مصر: تلاسن بين {الثقافة} والأزهر على خلفية انتشار العنف الديني

الوزير النمنم: التعليم الأزهري سبب التطرف.. و«البحوث الإسلامية»: غياب دور الوزارة أدى للإرهاب

مصر: تلاسن بين {الثقافة} والأزهر على خلفية انتشار العنف الديني
TT

مصر: تلاسن بين {الثقافة} والأزهر على خلفية انتشار العنف الديني

مصر: تلاسن بين {الثقافة} والأزهر على خلفية انتشار العنف الديني

تصاعد التلاسن بين وزارة الثقافة المصرية والأزهر، أمس، على خلفية اتهام وزير الثقافة حلمي النمنم للأزهر، بأن مناهجه هي سبب انتشار العنف الديني في مصر. وردّ مجمع البحوث الإسلامية (أعلى هيئة دينية بالأزهر) على الاتهام باتهام مضاد، قائلا إن «تراجع وغياب دور الثقافة في مناطق مهمة من البلاد أدى لنشر العنف».
وتتوتر العلاقة بشكل دائم بين الأزهر والثقافة، ويقول مراقبون إن وزير الثقافة المصري تجنب من قبل افتعال المعارك حول أحقية التصدي لتجديد الخطاب الديني الذي طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي بين الوزارة والأزهر، وعلق أكثر من مرة على أنه ليس في صراع مع المؤسسة الدينية الرسمية. لكن «النمنم» خرج عن الدبلوماسية بتصريحه الأخير، ليسير على نفس نهج وزير الثقافة الأسبق الدكتور جابر عصفور، الذي يشن دائما هجوما على الأزهر وشيخه ومناهجه، وطالب في يوليو (تموز) الماضي بإلغاء الكليات العملية من جامعة الأزهر، وشن وقتها وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان هجوما شديدا عليه.
وسبق أن دافع الوزير النمنم، قائلا: «عندما تعرض الأزهر للهجوم كنت أقوى شخص دافع عنه، سواء في زمن الرئيس الأسبق حسني مبارك أو بعده حين حاولت التيارات الإرهابية اقتحامه فكريا في 2011.. وإنه إذا كان هناك تيار متشدد داخله فشيخ الأزهر وقياداته ضد هذا التشدد». وفي يوليو عام 2014 كتب وكيل الأزهر مقالا تحت عنوان «الخطاب الديني ووزارة الثقافة» وهاجم وقتها إصدارات «مكتبة الأسرة» ووصفها بأنها تحمل من الفجور اللا ديني ما لم يسبق له مثيل في تاريخ الخطابات الدينية في أي بلد من بلاد الإسلام.
وقال وزير الثقافة المصري خلال الجلسة الختامية لمؤتمر «السلام المجتمعي» الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية تحت عنوان «دور المجتمع المدني في مواجهة العنف» أول من أمس، إن «المجتمع المصري يجب أن يتحلى بالشجاعة ومواجهة ظاهرة العنف، حيث يعاني المجتمع من قصور في النواحي الثقافية والتعليمية، وذلك يرجع إلى عدة أسباب منها، توغل التعليم الأزهري في مصر، حيث يشكل التعليم الأزهري نسبة كبيرة في مصر، وهو أمر لا بد من إعادة النظر فيه، وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية».
وأثارت تصريحات الوزير المصري حالة من الغضب داخل الأزهر، وسط مطالبات للرئيس السيسي بضرورة عزله من منصبه؛ لأنه يخلق أزمة في وقت تحتاج مصر فيه لتكاتف جميع الجهود لمحاربة الإرهاب. وقال الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر: «في الوقت الذي يفخر فيه كل مصري بالحفاوة العالمية للأزهر وشيخه، نرى وزير ثقافتنا في مصر يتهم الأزهر بالعنف ويود تحجيمه، وكأنه يقول للعالم لا تصدقوا أن مصر بها أزهر يُحترم ولا ترسلوا أبناءكم لمصر الأزهر، ولا أدري كيف يبقى مثل هذا وزيرا مصريا يخدم مصر ويقدمها للعالم بهذه الصورة دون خجل؟». فيما دشن عدد من محبي الأزهر حملة ضد وزير الثقافة على موقعي التواصل الاجتماعي ««فيسبوك» و«تويتر»، وطالبوا بإقالته، وبأن تكف وزارة الثقافة عن الإساءة لرموز الأزهر.
من جانبه، قال الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: «من الأمور التي ينبغي التذكير بها اضطلاع الأزهر، ووزارات الثقافة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والإعلام، والكتاب والمبدعين، بمهام مواجهة العنف في المجتمع».
وأضاف عفيفي في بيان له أمس، أن روح الإنصاف تقضي أن يذكر وزير الثقافة أن من أسباب انتشار العنف الديني في مصر هو تراجع؛ بل غياب دور الثقافة في مناطق مهمة في مصر، لعل من أبرزها المحافظات الحدودية كمطروح والمدن التابعة لتلك المحافظة، وحلايب وشلاتين وأبو رماد وعدد كبير من مدن وقرى الصعيد، كما أنه من حق كل مواطن أن يسأل أين دور وزارة الثقافة في تلك المناطق؟ وما مظاهر نشاط الوزارة في ملف «العنف الديني»؟.
ونوه عفيفي بقوافل التوعية التي يرسلها الأزهر إلى تلك المناطق وغيرها من مدن مصر لأجل مواجهة العنف الذي يحاول التمترس بالدين. ولمح عفيفي إلى أن الخلفية العلمية التي تنطلق منها هذه الجهود تنبع من روح التعليم الأزهري الذي يرفض العنف ويواجه الفكر المتطرف من خلال المناهج العلمية التي ترسخ للتعددية الدينية والمذهبية الفكرية، التي نهل من معينها أساطين الفكر ممن درسوا في الأزهر ونشروا علومه في الداخل والخارج؛ مما أكسب هذه المؤسسة ثقة العالم أجمع، مشيرا إلى أننا لسنا بحاجة إلى سرد جهود الأزهر في هذا المجال؛ ولكن أين المؤسسة التي تصدت لمواجهة تيارات الغلو والتطرف ومن حاولوا استخدام الدين لخدمة الأغراض السياسية؟.
واستطرد قائلا: «إن انزعاج وزير الثقافة من مساحة التعليم الأزهري انزعاج في غير محله، فكان الأحرى به أن يذكر أن الأزهر هو الذي حمى مصر من العنف وهو الذي يواجه تياراته، والدليل على ذلك موقف الأزهريين الرافض للعنف والإرهاب على مر التاريخ».
وأكد عفيفي أن ما يبذله الأزهر بتعليمه الوسطي في مواجهة الغلو والتطرف لا يدركه إلا كل منصف وموضوعي؛ لكن يبدو أن الهجوم على الأزهر أصبح بمثابة شهادة براءة وإعلان بعدم تحمل المسؤولية في مواجهة الإرهاب والعنف الذي بات يهدد سلامة الوطن، فلماذا لم يتحدث وزير الثقافة عن نصيب وزارته ومهامها في مواجهة العنف؟ وما حظ المواطن في تلك المناطق من الثقافة؟.
يأتي هذا في وقت يواصل فيه الأزهر تطوير مناهجه التعليمية، وانتهى من جزء كبير منها، عن طريق لجنة مشكلة من كبار أساتذة جامعة الأزهر تحت قيادة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر – بحسب مصدر مطلع - .
في السياق ذاته، رفضت الدعوة السلفية وحزبها «النور» اتهام وزير الثقافة للأزهر بنشر العنف، وقال الداعية السلفي سامح عبد الحميد، إن «الإرهابيين ليسوا من خريجي الأزهر، ومناهج الأزهر لا تحض على التطرف والعنف؛ بل تحض على الأخلاق والقيم والتحضر، والتكفيريون درسوا مناهج منحرفة ولم يدرسوا مناهج الأزهر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.