وصلت الرواتب أرقامًا قياسيًا هذه الأيام، حيث يزداد الأغنياء غنى، وترتفع الأرقام طوال الوقت. قد تعتبر هذه نقطة مناسبة للسؤال عن كم يستغرق الأمر قبل أن نكون على موعد مع أول لاعب يحصل على مليون دولار في الأسبوع. سيحدث هذا بأسرع مما تتخيل، استنادًا إلى مقابلة أجريت مؤخرًا مع واحد من أقوى وكلاء لاعبي كرة القدم. يقول جوناثان بارنيت: «لا أعتقد بأن الفقاعة ستنفجر. حجم صناعة كرة القدم يزداد باستمرار، وستستمر أيضًا أسعار اللاعبين في الزيادة. إذن، بمقتضى هذا، هل يحصل لاعب ما على 50 مليون جنيه إسترليني في العام؟ أعتقد أن هذا سيحدث قريبا جدا».
وبارنيت، لمن لا يعرفون الاسم، في وضع يسمح له بتقييم الأمور، بالنظر إلى أنه وكيل أعمال النجم السوبر غاريث بيل، ضمن قائمة موكليه، وساهم في انتقال بيل من توتنهام هوتسبير إلى ريال مدريد، مقابل 85 مليون جنيه، وهو ما جعل المهاجم الويلزي - وقتها وقبل أن يخطف بول بوغبا اللقب منه أغلى لاعب على وجه الكوكب. وهو لا يفوت فرصة للحديث عن هذه الصفقة بتواضع مفرط. يقول: «لكي تكون قادرا على أن تقول إنك أتممت أكبر صفقة في التاريخ هو أمر خيالي، والناس ينظرون إلي بطريقة مختلفة. تحدثت مع لاعب بالخارج، وأراد والده ووالدته التقاط صورة معي، وهذا لأنهما كانا يقولان لنفسيهما: (هذا هو الرجل الذي أنجز الرقم القياسي العالمي في صفقات كرة القدم). أتعرض للكثير من هذا. معظم عائلات اللاعبين بالخارج يحرصون على التقاط الصور معي».
والآن فقد تجاوزت صفقة انتقال بول بوغبا من يوفنتوس إلى مانشستر يونايتد، هذه الصفقة، بعدما رفعت الرقم القياسي العالمي إلى 89.3 مليون جنيه، ولا غرابة أن ينظر كثير من الناس إلى هذا الرقم باعتباره مغالى فيه، خاصة وأن وكيل اللاعب في هذه الحالة، مينو رايولا، حصل وفق تقارير على ما يقرب من 25 مليون جنيه. من اللاعبين الآخرين الذين يعمل رايولا وكيلا لأعمالهم، زلاتان إبراهيموفيتش وهنريك مخيتاريان ومن المفترض أنه سعيد لقدرته على التواصل سريعا مع نائب الرئيس التنفيذي ليونايتد، إد وودوارد. ولنضع الأمور في هذا النصاب، فإن رايولا ربح من صفقاته الكثيرة هذا الصيف، أكثر مما كان يحصل عليه السير أليكس فيرغسون، خلال أية فترة تمتد 5 سنوات قبل 2010، عندما كان يحكم مانشستر يونايتد في أوج مجده.
على الجهة الأخرى، كل ما عليك أن تنظر إلى التفاوت في مستويات الربح في كرة القدم الإنجليزية. على سبيل المثال، فإن النسبة التي حصل عليها وكيل لاعب فريق بارنسلي الأسبق جون ستونز عندما انتقل من إيفرتون إلى مانشستر سيتي، بقيمة 47.5 مليون جنيه إسترليني، والتي بلغت 6.8 مليون جنيه إسترليني، هي أعلى من الدخل السنوي الكامل لنادي يوركشاير، كما ورد في ميزانيته الأخيرة، والمقدر بـ4.8 مليون جنيه إسترليني.
بعد ذلك هناك القصة التي وصلتني في وقت سابق من الصيف، عن بحث فريق بورت فيل عن مدرب جديد. أجرى النادي مقابلة مع نيل ريدفيرن، ولاقى الرجل استحسان مسؤولي النادي الذي احتل منتصف الجدول في الدرجة الثالثة «ليج ون» الموسم الماضي. لكن المحادثات انهارت عندما علم ريدفيرن أن راتبه سيكون 40 ألف دولار سنويا - وهو أقل مما يمكن أن يحصل عليه أي عامل مسؤول عن إعداد لوازم اللاعبين بالتدريبات في كثير من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ).
الفجوة آخذة في الاتساع بالتأكيد، وهكذا تسير الأمور في كرة القدم منذ زمن، وربما علينا أن ندرك أن الشكوى من هذا الأمر الآن لن تغير أي شيء. ومع هذا، فليس معنى هذا بالضرورة، أن نضطر لأن نقبل بها بهذه الطريقة وكان من الصعب بالتأكيد قراءة آراء أرسين فينغر حول التغييرات المالية، من دون الإحساس بالانكماش الذي يأتي من الصعوبة المتزايدة في قبول أجزاء معينة من الرياضة.
تحدث فنيغر عن ثقافة تتعلق بتحول اللاعبين إلى أثرياء في وقت سابق لأوانه، وعندما سئل عن أكبر التغييرات، وهو يقترب من 20 عاما على رأس القيادة الفنية لآرسنال، ذكر نفوذ الوكلاء. قال: «قاتلت طوال حياتي لكي يربح لاعبو كرة القدم الأموال، لكن عندما تدفع لهم قبل أن يقدموا المردود المطلوب، يمكن أن يقتل هذا عطشهم لكرة القدم. أشعر بالخوف لأن لدينا الآن لاعبين دون 17 أو 18 عاما، يربحون مليون جنيه إسترليني سنويا. عندما كان إيان رايت يربح هذا الرقم، كان يحرز الأهداف، لكن هذا كان تهديدا لمستقبله. والآن بات اللاعب مليونيرا من قبل حتى أن يبدأ - لاعب ناشئ لم يلعب حتى». هم أصحاب ملايين إذا أردنا الدقة. الراتب المعتاد لـ«ناشئ من الطراز الأول» اليوم يصل إلى 40 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، وعقد يمتد إلى 4 سنوات - أي ما يوازي 8 ملايين جنيه إسترليني في المجمل.
لا تقلل من شأن التأثير السلبي لهذا الاتجاه في التعامل مع لاعبين في أعمار صغيرة جدا. كان عدنان يانوزاي يعتبر واحدا من أفضل اللاعبين الصاعدين موهبة عندما وقع على أول صفقة كبيرة له مع مانشستر يونايتد في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وكان عمره 18 عاما. وصفه مدرب يونايتد آنذاك، ديفيد مويز، بـ«كرويف الصغير»، وراء الكواليس. وكان يعرف أن ريال مدريد وبرشلونة وباريس سان جيرمان يسعون لخطف يانوزاي من مانشستر يونايتد. والآن، وبعد 3 سنوات، أصبح مرة أخرى تحت إشراف ديفيد مويوز عندما انضم إلى سندرلاند على سبيل الإعارة الذي كان قد اختار مويز مدربا جديدا له. لم يرغب جوزيه مورينهو في الاستعانة به في الوقت الحالي. ولم يكن لويس فان غال مقتنعا بأدائه. وتعاقد معه بروسيا دورتموند لموسم واحد على سبيل الإعارة، ثم أعاده قبل انتهاء إعارته بـ4 أشهر. يبلغ يانوزاي الآن 21 عاما، ويقال إنه مغرم بالعائدات المالية الكبيرة التي يحصل عليها لاعبو كرة القدم من النجوم، وربما ليس من قبيل الصدفة أن مسيرته بدأت تتخذ مسارا سيئا بعدما أبرم أول عقد له مدته 5 سنوات.
