واشنطن وخمس حكومات غربية تدعو البرلمان الليبي إلى اعتماد الحكومة الجديدة

السراج يطلب من مقر «أفريكوم» مساعدات عسكرية أميركية

مقاتلون ليبيون من كتائب {البنيان المرصوص} يعدون أسلحتهم قبل مواجهتم مقاتلي داعش في الحي رقم اثنين في سرت أمس (رويترز)
مقاتلون ليبيون من كتائب {البنيان المرصوص} يعدون أسلحتهم قبل مواجهتم مقاتلي داعش في الحي رقم اثنين في سرت أمس (رويترز)
TT

واشنطن وخمس حكومات غربية تدعو البرلمان الليبي إلى اعتماد الحكومة الجديدة

مقاتلون ليبيون من كتائب {البنيان المرصوص} يعدون أسلحتهم قبل مواجهتم مقاتلي داعش في الحي رقم اثنين في سرت أمس (رويترز)
مقاتلون ليبيون من كتائب {البنيان المرصوص} يعدون أسلحتهم قبل مواجهتم مقاتلي داعش في الحي رقم اثنين في سرت أمس (رويترز)

كشف رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج الذي قام، أول من أمس، بزيارة غير مسبوقة إلى مقر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» بمدينة شتوتغارد بألمانيا، عن طلبه الحصول على مساعدة عسكرية أميركية، فيما حثته الولايات المتحدة وخمس حكومات غربية على تقديم لائحة جديدة بأسماء حكومته إلى مجلس النواب الليبي لاعتمادها خلال عشرة أيام وفقا لاتفاق السلام الموقع في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي.
وقالت حكومات فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة إنها تتمنى أن يتمّ تسليم لائحة الوزراء إلى البرلمان الليبي بسرعة، ودعته في المقابل إلى الالتئام بكامل أعضائه والاقتراع في مهلة لا تتخطّى عشرة أيام من تقديم اللائحة. واعتبرت هذه الحكومات في بيان مشترك أصدرته، أمس، أن أعضاء المجلس النيابي مسؤولون عن هذه الخطوات المقبلة الحاسمة من أجل تطبيق اتفاقية الصخيرات بحذافيرها، لافتة إلى أنها تُعتبَر الوسيلة الوحيدة القادرة على إعادة السلام والاستقرار إلى ليبيا. وأضاف البيان: «لا تزال هذه الحكومات مستعدة ومصممة على تقديم أقصى درجة من الدعم للشعب الليبي، للمجلس الرئاسي ولحكومة السراج في عملها لتثبيت الوحدة الوطنية وإعادة إعمار ليبيا». وأشارت الحكومات الست أيضًا إلى دعمها حكومة السراج كممثّل شرعي وحيد لليبيا، ورفض أي احتكاك بمؤسسات موازية تؤكّد شرعية وجودها مع بقائها خارج الاتفاقية السياسية.
إلى ذلك، أعلن السراج عبر بيان أصدره مكتبه الإعلامي أنه اجتمع مع الجنرال توماس فالدهاوسير، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، خلال زيارة غير مسبوقة إلى مقرها في ألمانيا بحضور جونثان واينر المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، مشيرا إلى أنه بحث آخر مستجدات الوضع السياسي والأمني والعسكري، ودعم الولايات المتحدة الأميركية لليبيا. وأوضح السراج الذي رافقه رئيس لجنه الترتيبات الأمنية العميد عبد الرحمن الطويل، أنه استمع إلى شرح لمستجدات الضربات الجوية الأميركية التي طلبها دعما للقوات الموالية له التي تخوض حربا لتحرير مدينة سرت من عناصر تنظيم داعش.
ولفت البيان إلى أن المسؤولين الأميركيين أكدا دعم الولايات المتحدة الكامل للمجلس الرئاسي وحكومة السراج، موضحا أنهما ناقشا مع السراج ما وصفه بالخيارات الاستراتيجية لمستقبل ليبيا بعد تحرير مدينة سرت. وأشار البيان إلى أن المحادثات تناولت الشراكة بين ليبيا وأميركا لمحاربة الإرهاب، ورغبة حكومة السراج في الحصول على مساعدة أميركية لتطوير القدرات العسكرية الدفاعية للقوات المسلحة الليبية، وتطوير التعاون العسكري ليشمل التدريب وتبادل المعلومات.
وعبر السراج عن تقديره للالتزام الأميركي بدعم جهود حكومته في محاربة تنظيم داعش، وما أتيح من فرصة للاطلاع الشامل على عمل «أفريكوم» ومناقشة دعم المسار السياسي والأمني لبناء رؤية مستقبلية مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.
