مؤتمر «واقع اللجوء السوري في الأردن».. وزير الداخلية: مواردنا المحدودة أنهكت

مفوض شؤون اللاجئين: 90 % منهم يعيشون تحت خط الفقر في الأردن

لاجئون سوريون يعملون في مخبزهم في مخيم الزعتري شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
لاجئون سوريون يعملون في مخبزهم في مخيم الزعتري شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
TT

مؤتمر «واقع اللجوء السوري في الأردن».. وزير الداخلية: مواردنا المحدودة أنهكت

لاجئون سوريون يعملون في مخبزهم في مخيم الزعتري شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
لاجئون سوريون يعملون في مخبزهم في مخيم الزعتري شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)

قال وزير الداخلية الأردني سلامة حماد إن وجود اللاجئين السوريين على الأراضي الأردنية شكل أزمة حقيقية ظهرت ملامحها، وانعكست آثارها السلبية، على المدن والأرياف والبوادي الأردنية بشكل فاق قدراتنا، وأنهك مواردنا المحدودة.
وأضاف حماد، في افتتاح أعمال مؤتمر «واقع اللجوء السوري في الأردن»، أمس الأربعاء، أن الأزمة السورية طالت آثارها مختلف القطاعات الخدمية والحيوية والأمنية في المملكة، جراء استقبال نحو 1.39 مليون لاجئ سوري.
وأشار إلى إن الأردن ما زال يتابع باهتمام التزامات المجتمع الدولي، لتنفيذ مشاريع داخل وخارج مخيمات اللاجئين السوريين في كثير من القطاعات (الصحة والتعليم والبنى التحتية والخدمية)، وإنشاء مناطق تنموية في مختلف المناطق.
وشدد الوزير حماد على أن الأردن، ومنذ بداية الأزمة السورية، كان من أوائل الدول التي فتحت حدودها لاستقبال اللاجئين، باعتبار ذلك واجبا أخلاقيا، وجزءا أصيلا من هويتنا الوطنية، وأنه تم اتخاذ قرارات إنسانية وتنظيمية لترتيب دخولهم وإقامتهم، وإجراءات أخرى تضمن الاستجابة الفورية لمتطلباتهم واحتياجاتهم.
ونوه الوزير حماد إلى أن الأردن، وعبر تاريخه، تعرض إلى كثير من موجات اللجوء، كان أبرزها موجة اللجوء السوري التي لا يمكن الاستمرار في تحملها، واستيعاب آثارها، دون تحمل المجتمع الدولي والجهات المعنية لمسؤولياتها تجاه الأردن، بعيدا عن التفكير بأسلوب الفزعة، والاعتماد على نهج مستدام يسهم في إطلاق مبادرات تنموية شاملة ومتوسطة المدى لا تقتصر على تلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين فحسب، بل تستجيب لأعباء اللجوء وتبعاته، خصوصا الحاجة إلى توفير فرص العمل، وإنشاء وتوسيع البنى التحتية لقطاع الخدمات، وكذلك الدعم المالي.
وقال الوزير إن استجابة الأردن لنداء المجتمع الدولي للتخفيف من معاناة اللاجئين بدأت من خلال إنشاء كثير من مخيمات اللجوء في مناطق مختلفة من المملكة، وتجهيزها بكل مقومات الحياة الكريمة، وأولها توفير الرعاية الصحية في مراكز طبية تم إنشاؤها لهذه الغاية، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية، علما بأن نسبة اللاجئين الموجودين في المخيمات لا تتجاوز 10 في المائة من العدد الكلي لهم.
وتابع حماد: «وتم توفير الخدمات التعليمية على مختلف مستوياتها، من المراحل التأسيسية إلى الدراسات العليا، ولم يقف الأردن عند هذا الحد، بل سمح أيضًا للاجئين السوريين بالحصول على تصاريح عمل دون أن يترتب على ذلك أي التزامات مالية عليهم، وبعيدا عن الإجراءات الروتينية، إضافة إلى مضاعفة الجهود الأمنية والعسكرية المبذولة للحفاظ على أمن المملكة وقاطنيها، ومنع عمليات التسلل والتهريب بأنواعه المختلفة، وهذه الخدمات أدت بمجملها إلى تزايد الضغط على المرافق العامة والبنى التحتية، وخصوصا قطاعات النقل والطاقة والمياه».
وأوضح حماد أن خطة الاستجابة الأردنية تضمنت أولويات لمساعدة اللاجئين ضمن عدة محاور تم طرحها في مؤتمر لندن، معربا عن أمله في أن يتم الوفاء بالالتزامات التي تعهد المجتمع الدولي بتحملها لدعم الأردن ومساندته، وإقامة مشاريع تنموية واقتصادية وجلب الاستثمارات، وخصوصا في المناطق الحاضنة للاجئين.
ومن جانبه، كشف المفوض العام لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة بالوكالة، بول ستروميرغ، عن بعض حالات الغش، من خلال تسجيل الأسماء المكررة للاجئين السوريين، لأخذ المساعدات التي تقدم لهم.
وقال ستروميرغ، خلال المؤتمر، إنّ الزيارات الميدانية للمخيمات أظهرت أن 80 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون خارج المخيمات، وأن اللاجئين خارج المخيمات لا تصلهم المساعدات، مضيفا أنه تم وضع الخطط الكفيلة لضمان إيصال المساعدات إلى جميع اللاجئين المحتاجين، مبينًا في الوقت نفسه أن 90 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأنه يوجد نحو 50 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة يتلقون التعليم، وأن نحو 24 ألف لاجئ سوري قد هاجر إلى دول أخرى.
وأوضح ستروميرغ أن المفوضية السامية تسجل وتوثّق ما يقرب من 3 آلاف لاجئ يوميًا في مكاتبها، وأن الأردن وضع الخطط الكفيلة لتقديم المساعدات والخدمات للاجئين السورين، وأهمها تقديم تصاريح العمل، مضيفا: «إن حياة السوريين في الأردن أكثر ارتياحًا في العيش عن باقي الدول».
وعلى صعيد متصل، قالت مديرة وحدة تنسيق المساعدات الإنسانية في وزارة التخطيط الأردنية، فداء الغرايبة، إن الآثار التراكمية على الأردن جراء اللجوء السوري تقدر بـ8.6 مليار دولار، وبينت خلال المؤتمر أن هذه الآثار تشمل الأعباء الواقعة على الخزينة، والمواد المدعومة، والصحة والتعليم، بالإضافة إلى الأعباء الأمنية.
وأضافت الغرايبة أن مجموع التمويل الذي تم توفيره منذ بداية الأزمة لم يتجاوز 3.5 مليار دولار، موضحة أن هذا الرقم يشكل نحو 30 في المائة من مجموع ما تم طلبه، وهو 11.5 مليار دولار لتمويل خطط الاستجابة للأزمة السورية، رغم الجهود الحثيثة التي بذلها الأردن لتأمين التمويل اللازم لهذه الخطط، مشيرة إلى أن عمان تعتبر أكثر المحافظات استقبالاً للاجئين السوريين (بنسبة 34 في المائة)، تليها إربد (بنسبة 27 في المائة)، ومن ثم المفرق (بنسبة 16 في المائة)، وبعدهم الزرقاء (بنسبة 13 في المائة).
ومن جانبه، قال مدير الاقتصاد الصحي في وزارة الصحة الأردنية، عبد الرزاق الشافعي، إن 20 في المائة من الإدخالات الصحية مخصصة للاجئين السوريين، وأضاف أن صرف المستهلكات الطبية وغير الطبية ارتفع بنسبة لا تقل عن 30 في المائة، حيث تقدّر تكاليف الأعباء الصحية في القطاع العام الناجمة عن استقبال اللاجئين السوريين بنحو 253 مليون دينار في العام الواحد.
وتناولت جلسات المؤتمر عدة موضوعات، وأوراق عمل لمختصين، حول دور وزارات الخارجية والتخطيط والتعاون الدولي، والتربية والتعليم، والعمل، والداخلية، في التعاطي مع أزمة اللاجئين (داخليا وخارجيا)، ودور كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومديرية الأمن العام، والهيئة الخيرية الهاشمية، في مساعدة اللاجئين السوريين، والدعم المطلوب لمساعدة الأردن في هذا الإطار. وشارك في أعمال المؤتمر عدد من المعنيين والمسؤولين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».