الأمن يلاحق الإرهابيين غداة تفجير عدن

إدانات واسعة النطاق للعملية الانتحارية في مبنى التجنيد

عنصر من المقاومة ومواطنون قرب موقع التفجير أول من أمس وسط عدن (أ.ف.ب)
عنصر من المقاومة ومواطنون قرب موقع التفجير أول من أمس وسط عدن (أ.ف.ب)
TT

الأمن يلاحق الإرهابيين غداة تفجير عدن

عنصر من المقاومة ومواطنون قرب موقع التفجير أول من أمس وسط عدن (أ.ف.ب)
عنصر من المقاومة ومواطنون قرب موقع التفجير أول من أمس وسط عدن (أ.ف.ب)

نفذت القوات الأمنية، بعدن فجر أمس الثلاثاء، سلسلة حملات دهم واعتقالات لأوكار عناصر مشتبه بانتمائها لخلايا إرهابية تديرها تشرف عليها قيادات أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع صالح متهمة بالضلوع في العمليات الإرهابية، التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار عدن، وآخرها التفجير الإرهابي الذي استهدف تجمعا للمستجدين الشباب وسط عدن بسيارة مفخخة أول من أمس وأسفر عن سقوط 170 بين قتيل وجريح.
وشددت شرطة عدن إجراءاتها الأمنية بقوة وزادت من نشر قواتها على مداخل ومخارج وسط العاصمة المؤقتة، عقب معلومات كشفتها مصادر رفيعة لـ«الشرق الأوسط» عن مخطط للميليشيات الانقلابية يهدف إلى تنفيذ عمليات إرهابية ردا على إعلان المحافظ الزبيدي عدن مدينة آمنة، ودعوته حكومة الشرعية العودة إلى عدن، وذلك بعد يومين من إعلان شرطة عدن تقليم أظافر «داعش» في الجنوب وضلوع أجهزة أمنية موالية لصالح في نسب تلك العمليات الإرهابية إلى التنظيم الإرهابي الذي لا وجود له حقيقة في اليمن بحسب قيادات السلطة المحلية والأمنية بعدن.
إلى ذلك أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وقت متأخر من مساء أول من أمس، قرارين جمهوريين قضى الأول بتعيين العميد أحمد عبد الله ناصر المصعبي رئيسا لجهاز الأمن القومي وترقيته إلى رتبة لواء، فيما قضى القرار الثاني بتعين العقيد قائد محمد مساعد، رئيسا لجهاز الأمن السياسي في عدن وترقيته إلى رتبة عميد.
وتأتي تلك الإجراءات الأمنية المشددة وحملات الدهم والتعقب خلال أقل من 24 ساعة من العملية الإرهابية، التي استهدفت معسكر تجنيد وسط عدن بسيارة مفخخة، وأودت بحياة العشرات وتبناها تنظيم داعش الإرهابي.
ويستبعد مراقبون سياسيون حقيقة وجود التنظيم الإرهابي في اليمن، مشيرين في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الخلية الإرهابية الأخيرة التي ضبطتها القوات الأمنية بعدن وعثر بحوزتها على تسجيلات وتوثيق مرئي مصور ووجود خلايا تديرها جهات تتبع المخلوع صالح ونسبها إلى تنظيم داعش؛ الأمر الذي يعكس حقيقة العلاقة الوطيدة التي تربط بين الحوثيين وخلايا صالح والتنظيمات الإرهابية في البلاد، لأن العمليات الإرهابية تنحصر في الجنوب فقط دون الشمال، والمستفيد الوحيد منها هي الميليشيات الانقلابية ذاتها.
وعلى صعيد متصل قالت مصادر محلية وطبية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مجندين شبابا بحي السنافر بمدينة المنصورة وسط عدن ارتفع إلى 54 قتيلا و120 جريحا إصابتهم بين طفيفة ومتوسطة وخطيرة.
وتتواصل الإدانات بنطاق واسع داخليا وخارجيا للعملية الإرهابية، حيث أدان مجلس العلاقات الخليجية الدولية «كوغر» الحادث الإجرامي، الذي يؤكد بحسب بيان له التعاون والتنظيم المشترك بين ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية مع تنظيم داعش الإرهابي.
من ناحيته وصف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني التفجير الانتحاري، الذي استهدف تجمعا للمستجدين الشباب بأنه جريمة إرهابية مروعة تتنافى مع كل القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، مؤكدا تضامن دول مجلس التعاون مع الجمهورية اليمنية ومساندتها في كل ما تتخذه من إجراءات أمنية للحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها تجاه كافة تلك الأعمال الإرهابية.
بذات الصدد أكد رئيس مجلس العلاقات الخليجية الدولية الدكتور طارق آل شيخان أن هذا التصرف يدلل على تواطؤ الأطراف الثلاثة في تحقيق هدف واحد، وهو ضرب الشرعية اليمنية، لافتًا إلى «أن الحادث الإجرامي يؤكد وبشكل واضح كيف أن إيران حركت هذا التنظيم الإرهابي ضد الشرعية اليمنية لتغطية هزائم عملائها الحوثيين وصالح، وهو ما يعيد للأذهان حقيقة التعاون السابق والحالي بين إيران وتنظيم القاعدة الإرهابي في استهداف الإسلام والعرب».
فيما عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن إدانته واستنكاره للعملية الإرهابية التي وقعت في مدينة عدن أول من أمس، مقدما خالص تعازيه لأسر الضحايا ولحكومة وشعب اليمن.
الوزير المفوض المتحدث الرسمي باسم أمين عام جامعة الدول العربية محمود عفيفي أوضح بأن العملية النكراء تأتي لتضيف جريمة جديدة إلى سلسلة الجرائم، التي ترتكبها التنظيمات والجماعات، والتي تتخذ من الدين ستارا لأعمالها الإرهابية، مؤكدا ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة التصاعد الحالي في خطر الإرهاب، سواء في المنطقة العربية أو على المستوى الدولي بشكل عام.
وفي بيان له أدان الأزهر التفجير الإرهابي الذي نفذه انتحاري بسيارة مفخخة بعدن، معبرا عن رفضه القاطع لمثل هذه الأعمال التي تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة وتخالف كل الشرائع السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية.
على ذات الصعيد أدانت المملكة الأردنية الهاشمية التفجير الإرهابي، حيث أوضح وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني «أن التفجير الإرهابي يؤكد من جديد ظلامية التنظيمات الإرهابية وعداءها للإنسانية والحياة باستهدافها الأبرياء في كل مكان»، مشيرا إلى موقف الأردن الداعي إلى تكاتف جهود المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب والجماعات المتطرفة واتباع فكرها لاجتثاثها من جذورها ونهجها الإجرامي، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.