مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

دراسة تضيء على مشكلات المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري وتوصي بإصلاحات

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة
TT
20

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

تسعى قوات المعارضة السورية لتوحيد صفوفها ورفع مستوى تأثيرها السياسي، لمواكبة المتغيرات الدولية المتسارعة، وتمهيدًا لحفظ دور مؤثر لها خلال العملية السياسية المقبلة، التي يتوقع باحثون سوريون أن تبدأ بشكل جدي في ربيع العام المقبل 2017.
المركز البحثي السوري المعارض «جسور»، كشف في دراسة أعدها ونشرها أمس، عن أن المعطيات تُشير إلى اقتراب الفصائل العسكرية الرئيسية في سوريا، من تشكيل جسم مشترك يقوم على تمثيلها سياسيا، بدعم من بعض الدول الإقليمية. ورأى أن مثل هذا الكيان يُعطي دفعًا للحل العسكري الذي ترغب فيه، أو لسحب البساط من تحت المؤسسات السياسية الأخرى. وهو ما يعني فعليًا سحب الشرعية من الائتلاف والهيئة على حد سواء، ما لم تتمكن المؤسستان من التعاطي مع هذه المعطيات بصورة فعالة واستباقية.
وقال المركز، في الدراسة التي حملت توصيف «تقدير موقف»، إن ظهور جسم مشترك للفصائل العسكرية «سيساعد في تعزيز موقع هيئة التنسيق الوطنية في بيئة المعارضة السياسية، باعتبارها الممثل للشرائح التي لا تمثّلها الفصائل وأنصارها، بعكس الائتلاف والهيئة العليا»، مشيرًا في الوقت ذاته، وحسب توقعات المركز، إلى أن التجاذب قد يستمر بين الائتلاف و«الهيئة العليا للمفاوضات» بما سيؤثّر «على شرعية وحضور كل منهما»، ويلفت إلى أنه «لا يُعتقد أن تشهد الساحة الدولية دعوة جدية لأي حل سياسي قبل ربيع 2017. ما يعني أن الفرص المتاحة لكلا المؤسستين ستكون محدودة أصلاً على المدى القصير والمتوسط».
المدير العام لمركز «جسور» محمد سرميني، قال موضحًا، إن فصائل «الجيش السوري الحر» التي تعمل منذ فترة بشكل مشترك على تنسيق البيانات التي تصدرها «رأت أنه من الضروري العمل على أمرين، هما: وحدة القرار السياسي، ووحدة القرار العسكري»، وتحدث عن «تضافر الجهود لإنجاز وحدة القرار السياسي». وتابع سرميني لـ«الشرق الأوسط» أنه بناء عليه «تم تشكيل لجنة مصغرة من مندوبي الفصائل المؤثرة (التي يبلغ عددها 22 فصيلاً وقّعت البيانات الأخيرة بشكل مشترك) وبدأت إعداد تصور عن هيئة سياسية تمثل الفصائل، ستكون مرجعية سياسية لها، ومن خلالها تأخذ مواقف في القرارات السياسية العامة، وفيما يتعلق بتمثيلها في المؤسسات السياسية».
وأضاف أن تلك المساعي تنطلق من واقع أن الفصائل، رغم حضورها، لا تتمتع بتأثير سياسي، بل تقتصر مشاركاتها على إبداء رأي يبدو أنه غير ملزم. وتجد تلك الفصائل التي تتمتع بحيثية كبيرة على الأرض، أنها غير قادرة على أن تكون شريكة في صناعة القرار السياسي، بالنظر إلى أن نسبة تمثيلها في الهيئة العليا للمفاوضات كانت متدنية، كذلك لم تجد لنفسها تمثيلاً بارزًا في الائتلاف السوري، حيث «تشعر بأن الائتلاف جسم غريب عنها وهي غير فاعلة فيه».
وحسب سرميني، فإن «بقاء الفصائل بشكلها الحالي من غير تمثيل سياسي بارز لها في المؤسسات السياسية، لن يغير نظرة المجتمع الدولي لها بوصفها ميليشيات، ذلك أن الدول الغربية تتعاطى مع المؤسسات الرسمية لناحية الأخذ برأيها، لذلك إذا لم تكن ضمن المنظومة السياسية المعترف بها، فإن كلامها يصعب أن يكون له وزن سياسي».
الدراسة التي حملت عنوان «المعارضة السياسية والخيارات المتاحة في المشهد السوري»، توقفت عند مشكلات المعارضة وخياراتها. وتوقفت بالذات عند ما وصفته بـ«الخفوت في المشهد السوري من جانبه السياسي في الشهور السبعة الأولى من عام 2016. ولم يشهد الصخب الذي عرفه في السنوات السابقة، سواء من ناحية الصراعات الداخلية المعلنة، أو من ناحية التجاذبات بين الكيانات السياسية المختلفة».
وإذ تحدثت الدراسة عن «صراعات صامتة» بين الكتل السياسية المختلفة داخل الائتلاف وخارجه، في إشارة إلى التباينات مع «الهيئة العليا للمفاوضات»، قال معدّوها إن أداء المعارضة السياسية وحضورها «يرتبط» بعدد من المحددات الداخلية والخارجية. و«هي التي تُساهم في رسم معالم المشهد المعارض في كل مرحلة»، بينها «البيئة الدولية، مع تحوّل المشهد السوري في سنواته الأخيرة إلى حالة من التدويل المعلن، وتأدية الفاعلين الإقليميين دورًا رئيسيًا في تفعيل أو تعطيل المؤسسات السياسية للمعارضة»، فضلاً عن «تأثير إنجازات فصائل المعارضة المسلحة وإخفاقاتها، وكذلك الأحداث والانتهاكات (مثل المجازر الكبرى) على الحضور السوري في المشهد السياسي والإعلامي».
لا يجد مركز «جسور» حرجًا في الإضاءة على تلك المشكلات، بالنظر إلى أنها تتحدث عن معطيات حرجة. ويقول سرميني إن «هذا النوع من الدراسات موجه لصناع القرار المحليين والدوليين»، كما أنه «موجه للفصائل العسكرية»، موضحًا أن تقديمها «ضروري لأن السوريين ضمن المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، باتوا الحلقة الأضعف». وأضاف: «إذا لم يكن هناك تحرك سياسي وعسكري معارض للعب دور حقيقي، فإن الحل المفروض لن يكون للسوريين دور في اتخاذ القرار به، ونحن كسوريين نرفض أن نكون مجرد أداة تنفيذية لقرارات يتخذها الآخرون».
من ناحية ثانية، تمثل الدراسة صدمة لأطراف المعارضة لتوحيد صفوفها خلال الفترة المتبقية لتفعيل قضية الحل السياسي مرة أخرى، التي يرجح «جسور» أن تنطلق جديًا في منتصف العام المقبل 2017. وحسب سرميني: «في المعطيات السياسية، يصعب أن يكون هناك حل سياسي أو العودة إلى طاولة المفاوضات قبل تلك الفترة، كونه مرتبطًا بالمشهد الأميركي المقبل في ظل تغيير في الإدارة الأميركية وحصول ترتيب جديد»، فضلاً عن «المتغيرات الإقليمية التي لا يتوقع أن تصل إلى تفاهمات قبل هذا الوقت»، لجهة حالات التقارب الروسي والتركي والإيراني، التي لا تزال في بداياتها. وتُضاف إلى «المتغيرات العسكرية على الأرض، في ظل الجمود السياسي القائم، وعدم حصول أي خرق أو تقدم على مستوى الملف الإنساني».
تأهبًا لذلك، أوصى المركز «الائتلاف» السوري بإجراء إصلاح جذري في بنيته وتركيبته، بحيث يضمن للفصائل الفاعلة تمثيلاً حقيقيًا وتشاركيًا، بما يوقف بحثها عن تمثيل تشاركي خارج «الائتلاف»، على أن «تشمل عملية إعادة الهيكلة المطلوبة منح الفصائل الرئيسية حق التمثيل العسكري في الائتلاف، ومنحها مقاعد ذات أغلبية ضامنة أو معطّلة». كذلك «ينبغي على الائتلاف إجراء مراجعة مباشرة لدور الحكومة المؤقتة»، والإعلان عن مواقف سياسية واضحة تمكّنه من تمييز حضوره عن المؤسسات الإعلامية.
من ناحية أخرى، أوصى المركز «الهيئة العليا للمفاوضات» بإنتاج نظام أساسي خاص بها، يُحدد آليات لصناعة القرار فيها، وآلية لاختيار هيئتها العليا ورئيسها، وكيفية توسيع الهيئة وتداول العضوية فيها. كما أوصى الفصائل المسلحة بالوصول إلى صيغة مشتركة مع الائتلاف، تضمن للفصائل مشاركة فاعلة في صنع القرار، والتوقف عن تقديم رسائل سلبية إلى المجتمع الدولي، وإجراء مراجعة شاملة لخطابها السياسي، وأن تعمل بشكل مشترك مع الكيانات السياسية والمدنية في سوريا وخارجها، بما يمكن الفصائل من ترشيد أدائها السياسي، ويوفر لها قاعدة تشاركية تُساعدها على الاندماج في أي حل سياسي مقبل.



توافق مصري - كويتي على دعم تنفيذ خطة إعمار غزة ورفض «التهجير»

أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
TT
20

توافق مصري - كويتي على دعم تنفيذ خطة إعمار غزة ورفض «التهجير»

أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)

اختتم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، زيارته إلى دولة الكويت ضمن جولة خليجية استمرت 3 أيام شملت قطر، حيث أجرى مباحثات مع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وصفها خبراء بأنها «مهمة بالنظر إلى توقيتها وما يجري في المنطقة»، كما حملت «أهدافاً سياسيةً واقتصاديةً» معاً.

تناولت القمة المصرية - الكويتية مختلف القضايا وشواغل المنطقة بحضور وفدي البلدين، حيث تم التأكيد على «ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري، ومواصلة تبادل الرهائن والمحتجزين، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية بشكل عاجل»، حسب بيان للرئاسة المصرية.

وأكدت مصر والكويت «الدعم الكامل للخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار قطاع غزة وضرورة تنفيذها فور وقف إطلاق النار»، وشددت الدولتان «على الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وعلى ضرورة إيجاد تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

وتعكس زيارة السيسي ومباحثاته في الكويت «وحدة موقفي البلدين وتنسيقهما معاً بشكل كامل ومع مختلف الدول الخليجية والعربية في وقت حساس ومهم بشأن القضية المحورية، وهي القضية الفلسطينية، وكذلك القضايا الأخرى المتعلقة بأمن واستقرار المنطقة»، وفق عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري.

الأمير مشعل يستقبل الرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
الأمير مشعل يستقبل الرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

وشدد بكري لـ«الشرق الأوسط» على أن الرسالة التي خرجت من تلك المباحثات هي «التوافق على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، والإسراع في تنفيذ الخطة العربية لإعادة الإعمار، باعتبارها هدفاً محورياً ومهماً، ليظهر للعالم الإصرار العربي على موقف موحد برفض تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم».

بيان الرئاسة المصرية أكد كذلك تناول المباحثات للتطورات في سوريا والسودان، حيث أكد الرئيس المصري وأمير الكويت دعمهما لوحدة واستقرار البلدين، بالإضافة إلى دعم الحكومة اليمنية الشرعية، مشددين على أهمية أمن واستقرار الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية بالمنطقة.

وأكد أمير الكويت أن زيارة الرئيس المصري لبلاده «تعكس عمق العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وتعدُّ فرصة لمواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية»، معرباً «عن تقديره لدور مصر التاريخي والمحوري في تطوير وتنمية دول الخليج، وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي» وفق ما قالت الرئاسة المصرية.

من جانبه، أكد السيسي «حرص مصر على تعزيز التعاون مع الكويت في كافة المجالات، بالأخص المجال الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين».

السيسي يلتقي بمقر إقامته بمدينة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي بمقر إقامته بمدينة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت (الرئاسة المصرية)

ويرى وزير الإعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيارة تأتي للتأكيد على أهمية دور «دول معسكر الحكمة»، على حد وصفه، والمتمثلة في دول الخليج ومصر والأردن، في قيادة العمل العربي في ظروف صعبة لم تمر بها المنطقة منذ حرب عام 1973».

وأوضح النصف أن «المنطقة تعاني من حرب دامية في غزة وحروب وصراعات في نصف الدول العربية تقريباً، سواء السودان وليبيا وسوريا واليمن وغيرها، وكذلك هناك شبح قيام حرب بين إيران والولايات المتحدة، فضلاً عن حروب تجارية يمر بها العالم وتحولات تجعل هناك ضغوطاً كبيرةً على استقرار الدول العربية، وكذا اقتصاداتها، ومن ثم تأتي مثل هذا الزيارة ضمن جهود التنسيق العربي الخليجي من أجل إنهاء الحروب وإحلال السلام».

تجدر الإشارة إلى أنه خلال الزيارة التقى الرئيس المصري في جلستي مباحثات منفصلتين كلاً من الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت، والشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة، حيث تم التأكيد على نفس مواقف البلدين بشأن قضايا المنطقة والرغبة في استمرار التعاون من أجل تحقيق الاستقرار والرخاء الاقتصادي للبلدين وجميع شعوب الشرق الأوسط.

وكان السيسي قد عقد مباحثات موسعة، الاثنين، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبيل توجهه للكويت، وشملت التأكيد على ذات المواقف السياسية فيما يتعلق بغزة والصراعات في الدول الأخرى بالمنطقة.