الأكراد يستجيبون لطلب بالانسحاب من غرب الفرات.. وينفون تخلي أميركا عنهم

قيادي لـ «الشرق الأوسط»: الانسحاب تم في 15 أغسطس وسلمت المدينة لمجلسين محليين

مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
TT

الأكراد يستجيبون لطلب بالانسحاب من غرب الفرات.. وينفون تخلي أميركا عنهم

مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)

استجاب أكراد سوريا، أمس، لطلب أميركي قضى بإخراجهم من المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، باتجاه شرق النهر، حيث أخلوا ريفي منبج وجرابلس، وسط استعدادات لإطلاق المعركة الكبرى الآيلة لـ«تحرير الرقة»، بحسب ما ذكر متحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة «داعش».
وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردية السورية، أمس، أن قواتها التي شاركت في عملية لاستعادة مدينة منبج من تنظيم داعش، عادت إلى قواعدها بعد انتهاء العملية بنجاح. وقال متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا، إن «العنصر الأساسي» المكون لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» - الذي يشمل وحدات حماية الشعب - تحرك شرقا عبر نهر الفرات الذي عبره للمشاركة في استعادة منبج.
وكان جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، قال أمس الأربعاء، إنه يجب على القوات الكردية السورية العودة إلى شرق الفرات بعد السيطرة على منبج التي تقع غرب النهر. وطالبت تركيا القوات الكردية بالانسحاب. وقالت أمس إن على المقاتلين الأكراد التراجع إلى شرق النهر خلال أسبوع.
وذكرت وحدات حماية الشعب في بيان لها: «إننا في القيادة العامة لوحدات حماية الشعب نعلن أن قواتنا أنهت مهامها بنجاح في حملة تحرير منبج، وعادت إلى قواعدها بعد أن سلمت القيادة العسكرية لمجلس منبج العسكري، وكذلك جميع نقاطها العسكرية، كما سلمت الإدارة المدنية للمجلس المدني في منبج في 15 أغسطس (آب) 2016 وببيان رسمي».
ولم يوضح بيان وحدات حماية الشعب أين تقع القواعد. ويقول المجلسان العسكري والمدني لمنبج إنهما يتشكلان من سكان من المدينة.
وبحسب قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية»، فإن الانسحاب من المدينة «تم في 15 أغسطس عقب استعادة السيطرة على منبج، حيث تم تسليم المدينة لمجلس منبج العسكري والمجلس المحلي المدني فيها»، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تلك القوات «حافظت على مواقعها في ريف منبج الجنوبي، حيث كانت تستكمل خطة طرد التنظيم المتشدد منها». وأكد القيادي أن قواته «انسحبت، أمس، من ريفي منبج وجرابلس وجرى تسليم المواقع للمجلسين العسكريين اللذين يمثلانهما».
وتعد وحدات حماية الشعب شريكًا حيويًا في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على «داعش» في سوريا. ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم العملية التي تقودها الولايات المتحدة ما نشره على حسابه على «تويتر»، قوله: «قوات سوريا الديمقراطية تحركت شرقا عبر نهر الفرات للاستعداد لعملية تحرير الرقة في نهاية المطاف». وأضاف المتحدث أن بعض القوات بقيت في منبج لإنهاء عمليات التطهير وإزالة العبوات الناسفة بدائية الصنع.
وفيما حمل الانسحاب مؤشرات على «مقايضة ما» بين مواقع تواجدهم في ريف حلب الشرقي الواقع غرب نهر الفرات، مقابل التقدم باتجاه الرقة، نفى مسؤولون أكراد هذه الفرضية. وقال مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ناصر الحاج منصور: «مبدأ المقايضة من أساسه أنفيه.. فتحديد الهدف لم يتم، كما لم يتم بحث موضوع التقدم إلى الرقة من جانبنا حتى الآن».
وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نتحدث صراحة عن اتجاهنا لتحرير الرقة في هذا الوقت، المعركة مع (داعش) استراتيجية ومبدئية ووجودية، وهي معركة مستمرة، لكن الاتجاه إلى أي جبهة، هو قرار تكتيكي لم يتخذ بعد»، مشددًا على أن قيادة «سوريا الديمقراطية»، «ستناقش مع حلفائها هذه الأهداف، وخصوصًا التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب». وقال: «المنطق يقول إن الجهود ستتركز لتحرير الرقة، لكني بوصفي عسكريًا، أؤكد أن الهدف لم يُحدد بعد؛ لأنه لم يتم الاتفاق على الأهداف التكتيكية مع الحلفاء، وهو أمر خاضع للتباحث مع التحالف الدولي ضد (داعش)».
وأظهر الانسحاب من غرب الفرات، بضغط من تركيا التي توغلت دباباتها داخل الأراضي السورية إلى عمق يناهز 10 كيلومترات، تخليًا أميركيًا عن الأكراد الذين حظوا بدعم عسكري كبير من قبل الولايات المتحدة، وهو ما نفاه الأكراد ومسؤولون في «قوات سوريا الديمقراطية».
وأكد رئيس مركز الدراسات الكردية، نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن «لم تتخلّ عن الأكراد»، مشيرًا إلى أن تصريح نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حول الانسحاب من غرب الفرات «لم يكن مفاجئًا»، بالنظر إلى أن «القوة المقاتلة الأساسية غرب الفرات، تتشكل من أبناء المدن وليس من قوات سوريا الديمقراطية التي قدمت مؤازرة للمقاتلين المحليين الذين ينضمون إلى المجالس العسكرية المحلية، وبينها مجلس منبج العسكري ومجلس الباب العسكري ومجلس جرابلس العسكري». وأضاف: «لا أعتقد أن أميركا ستغير سياستها تجاه الأكراد، فهي لم تجد بديلاً عنهم في السابق لقتال (داعش)، حيث أثبت المقاتلون الأكراد أنهم الأجدر في قتال التنظيم المتطرف، مقارنة بفصائل عسكرية أخرى تلقت دعمًا من واشنطن».
ويلتقي ذلك مع رفض المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو، تصوير الدعم الأميركي للحملة العسكرية التي تقودها تركيا في شمال سوريا، على أنه تخلّ كامل من قبل الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد. ووصف سلو في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، دعم الولايات المتحدة للعمليات العسكرية التركية بأنه «نوع من المجاملة للحليف تركيا، ولن يكون هذا الدعم دائما». وشدد سلو على أن «الولايات المتحدة لم تتخلّ عنا.. والمستشارون والخبراء الأميركيون لا يزالون متواجدين في قواعد تمركز قوات سوريا الديمقراطية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».