مصر.. دَفعة قوية لحل القضية الليبية

وسط مخاوف من تسلل الدواعش إلى حدودها الغربية

مصر.. دَفعة قوية لحل القضية الليبية
TT

مصر.. دَفعة قوية لحل القضية الليبية

مصر.. دَفعة قوية لحل القضية الليبية

مع اختفاء عدد لا يستهان به من تنظيم داعش الإرهابي المتطرّف من مدينة سرت، بوسط الشمال الليبي، تحت ضربات قوات محلية وبمساعدة من الولايات المتحدة الأميركية، تحوّلت العاصمة المصرية القاهرة أخيرًا إلى وجهة لأطراف سياسية وعسكرية متصارعة في ليبيا التي تعاني من تعدد الحكومات والقوى التي تحمل السلاح على الأرض ومن التدخلات الدولية. ومنذ بدء عملية قوات «البنيان المرصوص» التابعة لـ«حكومة الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج، ضد «داعش»، يبدو أن القاهرة فتحت الأبواب، لأول مرة منذ سقوط نظام معمر القذافي، لمختلف الأفرقاء الليبيين، في محاولة منها لإعطاء دفعة قوية للحل قبل أن تتفاقم الفوضى في هذا البلد المجاور لحدودها من ناحية الغرب، خاصة بعد أن رفض البرلمان منح الثقة للحكومة المقترحة من السراج.
تنخرط القاهرة في لقاءات مباشرة من جانب، ومن جانب آخر يبدو أنها تكتفي بالمراقبة من بعيد، فيما يتعلق بضيوف مثيرين للريبة، ومختلفين، يعقدون اجتماعات على أراضيها أيضا.
يأتي هذا وسط خشية مصر من تداعيات حروب صغيرة مستعرة في ليبيا، منذ نحو خمس سنوات، وإمكانية تحولها إلى نزاع أهلي يمتد لسنوات كثيرة، خاصة في ظل استمرار حالة التشرذم بين أكبر مجموعتين تملكان أسلحة وقوات نظامية وشبه نظامية؛ هما قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، الذي يحارب في الشرق ويسعى للتوجه غربا، وقوات «البنيان المرصوص» في الغرب، التي تحارب «داعش» في سرت وتلِّوّح بمواصلة الزحف ناحية الشرق.
تضع القاهرة هذه المرة الملف الليبي على اتساع الطاولة بغض النظر عن وجودها بشكل مباشر في بعض المفاوضات الجانبية. إنه ملف مكتظ بتناقضات كثيرة أهمها «ازدواجية السلطات والجهات التشريعية» الموجودة الآن بين بنغازي وطرابلس.. بل داخل طرابلس نفسها. ولقد تسببت في هذا الإرث المعقّد «دول غربية مهيمنة على الأمم المتحدة ومبعوثها إلى ليبيا مارتن كوبلر» كما يقول لـ«الشرق الأوسط» عيسى عبد المجيد، وهو زعيم قبلي ليبي ومستشار سابق لرئيس البرلمان. ومنذ بدء الوساطة الأممية للمصالحة بين الليبيين في أواخر عام 2014، حتى وصول السراج إلى طرابلس كممثل لـ«حكومة الوفاق»، في مارس (آذار) الماضي، لا يبدو أن الوفاق قد تم بعد.
من جانب آخر، يقول إبراهيم عميش، رئيس «لجنة العدالة والمصالحة وخارطة الطريق» في البرلمان الليبي: «إذا نظرتَ إلى بلادنا فسترى أن هناك أيدي تعبث فيها. الولايات المتحدة دخلت أخيرا على الخط بقوة»، في حين يضيف عبد المجيد موضحًا أن حكومة السراج، وبغض النظر عن رعايتها للحرب على «داعش»، تعد «حكومة مولودة ميتة.. حكومة دون روح شعبية»، حيث إنها لم تحصل على الثقة من البرلمان منذ اقتراحها قبل نحو خمسة أشهر.
في هذه الأثناء، يقول أحد المسؤولين الأمنيين المصريين الذين يعملون على الملفّ الليبي: «أخطر ما يمكن أن تواجهه في هذه المرحلة، هو تعدد السلطات في بلد يعج بالإرهابيين من الموالين لداعش وتنظيم القاعدة وجماعات أخرى مسلحة منتشرة في الشرق والغرب». ويشير المسؤول المصري، طالبا عدم الإفصاح عن اسمه لأنه غير مخول له الحديث للإعلام، في الوقت نفسه إلى أن نهاية مفاوضات الأمم المتحدة حول ليبيا.. «كما نراها هذه الأيام، أنتجت ازدواجية نخشى أن تكبر وتتحوّل إلى خطر داهم على الليبيين وعلى مصر أيضا».

خلايا نائمة؟
توجد مخاوف حاليًا من وجود خلايا نائمة للدواعش في مدن ليبية أخرى منها العاصمة نفسها. وكانت تقديرات غربية تقول إن عدد دواعش سرت ربما يصل إلى أكثر من أربعة آلاف. أين هم الآن؟ لا توجد إجابة، بينما دول الجوار تتحسّس حدودها. وحسب المسؤول الأمني المصري «لدينا حدود طولها 1150 كيلومترا مع ليبيا، ومهمة تأمينها تحتاج إلى شريك ليبي قوي، وهو غير موجود بالقدر الكافي، كما يبدو. لا توجد سلطة مركزية ولا جيش موحد يمكن التعويل عليه في منع تسلل الإرهابيين إلى أراضينا».
لكن، وفي إفادة عبر الإنترنت، أجاب مسؤول في «مركز دراسات الجنوب الليبي للبحوث والتنمية» عن أسئلة «الشرق الأوسط»، قائلا إنه من المنطقي ألا يفكر تنظيم داعش في التحرك نحو شرق ليبيا أو الجنوب الشرقي من ليبيا (في اتجاه حدود مصر). ويعمل باحثو المركز بعيدًا الأضواء خشية تعرضهم لأذى من الجماعات المتطرفة. وتابع المسؤول في مركز الدراسات شارحًا أنه، إلى جانب تكثيف القوات المصرية لوجودها على الحدود، فإن قوات رئاسة أركان الجيش الليبي برئاسة عبد الرزاق الناظوري، وهي تابعة لحفتر، تُحكم سيطرتها على كامل المناطق الشرقية والجنوب شرقية، التي يتشارك في حمايتها أيضا بعض المقاتلين والكتائب المحلية في مناطق الواحات والكفرة في الداخل الليبي.
ومع ذلك من الصعب الاكتفاء بقوات الأمن للحفاظ على الاستقرار. هناك كتلة الغرب الليبي، وهي ذات أهمية كبيرة في المعادلة. أو كما يقال: لكي تحل مشكلة ما لا بد أن تستمع إلى جميع أطرافها. وفي الحقيقة، كما يبدو من مناقشات جارية في القاهرة، فإن مصر منذ 2011 لم تكن تجنح لفتح الأبواب على آخرها لقيادات في طرابلس تعتمد في وجودها وفي قوتها على ميليشيات مسلحة وينتمي بعضها لتنظيمات متطرفة وجماعات مصنفة في مصر كمنظمات إرهابية. من بين هؤلاء «الجماعة الليبية المقاتلة» و«جماعة الإخوان»، و«أنصار الشريعة» وغيرها.
لكن الواقع تغيّر. وأدى مرور الأيام وتعدّد الأحداث وكثرة النزاعات إلى شعور الأطراف الليبية المتحاربة بالإرهاق، مع وجود مشتركات بين الجميع يقول معظمها إن «حل المعضلة السياسية في ليبيا» لا بد أن يكون عبر القاهرة، وإنه لا بد أيضًا من وقوف جميع الليبيين ضد انتشار الفارين من الدواعش في باقي البلاد أو عبر الحدود.

علاقات مصرية قوية
من المعروف أن مصر لديها علاقات قوية مع الكثير من الأطراف الليبية، في إقليم برقة في الشرق، وفي بعض مناطق الغرب، لكن انتقال البرلمان الليبي الذي جرى انتخابه في 2014 للعمل في المنطقة الشرقية، أوجد ذريعة لدى خصوم متحصنين في العاصمة طرابلس وأيضًا في مدينة مصراتة، للتلويح باتهام مصر بالانحياز إلى إقليم برقة حيث يوجد أيضًا مقر الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر.
وفي متغيّر لافت، تكشف مصادر من مدينة مصراتة، التي ينتمي إليها قادة يهيمنون على طرابلس وينبذون حفتر، عن قيام قيادات عسكرية من ميليشيات الغرب الليبي بزيارة القاهرة للمرة الأولى منذ سقوط نظام القذافي.. ولم يجر الإعلان عن هذه الزيارة من أي من الطرفين. لا من مصراتة ولا من القاهرة. وتشير المصادر إلى أن «المصراتيين التقوا برموز من نظام القذافي»، وأن أهم ملف جرى بحثه في هذا الإطار، هو «كيفية إنقاذ ليبيا من الانقسام إلى دولتين أو حتى دويلات.. وتوحيد الجميع للوقوف ضد خطر داعش».
أما الزيارة المعلنة، التي تعد أيضا زيارة نادرة تعزّز تواصل القاهرة مع أطراف في الغرب الليبي، على غير العادة، فهي تلك التي قام بها نحو أربعين نائبا غالبيتهم ممن يحسبون على جناح تأييد الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه في الصخيرات أواخر العام الماضي. واستقبل وزير الخارجية المصرية سامح شكري قبل أسبوعين، ممثلين عن نواب لهم رؤية مختلفة لحل الأزمة الليبية، من بينهم نائب رئيس البرلمان محمد شعيب.
ويقول عميش، وهو نائب عن بنغازي التي تشهد حربًا مستمرة منذ نحو عامين بين الجيش والمتطرفين، إن مصر «تحاول إيجاد حل وسط لإنهاء الفوضى لكن الطريق ما زال طويلا». بينما يشدد عبد المجيد على أن مصر «تساعد الليبيين بالفعل لكن ينبغي أن تبذل مجهودا أكبر». ويشير عبد المجيد إلى الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي أصبح يعيش فيها الليبيون جراء الانقسامات والاقتتال، والنزاع الداخلي الذي تقف وراءه، حسب قوله، بعض الدول الغربية.

لقاءات على النيل
وعلى ضفاف النيل بدأت كذلك مفاوضات بعيدة عن الأنظار وتجري فيها أغرب لقاءات من نوعها بين ممثلين لـ«الجماعة الليبية المقاتلة» التي سبق وأعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، وأنصار من النظام الليبي السابق. ولقد بدأت الفكرة أول الأمر في «سجن الهضبة» في طرابلس الذي يُسجن فيه وفي سجون أخرى بالعاصمة الليبية عدة آلاف من قيادات عهد القذافي. ويتحكم في «سجن الهضبة» قادة من «الجماعة المقاتلة». ومن بين هؤلاء المحكومين في «سجن الهضبة» عبد الله السنوسي، رئيس المخابرات القوي في عهد القذافي، والبغدادي المحمودي، آخر رئيس للوزراء أيام القذافي، وغيرهما. ولقد جرى إطلاق سراح المحكوم محمد الزوي من هذا السجن ليظهر بعدها بأيام في القاهرة. وللعلم، كان الزوي مسجونًا مع السنوسي والمحمودي، لكن «الجماعة المقاتلة» أطلقت سراحه لكي يكمل مفاوضات مع باقي أنصار النظام السابق المقيمين في مصر.
ومع أنه لا يوجد راهنًا ممثل مصري في هذه المفاوضات، فإن المصادر تقول إن القاهرة تتابع ما يجري. ويشارك في العملية ويراقبها كذلك زعماء وقادة قبليون من المحسوبين على نظام القذافي، من بينهم شخصيات من قبيلة القذاذفة نفسها التي ينتمي إليها أحمد قذّاف الدم، ابن عم القذافي ومبعوثه الشخصي لسنوات طويلة، ومن قبيلة المقارحة التي ينتمي إليها السنوسي، ومن قبيلة ورفلة أيضًا.
من جانبه يؤكد الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، وهو من قبيلة ورفلة، أنه من الشخصيات التي تراقب حوار «الجماعة المقاتلة» وبعض من أنصار النظام السابق، دون أن يشارك فيه، لكنه يضيف موضحًا ردًا على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا لم يتم الإفراج أولا عن السجناء وعودة المهجرين فسنكون كمن يضع العربة أمام الحصان».
قذّاف الدم، بدوره، من أبرز المشاركين في الحوار الذي يهدف بالأساس إلى إنهاء معاناة ألوف من سجناء النظام السابق ضمن خطة عامة لإنقاذ البلاد من الفشل. ويقول في مقابلة أثناء تحقيق «الشرق الأوسط» في الأمر أخيرًا، بشأن الأسئلة المطروحة عن غرابة هذا النوع من المفاوضات، إن «الهدف هو الوطن والدفاع عنه.. مثل هذه الحوارات لا تعني أن يستسلم أحدنا للآخر ولكن من أجل ليبيا ومن أجل الوطن».

ورقة ضغط
تبدو المفاوضات المعروفة باسم «مفاوضات سجن الهضبة» ورقة يمكن أن تسهم في الضغط، بطريقة ما، على «جماعة الإخوان» الليبية التي تنتمي إليها شخصيات متنفّذة في مجلس السراج الرئاسي، وفي قوات «البنيان المرصوص» التي تعود أصول غالبية عناصرها إلى مدينة مصراتة. وربما أدى هذا الأمر إلى فتح نافذة لبعض قيادات مصراتة للحوار مع الخصوم الليبيين في القاهرة. وأيا ما كان الأمر فقد أدت مفاوضات «الهضبة» إلى حراك في جبهة «الإخوان» وجبهة مصراتة، وبالتالي، داخل المجلس الرئاسي الذي يبحث حاليا إعادة تشكيل حكومة مصغرة لإرضاء البرلمان.
من جانبها تقول قيادات في «الجماعة المقاتلة» إنها لم تعد على صلة بـ«القاعدة»، وإنها تحوّلت إلى حزب سياسي ولا علاقة لها بالمجاميع المسلحة أيضًا. ويُعدّ أهم زعماء هذه الجماعة عبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف، وكانا من المقاتلين العرب في أفغانستان. أما الزوي المستمر في عقد لقاءات في العاصمة المصرية للتوصل إلى حل مع «الجماعة المقاتلة»، فهو معروف بأنه أحد الآباء الروحيين من مؤسّسي ثورة القذافي عام 1969، وهو يتمتع بخبرات سياسية ودبلوماسية وقانونية معتبرة، رغم أن بعض التسريبات التي خرجت في القاهرة كانت تريد الإيحاء بأن المفاوضات جارية مع قيادات من «جماعة الإخوان» الليبية. ويقول أحد المشاركين في اللقاءات إن هذا غير صحيح، وإن المفاوضات قائمة بالأساس مع «الجماعة المقاتلة».
الواقع أن نجاح قوات «البنيان المرصوص» في دحر «داعش» في سرت، منذ بدء الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة، دفع الآلاف من مقاتلي التنظيم إلى الفرار خارج المدينة. وبالتزامن مع هذا الأمر، وتحسبا لأي تداعيات يمكن أن تؤثر على أمنها القومي، استقبلت القاهرة النائب الأول لرئيس البرلمان الليبي، محمد شعيب، الذي يبدو أنه يميل إلى سرعة إنجاز «حكومة التوافق المقترحة». في البداية أكد شعيب لوزير الخارجية المصري سامح شكري على الحاجة للضغط على البرلمان لكي يعقد جلسة ينظر فيها أمر منح الثقة لحكومة السراج. وهذا ما حدث في النهاية، لكن النتيجة جاءت عكسية بعد أن رفض البرلمان حكومة السراج.
ويدعم النواب الذين جاءوا مع شعيب الاتفاق السياسي الذي توصلت إليه الأمم المتحدة في الصخيرات (المغرب)، على عكس نواب آخرين يرون في الاتفاق السياسي إقصاء لحفتر وعودة لحكم «جماعة الإخوان» و«الجماعة المقاتلة»، كما حدث في عامي 2012 و2013، وكان البرلمان وافق على «وثيقة الصخيرات» في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن الموافقة كانت مشروطة بإجراء تعديل في وثيقة الاتفاق وتضمينها في الإعلان الدستوري المعمول به بعد سقوط نظام القذافي. وهذا لم يحدث أيضًا.
منذ ذلك الوقت تجذّرت الخلافات وبدأت تلوح في الأفق بوادر انقسام البلاد. وحين بدأت الحرب على «داعش» ساد اعتقاد بأنها ستوحّد الليبيين حول حكومة واحدة، لكن يبدو أن ما حدث شيء مختلف. وبناءً عليه، وخوفًا من فقدان القدرة على مواصلة مطاردة الدواعش في باقي البلاد، بدأت محاولات جمع الليبيين تحت مظلة واحدة وإنهاء حالة الانقسام والاقتتال، وإدخال الجميع في طريق الوحدة.
عبد المجيد يشدد على أن «كوبلر هو السبب في حالة الانقسام، لأنه منذ البداية أقصى أطرافا أصيلة بعيدًا عن حوار الصخيرات. نحن نأمل أن تتسلم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الملف الليبي. نأمل أن تعمل مصر من أجل إنقاذ ليبيا، لأن أمن مصر من أمن ليبيا، خاصة أن تنظيم داعش بدأ يخرج من سرت ويتجه إلى الصحراء جنوبا وهذا، كما أرى، يمثل خطرا على مصر».
من جانبها، تقول مصادر أمنية مصرية إنها تراقب الوضع في ليبيا عن كثب، وهي تقرّ بأن هناك عناصر مصرية موجودة مع «داعش» ليبيا.. «كانت تقاتل مع التنظيم في مدينة درنة ثم انتقلت معه، منذ العام الماضي، للاستقرار في سرت. والآن يفرّون من المدينة ولا أحد يعرف إلى أين يمكن أن يتجهوا». ويرجح عبد المجيد أن يستقر الدواعش في الصحراء والجبال في جنوب ليبيا، ومن ثم، سيستمر خطر هؤلاء على الدولة الليبية وعلى دول الجوار، كما يقول محذرا.
استهداف الواحات الغربية
وللعلم، سبق لتنظيم داعش تنفيذ عمليات في غرب مصر قرب الحدود مع ليبيا من جهة الواحات (غرب مصر)، خاصة واحة الفرافرة، في انتقال لافت للنظر من مركزه في سيناء. وفي إفادته لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما يمكن أن يمثله «داعش» ليبيا من خطر على مصر، يقول «مركز الجنوب» إن الحدود الليبية المصرية «مؤمنة تأمينًا جيدًا من قبل القوات المصرية، كما أن التنظيم لن يخاطر بالهروب في اتجاه الجنوب الشرقي نحو مصر».
وفي حين يتزايد الزخم في طريق إيجاد حلول سياسية، على عدة أصعدة، بدلاً من النزاع العسكري، لا تخفي دول الجوار الليبي، بما فيها تونس والجزائر، مخاوفها من تسلل الدواعش الفارين من سرت إليها. وبينما تتزايد الضغوط على الأفرقاء الليبيين من أجل التخلص من خلافاتهم، وإنقاذ بلدهم، تبدو القاهرة أكثر مرونة من أي وقت مضى، لتحقيق هذا الغرض.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.