دي ميستورا يعلن موافقة روسيا على هدنة إنسانية في حلب.. وينتظر ضمانات على الأرض

المعارضة تشترط لقبولها إدخال مساعدات إلى مناطقها أن يتم عبر طريق الراموسة

سوري يحمل طفلا مصابا جراء قصف جوي بالبراميل المتفجرة على حي باب النيرب شرق مدينة حلب أدى لمقتل 11 طفلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس (أ.ف.ب)
سوري يحمل طفلا مصابا جراء قصف جوي بالبراميل المتفجرة على حي باب النيرب شرق مدينة حلب أدى لمقتل 11 طفلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا يعلن موافقة روسيا على هدنة إنسانية في حلب.. وينتظر ضمانات على الأرض

سوري يحمل طفلا مصابا جراء قصف جوي بالبراميل المتفجرة على حي باب النيرب شرق مدينة حلب أدى لمقتل 11 طفلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس (أ.ف.ب)
سوري يحمل طفلا مصابا جراء قصف جوي بالبراميل المتفجرة على حي باب النيرب شرق مدينة حلب أدى لمقتل 11 طفلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس (أ.ف.ب)

أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أن روسيا «وافقت على هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة في حلب لإيصال المساعدات إلى المدنيين». غير أن المعارضة السورية، من جهتها، اشترطت موافقتها على هذه الهدنة، بإلزامية إدخال المساعدات إلى الأحياء الشرقية للمدينة عبر طريق الراموسة الواقعة تحت سيطرتها الفصائل، وليس من خلال معبر الكاستيلو الخاضع لسلطة قوات الأسد.
وأفاد مسؤولون في الأمم المتحدة، أمس، بأن موسكو «وافقت على هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة في مدينة حلب السورية المقسمة للسماح بتوصيل المساعدات (للمدنيين)، لكن المنظمة تنتظر ضمانات أمنية من أطراف أخرى على الأرض». وقال دي ميستورا للصحافيين: «نحن نركز بدرجة كبيرة على الحفاظ على نهجنا، نريد هدنة مدتها 48 ساعة، والاتحاد الروسي قال نعم، وننتظر من الآخرين أن يحذوا نفس الحذو، لكننا مستعدون والشاحنات جاهزة ويمكنها التحرك في أي وقت نتلقى فيه تلك الرسالة».
وفي أول موقف للائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة من هذه الهدنة، رأى عضو الائتلاف سمير نشار أنه «إذا كانت المساعدات ستدخل إلى المناطق الشرقية عبر طريق الراموسة، فهذه الهدنة مرحب بها، أما إذا كانت من خلال طريق الكاستيلو، فنحن نرفضها». وقال نشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «إدخال المساعدات عبر الكاستيلو، يعني أنها ستمرّ حتمًا من خلال حواجز النظام وستخضع للتفتيش، وستكون معرضة لتفريغ المواد الأساسية منها، أما إذا دخلت من الراموسة فهي مضمونة أن تصل إلى الأحياء الشرقية، لذلك فإن الفصائل المسلّحة مترددة بالقبول بهذه الهدنة».
وقال يان ايجلاند الذي يرأس مهمة العمل الإنسانية الأسبوعية التي اجتمعت في جنيف، إن «خطة الإنقاذ التي أعدتها الأمم المتحدة لحلب، تشمل ثلاثة عناصر، منها تسليم مساعدات غذائية بشكل متزامن للمناطق التي يسيطر عليها المعارضون في الشرق، والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة في الغرب، فضلاً عن إصلاح النظام الكهربائي في الجنوب الذي يغذي محطات ضخ مياه تخدم 8.1 مليون نسمة».
وتمارس الأمم المتحدة ضغوطا على قوى كبرى تساند أطرافا متناحرة في الحرب الأهلية السورية الدائرة منذ خمس سنوات من أجل الاتفاق على هدنة أسبوعية مدتها 48 ساعة في حلب للتخفيف من معاناة نحو مليوني شخص.
وعمّا إذا كان رفض الهدنة يعني أن فصائل المعارضة قادرة على مدّ المناطق الشرقية بالمواد الغذائية، أوضح نشار أن «الحد الأدنى من المواد الغذائية مؤمنة، رغم تعرض طريق الراموسة للقصف بشكل يومي من طائرات النظام والطيران الروسي»، مشيرًا إلى أن فصائل المعارضة «ترفض أن تحسب هدنة عليها، إذا لم تكن المساعدات تمرر عبرها إلى المناطق الشرقية»، لافتًا إلى أن «الأمم المتحدة تسلم المساعدات إلى الهلال الأحمر السوري الخاضع لسلطة النظام، وهذا ما لا يضمن وصول المساعدات كاملة من طريق الكاستيلو».
وأضاف ايجلاند: «إنهم متحدون في احتياجهم للمياه ويعانون من دونها، لدينا كل شيء جاهز الآن وبحثنا كيف سيتم أحكام غلق الشاحنات، وكيف ستراقب وكيف نضمن عدم دخول أي شيء سوى المساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال». وتابع: «لدينا موافقة الآن من الاتحاد الروسي على هدنة مدتها 48 ساعة، وننتظر موافقة لاعبين آخرين على الأرض، استغرق ذلك صراحة وقتا أطول مما كنت أتصور».
وعن تفسيره لقبول روسيا بالهدنة في الوقت الذي باتت فيه المعارضة بوضع أفضل على الأرض، قال سمير نشار: «أعتقد أنه في الاجتماع الأخير بين وزير خارجية ألمانيا ونظيره الروسي، عبر الألمان عن استيائهم لحصار حلب، وطالبوه بفتح ممرات إنسانية دائمة بإشراف الأمم المتحدة». وتحدث عن «ضغط كبير من الدول الغربية يمارس على الجانب الروسي لتأمين إدخال مساعدات إلى مدينة حلب».
إلى ذلك، أطلقت المجالس المحلية والهيئات المدنية والطبية وشؤون الطفل والمرأة في مدينة حلب الحرة نداءً إلى برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الشريكة له، لإدخال مساعدات إنسانية إلى المدينة عبر طريق الراموسة جنوبي حلب.
وقال الموقعون على البيان الذي نشر أمس: «نطالب بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المناطق الشرقية من مدينة حلب عبر طريق الراموسة، الذي يستخدمه المدنيون للدخول والخروج من المدينة، وتأمين حماية دولية له من الطيران الروسي ونظام الأسد». ورفضت الهيئات قبول تسلم أي مساعدات عبر طريق الكاستيلو الخاضع لسيطرة نظام الأسد والميليشيات المُسانِدة له مؤكدين أن «هذا الطريق قد لقي العشرات من المدنيين مصرعهم فيه جراء استهدافهم من الطيران ومدفعية نظام الأسد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».