شنت السلطات التركية حملات اعتقالات مكثفة في أوساط رجال الأعمال والبنوك والمؤسسات الخاصة على مدى الأسبوع الماضي، في إطار ما أعلن عنه الرئيس رجب طيب إردوغان، من جهود قطع مصادر التمويل عن حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو (تموز) الماضي، التي تسميها الحكومة «منظمة فتح الله غولن» أو «الكيان الموازي».
وألقت السلطات التركية، أمس الجمعة، القبض على 29 مفتشًا من هيئة الرقابة والإشراف على البنوك لارتكابهم مخالفات في عمليات التفتيش.
كما شنت قوات الأمن حملة جديدة على مجموعة «بويداك هولدنغ» التي تضم كثيرا من الشركات، بينها شركة الأثاث الشهيرة «استقبال» وألقت القبض على خمسة من المديرين التنفيذيين بها.
وسبق ذلك، الأربعاء، القبض على 187 رجل أعمال في عدد من المجموعات والشركات واتحادات رجال الأعمال وأبرزهم رئيس اتحاد رجال الأعمال والصناعيون (توسكون) رضا ميرال ومالكي شركة غول أوغلو، أشهر شركات صناعة البقلاوة في تركيا، والقبض على فاروق جولو أوغلو المعروف في تركيا بملك البقلاوة، الذي تنتشر فروع شركته في مختلف المدن التركية كما شملت الحملة مجموعة أيدنللي.
في الوقت نفسه، قال نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، محمد شيمشك، في مقابلة تلفزيونية، أمس، إن الحكومة تجري محادثات مع بنوك لوقف تمويل الشركات التي لها صلة بالداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب.
وأكد شيمشك أنه من الضروري جدا وقف تمويل الشركات التي لها صلة بغولن، حيث لا يتجاوز عددها بضع مئات، لافتًا إلى أن هذه الخطوات لن تؤثر على الاقتصاد.
واعتقلت السلطات التركية حتى الآن نحو 40 ألف شخص في التحقيقات التي بدأتها بعد محاولة الانقلاب، وتم احتجاز نحو نصف من ألقي القبض عليهم رسميًا.
كما أدى التحقيق إلى عملية تطهير واسعة في الجيش والجهاز الحكومي والشرطة والقضاء، وأقيل أكثر من 86 ألفًا من وظائفهم.
وبشأن الاستثمارات الأجنبية، أكد شيمشك أن اهتمام المستثمرين الأجانب يزداد بتركيا، التي قال إنها تمكنت من العودة السريعة إلى طبيعتها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، موضحًا أن اللقاءات التي تقوم بها الجهات الاقتصادية في تركيا مع المستثمرين العالميين ما زالت مستمرة.
وأوضح شيمشك أن الهدف من اللقاءات الجارية مع المستثمرين الأجانب، هو تصحيح التصور السلبي الحاصل لديهم عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، وشرح الإجراءات الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة التركية، لافتا إلى أنه خاطب 895 مستثمرًا ومحللا اقتصاديا أجنبيا عن طريق الاتصال عن بعد (تلي - كونفرانس) الثلاثاء الماضي.
ولفت إلى أن المساعي التركية الرامية لتصحيح التصور الحاصل لدى المستثمرين الأجانب، تكللت بالنجاح، وأنّ الأسواق التركية أوشكت على العودة إلى المستويات التي كانت عليها قبل محاولة الانقلاب الفاشلة.
وتابع شيمشك في هذا السياق قائلا: «خلال لقاءاتنا المتكررة مع المستثمرين الأجانب، قدّمنا لهم شرحًا مفصلاً عن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة التركية، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي وأكّدنا لهم أنّ الإصلاحات التي بدأنا بها في الاقتصاد التركي ستستمر دون توقّف».
في سياق مواز، قال وزير العدل التركي، بكر بوزداغ، إن تمديد حالة الطوارئ المعلنة في البلاد على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة، غير وارد في الوقت الراهن على أجندة الحكومة التركية، مشيرًا إلى أن الحكومة ستعمل على تقييم الأمر أمام البرلمان التركي إذا لزم التمديد.
وكانت حالة الطوارئ قد أُعلنت في 21 يوليو الماضي، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
من ناحية أخرى، قال الوزير التركي المسؤول عن الإشراف على البنوك إنه لا يتوقع تخفيضا لتصنيفات ائتمانية من قبل وكالة فيتش، لافتا إلى أنه لم تكن هناك تطورات تبرر التخفيض إلى تصنيف عالي المخاطر، وقال نائب رئيس الوزراء، نور الدين جانيكلي، أيضا، إن هدف النمو الذي تسعى الحكومة لتحقيقه البالغ 4.5 في المائة هذا العام «ما زال قائما».
وتتناقض تصريحات جانيكلي مع تصريحات صدرت في وقت سابق عن محمد شيمشك، الذي قال أمس الجمعة، إن بلاده قد لا تحقق النمو المستهدف هذا العام مستندا إلى أثر انقلاب 15 يوليو الفاشل.
وقال شيمشك إن تركيا تهدف لدعم النمو من خلال التحفيز والإعفاء الضريبي، وذكر شيمشك أن نقص المدخرات في بلاده يضع الاقتصاد في مأزق، مضيفا أن الحكومة تريد زيادة نسبة المدخرات.
ورغم الأزمة الصعبة التي تمر بها البلاد، فما زالت تركيا تواصل سعيها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في غضون ست سنوات.
وقال السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي، سليم ينيل: «الحكومة التركية تعتزم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قبل عام 2023».
وأشار ينيل إلى أن الجمهورية التركية سيبلغ عمرها مائة عام بحلول عام 2023. وقال: «سيكون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تتويجا لبلدي».
وأكد ينيل مساعي بلاده للحصول على «عضوية كاملة» في الاتحاد الأوروبي: «لن نقبل على المدى الطويل ألا نكون جزءا من الاتحاد الأوروبي، الانضمام إلى الاتحاد أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا».
وذكر ينيل أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيرفع من المعايير في تركيا في كل المجالات، سواء بالنسبة للقضايا السياسية والاقتصادية أو فيما يتعلق بحماية المستهلكين والرعاية الصحية.
وعقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، طالب ينيل المستشارة أنغيلا ميركل وقادة أوروبيين آخرين بعدم التردد في السفر إلى تركيا، وقال: «ستدعمون بذلك الديمقراطية في تركيا وستظهرون استيعابكم أنه تم الحفاظ عليها».
تركيا: الحملة على البنوك وعالم الأعمال لم تؤثر على الاستثمارات
اتصالات مع بنوك لقطع تمويل الشركات المرتبطة بـ«غولن»
تركيا: الحملة على البنوك وعالم الأعمال لم تؤثر على الاستثمارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة