توغلت الدبابات التركية أكثر إلى العمق السوري، أمس، حيث اندلعت اشتباكات في قرية العمارنة الواقعة نحو 8 كلم إلى الجنوب من مدينة جرابلس، بينما تضاربت الأنباء حول السيطرة على القرية. وفيما قالت مصادر في «الجيش السوري الحر» إنها سيطرت على القرية، قال: «المرصد السوري» إن القوات التركية والفصائل فشلت بالسيطرة على قرية العمارنة. وتزامنت المعارك مع توسيع «قوات سوريا الديمقراطية» و«قوات وحدات حماية الشعب» الكردية سيطرتها على قرى بريف الرقة الغربي، فيما بدا أنها تتجه نحو مدينة الطبقة وسد الفرات، بهدف تقليص خطوط إمداد التنظيم المتشدد باتجاه معقله، في وقت شن التنظيم عمليات ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في الشدادي بريف الحسكة، إلى الشرق من الرقة، أسفرت عنه وقوع قتلى بين الطرفين.
وأفادت مصادر عسكرية بأنه تم الدفع، أمس، في اليوم الخامس لعملية «درع الفرات» بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى بلدة جرابلس التي شهدت مواجهات، مساء السبت، أسفرت عن مقتل جندي تركي وإصابة ثلاثة آخرين.
وشوهدت شاحنة ذخيرة عسكرية وناقلات جند مدرعة تعبر الحدود برفقة دبابتين اتجهت من بلدة كاراكاميش الحدودية التركية صوب مدينة جرابلس التي تشهد مواجهات ضارية في جميع أرجائها.
وقالت مصادر أمنية، إن الطائرات الحربية والمدفعية التركية قصفت أهدافا تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا أمس.
وأعلن الجيش التركي مقتل 25 من عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب التركي في قصف بطائرات إف 16 على أهادف تابعة للقوات الكردية التي انطلقت منها صواريخ ليلة السبت أصابت دبابتين تركيتين؛ ما أدى إلى مقتل جندي تركي وإصابة 3 آخرين.
وقالت رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش التركي في بيان على موقعها الإلكتروني: إن الطيران التركي قصف 5 مبان لـ«العمال الكردستاني» ووحدات «حماية الشعب الكردية» في المنطقة.
وشدد البيان على أن القوات المسلحة التركية التي تقدم الدعم لعمليات التحالف الدولي والجيش الحر توخت أعلى درجات الحذر حتى لإ يصاب المدنيون في المنطقة بأي أذي.
وكانت مصادر عسكرية تركية أعلنت مساء السبت أن جنديا قتل وأصيب 3 آخرون في الهجوم إثر استهداف مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي بصواريخ دبابتين كانتا على بعد 6 إلى 7 كم جنوبي جرابلس.
وقالت المصادر إن «الجيش التركي رد بقصف مواقع الحزب بالمدفعية»، وأشارت إلى مواصلة قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا تقدمها في منطقة جرابلس في إطار عملية «درع الفرات» التي انطلقت فجر الأربعاء الماضي بهدف تطهير المنطقة من المجموعات الإرهابية وبخاصة تنظيم داعش.
وأقيمت جنازة رسمية في محافظة دوزجه شمال غربي تركيا للجندي التركي الذي قتل في الهجوم، بعد نقله إلى مسقط رأسه، كما نقل الجنود الثلاثة إلى المستشفى داخل غازي عنتاب جنوب تركيا للعلاج.
وتعتبر هذه المواجهة هي الأولى منذ أرسلت تركيا دباباتها إلى الأراضي السورية في إطار عملية درع الفرات.
كما اشتبكت قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا السبت مع قوات يدعمها الأكراد في شمال سوريا، وقالت مصادر أمنية تركية إن طائرتين تركيتين إف 16 قصفت موقعا تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جزء من قوات سوريا الديمقراطية. وأضافت المصادر أن الطائرتين قصفتا أيضا ستة أهداف تابعة لتنظيم داعش الإرهابي.
وقالت مصادر تركية إن «مقاتلي الجيش الحر المدعومين من تركيا وسعوا سيطرتهم إلى ما وراء جرابلس وانتزعوا 5 قرى جديدة، غرب مدينة جرابلس بريف حلب في سوريا في إطار عملية (درع الفرات)، هي بير تحتاني وبير فوقاني والحلوانية والحمير وتل شعير (تبعد نحو 9 كلم عن مدينة جرابلس) بعد معارك مع تنظيم داعش الذي أُجبر على الانسحاب تحت كثافة نيران المدفعية التركية والتقدم البري للجيش الحر».
وأضافت أن «المعارك غربا تأتي ضمن المرحلة الثانية لعملية (درع الفرات)، التي تهدف إلى تنظيف الشريط الحدودي كاملاً من تنظيم داعش، وكذلك طرد قوات وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة».
وأظهر تسجيل مصور نشره الجيش التركي موظفي الهلال الأحمر التركي وهم يوزعون أغذية ومساعدات على السكان في جرابلس بمساعدة القوات التركية وقوات الجيش الحر.
من جهته، قال الباحث السياسي الكردي، والقيادي السابق في كوباني إدريس نعسان لـ«الشرق الأوسط» إن مجلسي منبج وجرابلس العسكريين، والقوات المؤازرة من «جيش الثوار»: «تصدت، أمس، للهجوم على قرية العمارنة وأعطبت 3 دبابات، فيما نشط الطيران التركي منذ ليل أمس حتى الصباح على خط قصف مواقع المجلسين»، مشيرًا إلى أن المعارك «أسفرت عن وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين، بينهم مقاتلون في القوات التركية»، وأن المعارك «أسفرت عن تدمير دبابة تركية وإعطاب دبابتين أخريين»، وهي الحصيلة التي تحدث عنها «المرصد السوري» أيضًا.
يأتي ذلك في ظل تمدد القوات التركية وحلفائها في «الجيش السوري الحر» على خطين متزامنين، الأول نحو منبج جنوبًا، والآخر نحو ريف مدينة الراعي الحدودية مع تركيا غربا. وقال نعسان إن المؤشرات «تقود إلى أن تركيا تسعى للتمدد باتجاه اعزاز والباب، كما تحاول استعادة السيطرة على منبج» التي انتزعها الأكراد وحلفاؤهم في منتصف الشهر الحالي من سيطرة «داعش» بعد معارك دامت 72 يومًا. وقال نعسان: «التمدد التركي، يؤشر بوضوح إلى أن تركيا تريد أن تضمن عدم بقاء قوات سوريا الديمقراطية وحلفائها غرب نهر الفرات خشية إنشاء فيدرالية شمال سوريا، وتريد فرض مزيد من الحصار على الإدارات الذاتية شرق الفرات عبر هلال يمتد من اعزاز باتجاه الرقة»، مشككا في الوقت نفسه من أن تكون أنقرة قادرة على ذلك «بالنظر إلى استعداد المجالس المحلية في المنطقة لمقاومة هذا المخطط».
وبينما يبدو هذا المخطط متوقعا على المدى الطويل، إلا أن التوجه إلى منبج يبدو أكثر واقعية في هذا الوقت. فقد نقلت وكالة «رويترز» عن العقيد أحمد عثمان، قائد جماعة «السلطان مراد» المقاتلة إلى جانب القوات التركية في ريف جرابلس، قوله إن «القوات المعارضة المدعومة من تركيا تتوجه بالتأكيد باتجاه منبج لأن قوات سوريا الديمقراطية لم تخل مواقعها ولكن قامت بالتحصين»، رغم أن «قوات سوريا الديمقراطية» كانت أعلنت قبل يومين انسحابها من المنطقة باتجاه شرق الفرات. وقال عثمان إن الوقت المتوقع للتقدم إلى منبج والسيطرة عليها «سيكون أيامًا قليلة».
في غضون ذلك، أفاد «المرصد السوري» بأن طائرات تركية استهدفت مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري المدعوم منها في ريف منبج الشمالي، فيما تضاربت الأنباء حول مقتل أكثر من 20 مدنيًا في قصف تركي استهدف قرية بئر كوسا جنوب جرابلس.