من جهته، كرر رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر دعمه التام لحكومة السراج بصفتها السلطة التنفيذية الوحيدة في البلاد بحسب الاتفاق السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأضاف في بيان له: «هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق مجلس النواب، وأدعو المجلس إلى اعتماد حكومة الوفاق الوطني فور قيام المجلس الرئاسي بتقديم القائمة الجديدة لمجلس الوزراء».
وتابع: «ينبغي لحكومة السراج الاستمرار في أداء مهامها لحين قيام مجلس النواب بمنح الثقة حال الانتهاء من تشكيل الحكومة».
في المقابل، هدد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الموجود بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لرفع دعوى قضائية ضد منظمة الأمم المتحدة لمساهمتها في تعميق حالة الانقسام في ليبيا وإعاقة جهود حل الأزمة الليبية.
ودعا صالح في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف التعامل مع حكومة السراج ومجلسها الرئاسي بعد اتخاذ البرلمان قراره الحاسم بعدم منح الثقة لحكومته.
واستنكر صالح «اعتراف المنظمة الدولية غير المبرر والسابق لأوانه بالرئاسي وحكومته قبل نيلهما الثقة من الجهة التشريعية الشرعية الوحيدة في ليبيا المتمثلة بمجلس النواب»، لافتا إلى أن هذا الاعتراف يعتبر انتهاكا للدستور الليبي وميثاق الأمم المتحدة عبر فرض شخصيات على الشعب الليبي تحت اسم «حكومة الوفاق» كبديل عن الحكومة الشرعية ودعوتهم لتمثيل ليبيا في اجتماعات المنظمة الدولية.
وشدد على عدم قبول الليبيين بأي نوع من الديكتاتورية المفروضة من قبل الأمم المتحدة التي رأى أنها «داست بأقدامها على الإعلان الدستوري الليبي والاتفاق السياسي استجابة لرغبات بعض الدول وخدمة لمصالحها».
وقال: «إن الدعم الدولي للمجلس الرئاسي غير الدستوري شجع على انتهاك الاتفاق السياسي والانصياع لرغبات المجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس ما أسهم في تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطنين في عموم البلاد».
وتزامنت هذه الرسالة مع رسالة أخرى حملت توقيع إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، يطالب فيها بقصر توجيه المنظمة الدولية للدعوات الرسمية على من سماهم الممثلين الشرعيين للدولة الليبية وهم رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة عبد الله الثني ووزير خارجيته محمد الدايري.
وتحاول حكومة السراج توحيد كثير من الفصائل المتنافسة التي تقسم ليبيا منذ سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، والحصول على دعم برلمان الشرق جزء رئيسي في هذه العملية.
لكن مجلس النواب الذي طرد من طرابلس في 2014 عندما انتزع تحالف مسلح السيطرة على العاصمة أبدى رفضه مع توجيه خصوم حكومة الوفاق اتهامات لها بالاعتماد على مجموعات مسلحة ذات ميول إسلامية تعارض القائد العسكري في الشرق الفريق خليفة حفتر والقوات الموالية له.
وبعد التصويت الذي تم يوم الاثنين الماضي كتب السراج رسالة إلى رئيس مجلس النواب يلمح فيها إلى إمكانية الاستبدال الوشيك لأربعة وزراء من الشرق أسقطوا من التشكيلة الحكومية لعدم تقلدهم مناصبهم في العاصمة، وقال إن التشكيلة الحالية للحكومة لا تعتبر نهائية.
إلى ذلك، أعلنت غرفة عمليات الكرامة، التي تشنها قوات الجيش الليبي ضد المتطرفين في مدينة بنغازي بشرق البلاد، أن القوات البرية التابعة لها على وشك تتجه بسط سيطرتها على مواقع جديدة ومهمة بعد أن تمكنت بالكامل من تحقيق تقدم في كل المحاور الواقعة غرب المدينة.
وقالت الغرفة في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية إن القوات البحرية أغلقت كل الممرات أمام أي محاولة للفرار من قبل عناصر «داعش» والميليشيات المتحالفة معها بعد أن تمكنت من تعزيز قواتها على متن زوارقها الحربية التي تم صيانتها وتجهيزها محليا، مشيرة إلى أن القوات الجوية تمكنت أيضا من زيادة عدد الطائرات وتزويدها بأجهزة دقيقة جعلها تكثف من طلعاتها القتالية ليلا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.