السياح وراء ارتفاع عدد ضحايا الزلزال في قرى إيطالية نائية

خبراء يناقشون الإجراءات الوقائية في بلد معرض لخطر الهزات الأرضية

عشرات من رجال الإنقاذ ينتشلون ضحيا الزلازال ويواصلون البحث عن أحياء (أ.ب)
عشرات من رجال الإنقاذ ينتشلون ضحيا الزلازال ويواصلون البحث عن أحياء (أ.ب)
TT
20

السياح وراء ارتفاع عدد ضحايا الزلزال في قرى إيطالية نائية

عشرات من رجال الإنقاذ ينتشلون ضحيا الزلازال ويواصلون البحث عن أحياء (أ.ب)
عشرات من رجال الإنقاذ ينتشلون ضحيا الزلازال ويواصلون البحث عن أحياء (أ.ب)

بعد أكثر من 24 ساعة على الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا، تطرح تساؤلات عن سبب ارتفاع حصيلة الضحايا في منطقة عدد سكانها قليل نسبيا، ولا تضم سوى قرى نائية. وردا على هذا السؤال، تحدث رئيس الحكومة الإيطالية عن وجود عدد كبير من السياح في هذه الفترة من السنة. وأشار إلى طابع مشترك لعدد كبير من القرى الإيطالية، وهو وجود مراكز تاريخية تعود إلى قرون: «جميلة جدا لكنها خطيرة».
وقال رئيس الوزراء في تصريحات للصحافيين: «هذا يوم للدموع وغدا بوسعنا أن نتحدث عن إعادة البناء».
وبدأ الإيطاليون حالة تعبئة أيضا. فقد فُتح عدد كبير من المراكز المخصصة لجمع التبرعات والملابس والمنتجات الأساسية في جميع أنحاء البلاد وخصوصا في روما.
وواصل عشرات من رجال الإنقاذ البحث في أطنان من الأنقاض صباح أمس الخميس، على أمل في العثور على ناجين بعد أكثر من 24 ساعة على الزلزال القوي الذي ضرب إيطاليا، وأسفر عن سقوط 247 قتيلا على الأقل. لكن لا شيء يدل على أن هذه الحصيلة نهائية، أو حتى على وشك أن تستقر لعدم توفر عدد دقيق للمفقودين.
الزلزال الذي بلغت شدته 2.‏6 درجة، ضرب سلسلة بلدات جبلية تقع على بعد 140 كيلومترا شرق روما، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بينما كان معظم السكان نائمين، ودمر المئات من المنازل. وقال مسؤولون إنهم يتوقعون الإعلان عن مزيد من الوفيات مع استمرار عمليات البحث. وتغادر شاحنات تنقل الركام المنطقة كل بضع دقائق.
وقال سيرجو بيروزي رئيس بلدية أماتريتشي، إحدى القرى الثلاث التي دمرت كليا بفعل الزلزال، صباح أمس الخميس، إن «هناك أكثر من مائتي قتيل» في هذه القرية وحدها. لكن لم يؤكد هذا الرقم رسميا.
وصرحت المسؤولة عن الحالات الطارئة في الدفاع المدني الإيطالي إيماكولاتا بوستيليوني صباح أمس للصحافيين، أن عدد الجرحى في المستشفيات بلغ 264. ولم يذكر الدفاع المدني أي رقم عن عدد المفقودين. لكن أرقاما تتراوح بين 50 على الأقل ومئات عدة، تم التداول بها نهار الأربعاء وكان من الصعب تحديد عدد دقيق الخميس بحسب الدفاع المدني. وفي فندق روما في أماتريتشي الذي كان به نزلاء في معظم غرفه الأربعين ودمر تماما، كانت السلطات تفتقر إلى معلومات. من جهته، قال رئيس فرق الدفاع المدني في أماتريتشي، لويجي دانجيلو، إن مالك هذا الفندق أكد للمنقذين أن عددا من زملائه تمكنوا من الاحتماء في بداية الزلزال.
ويزداد عدد سكان هذه القرى السياحية الصغيرة خلال فصل الصيف، ما يعقد تحديد عدد الأشخاص الذين كانوا موجودين فيها لدى وقوع الزلزال. وكانت أماتريتشي تستعد للاحتفال في عطلة نهاية الأسبوع بعيد لطبقها الخاص من المعكرونة.
ولتسهيل عملية البحث عن مفقودين، وجه آلياندرو بيتروتشي رئيس بلدية أركواتا ديل ترونتو، نداء للناجين الذين غادروا قريته الأكثر تضررا. وعملت فرق الإنقاذ الإيطالية طوال الليل في طقس بارد، ووسط أجواء من القلق، إذ إن درجات الحرارة متدنية في هذه المنطقة الجبلية.
ووقعت عشرات الهزات الارتدادية التي شعر بها السكان ليلا، وكانت واحدة منها قوية وسببت أضرارا جديدة. ويحاول آلاف من المتطوعين والمحترفين كشف أي إشارة عن وجود أحياء. ولم تذكر بوستيليوني عثورا على ناجين محتملين خلال الساعات الماضية. لكن مسؤولا في فرق الإطفاء ذكر أنه تم العثور على آخر ناج في زلزال لاكويلا في 2009 بعد 72 ساعة.
وكان رجال الإطفاء قد عثروا الأربعاء وبعد عمل شاق، على فتاة تبلغ من العمر نحو 10 سنوات حية تحت الأنقاض. كانت الطفلة جورجيا في حالة صدمة على ذراعي مسعفها الذي حملها وسط هتافات الحشد، كما كشفت لقطات بثها التلفزيون الإيطالي. في المقابل عثر على شقيقتها ميتة. وأمضى عشرات السياح والسكان الذين دمرت منازلهم ليلتهم في قرى من خيام وبعضهم في سياراتهم.
وأسفر زلزال وقع في 2009 في منطقة لاكويلا غير البعيدة عن مكان الهزة الأرضية التي وقعت الأربعاء، عن سقوط 300 قتيل. لكنها كانت مدينة تضم عشرات الآلاف من السكان.
ويتساءل خبراء عن عدم كفاية الإجراءات الوقائية في بلد معرض كثيرا لخطر الزلازل. وقال رئيس مجلس علماء طبقات الأرض فرنشيسكو بيدوتو: «نقول منذ سنوات إننا لا نزال بعيدين عن ثقافة الوقاية».
وبعدما تفقد منطقة الزلزال، ترأس رئيس الوزراء الإيطالي بعد ظهر أمس الخميس اجتماعا للحكومة التي ستقرر إعلان حالة الطوارئ في المناطق المتضررة بالزلزال. وقال رينزي إن «عملا جادا ومتواصلا وثابتا سيجري في الأشهر المقبلة». وأضاف أن «الهدف هو البناء والانطلاق مجددا». ويأمل رئيس بلدية أركاتا ذلك، وإلا فإن قريته وقرى أخرى ستختفي بكل بساطة بعد أن سويت بالأرض.
وأشرقت شمس الخميس على السكان الذين تملكهم الخوف بعد أن أمضوا ليلتهم في سيارات وخيام، بينما كانت الأرض تهتز من تحت أقدامهم بفعل مئات التوابع الزلزالية. وفي ظهر الخميس دفعت هزة أرضية قوية شدتها 3.‏4 درجة رجال الإنقاذ إلى الفرار، بينما تساقطت الحجارة من برج أجراس أضير بشدة في كنيسة القديس أوجستين في أماتريتشي، التي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر. وكان الزلزال الأساسي من القوة بحيث شعر به سكان بولونيا في الشمال ونابولي في الجنوب، وتقع كلتا المدينتين على بعد أكثر من 220 كيلومترا من مركزه.
وكثير من القتلى والمصابين مصطافون في البلدات الأربع الأشد تضررا، وهي أماتريتشي، وبيسكارا ديل ترونتو، وأركواتا ديل ترونتو، وأكومولي، حيث يرفع الزوار عدد السكان عشرة أضعاف في الصيف، وهو ما يجعل من الصعب حصر عدد القتلى.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT
20

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».