مسعود أحمد: «الرؤية السعودية» طموحة وتوقيتها مناسب.. والخليج على المسار الصحيح

مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع الخاص والشباب دعامتا المستقبل الاقتصادي العربي

مسعود أحمد: «الرؤية السعودية» طموحة وتوقيتها مناسب.. والخليج على المسار الصحيح
TT

مسعود أحمد: «الرؤية السعودية» طموحة وتوقيتها مناسب.. والخليج على المسار الصحيح

مسعود أحمد: «الرؤية السعودية» طموحة وتوقيتها مناسب.. والخليج على المسار الصحيح

منذ عام 2008، يعمل مسعود أحمد مديرا لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، متوليا بذلك منصبا في إحدى أهم المؤسسات المالية الدولية، في منطقة من أهم مناطق العالم استراتيجيا واقتصاديا، وفي فترة شهدت تقلبات كبرى على جميع المقاييس؛ أثرت على المنطقة كلها ووصلت موجاتها إلى العالم على وجه العموم.. في حين يشهد الاقتصاد العالمي في الوقت نفسه فترة حرجة ومضطربة نتيجة عوامل عدة.
كل هذه الظروف مجتمعة، إضافة إلى خبرته الاقتصادية الكبيرة، حولت فترة تولي مسعود أحمد، الذي أعلن اعتزامه التقاعد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلى كنز معلوماتي وخبرة اقتصادية لا يستهان بها.. وهو ما أكدته مديرة الصندوق كريستين لاغارد، حين علقت على قرار أحمد بالتقاعد، قائلة: «كان مسعود صاحب رؤية طوال السنوات الثماني التي قاد فيها الإدارة. وكنت أشعر بتقدير كبير لمشورته الحكيمة، وبصيرته السياسية، وحسه الاستراتيجي العميق. وسيكون تقاعده خسارة للصندوق، وسيفتقده كثيرا كل أصدقائه وزملائه». «الشرق الأوسط» أجرت حوارا عبر الهاتف مع أحمد، في مكتبه بمقر صندوق النقد الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك لمعرفة التفاصيل الدقيقة لجميع أشكال التعاون الجاري بين الصندوق والدول العربية، وهو حديث لم يغب عنه نظرة «المحلل المدقق» للماضي والأسباب التي أدت إلى الوصول إلى اللحظة الراهنة، ولم تغب عنه كذلك «رؤية الخبير» وتوقعاته ونصائحه حول المستقبل.
وفي حديثه، يؤكد مسعود أحمد ترحيب الصندوق الواسع برؤية «المملكة 2030»، مؤكدا أنها طموحة وتوقيتها مناسب للغاية، وأنه على مدار السنوات الخمس المقبلة ستساعد «رؤية المملكة» في تقليل الاعتماد على النفط وتحسين الوضع الاقتصادي. ويرى أحمد أن المسار الاقتصادي الذي تسلكه دول الخليج هو الصحيح، مشيرا إلى أن احتمالية تأثير الإجراءات الاقتصادية على معدلات التضخم خلال العام الحالي أو المقبل هو «أمر طبيعي» لا يسبب قلقا، وجزء من عملية التحول الاقتصادي، مؤكدا أن القطاع الخاص يجب أن يكون هو المحرك الرئيسي للاقتصاد، وأن يصبح الشباب هم الداعم والوقود الرئيسي للمستقبل؛ في منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وحول نشاط الصندوق الحالي في الدول العربية، تحدث مسعود أحمد عن تفاصيل عمل الصندوق وبرامجه الحالية في كل من تونس والمغرب والعراق، إضافة إلى المباحثات الجارية مع كل من الأردن، ومصر، التي وصلت إلى مرحلة التفاهمات والاتفاقات المبدئية في انتظار تصويت مجلس إدارة الصندوق عليها خلال الفترة المقبلة. مشيرا إلى دور آخر مهم للصندوق في الدول التي تشهد نزاعات، حيث يعمل الصندوق على وضع البرامج والخطط المستقبلية استعدادا لانتهاء الصراعات ومعاونة تلك الدول على تجاوز أزماتها.وإلى نص الحوار..

- ما رأيكم في «رؤية المملكة العربية السعودية الاقتصادية لعام 2030» والتي أعلن عنها قبل عدة أشهر؟
- نرحب بـ«رؤية المملكة العربية السعودية 2030» لسببين: الأول لأنها في غاية الأهمية لدولة تمر بمثل هذا التحول الرئيسي، الذي يتطلب الوقف على حقيقة أسعار النفط في الوقت الراهن وتوفير مزيد من الوظائف للشباب السعودي، الأمر الذي سيحقق الأغراض المطلوبة، الثاني لأنها خطة طموحة ويجب أن تكون كذلك، لأن التحديات كبيرة وستتغلب على هذه التحديات بتنفيذ تلك الخطة، ففي بعض النواحي سيتطلب الأمر بعض الإصلاحات المؤسسية، وفي نواحي أخرى سيتطلب الأمر جوانب اجتماعية؛ التي يجب أن تدار بعناية.
- هل تتوافق «رؤية المملكة 2030» مع توصيات صندوق النقد الدولي؟
- نعم، ونعتقد أنه على مدار الخمس سنوات المقبلة ستساعد رؤية المملكة في تقليل الاعتماد على النفط، وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال أن يصبح القطاع الخاص محركا رئيسيا؛ ليس فقط من أجل دفع عجلة النمو، ولكن من أجل خلق وظائف جديدة للشباب الذين سينضمون إلى سوق العمل من نساء ورجال بالمملكة العربية السعودية.
- ما رأيكم في توقيت تطبيق التحول الاقتصادي بالمملكة؟
- أرى أن التوقيت مناسب جدا، فأعتقد أنه من الأفضل أن نترك لطبيعة التحديات الوقت اللازم. ففي بعض الحالات سنري النتائج سريعا، لكن في بعض الأحيان ستحتاج الأمور إلى وقت أطول؛ وهو الأمر الذي يدعم أهمية البدء مبكرا.
- ما رأيكم في سياسة دول الخليج في التعايش مع انخفاض أسعار النفط؟
- أرى أن التحدي الذي يواجه دول الخليج مثله كمثل باقي الدول المصدرة للنفط، فعلى مدار العشر أو الخمس عشرة سنة المقبلة سيكون هناك تعايش أكبر مع حقيقة انخفاض أسعار النفط بدلا من الاعتماد عليها بوصفها مصدرا رئيسيا للنشاط الاقتصادي.
ولذا، فعلى كل الاقتصادات المصدرة للنفط أن تقوم بأمرين: الأول أن تقوم بترشيد النفقات الحكومية بطريقة تتناسب مع انخفاض عائدات النفط، وذلك لحين الاعتماد على نظام ضريبي من الأنشطة غير النفطية. والثاني أنه عند ترشيد نفقات الحكومة فإنها لن تكون المسؤول الرئيسي عن توليد الوظائف كما كانت في الماضي بالنسبة للباحثين عن عمل من خريجي المدارس والجامعات، الذين كانوا يبحثون عن وظائف حكومية.. لكن الآن يجب على مواطني دول الخليج أن يبحثوا عن فرص في القطاع الخاص، وهو ما يتطلب منهم أن تكون مهاراتهم المكتسبة أكثر مناسبة للعمل بالقطاع الخاص مما كانت مع القطاع العام، وأيضا أن تكون دوافعهم أكبر نحو الالتحاق بالقطاع الخاص.
ولذا أرى أن المسار الذي تسلكه دول الخليج هو الصحيح، فلقد لاحظناه بالفعل في مراجعة الموازنات وخفض الإنفاق.. بالطبع هذا له أثر على معدلات التضخم، وقد يحدث تباطؤ في دول الخليج هذا العام والعام المقبل، لكن ذلك طبيعي، وهو جزء من التحول، وإلى حين أن يصبح القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لتنشيط الاقتصاد.
- وكيف ترون السياسات المالية والنقدية في منطقة الشرق الأوسط؟
- كما أوضحت، فإن الدول المصدرة للنفط بدأت بالفعل في عمليات التحول من أجل التناغم بصورة أكبر في الموازنات مع أسعار النفط المنخفضة. أما بالنسبة للدول المستوردة للنفط، فلقد كان هناك تخفيف بسيط للضغوط نتيجة الأسعار المنخفضة، مما سمح لهم بالتقاط الأنفاس.
لكن في الوقت نفسه، يمكن أن أقول إنه يمكن رؤية آثار بعض القرارات والإجراءات الصعبة التي اتخذت بالفعل في الدول المستوردة للنفط. وفي دول مثل المغرب والأردن، يمكن أن نلحظ جانبا من التحسن الناجم عن قرارات صعبة اتخذت خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، ولذلك أعتقد أن جانبا من الفضل يعود إلى الدول نفسها لمحاولاتها تحسين أوضاعها.
- كم عدد الدول التي لديها برامج مع صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
- في الوقت الحالي، يوجد للصندوق برامج مع كل من تونس والمغرب والعراق، كما وصلنا حديثا إلى تفاهمات مع كل من الأردن ومصر، وسنعمل على عرض تلك التفاهمات على مجلس إدارة الصندوق خلال الأسابيع المقبلة لمناقشتها.