إن لاعبا لديه مثل هذا الغموض في الأولويات لا يجب أن يتوقع الكثير من التعاطف معه على خلفية التقارير التي تسربت والتي تشير إلى أنه يشعر بـ«الإذلال»، ويذكرني هذا بمحادثة مع أحد الأشخاص في مانشستر يونايتد قبل نهاية الموسم الماضي، والأنباء التي تسربت من داخل الفريق حول عدم شعور بعض اللاعبين الكبار بالرضا عما يجري مع زملائهم الصغار.
وكان نادي سندرلاند أجرى ثالث تعاقداته في غضون يومين بالتعاقد مع عدنان يانوزاي من مانشستر يونايتد على سبيل الإعارة.
ولحق يانوزاي ببادي مكناير ودونالد لوف، الذي انتقل بشكل دائم، وقال ديفيد مويز إنه فرصة جيدة للاعب ليظهر قدراته. وقال المدرب السابق لمانشستر يونايتد: «عدنان يحتاج أن يأتي ويقوم بالأعمال». وأضاف: «سيعطينا خيارات مختلفة لأنه يمكنه اللعب في مركزين أو ثلاثة، ولكن يجب أن أعيده لمستواه السابق الذي كان عليه منذ عامين». وتابع: «سيحصل على كثير من الفرص معنا وأنا أثق به لأنه أحد أفضل المواهب التي رأيتها في حياتي، وكان يلعب بجوار واين روني عندما كانيبلغ من العمر 18 عاما».
وقال جوزيه مورينهو أن يانوزاي لا يزال ضمن خططه المستقبلية. وقال: «لهذا تمت إعارته في نادي يلعب بالدوري الإنجليزي الممتاز». وأضاف: «إنه موهوب. ولكن مع فريق يضم أنتوني مارتيال وممفيس ديباي وآشلي يونغقد يعني هذا عدم حصوله على مباريات كثيرة. لا يمكننا أن نكون أنانيين». وتابع: «علينا أن نفكر في اللاعب. وأن نتركه يلعب. وأن نشاهده كل أسبوع في هذه البلاد. فهو مع مدرب يحبه كثيرا ولكننا نريد استعادته».
كان السؤال، كيف يمكن لناد تبرير عقد صفقة بقيمة 2.5 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع تيلر بلاكيت؟ وقع بلاكيت على عقد في فبراير (شباط) 2015، ولم يشارك إلا كبديل في مباراتين طوال الموسم، 27 دقيقة في المجمل. وفي الموسم الماضي انضم إلى سيلتيك على سبيل الإعارة، وبعد يومين تحدثت مع شخص شاهد أول مشاركة له في اسكوتلندا. كان الحكم على بلاكيت هو: «كان أداؤه يشكك في أن هذا كان لاعبا في مانشستر يونايتد». شارك بلاكيت أساسيا في مباراتين فقط، ولم يظهر بقميص سيليتك في أي مباراة في الدوري بعد ذلك. انتقل صاحب الـ22 عاما الآن أن ريدينغ على سبيل الإعارة من جديد، والأمر هو: ليس هناك الكثير جدا من الأندية التي تريد أن تدفع راتبا يصل لـ20 ألف جنيه في الأسبوع.
وتكمن الصعوبة في معرفة ما الذي يمكن عمله لتغيير هذه الثقافة، في الوقت الذي تتدفق فيه الأموال بشكل أكبر من أي وقت مضى في البريميرليغ، وتريد الأندية تجنب أن تتعرض للاستنزاف ماليا على طريقة ما حدث في الفترة الأولى التي قضاها بوغبا في أولد ترافورد، عندما لم يحصل على الأموال التي يريدها وفسخ تعاقده ليحصل على اتفاق أفضل في يوفنتوس.
أعلن الآن شيرر في 1999: «لن يكون هناك أبدا أفضل من هذا الزمان لأن تكون لاعب كرة قدم». لكنه كان مخطئا. في الموسم الحالي، ومع صفقة البث التلفزيوني الجديدة، هناك كثير من المكاسب المالية، لدرجة أن الأندية التي تحتل قاع الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) ستربح عائدات مالية تفوق ما يحصل عليه الفائز بلقب الدوري الألماني (البوندسليغا). ومن المتوقع أن تظهر جميع الأندية الـ20 في البريميرليغ في قائمة أغنى الأندية، عندما تعلن شركة «ديلويت»، قائمتها لأغنى 30 ناديا في العالم، وهو ما يعني أن لدينا الآن بطولة دوري كسر فيها كل من بورنموث وكريستال بالاس وليستر ومانشستر يونايتد وسوانزي وواتفورد ووستهام أرقامهم القياسية فيما يتعلق بالصفقات هذا الصيف. وفعل إيفرتون نفس الشيء هذا الأسبوع، عندما ضم مهاجم الكونغو الديمقراطية يانيك بولاسي بعقد يمتد لخمس سنوات قادما من كريستال بالاس. ولم يتم الكشف عن قيمة الصفقة لكن وسائل إعلام بريطانية أشارت إلى أن إيفرتون دفع مبدئيا 25 مليون جنيه إسترليني.
وهناك دلالة كبيرة فيما يتعلق بالجانب المالي، عندما تستطيع أندية مثل ستوك أن تعرض 20 مليون جنيه إسترليني لضم ساديو بيراهينو، وكذلك استعداد ويست بروميتش الآن لدفع 25 مليون جنيه إسترليني مقابل الحصول على خدمات كريستيان بنتيكي بعد أن أعلن نادي كريستال بالاس الأسبوع الماضي عن تعاقده مع المهاجم البلجيكي الدولي من صفوف ليفربول في صفقة بلغت قيمتها 27 مليون جنيه إسترليني.. ومن الواضح أن سعر بنتيكي يتراوح الآن بين 25 إلى 30 مليون جنيه، وعندما يحصل لاعب بمستواه على أرقام كهذه، يصبح من الواضح لماذا تدفع الأندية أموالا أكبر مما سبق لنجومهم الصاعدين.
ليس هناك أي حل سهل، لكن قد ينبغي على المسؤولين عن كرة القدم النظر فيما إذا كان من الممكن وضع سقف لمرتبات اللاعبين ارتباطا بالفئة العمرية. وقد تم بحث هذا، بحسب دان أشوورث، المدير الفني لاتحاد كرة القدم، وقد يكون إدخال صناديق الائتمان فكرة جيدة، بمعنى أن يحصل اللاعبون على جزء من أجورهم، فيما يتم الاحتفاظ بالمبلغ الباقي لمرحلة متأخرة من مسيرتهم.
وللأسف، ليس من السهل دائما أن تعرف ما الذي يفعله الأشخاص المعنيون لعلاج هذه المشكلة. أجرى كولين غوردن، وهو وجه آخر من وكلاء اللاعبين البارزين، مقابلة مؤخرا من أجل كتاب عن أزمة المنتخب الوطني الإنجليزي، وحكى قصة عن اجتماع مدته ساعتين مع غريك دايك، رئيس الاتحاد الإنجليزي آنذاك، لاقتراح فكرة صندوق الائتمان. يتذكر قائلا: «أعجب دايك بالفكرة. قال إنها جميلة، ورائعة، وطلب مني أن أرسل له رسالة على بريده الإلكتروني». أرسل غوردن رسالة لدايك، وبعد ذلك؟ يقول: «لم أتلق منه أي رد أبدا».
في الدوري الإنجليزي.. الأغنياء يزدادون غنى والصغار يزدادون جشعًا
كم يستغرق الأمر قبل أن نكون على موعد مع أول لاعب يحصل على «مليون إسترليني» في الأسبوع؟
في الدوري الإنجليزي.. الأغنياء يزدادون غنى والصغار يزدادون جشعًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة