القضاء اللبناني يتهم استخبارات الأسد بتفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس

طلب الإعدام لضباط سوريين كبار و8 لبنانيين شكّلوا خليّة إرهابية لتنفيذ الجريمة

القضاء اللبناني يتهم استخبارات الأسد بتفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس
TT

القضاء اللبناني يتهم استخبارات الأسد بتفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس

القضاء اللبناني يتهم استخبارات الأسد بتفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس

اتهم القضاء اللبناني الاستخبارات السورية بالوقوف وراء التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفها مسجدي السلام والتقوى في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، يوم 21 أغسطس (آب) 2013. وأوديا بحياة 51 شخصا من المصلين، وإصابة أكثر من 500 آخرين بجروح مختلفة. وأسند القضاء إلى عدد من الضباط السوريين تهم اشتراكهم في التحضير للعملية وإعطاء الأمر بتفخيخ السيارتين وتكليف خلية لبنانية للتنفيذ والتفجير والقتل وإحداث فتنة طائفية ومذهبية في لبنان.
المحقق العدلي القاضي آلاء الخطيب، الذي تولّى التحقيق في هذه القضية، وجّه في قرار اتهامي أصدره أمس، اتهامًا مباشرا إلى النقيب محمد علي علي، أحد الضباط المسؤولين في فرع فلسطين في الاستخبارات السورية، وإلى المسؤول في فرع الأمن السياسي ناصر جوبان، بالإضافة إلى ضباط كبار أعطوا الأمر بتفخيخ السيارتين في سوريا وإرسالهما إلى لبنان لتنفيذ التفجيرين وقتل أكبر عدد من المصلين ومحاولة إحداث فتنة مذهبية، وكلّف هؤلاء الضباط خليّة لبنانية، معظم أفرادها من منطقة جبل محسن (ذات الغالبية العلوية) في طرابلس، لتنفيذ العمليتين في وقت واحد خلال أداء صلاة الجمعة.
وسطّر القرار الاتهامي الذي صدر بعد مرور ثلاث سنوات على الجريمة، مذكرات تحرٍ دائم لمعرفة كامل هويات الضباط السوريين الكبار الذين أعطوا الأوامر والتوجيهات للضابطين علي وجوبان لتنفيذ العملية وملاحقتهم. وأكدت وقائع القرار التي بينت التحقيقات أن الأمر صدر عن منظومة أمنية رفيعة المستوى والموقع في الاستخبارات السورية. كما اتهم القرار ثمانية لبنانيين يشكلون أفراد الخلية المنفذة، الذين ينتمي معظمهم إلى منطقة جبل محسن (ذات الغالبية العلوية) وهم: يوسف دياب الذي قاد السيارة المفخخة وركنها أمام مسجد السلام وفجّرها بواسطة جهاز تحكم عن بعد، ثم استقل دراجة نارية وعاد أدراجه إلى جبل محسن، والشيخ أحمد الغريب، ومصطفى حوري، وخضر العيروني بصفتهم مخطّطين ومحرّكين أساسيين للمجموعة المنفذة. بالإضافة إلى كلّ من الشيخ حيان رمضان، وخضر شدود، وأحمد مرعي وسلمان أسعد وطلب لهم عقوبة الإعدام. وأحالهم على المجلس العدلي لمحاكمتهم.
ومن جهة ثانية، اعتبر وزير العدل اللبناني المستقيل أشرف ريفي، خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في بيروت، لمناسبة صدور القرار الاتهامي، أن هذا القرار «يشكل الخطوة الأولى الأكثر وضوحًا لرحيل النظام السوري عن لبنان». وقال ريفي - وهو من أبناء طرابلس ويقطن قرب أحد المسجدين - «إن النظام السوري الذي ينفذ إجرامه عبر أذياله في لبنان هو رأس الفتنة والمخطط الدائم لزرع الفتنة في لبنان». وأضاف: «كلنا ثقة بأن المجلس العدلي لن يتأخر في المحاكمة وها هو المجرم ميشال سماحة (مستشار رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي حكم عليه بالسجن 13 سنة بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان لتفجيرها في شمال لبنان) يقبع وراء القضبان». ودعا ريفي الحكومة اللبنانية إلى «طرد سفير النظام السوري لدى لبنان.. وهذا مطلب أهالي الشهداء ومطلب جميع اللبنانيين». وكشف وزير العدل أن «المتهم يوسف دياب هو من وضع العبوة ومحمد مرعي تم إلباسه لباسا أفغانيا للتمويه، وهناك أدلة علمية عن دور المخابرات السورية في التفجير».
وعلى أثر تبلغه صدور القرار، قال رئيس تيار «المستقبل» ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري «مع صدور القرار الاتهامي في تفجير مسجدي التقوى والسلام، اشكر القضاء وقوى الأمن وشعبة المعلومات والقوى العسكرية التي ساهمت في الوصول إليه، وهذا القرار يسمي بوضوح الضابطين في مخابرات النظام السوري محمد علي علي وناصر جوبان وبالتالي يوجه الاتهام المباشر إلى النظام ومخابراته وأجهزته».
وتابع الحريري «قلنا منذ اللحظة الأولى إننا لن نكل عن ملاحقة الذين ارتكبوا هذه الجريمة الإرهابية وإننا سنثأر بالعدالة لشهدائنا الأبرار وجراح الأبرياء، وها نحن أخيرا أمام ساعة الحقيقة، التي تسطر فيها العدالة مذكرات بحق ضباط مخابرات نظام الأسد الذين اعتقدوا يوما أن أحدا لن يكشفهم ولن يسميهم، كما عاهدنا أهلنا في طرابلس الحبيبة، سنتابع جهود إلقاء القبض على المتهمين وإنزال القصاص العادل بهم من أدنى قتلتهم إلى رأس نظامهم المجرم». وختم الحريري «رحم الله شهداء الاعتداء الإرهابي على مسجدي التقوى والسلام وشفا المصابين وحمى طرابلس الغالية وكل لبنان من شرور القتلة الإرهابيين المجرمين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».