مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

دراسة تضيء على مشكلات المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري وتوصي بإصلاحات

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة
TT

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

تسعى قوات المعارضة السورية لتوحيد صفوفها ورفع مستوى تأثيرها السياسي، لمواكبة المتغيرات الدولية المتسارعة، وتمهيدًا لحفظ دور مؤثر لها خلال العملية السياسية المقبلة، التي يتوقع باحثون سوريون أن تبدأ بشكل جدي في ربيع العام المقبل 2017.
المركز البحثي السوري المعارض «جسور»، كشف في دراسة أعدها ونشرها أمس، عن أن المعطيات تُشير إلى اقتراب الفصائل العسكرية الرئيسية في سوريا، من تشكيل جسم مشترك يقوم على تمثيلها سياسيا، بدعم من بعض الدول الإقليمية. ورأى أن مثل هذا الكيان يُعطي دفعًا للحل العسكري الذي ترغب فيه، أو لسحب البساط من تحت المؤسسات السياسية الأخرى. وهو ما يعني فعليًا سحب الشرعية من الائتلاف والهيئة على حد سواء، ما لم تتمكن المؤسستان من التعاطي مع هذه المعطيات بصورة فعالة واستباقية.
وقال المركز، في الدراسة التي حملت توصيف «تقدير موقف»، إن ظهور جسم مشترك للفصائل العسكرية «سيساعد في تعزيز موقع هيئة التنسيق الوطنية في بيئة المعارضة السياسية، باعتبارها الممثل للشرائح التي لا تمثّلها الفصائل وأنصارها، بعكس الائتلاف والهيئة العليا»، مشيرًا في الوقت ذاته، وحسب توقعات المركز، إلى أن التجاذب قد يستمر بين الائتلاف و«الهيئة العليا للمفاوضات» بما سيؤثّر «على شرعية وحضور كل منهما»، ويلفت إلى أنه «لا يُعتقد أن تشهد الساحة الدولية دعوة جدية لأي حل سياسي قبل ربيع 2017. ما يعني أن الفرص المتاحة لكلا المؤسستين ستكون محدودة أصلاً على المدى القصير والمتوسط».
المدير العام لمركز «جسور» محمد سرميني، قال موضحًا، إن فصائل «الجيش السوري الحر» التي تعمل منذ فترة بشكل مشترك على تنسيق البيانات التي تصدرها «رأت أنه من الضروري العمل على أمرين، هما: وحدة القرار السياسي، ووحدة القرار العسكري»، وتحدث عن «تضافر الجهود لإنجاز وحدة القرار السياسي». وتابع سرميني لـ«الشرق الأوسط» أنه بناء عليه «تم تشكيل لجنة مصغرة من مندوبي الفصائل المؤثرة (التي يبلغ عددها 22 فصيلاً وقّعت البيانات الأخيرة بشكل مشترك) وبدأت إعداد تصور عن هيئة سياسية تمثل الفصائل، ستكون مرجعية سياسية لها، ومن خلالها تأخذ مواقف في القرارات السياسية العامة، وفيما يتعلق بتمثيلها في المؤسسات السياسية».
وأضاف أن تلك المساعي تنطلق من واقع أن الفصائل، رغم حضورها، لا تتمتع بتأثير سياسي، بل تقتصر مشاركاتها على إبداء رأي يبدو أنه غير ملزم. وتجد تلك الفصائل التي تتمتع بحيثية كبيرة على الأرض، أنها غير قادرة على أن تكون شريكة في صناعة القرار السياسي، بالنظر إلى أن نسبة تمثيلها في الهيئة العليا للمفاوضات كانت متدنية، كذلك لم تجد لنفسها تمثيلاً بارزًا في الائتلاف السوري، حيث «تشعر بأن الائتلاف جسم غريب عنها وهي غير فاعلة فيه».
وحسب سرميني، فإن «بقاء الفصائل بشكلها الحالي من غير تمثيل سياسي بارز لها في المؤسسات السياسية، لن يغير نظرة المجتمع الدولي لها بوصفها ميليشيات، ذلك أن الدول الغربية تتعاطى مع المؤسسات الرسمية لناحية الأخذ برأيها، لذلك إذا لم تكن ضمن المنظومة السياسية المعترف بها، فإن كلامها يصعب أن يكون له وزن سياسي».
الدراسة التي حملت عنوان «المعارضة السياسية والخيارات المتاحة في المشهد السوري»، توقفت عند مشكلات المعارضة وخياراتها. وتوقفت بالذات عند ما وصفته بـ«الخفوت في المشهد السوري من جانبه السياسي في الشهور السبعة الأولى من عام 2016. ولم يشهد الصخب الذي عرفه في السنوات السابقة، سواء من ناحية الصراعات الداخلية المعلنة، أو من ناحية التجاذبات بين الكيانات السياسية المختلفة».
وإذ تحدثت الدراسة عن «صراعات صامتة» بين الكتل السياسية المختلفة داخل الائتلاف وخارجه، في إشارة إلى التباينات مع «الهيئة العليا للمفاوضات»، قال معدّوها إن أداء المعارضة السياسية وحضورها «يرتبط» بعدد من المحددات الداخلية والخارجية. و«هي التي تُساهم في رسم معالم المشهد المعارض في كل مرحلة»، بينها «البيئة الدولية، مع تحوّل المشهد السوري في سنواته الأخيرة إلى حالة من التدويل المعلن، وتأدية الفاعلين الإقليميين دورًا رئيسيًا في تفعيل أو تعطيل المؤسسات السياسية للمعارضة»، فضلاً عن «تأثير إنجازات فصائل المعارضة المسلحة وإخفاقاتها، وكذلك الأحداث والانتهاكات (مثل المجازر الكبرى) على الحضور السوري في المشهد السياسي والإعلامي».
لا يجد مركز «جسور» حرجًا في الإضاءة على تلك المشكلات، بالنظر إلى أنها تتحدث عن معطيات حرجة. ويقول سرميني إن «هذا النوع من الدراسات موجه لصناع القرار المحليين والدوليين»، كما أنه «موجه للفصائل العسكرية»، موضحًا أن تقديمها «ضروري لأن السوريين ضمن المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، باتوا الحلقة الأضعف». وأضاف: «إذا لم يكن هناك تحرك سياسي وعسكري معارض للعب دور حقيقي، فإن الحل المفروض لن يكون للسوريين دور في اتخاذ القرار به، ونحن كسوريين نرفض أن نكون مجرد أداة تنفيذية لقرارات يتخذها الآخرون».
من ناحية ثانية، تمثل الدراسة صدمة لأطراف المعارضة لتوحيد صفوفها خلال الفترة المتبقية لتفعيل قضية الحل السياسي مرة أخرى، التي يرجح «جسور» أن تنطلق جديًا في منتصف العام المقبل 2017. وحسب سرميني: «في المعطيات السياسية، يصعب أن يكون هناك حل سياسي أو العودة إلى طاولة المفاوضات قبل تلك الفترة، كونه مرتبطًا بالمشهد الأميركي المقبل في ظل تغيير في الإدارة الأميركية وحصول ترتيب جديد»، فضلاً عن «المتغيرات الإقليمية التي لا يتوقع أن تصل إلى تفاهمات قبل هذا الوقت»، لجهة حالات التقارب الروسي والتركي والإيراني، التي لا تزال في بداياتها. وتُضاف إلى «المتغيرات العسكرية على الأرض، في ظل الجمود السياسي القائم، وعدم حصول أي خرق أو تقدم على مستوى الملف الإنساني».
تأهبًا لذلك، أوصى المركز «الائتلاف» السوري بإجراء إصلاح جذري في بنيته وتركيبته، بحيث يضمن للفصائل الفاعلة تمثيلاً حقيقيًا وتشاركيًا، بما يوقف بحثها عن تمثيل تشاركي خارج «الائتلاف»، على أن «تشمل عملية إعادة الهيكلة المطلوبة منح الفصائل الرئيسية حق التمثيل العسكري في الائتلاف، ومنحها مقاعد ذات أغلبية ضامنة أو معطّلة». كذلك «ينبغي على الائتلاف إجراء مراجعة مباشرة لدور الحكومة المؤقتة»، والإعلان عن مواقف سياسية واضحة تمكّنه من تمييز حضوره عن المؤسسات الإعلامية.
من ناحية أخرى، أوصى المركز «الهيئة العليا للمفاوضات» بإنتاج نظام أساسي خاص بها، يُحدد آليات لصناعة القرار فيها، وآلية لاختيار هيئتها العليا ورئيسها، وكيفية توسيع الهيئة وتداول العضوية فيها. كما أوصى الفصائل المسلحة بالوصول إلى صيغة مشتركة مع الائتلاف، تضمن للفصائل مشاركة فاعلة في صنع القرار، والتوقف عن تقديم رسائل سلبية إلى المجتمع الدولي، وإجراء مراجعة شاملة لخطابها السياسي، وأن تعمل بشكل مشترك مع الكيانات السياسية والمدنية في سوريا وخارجها، بما يمكن الفصائل من ترشيد أدائها السياسي، ويوفر لها قاعدة تشاركية تُساعدها على الاندماج في أي حل سياسي مقبل.



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.