فضائح البرازيل.. في دائرة الضوء من جديد

الأنظار تتجه مرة أخرى إلى هناك.. رغم انتهاء الألعاب الأولمبية

فضائح البرازيل.. في دائرة الضوء من جديد
TT

فضائح البرازيل.. في دائرة الضوء من جديد

فضائح البرازيل.. في دائرة الضوء من جديد

قد تتجه أنظار العالم اليوم مرة أخرى إلى البرازيل، على الرغم من انتهاء الدورة الأولمبية الأحد الماضي، ومغادرة الوفود الرياضية لها. لكن هذه المرة سيكون السبب التوتر السياسي الذي تمر به أكبر دول أميركا اللاتينية (اقتصاديا وجغرافيا وسكانيا)، بعد أن صوت قبل أيام أعضاء مجلس الشيوخ في العاصمة برازيليا لإحالة الزعيمة اليسارية ديلما روسيف إلى المحكمة بتهمة الفساد.
كان 59 من أعضاء المجلس قد وافقوا على مثولها أمام محكمة ابتداء من اليوم (الخميس)، مقابل رفض 21 عضوا، خلال جلسة صاخبة استمرت 20 ساعة، وترأسها كبير القضاة ريكاردو ليواندوسكي.
وستقرر جلسات المحاكمة التي تستمر أياما مصير روسيف، التي علقت مهامها في 12 مايو (أيار) الماضي، بتصويت تاريخي لأعضاء مجلس الشيوخ.
وقد دعت الرئيسة البرازيلية الموقوفة، أول من أمس (الثلاثاء)، أنصارها إلى «المقاومة»، وذلك قبل يومين من بدء محاكمتها في مجلس الشيوخ.
وعند الساعة التاسعة من صباح اليوم، تبدأ المحاكمة التي يفترض أن يصدر الحكم فيها بتاريخ 31 أغسطس (آب)، بعد أن تحول مجلس الشيوخ إلى محكمة برئاسة رئيس المحكمة الفيدرالية العليا.
وقالت روسيف أمام تجمع ضم مئات من مناصريها الذين احتشدوا في ساو باولو: «فلنقاوم كلنا مع بعضنا»، وأضافت: «ما تعلمناه من كل هذا هو أن الديمقراطية ليست مضمونة كما كنا نظن، ويجب أن نكون دائما في حال تأهب، لكي لا نخسر ما ربحناه»، وذلك وسط تصفيق نحو 1500 عامل وطالب وفنان، بحسب أعداد قدمها منظمو التجمع.
وإذا أدينت روسيف بالتلاعب بالحسابات العامة، وبتوقيع مراسيم تنص على نفقات لم تكن مقررة، من دون موافقة البرلمان، فستفقد منصبها فورا.
وسينهي قرار كهذا حكم حزب العمال الذي استمر 13 عاما على رأس أول اقتصاد في أميركا اللاتينية يشهد فورة اجتماعية اقتصادية كبيرة، وذلك في عهد الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003 - 2010)، الذي ينتمي إلى حزب روسيف. ويعني عزلها تأكيد تولي الرئيس المؤقت ميشال تامر السلطة، خلال ما تبقى من فترتها الرئاسية حتى عام 2018.
وتتهم روسيف نائبها ميشال تامر، الذي كان حليفها وأصبح خصمها، ثم تولى الرئاسة بالنيابة بعد تعليق مهامها، بالقيام بانقلاب في المؤسسات.
ومنذ إعادة انتخابها بصعوبة في عام 2014، واجهت روسيف عداء برلمان محافظ جدا، وأسوأ انكماش اقتصادي، وفضيحة فساد هائلة مرتبطة بشركة النفط الوطنية (بتروبراس)، التي هزت حزبها وكل النخبة السياسية تقريبا.
ويبدو أن الأمر قد قضي بالنسبة لروسيف التي خسرت المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ، بدلا من أن تكسب تأييدهم، وسيعزز القرار موقف تامر الذي يسعى جاهدا لتأكيد شرعيته، وإعادة الاستقرار للسياسة في البرازيل.
وتابعت روسيف: «ناضلت طيلة حياتي ضد التعذيب، ضد السرطان (...) وسأكافح الآن ضد أي ظلم».
وإذا برئت، ستعود روسيف (68 عاما) إلى منصبها على الفور حتى انتهاء ولايتها الثانية، في نهاية عام 2018. لكن هذا السيناريو غير مرجح، فبحسب أرقام نشرتها الصحف البرازيلية، يؤيد بين 58 و61 عضوا في مجلس الشيوخ إقالة الرئيسة، وهو عدد أكبر من المطلوب (54 عضوا) بشكل واضح.
وكانت روسيف قد دعت إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وذلك حتى يتمكن الشعب من اختيار من يمثله، ويأتي ذلك قبيل أيام من انعقاد الجلسة الأخيرة في البرلمان البرازيلي، التي بمقتضاها سيتم البت في عزل روسيف بشكل نهائي، وبلا عودة.
ويرى محللون سياسيون أن روسيف تحاول النجاة في اللحظة الأخيرة، وذلك لأنه في حال قررت اللجنة إقالة الرئيسة المعزولة بشكل نهائي، فإن هذا يعني التحضير إلى محاكمتها قضائيا بتهم الفساد. وسمحت المحكمة الفيدرالية البرازيلية العليا بفتح تحقيق بتهمة عرقلة عمل القضاء ضد الرئيسة روسيف، فقد سمحت أعلى هيئة قضائية برازيلية للنيابة بالتحقيق لمعرفة ما إذا كانت روسيف حاولت عرقلة التحقيقات بشأن الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في إطار فضيحة الفساد في شركة النفط الوطنية (بتروبراس)، عبر تعيينه وزيرا في حكومتها، في مارس (آذار) الماضي.
وقال متحدث باسم روسيف إن فتح التحقيق مهم من أجل توضيح الحقائق، وإظهار أنه لم تكن هناك عرقلة لسير العدالة في أي وقت من الأوقات.
وأشارت صحف «أو غلوبو» و«فولا دي ساو باولو» و«او استادو دي ساو باولو» و«فالور» إلى أن التحقيق حول عرقلة سير العدالة لا يطال روسيف فحسب، بل أيضًا لولا دا سيلفا وكثير من الوزراء السابقين في حكومتها.
كانت روسيف قد عينت، في 16 مارس، الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا رئيسا لديوان الحكومة، بينما كان يواجه إمكانية اتهامه وتوقيفه من قبل القاضي سيرجيو مورو، المكلف بالتحقيق في فضيحة «بتروبراس». وبتعيين لولا وزيرا، يكتسب نوعا من الحصانة التي تعفيه من المثول أمام المحكمة العليا في قضية جزائية تتعلق بأفعاله، ليفلت بذلك من القضاء.
يذكر أنه مساء يوم صدور قرار تعيين لولا الذي علقه القضاء، بث قاضٍ تسجيلا لمكالمة هاتفية تعزز الشكوك في مناورة لحماية الرئيس السابق، إذ قالت روسيف للرئيس لولا في الاتصال إنها سترسل إليه مرسوم تعيينه بسرعة ليستخدمه «في حال الضرورة».
وجاء تسريب قرار المحكمة العليا بعد ساعات من رسالة وجهتها روسيف إلى الشعب البرازيلي وأعضاء مجلس الشيوخ، أكدت فيها براءتها، وطلبت إعادتها إلى منصبها.
وأضافت روسيف، في رسالتها المصورة التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه يجب على مجلس الشيوخ وقف إجراءات الإقالة، والاعتراف في ضوء الأدلة الدامغة بالبراءة، مؤكدة أنه إذا تم تمرير إجراءات الإقالة، فستكون البلاد أمام انقلاب، مشددة على قناعتها بضرورة الدعوة إلى استفتاء لمشاورة الشعب بشأن انتخابات مبكرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».