينة كيليس، وأصابت القذائف، وهي من نوع كاتيوشا، مناطق مختلفة من المدينة الحدودية، وسقطت إحداها في أرض مزروعة بأشجار الزيتون، والثانية قرب مستشفى كيليس الحكومي، بينما سقطت الثالثة على حي كارا بكير. وذكر بيان صادر عن ولاية كيليس أن شخصًا أصيب جراء سقوط القذائف في الساعة 13.15 بالتوقيت المحلي (10.15 تغ) وتم التأكد بأنها أُطلقت من داخل الأراضي السورية من مناطق سيطرة «داعش». ومن جانبها، ذكرت رئاسة الهيئة العامة لأركان الجيش التركي في بيان أن مدفعيتها ردت على مصدر إطلاق القذائف، وأنها حققت إصابات مباشرة قضت على الإرهابيين المتورطين. وكانت كيليس قد شهدت في الآونة الأخيرة سقوط قذائف صاروخية من مواقع سيطرة «داعش» في سوريا، أسفر بعضها عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
على صعيد آخر، أعلنت القوات المسلحة التركية على موقعها الرسمي، أن قوات الأمن ألقت القبض على 1905 أشخاص أرادوا عبور الحدود التركية السورية بطرق غير شرعية. وكانت تركيا قد شنت الغارات الجوية على مواقع «داعش»، يوم أول من أمس الجمعة، موسعة العمليات على طول شريط يمتد لمسافة 90 كيلومترا قرب الحدود التركية، تقول أنقرة إنها تطهره من الجماعات المتشددة وتحميه من توسع جماعات كردية مسلحة. وأعلنت رئاسة الأركان التركية أن مقاتلات ووحدات من سلاح المدفعية التابعة لها، قصفت 12 هدفًا في مناطق مختلفة من مدينة جرابلس بريف محافظة حلب شمال سوريا. وأوضحت، في بيان، أن سلاح المدفعية قصف 9 أهداف «إرهابية» في منطقة غندورة التابعة لريف جرابلس بـ67 رشقة، مؤكدة تحقيقها إصابات مباشرة. كذلك أشار البيان إلى أن مقاتلات تركية دمرت 3 أبنية للتنظيم الإرهابي في غندورة وعرب عزة، بريف جرابلس، وأن الجيش السوري الحر طهر غندورة من الإرهابيين في عملية نفذها بمساندة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. ولفت البيان إلى أن القوات المسلحة التركية استهدفت 271 هدفا إرهابيا بألف و195 قذيفة منذ بدء «درع الفرات»، وأن سلاح الجو قدم دعما للعملية منذ انطلاقها بنحو 51 طلعة جوية ضد 41 هدفا إرهابيا.
في الوقت نفسه، استأنفت السلطات التركية، الجمعة، بناء جدار إسمنتي على الحدود مع سوريا في بلدة كركميش، المقابلة لجرابلس على الجانب التركي من الحدود، والتابعة لمحافظة غازي عنتاب، وذلك بهدف مكافحة الإرهاب ومنع عمليات التسلل إلى أراضيها من الجانب السوري، في أعقاب تطهير المنطقة من الألغام التي زرعها إرهابيو «داعش». وتقوم آليات بتثبيت الكتل الإسمنتية التي يبلغ طول الواحدة منها مترين ونصف المتر، بارتفاع 3.6 متر، وبوزن 8 أطنان، وسيجري تزويد الجدار بنظام كاميرات وإضاءة. وكانت أعمال بناء الجدار الإسمنتي بدأت في 16 ديسمبر (كانون الأول) 2015، لكنها تعرقلت في الفترة الماضية جراء الألغام التي زرعها «داعش»، على طول الحدود بين الجانبين التركي والسوري، فضلاً عن الهجمات الإرهابية التي نفذها التنظيم في تركيا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».