قانون العفو العام في العراق يواجه طعونًا مع بدء أولى خطوات تنفيذه

صهر المالكي يستغرب طلب عمه الطعن بعد التصويت

قانون العفو العام في العراق يواجه طعونًا مع بدء أولى خطوات تنفيذه
TT

قانون العفو العام في العراق يواجه طعونًا مع بدء أولى خطوات تنفيذه

قانون العفو العام في العراق يواجه طعونًا مع بدء أولى خطوات تنفيذه

يواجه قانون العفو العام الذي صوت عليه البرلمان العراقي، الأسبوع الماضي، المزيد من العقبات، بما في ذلك الطعون والصياغات المتباينة، مما قد يفتح الباب أمام تفسيرات مختلفة لمواده، وذلك غداة إصدار مجلس القضاء الأعلى تعليمات لتنفيذ القانون.
وتنص التعليمات، طبقا للبيان الذي صدر عن السلطة القضائية، على: «تشكيل 6 لجان مركزية في مقر السلطة القضائية الاتحادية، تأخذ على عاتقها النظر في الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات ومحاكم الجنح، المكتسبة الدرجة القطعية فيما يخص الجرائم المشمولة بأحكام قانون العفو العام. كما تضمنت التعليمات القضائية أيضا النظر في الأوراق والدعاوى الخاصة بالمحتجزين والموقوفين والمتهمين المرسلة من الجهات الأمنية والعسكرية في عدد من الحالات، منها إمضاء المحتجز أكثر من 3 أشهر في الاحتجاز دون أن يعرض على القضاء، وإمضاء المتهم أكثر من 18 شهرا في التوقيف، ولم يتم حسم إجراءات التحقيق معه».
لكن طبقا لردود الفعل التي صدرت عقب التصويت على القانون، فإنه بات يصعب تنفيذه بسبب ما تعده جهات سياسية شمولا لإرهابيين ومدانين بجرائم مختلفة، بينما يرى قضاة وخبراء في القانون أن الصياغات الملتبسة له يمكن أن تفتح باب التأويلات والتفسيرات المختلفة، فضلا عن شموله معظم أفراد الطبقة السياسية، باستثنائه جرائم الرشوة والكسب غير المشروع.
وكان رئيس الوزراء السابق، زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، قد دعا البرلمان إلى الطعن في القانون، باعتبار أن «ظروفا غامضة» قد أحاطت به. وقال المالكي، في بيان له، إن «تمرير القانون بصيغة مختلفة عن تلك التي أقرتها التوافقات السياسية أثار استغرابنا، ولا سيما المادة التي تتعلق بإعادة المحاكمات، أو إعادة التحقيق، وذلك لخطورتها الجسيمة، وإمكانية استغلالها بطريقة غير ملائمة»، مضيفا أن «الظروف الغامضة التي أحاطت بالساعات الأخيرة التي سبقت التصويت على القانون، تشي بوجود صفقات أو إشكالات كانت سببا لتمرير العفو العام»، داعيا النواب إلى «الطعن في هذا القانون الذي سيسمح بإفلات آلاف الإرهابيين والمجرمين من العقاب، وضياع حقوق ذوي الشهداء والضحايا».
لكن حسين المالكي، صهر المالكي، عضو ائتلاف دولة القانون، استغرب طلب عمه الطعن، وقال في تصريح أمس (الاثنين) إن «ائتلاف دولة القانون صوت بالإجماع على قانون العفو العام، باستثناء عدد من النواب لا يتعدون أصابع اليد»، مضيفا أن «رئيس كتلة دولة القانون النيابية علي الأديب صوت للقانون، وكذلك نواب كتلة الدعوة، ومستقلون، وحزب الدعوة / تنظيم العراق، كلهم صوتوا لصالح قانون العفو»، ومؤكدا أن «الجميع صوت إلا أنا ونوابًا آخرين رفضوا التصويت باستثناء بعض الفقرات التي تخص المواطن، أما المتعلقة بالإرهاب، ومنها الفقرات الثانية والثامنة والتاسعة، فلم نصوت عليها». وأشار إلى إنه سأل عمه المالكي: «أين كنتم؟ ولماذا لم تطرحوا رؤاكم عندما صوتت غالبية نواب دولة القانون وكتلة الدعوة خاصة إلا أنفار منهم، والآن بدأتم بالاعتراض؟»، لماذا لم يعترضوا هو وغيره منذ البداية، هذا هو سؤالي..
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الوطني الدكتور أحمد طه الشيخ علي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اعتراضنا هو على المواد التي ستكون منفذا لعبور الفاسدين والإرهابيين، وسنقدم طعنا وقع عليه نواب كتلة الدعوة ونواب آخرون من أجل تدارك هذا الخلل الذي مر من خلال التصويت عليه بالأغلبية، مع اعتراض وتحفظ كثيرين عليه للأسباب الآنفة».
من جهته، أكد القاضي رحيم العكيلي، الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة، الذي سبق له أن عد القانون فرصة جيدة للمستقبل، أن «القانون بالصيغة الحالية التي شرع بها انطوى على أخطاء كارثية في الصياغة والأسلوب إلى حد معيب ومخجل.
وأضاف العكيلي أن «كل مواد القانون هي 16 مادة وعدد كلماته كلها 1161 كلمة، ومع ذلك لم يتم ضبطها من الناحية القانونية أسلوبا ولغة، وهو أمر بالغ الأهمية، إذ إن المادة الخامسة منه، وهي أهم مواده لأنها تتعلق بالجرائم المستثناة من العفو، حيث منعت المادة جريمتين من الشمول بالعفو، وهما جريمة تخريب مؤسسات الدولة وجريمة محاربة القوات المسلحة، وأردفتهما مع استثناء الجرائم الإرهابية، غير أن هاتين الجريمتين غير معروفتين اسما ووصفا بالقانون العراقي، فتكون تلك العبارات مجرد عبارات إنشائية لا وجود لمعنى قانوني محدد لها، مما يجعل عملية تأويلها وتفسيرها عند التطبيق تخضع لأهواء وأمزجة مختلفة».
وأشار العكيلي إلى أن «هناك عدم وضوح في الجرائم الإرهابية، إذ إنه ليس واضحا ما إذا كان القانون قد أعفى الفاعل الأصلي، وأمسك بمن حرض أو شارك، أم العكس، إذ إن الصياغة الملتبسة للقانون جعلتها عائمة إلى حد كبير». ويتابع العكيلي أن «المشرع أشار إلى الجماعات التكفيرية، ويقصد الإرهابية، بينما القانون العراقي لا يعرف مصطلح الجماعات التكفيرية، ومثله استخدام مفردة السبي مع المادة الخاصة بالاتجار بالبشر، وهذه أيضًا ملتبسة، لأننا نعرف من حيث الجانب القانوني الاتجار بالبشر، لكن لا يوجد في القانون العراقي مصطلح السبي، مثلما تستخدمه الجماعات التكفيرية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».