احتدمت المعارك في الساعات القليلة الماضية بين المقاتلين الأكراد وقوات النظام السوري في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا وسط معلومات عن تقدم تحرزه وحدات حماية الشعب الكردية، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية إلى قاعدة أميركية في شمال غرب المدينة، بحسب ما نقلت قناة «الحرة» الأميركية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد أيضًا بأن طائرات عسكرية تابعة للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، شوهدت وهي تحلق في سماء مدينة الحسكة وأطرافها.
وبعد هدوء ساد بعد ظهر السبت، تجددت المعارك العنيفة بين الحادية عشرة ليلاً والسابعة من صباح الأحد، بين وحدات حماية الشعب الكردية من جهة، وقوات النظام السوري والمقاتلين الموالين من جهة ثانية، في مدينة الحسكة.
وقالت نوروز، من وحدات حماية المرأة الكردية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الاشتباكات لا تزال مستمرة وسط تقدم لقواتنا ومحاصرة النظام وميليشياته داخل المربع الأمني وجبل كوكب».
وتحدثت نوروز عن معارك في حي نشوة غويران وعن سيطرتهم على أجزاء كبيرة من الحي. وأشارت إلى أن النظام يطالب بهدنة ويهدد بالقصف بالطائرات في حال عدم الالتزام. وأضافت: «قوات الأسد هي التي بدأت بالاشتباكات؛ رغبة منها بتوسيع مناطق سيطرتها، مستغلة انشغال أغلب قواتنا بحملة تحرير منبج وريفها»، لافتة إلى «تفاهمات تركية روسية وسوريا أدّت إلى تحريك الوضع الأمني في الحسكة». وأضافت: «الآن يريد فرض هدنة بالقوة علينا بعدما تكبد خسائر كبيرة، وسيطرت قواتنا على نقاط داخل المدنية، وأسرنا عددًا من العساكر والضباط».
من جهته، أكد ناصر الحاج منصور، مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لـ«الشرق الأوسط» أنّه وبعد تحريك النظام الوضع في الحسكة كل فترة، بات من الواجب «تغيير المعادلة القائمة حاليا في المدينة»، من دون أن يحدد سقفا للمعارك الحاصلة وهدفا لها.
وقال مصدر كردي ميداني أن المقاتلين الأكراد تمكنوا من التقدم في حيي النشوة الشرقية وغويران جنوب المدينة. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بتراجع عناصر من قوات الدفاع الوطني التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري باتجاه شمال حي النشوة الشرقية الذي بات شبه خالٍ من المدنيين.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي من جهته عن «اشتباكات عنيفة يخوضها الجيش وقوات الدفاع الشعبي في محاور عدة من المدينة».
وبحسب مصادر كردية قيادية، فقد فشلت المساعي التي يبذلها الروس بوضع حد للمعارك المحتدمة بين الطرفين، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعًا عقد في مطار القامشلي بين ممثلين عن الطرفين «الأكراد والنظام» ووسطاء روس لكنّه لم يفض إلى نتيجة.
وأفاد موقع «المصدر» الإخباري المقرب من الحكومة السورية من جهته بـ«فشل المفاوضات» بين الطرفين. ونقل عن مصدر عسكري أن الأكراد طالبوا بسحب قوات الدفاع الوطني بالكامل من الحسكة، الأمر الذي رفضته الحكومة السورية وطرحت سحب السلاح من بعض العناصر فقط مقابل سحب سلاح قوات الأسايش.
ويسيطر الأكراد على ثلثي مدينة الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام السوري على المتبقي منها. وتدور منذ يوم الأربعاء معارك بين الطرفين بدأت باشتباكات بين قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) وقوات الدفاع الوطني، لتتدخل لاحقًا كل من وحدات حماية الشعب الكردية والجيش السوري فيها.
وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة الماضيين غارات على مواقع للأكراد في الحسكة للمرة الأولى منذ بدء النزاع في سوريا قبل أكثر من خمس سنوات. وهي المرة الأولى أيضا التي تتدخل فيها واشنطن لحماية مستشاريها من الطائرات السورية عبر إرسال مقاتلات.
وأوقعت المعارك في الحسكة منذ الأربعاء ما لا يقل عن 43 قتيلاً بينهم 27 مدنيًا ضمنهم 11 طفلاً، كما دفعت الآلاف من سكان المدينة في المناطق تحت سيطرة الأكراد وتلك تحت سيطرة قوات النظام إلى النزوح، وفق المرصد.
وأعلنت وحدات حماية الشعب في بيان أمس الأول السبت نيتها حماية مدينة الحسكة من قوات النظام. وكان الجيش السوري اتهم بدوره الأربعاء من وصفهم بـ«الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني»، الذي يخوض تمردًا ضد أنقرة، بالاستمرار «في ارتكاب جرائمهم بهدف السيطرة على مدينة الحسكة».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن «القوات الكردية وقوات الأسايش تقدمتا بشكل كبير في حي الزهور وأطراف غويران ومحاور أخرى بجنوب مدينة الحسكة، وسط نزوح متواصل للمدنيين»، مرجحًا أنّه «إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، قد تسيطر القوات الكردية على كامل مدينة الحسكة».
أما الباحث السوري سليمان يوسف فنقل عن سكان مدينة الحسكة أن ليلة السبت – أمس الأحد كانت «الأعنف منذ بدء المعارك»، متحدثًا عن «فشل مساعي الهدنة وإخفاق الوسطاء الروس في لم شمل أمراء الحرب على طاولة مطار القامشلي».
من جهتها، أشارت وكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» إلى فرض قوات وحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية حصارًا كاملاً على مدينة الحسكة، بعد سيطرتها أمس الأحد على عدد من المواقع في المدينة، لافتة إلى أن القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها أصبحوا محاصرين في داخل المدينة، وسط ترقب عقد اجتماع يضم القوات الكردية مع ضباط روس قدموا من قاعدة حميميم العسكرية.
وقال مصدر أمني سوري إن القوات الحكومية السورية فشلت في الحفاظ على مواقعها، واصفًا ما حصل بـ«الفشل الذريع في قيادة المعركة». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «الوحدات الكردية والأسايش وقوات سوريا الديمقراطية أصبحت تفرض حصارًا كاملاً على كل مداخل مدينة الحسكة، وحاليًا لا يوجد أي طريق إمداد للقوات الحكومية بشكل نهائي».
وذكرت مصادر أمنية سورية في دمشق أن قيادة الجيش السوري أصدرت قرارًا بإعفاء العميد غسان محمد من مهامه كقائد عسكري للقوات الحكومية في محافظة الحسكة، على خلفية فشله في الحفاظ على نقاط القوات الحكومية، وتراجع عناصرها من كثير من النقاط، وإعطائه أوامر بالانسحاب وتسليم الكثير من النقاط دون قتال لعناصر «الأسايش».
وصول تعزيزات أميركية إلى الحسكة والأكراد يتعهدون بـ«تغيير المعادلة القائمة»
فشل الجهود الروسية بإرساء تهدئة في المدينة وحركة نزوح كثيفة
وصول تعزيزات أميركية إلى الحسكة والأكراد يتعهدون بـ«تغيير المعادلة القائمة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة