قائد عسكري لـ«الشرق الأوسط»: رفض وعزوف شعبي يواجهان ميليشيات الانقلاب

أكد أن الجيش والمقاومة يحققان انتصارات يومية للأمام

اللواء محسن خصروف في إحدى جبهات القتال («الشرق الأوسط»)
اللواء محسن خصروف في إحدى جبهات القتال («الشرق الأوسط»)
TT

قائد عسكري لـ«الشرق الأوسط»: رفض وعزوف شعبي يواجهان ميليشيات الانقلاب

اللواء محسن خصروف في إحدى جبهات القتال («الشرق الأوسط»)
اللواء محسن خصروف في إحدى جبهات القتال («الشرق الأوسط»)

أوضح مسؤول عسكري يمني رفيع أن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تحقق تقدمًا وانتصارات يومية على قوات الانقلابيين في مختلف الجبهات، مبينًا أن العمليات تسير وفق الخطط الموضوعة من قيادات الجيش العليا والقيادة السياسية.
وكشف اللواء محسن خصروف مسؤول التوجيه المعنوي في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» عن حالة رفض كبيرة من قبل المواطنين اليمنيين التعاون مع الميليشيا الحوثية وإرسال أبنائهم إلى محرقة الحرب على حد تعبيره. وأضاف: «بعد كثرة كذب الانقلابيين وتزييف وعي الناس وزيادة الضحايا في مقاتليهم فما من بيت في محيط صنعاء أو قرية إلا وفيه قتيل أو جريح في الحد الأدنى، إلى جانب معاناة الناس الشديدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بفعل هذه الفترة حالكة الظلام، كل ذلك جعل الناس يعيدون حساباتهم للتعاون مع الحوثيين، وعزف عنهم الكثير وانصرفوا عن الميدان أكثر».
وتابع: «يرفض الناس اليوم إرسال أبنائهم للمعارك، ويبحثون عن حلول، في مقابل ذلك جنود الجيش والوطني والمقاومة الشعبية يقاتلون بمعنويات عالية جدًا منقطعة النظير، معنويات تطاول جبال اليمن».
وبحسب خصروف فإن العمليات العسكرية في نهم والجوف وشبوة ومأرب وتعز والضالع والبيضاء تسير على قدم وساق وفق الخطة المعتمدة من القيادة العليا للقوات المسلحة والقيادة السياسية، ويحقق الجيش الوطني والمقاومة انتصارات يومية إلى الأمام. إلا أن اللواء خصروف أفاد بصعوبة تحديد سقف زمني لانتهاء الحرب قائلا: «من الصعب تحديد سقف زمني الحرب محكومة بظروف المعركة، ومتى أكملت القوات المسلحة مهمتها تنتهي الحرب، وفق المعطيات وظروف الميدان».
ورغم أن التقدم في بعض الجبهات قد يبدو بطيئا لا سيما جبهة نهم - وفقًا للواء محسن خصروف - فإن الملمح الرئيسي في كل العمليات التقدم يوميًا للأمام، وقال: «أمس وأول من أمس تمكن الجيش من السيطرة على تبة البياض وعدد من المرتفعات وفي الطريق لاستكمال السيطرة على بقية المناطق وصولاً إلى نقيل بن غيلان».
وفي سؤال عن أعداد الضباط والأفراد المنشقين عن الحرس الجمهوري وعدد من الألوية العسكرية التي كانت موالية للانقلابيين، بيّن مسؤول التوجيه المعنوي في الجيش اليمني أن أعدادهم تتجاوز المئات وأنه قد تم دمجهم في الجيش الوطني وهم الآن في الصفوف الأولى يشاركون مع زملائهم في الجبهات، وأضاف: «إلى جانب من جاءونا من الحرس الجمهوري أو ألوية المشاة جبلي، جاءت أيضًا فرق للجيش الوطني من حضرموت والضالع وأبين ومناطق الجنوب والتحقوا بزملائهم في الجيش وهم الآن يقاتلون معهم، وهذا عنوان آخر لليمن الجديد، وواحدية قضيته».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.