وأفاد «المرصد السوري» وقياديون أكراد، بمقتل 35 مدنيا على الأقل، وإصابة نحو 75 آخرين بجروح جراء قصف مدفعي وجوي تركي على قريتين في شمال سوريا، في أكبر حصيلة لقتلى مدنيين منذ بدء أنقرة وفصائل معارضة هجوما في المنطقة منذ خمسة أيام، موضحًا أنه «قتل عشرون مدنيا على الأقل وأصيب نحو خمسين آخرين بجروح جراء قصف مدفعي وجوي تركي صباح الأحد على قرية جب الكوسا على بعد 14 كيلومترا جنوب مدينة جرابلس التي يسيطر عليها مقاتلون محليون منضوون في مجلس جرابلس العسكري المدعوم من المقاتلين الأكراد». كما أحصى المرصد، أمس، مقتل 15 مدنيا وإصابة 25 آخرين بجروح «جراء مجزرة نفذتها الطائرات التركية باستهدافها مزرعة قرب قرية مغر الصريصات الواقعة جنوب جرابلس». وبحسب المرصد، فإن عائلات نازحة من القرى المجاورة لجرابلس كانت تقيم في المزرعة.
إلى ذلك، أطلق المقاتلون الأكراد معركة للتقدم بريف الرقة الغربي، تستهدف «الوصول إلى مدينة الطبقة» في الريف الغربي لمحافظة الرقة، بهدف «قطع خطوط إمداد تنظيم داعش إلى معقله في الرقة من اتجاه ريف حلب الشرقي عبر تقليص خطوط إمداده على سد الفرات في مدينة الطبقة»، بحسب ما قال عضو تجمع «الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الهجمات التي أطلقتها «قوات سوريا الديمقراطية» «تقع في جنوب شرقي سد تشرين على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وشاركت فيها طائرات التحالف الدولي بضربات تكتيكية»، مؤكدًا أن القوات المهاجمة «تقدمت في عدد من القرى، وباتت على مسافة تقارب الـ35 كيلومترًا من مدينة الطبقة».
وأفاد تجمع «الرقة تذبح بصمت» بسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي على قرى «البغل – تل عثمان – النفيلة – أم جحاش – شمس الدين» التي تبعد عن ناحية الجرنية ما يقارب الـ10 كم في ريف الرقة الغربي، حيث سيطرت القوات على غالبية أنحاء هذه القرى، ولا تزال مستمرة في التقدم بتغطية جوية من التحالف الدولي. وأشار إلى أن المعارك «تدور في قرية الخاتونية على الطريق المؤدي إلى سد تشرين وفي وادي جهنم، حيث شنّ تنظيم داعش هجومًا بسيارة مفخخة في قرية النفيلة».
وفيما بدا أن هذا التقدم يسابق قوات النظام السوري إلى مدينة الطبقة الاستراتيجية التي تعتبر أول خط دفاع أساسي عن الرقة، قال الرقاوي إن النظام «لا يستطيع التقدم بعد فشل محاولته السابقة قبل ثلاثة أشهر، بالنظر إلى أنه يتقدم في منطقة صحراوية ومكشوفة تجعله صيدًا سهلاً لـ(داعش)».
وفي سياق متصل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل العشرات من عناصر تنظيم داعش جراء إصابتهم في الهجوم العنيف، الذي نفذوه على قرى تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» بريف مدينة الشدادي، حيث ترافق الهجوم مع تفجير آليات مفخخة واستهدافات متبادلة وقصف مكثف ومتبادل، في حين قضى 10 مقاتلين على الأقل من «قوات سوريا الديمقراطية» في الاشتباكات.
{الحر} يتجه إلى منبج.. والأكراد يسابقون النظام إلى «الطبقة» بريف الرقة
مقتل العشرات من «داعش» جراء هجوم على ريف مدينة الشدادي
{الحر} يتجه إلى منبج.. والأكراد يسابقون النظام إلى «الطبقة» بريف الرقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة