مطالب بالتحقيق مع نتنياهو لإضاعته فرصة الحصول على «قنابل ذكية» أميركية

باراك اتهم رئيس الوزراء بالمسؤولية عن تخفيض المساعدات الأميركية بنحو 10 مليارات دولار

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو
TT

مطالب بالتحقيق مع نتنياهو لإضاعته فرصة الحصول على «قنابل ذكية» أميركية

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

رغم أن الإسرائيليين باتوا يمقتون رئيس حكومتهم وكبير جنرالاتهم السابق، إيهود باراك، فإن تصريحاته الأخيرة ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تلقى رواجا في الحلبة السياسية والشارع، وهناك مسؤولون يطالبون بالتحقيق مع نتنياهو خصوصا حول الاتهام بأنه أضاع فرصة ثمينة للحصول على دعم أميركي عسكري غير مسبوق، ماليا ونوعيا.
وقال النائب المعارض عومري بارليف، وهو جنرال في جيش الاحتياط ونجل رئيس أركان الجيش المشهور، حايم بارليف (باني خط الدفاع على قناة السويس الذي انهار في بداية حرب أكتوبر/تشرين الأول بفضل العبور)، إن اتهامات باراك بالغة الخطورة وفي دولة طبيعية يمكن أن تؤدي إلى حبس رئيس الحكومة على استهتاره
وكان باراك قد اتهم نتنياهو بالمسؤولية عن تخفيض قيمة المساعدات الأميركية للعقد القادم من 45 مليارا إلى 35 مليار دولار وأنه افتعل معركة حزبية وشخصية ضد البيت الأبيض والرئيس باراك أوباما، خدمة لعناصر حزبية وسياسية معارضة في اليمين الأميركي. ثم اتهمه بالمسؤولية عن حرمان إسرائيل من سلاح نوعي رفض إعطاء تفاصيل حوله، لكن مراسلين عسكريين تحدثوا إلى مقربين من باراك يقولون إنه قصد «القنابل الذكية»، التي تخترق الجبال.
وقال مسؤولون عسكريون متقاعدون في تل أبيب، أمس إن هذه القنابل تعتبر أهم الأسلحة النوعية التي تحتاجها إسرائيل في حال الهجوم على إيران لتدمير المفاعل النووية. فهي قادرة على اختراق أرض صخرية بعمق عشرات الأمتار. ولكن الإدارة الأميركية لم تسمح حتى الآن بأن تخرج هذه القنابل من حدود الولايات المتحدة ولا حتى لأقرب حلفائها في الناتو. ويقدرون أن باراك قصد القول إن البنتاغون وافق على إخراجها ووضعها في إحدى قواعده القريبة في الشرق الأوسط لوضعها تحت تصرف إسرائيل في حال تعرضت لهجوم إيراني مؤذ. وهو أمر يعتبر مساندة نوعية لا سابق لها في تاريخ العلاقات بين البلدين. لكن هذه المساعدة كانت مشروطة بأن يتوقف نتنياهو عن محاربة الاتفاق النووي مع إيران. وقد أهدر نتنياهو هذه الفرصة لأنه واصل حربه ضد الاتفاق حتى آخر لحظة. وهذا ما قصده باراك عندما قال إن نتنياهو فضل مصالح أصدقائه في الولايات المتحدة على مصالح إسرائيل الأمنية.
وقد أكد مسؤولون أميركيون هذه الرواية، في أحاديث مع وسائل إعلام إسرائيلية. وكما كتبت «يديعوت أحرونوت»، أمس، ما يلي: «قبل نحو سنة ونصف السنة أوصت القيادة المهنية لجهاز الأمن، بتأييد من وزير الدفاع في حينه موشيه يعلون، رئيس الوزراء نتنياهو بقبول عرض التعويض الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي مع إيران. فإلى جانب زيادة حجم المساعدات الأميركية للسنوات العشر القادمة، تضمن العرض عدة عناصر كان يمكنها أن تؤثر دراماتيكيا على التعاون الأمني بين الدولتين وعلى القدرات الاستراتيجية لدولة إسرائيل. لأسباب سياسية - حزبية، وصفها إيهود باراك هذا الأسبوع بأنها (مراهنة سائبة)، رفض نتنياهو توصية جهاز الأمن، وفي شهر مارس (آذار) 2015، قبل أسبوعين من الانتخابات في إسرائيل، اختار إلقاء خطاب أمام أعضاء الكونغرس الأميركي، وحاول إقناعهم بالوقوف ضد أوباما ومنع الاتفاق النووي. وروى موظفون أميركيون كبار شعروا بالإحباط من سلوك نتنياهو أنه في نهاية 2014 - بداية 2015 نقل وزير الدفاع تشاك هيغل رسالة إلى نتنياهو من الرئيس أوباما أكد فيها الاستعداد الأميركي لأن تنصب في إسرائيل أسلحة استراتيجية لم تسلح بها من قبل. ويدور الحديث أغلب الظن عن وسائل قتالية تستهدف الردع وفي نفس الوقت يمكن أن تستخدمها إسرائيل إذا شعرت بأنها مهددة من المشروع النووي فتقرر مهاجمة إيران. يمكن التقدير بأن الإدارة كانت مستعدة لأن تضع تحت تصرف إسرائيل أيضا إحدى الوسائل القتالية الناجعة التي أنتجت في حينه في الولايات المتحدة: قنبلة تخترق الخنادق المحصنة والمعدة لتدمير المنظومة تحت الأرضية لقاعات إنتاج النووي في إيران. وكانت إسرائيل طلبت القنبلة، ومعقول أنه كان لدى الأميركيين عدة أفكار عن كيفية وضع هذه الأسلحة تحت تصرفها عند الحاجة. نقل تلك الأسلحة الاستراتيجية إلى إسرائيل كان سيشكل قفزة درجة نوعية في القدرات التكنولوجية والعملياتية لإسرائيل وكذا في التعاون الأمني بين الدولتين. هذا لم يحصل.
ويرى سياسيون إسرائيليون، أن ما كشفه باراك هو أمر خطير يستحق التحقيق على الأقل. وحسب أحدهم: «لما كان الحديث يدور عن رسائل سرية بين الدولتين، يمكن لديوان رئيس الوزراء أن ينفيها، يجدر بباراك أن يعرض روايته أمام محفل سري مخول، كاللجنة الفرعية في لجنة الخارجية والأمن. صحيح أنه في تلك الأيام كان باراك قد أصبح مواطنا عاديا، ولكن أبواب البنتاغون التي بقيت مفتوحة أمامه وعلاقاته الطيبة مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس أبقته في الصورة. كما أن علاقته مع نتنياهو كانت معقولة في ذاك الوقت بحيث أنه عرف على أي حال ما يجري حقا بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء».
الجدير ذكره أن نتنياهو امتنع عن الرد وأرسل أحد مساعديه ليقول إن «باراك الذي انسحب بشكل مهين من لبنان هو آخر من يحق له الكلام في حماية مصالح إسرائيل الأمنية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».