مجلس الدولة الفرنسي يبت اليوم في قضية «البوركيني».. وتخبط داخل اليسار الحاكم

صديق خان: لا يحق لأحد أن يملي على النساء ما يجب أن يرتدين

مجلس الدولة الفرنسي يبت اليوم في قضية «البوركيني».. وتخبط داخل اليسار الحاكم
TT

مجلس الدولة الفرنسي يبت اليوم في قضية «البوركيني».. وتخبط داخل اليسار الحاكم

مجلس الدولة الفرنسي يبت اليوم في قضية «البوركيني».. وتخبط داخل اليسار الحاكم

سيقرر مجلس الدولة في فرنسا، أعلى سلطة قضائية إدارية في البلاد، اليوم في قضية حظر ما يعرف بلباس البحر «البوركيني» الذي يثير الجدل في فرنسا والخارج، ويكشف خلافات داخل السلطة التنفيذية واليسار الحاكم.
ويعد هذا الحظر آخر فصول الجدل المتكرر حول مكانة الإسلام والمسلمين في فرنسا.
وأعلن مجلس الدولة أنه سيصدر قراره اليوم الجمعة، لا سيما أن امرأة مسلمة على الأقل تعرضت لمحضر مخالفة بسبب ارتدائها الحجاب على الشاطئ. وصرّح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الذي أعلن دعمه لرؤساء البلديات الذين منعوا البوركيني باسم صون الأمن العام، صباح أمس أن «كل ما يمكن أن يبدو تمييزا، وأي رغبة في مهاجمة الإسلام مدانان بالتأكيد». وقال فالس على قناة «بي إف إم تي في»: «لسنا في حرب ضد الإسلام (...) إن الجمهورية متسامحة (مع المسلمين) وسنحميهم من التمييز»، لكنه اعتبر أن «البوركيني دلالة سياسية للدعوة الدينية تخضع المرأة».
وعلت أصوات متضاربة في صفوف اليسار الحاكم، بما في ذلك السلطة التنفيذية. واعتبرت وزيرة التربية نجاة فالو بلقاسم أمس عبر قناة «أوروبا - 1» أن «تكاثر» القرارات لحظر البوركيني «غير مرحب بها»، ووصفتها بـ«الانحراف السياسي» الذي «يطلق العنان للكلام العنصري».
وفي مواجهة الانقسامات التي ظهرت إزاء هذه المشكلة داخل معسكره، دعا الرئيس فرنسوا هولاند إلى عدم الخضوع لـ«الاستفزاز» أو «للتمييز» دون الحكم على الأسس التي اعتمدت لحظر البوركيني.
بدورها، ندّدت رئيسة بلدية باريس الاشتراكية آن هيدالغو أمس بـ«الهستيريا السياسية والإعلامية»، معتبرة أن هناك «أمورا أخرى أكثر أهمية بكثير في فرنسا». وأدلت هيدالغو بهذا التصريح أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس بلدية لندن العمالي المسلم صديق خان، الذي قال من جهته «لا يحق لأحد أن يملي على النساء ما يجب أن يرتدين... الأمر بهذه البساطة». وقد رفعت رابطة حقوق الإنسان، وكذلك «التجمع لمكافحة كراهية الإسلام»، القضية إلى المجلس الدستوري بعد مصادقة محكمة إدارية محلية لقرار يحظر البوركيني اتخذته إحدى مدن منطقة الكوت دازور بحجة احترام «التقاليد والعلمانية».
والقرار المذكور على غرار قرارات اتخذتها نحو ثلاثين بلدية، لا يتضمن بشكل صريح كلمة «بوركيني» لكنه يستهدف قبل أي شيء لباس البحر الذي يغطي الجسد من الرأس حتى القدمين. واعتبرت المحكمة الإدارية أن هذا الحظر «ضروري ومتطابق ومتناسق» لتفادي تعكير الأمن العام بعد توالي الاعتداءات في فرنسا، وبينها اعتداء نيس في 14 يوليو (تموز) الذي حصد أرواح 86 شخصا.
وانتقدت رابطة حقوق الإنسان هذه القرارات بشدة، واعتبرت أنها «تساهم في شرعنة كل من ينظر إلى الفرنسيين المسلمين على أنهم جسم غريب عن الأمة».
وشهد الجدل احتداما من جديد هذا الأسبوع، في وقت فرضت فيه غرامة على امرأة واحدة على الأقل لمجرد ارتدائها حجابا على أحد شواطئ الكوت دازور. وفرضت غرامة على الأم البالغة 34 عاما من العمر فيما كانت على الشاطئ. وأفاد شاهد عيان أن المرأة تعرضت للشتائم من قبل المارة، وهي تنوي الاعتراض على الغرامة التي تبلغ قيمتها 11 يورو.
وأدى نشر صحيفة بريطانية الأربعاء لصور امرأة محجبة تنزع قميصها في حضور شرطيين على شاطئ نيس إلى صب الزيت على النار، ما أثار سيلا من الاحتجاجات على شبكات التواصل الاجتماعي وفي الصحافة الأجنبية. إلى ذلك، أكد التجمع لمكافحة كره الإسلام (الإسلاموفوبيا) أنه أعد حتى اليوم 16 ملفا تتعلق بنساء محجبات تعرضن لمحضر مخالفة، فيما لم تكن أي منهن ترتدي فعلا البوركيني بحسب التجمع.
ولا يوجد ما يمنع رؤساء البلديات من حيث المبدأ تقييد الحريات الأساسية للحفاظ على النظام العام، لكن يجب أن تكون قراراتهم «مناسبة».
وفي أعقاب اجتماع «طارئ» دعا إلى عقده رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، أنور كبيبش، الأربعاء، قال وزير الداخلية برنار كازنوف إن «تطبيق مبادئ العلمانية واحتمال إصدار قرارات يجب ألا يؤدي إلى التمييز بحق أشخاص أو عداء بين فرنسيين». ويمنع القانون الفرنسي اليوم على كل أراضي فرنسا إخفاء الوجه في الأماكن العامة، ووضع رموز أو ارتداء ملابس تدل على انتماء ديني في المدارس الحكومية. وغربيا، سخرت وسائل الإعلام البريطانية والأميركية من قرار الحظر الفرنسي. ونشرت صحيفة «الإندبندنت» صورا لنساء محجبات يستمتعن بالبحر في مدينة برايتون الساحلية، إلى جانب صور لشرطيين مسلحين يجبران السيدة سهام على نزع قميصها على شاطئ كان، حيث انطلقت شرارة حظر «البوركيني».
من جهتها، استغربت صحيفة «واشنطن بوست» من الحظر الفرنسي، متسائلة عن مصير الحريات والمبادئ العلمانية في بلد «الأنوار» الأوروبي. أما وسائل التواصل الاجتماعي، فاشتعلت أمس وأول من أمس بالتغريدات والمنشورات المنددة بهذا الحظر ومستغربة لتوقيته ومغزاه. وانتشر وسم #البس_ما_تريد على موقع «تويتر» على نطاق واسع، وجمع تعليقات رواد الموقع الذين استلهموا من تصريحات عمدة لندن خان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».