- وكيف يعاون الصندوق الدول التي يوجد بها صراعات على غرار العراق أو اليمن أو سوريا؟
- هذه الدول تعاني من وضع هو مأساة إنسانية في المقام الأول، وتمتد تبعاته الواسعة الأثر من الضحايا إلى النازحين. لدينا أعداد متزايدة من المفقودين من سنوات، وعلينا أن نتذكر الثمن الإنساني الذي يدفع.
بالطبع هناك ثمن مادي كما نرى في اقتصادات اليمن وسوريا، وكل هذه الدول تأثرت وتأثر اقتصادها عبر تضاؤله، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة معدلات الفقر، وتغيب أعداد متزايدة من الأطفال عن التعليم.. أيضا في أماكن كثيرة يجد هؤلاء الناس عجز ميزانياتهم يتضخم بشدة نتيجة فقدان مصادر الدخل.
ولكل ذلك فإن هناك حتما أثرا اقتصاديا على هذه الدول، وأيضا على جيرانها، لأن عددا من لاجئي هذه الدول يعيشون في الأردن ولبنان. وبالمثل فإن الصراع في ليبيا يؤثر على جارتها تونس.
والآن ما دور صندوق النقد في هذه الدول؟ بالنسبة إلى سوريا، فليس لدينا نشاط واسع حاليا، وليس لدينا اتصال مع الحكومة، لكن لدينا اتصالات في اليمن والعراق وليبيا، ونعمل مع الحكومات لتوفير النصائح حول طرق التعامل ومعالجة هذه الأوضاع الصعبة. وفي حالة العراق، نحن نسهم أيضا بتوفير الدعم المالي للسلطات في الوقت نفسه.
- كيف ستساعد الاتفاقات مع الأردن في دعم اقتصاده خلال الأعوام المقبلة؟
- في حالة الأردن، فإن الصندوق، كما هو معلوم، كان يقوم بتقديم الدعم خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال برنامج مالي من أجل دعم الاقتصاد الأردني. ولقد حقق الأردن تقدما ملحوظا في مجال تثبيت الاقتصاد في مواجهة مخاطر وصدمات كبيرة، مثل الهزات التي قابلها في مواجهة أسعار الطاقة، أو تلك التي واجهها خلال التعامل مع أزمة اللاجئين. ونجح الأردن في تحويل عجز الموازنة إلى منطقة التوازن والسيطرة.
والآن، فإن الأردن يواجه تحديات خلال السنوات الثلاث المقبلة، ولدينا برنامج الصندوق للدعم، ونأمل في أن تتم الموافقة على التفاهمات من قبل مجلس إدارة الصندوق خلال الأيام القليلة المقبلة. وما يتضمنه البرنامج في الأردن هو مساندة التحول من مرحلة «الثبات الاقتصادي» إلى مرحلة «النمو الاحتوائي»، (الذي يشمل أكبر عدد من المواطنين وفئات المجتمع)، وما أعنيه هنا بذلك يتجاوز تحقيق «نسبة نمو» فقط في الأردن، إلى خلق وظائف يمكن لكل المواطنين بما فيهم النساء والشباب المشاركة فيها. أيضا نهدف إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية، وتحسين بيئة الأعمال كي يتمكن مزيد من الأفراد من الولوج وإنتاج مزيد من الأعمال والوظائف. كما نهدف إلى مزيد من تحسين أسس الاقتصاد متناهي الصغر، التي ستسمح بتوفير مزيد من الثقة لدى الناس في الاقتصاد الأردني.
وكل ذلك يجعلني أعتقد أن الصندوق في المرحلة المقبلة سيتشارك مع الأردن في المرور من مرحلة «الثبات الاقتصادي»، إلى مرحلة النمو الشامل المستدام.
- وماذا عن مصر؟
- في حالة مصر، فكما هو معلوم، فإنها كانت تمر بفترة صعبة للغاية خلال الأعوام الأخيرة. ومصر دولة قوية للغاية ولديها مقومات جيدة للغاية، لكنها في الوقت نفسه تعاني مشكلات عاجلة لا بد من مواجهتها.. النمو ضئيل للغاية، وعجز الموازنة أصبح كبيرا جدا، وهو ما يزيد من أعباء الدين العام، والوضع الخارجي أضعف مما يجب أن يكون عليه اقتصاد مثل الاقتصاد المصري، ومعدل بطالة متزايد.
وعلى ذلك، فإن البرنامج المصري، وأؤكد أن البرنامج تم وضعه عبر الحكومة المصرية، الذي عرض صندوق النقد الدولي مساعداته لتنفيذه، هو برنامج يستهدف وضع مصر على مسار صحيح يبدأ أولا بتصحيح وتحويل كل عوامل عدم التوازن بصورة عكسية، والشروع في وضع أسس زيادة النمو والتوظيف في مصر. أما عن طريقة تفعيل ذلك، فإن أول ما نحاول فعله هو تقليص كل عوامل العجز الموجودة بالموازنة والدين العام. وكما هو معروف، فإن الدين العام المصري حاليا يبلغ تقريبا حجم اقتصادها نفسه، ولذلك يجب خفضه حتى ترتفع الثقة، مما سيحسن من توظيف سوق العملة الأجنبية، التي يعرف الجميع أنها سبب قلق في مصر حاليا. كما سيهتم البرنامج بمعالجة وإعادة صياغة بنود الإنفاق بطريقة تساعد في رفع معدلات النمو، عبر توجيه أولويات الإنفاق إلى البنية التحتية، وأيضا تحسين ظروف الحماية المجتمعية للمرأة العاملة. وسيلي ذلك تحسين بيئة الأعمال من أجل زيادة وجذب الاستثمارات، ليس فقط الخارجية، ولكن الداخلية أيضا عبر المستثمرين المصريين.
وهذه هي أهداف البرنامج المصري، وسيتم تقديمه للمناقشة أمام مجلس الصندوق خلال الأسابيع المقبلة.
- وكيف سيساعد ذلك البرنامج في السياسات المالية لمصر؟
- كما ذكرت، فإن أحد أهداف البرنامج هو معاونة تحسين سوق العملة الأجنبية من خلال العمل مع حزمة الإجراءات التي يتبناها البنك المركزي المصري. ونأمل في أن تكون تلك الخطوات، بالإضافة إلى الثقة الإضافية التي سيحصل عليها الاقتصاد، من شأنها أن تحسن أيضا من توافر وتوظيف سوق العملة الصعبة.
- وماذا عن رؤيتكم للإصلاحات الاقتصادية في السودان؟
- الاقتصاد السوداني كان يقع تحت ظروف صعبة للغاية. وأريد أن أقول إنه في حالة السودان، فإننا نعلم أنهم كانوا يتعاملون مع الآثار الناجمة عن انفصال جنوب السودان، وكذلك مع العقوبات الدولية في بعض الأحيان، التي أدت إلى عدم القدرة على الولوج إلى النظام المصرفي العالمي. وفي الوقت نفسه فإن السودان نجح في تحقيق معدل نمو بلغ 3 في المائة خلال العام الحالي، والعام الماضي كان نحو 5 في المائة.. وبالمجمل فإن السودان من جهة يحقق نتائج جيدة، لكن من جهة أخرى فإن المخاطر ونقاط الضعف الاقتصادية تتراكم وتتضخم، منها مثلا السوق الموازية للعملة الأجنبية التي تضع ضغوطا على كاهل الاقتصاد. وعليه، فأنا أعتقد أنه في حالة السودان من المهم العمل على معالجة أسباب هذه الضغوط الخفية ونقاط الضعف، من أجل وضع السودان على مسار أفضل اقتصاديا، ولمصلحة مواطنيه.
- هل هناك برامج جديدة بالمنطقة تعملون عليها خلال السنوات المقبلة؟
- على المستوى الحالي نحن نعمل كما ذكرت في كل من مصر والأردن.. أما في الأفق الأبعد من ذلك، فأعتقد أن أكبر اهتماماتنا هي معاونة الدول التي تعاني من صراعات، حين تخرج من هذه الصراعات. فحين تتجه الأوضاع للهدوء، كما حدث في حالة اليمن قبل ذلك، كان لدينا برنامج حاولنا من خلاله المعاونة في دعم الاقتصاد، لكنه انهار نتيجة الصراع. وفي ليبيا أيضا، بينما تسعى الحكومة للسيطرة على الأوضاع على الأرض وعلى الاقتصاد.
وحين تصل هذه الصراعات إلى نهايتها، سنكون حاضرين لتقديم برامج المساعدة الإضافية. لكن قبل عمل هذه البرامج، فنحن قادرون على تقديم النصائح الخاصة بالسياسات المالية والدعم الفني، وكما هو معلوم، فإن تلك الأشياء في مناطق النزاع تكون أحيانا أكثر أهمية من المساعدة المالية التي يمكن أن تتحصل عليها تلك الدولة من الهيئات الدولية.
- وما نصائحك للمواطنين والحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
- توصياتي الرئيسية لدول المنطقة تكمن في أنه خلال الأعوام القليلة المقبلة سيكون هناك عاملان رئيسيان يقودان التأثيرات على الاقتصاد والنظرة الاجتماعية العامة، الأول هو كيف تتم إدارة الصراعات وإنهاؤها، لأن كل هذه الصراعات يصعب إدارتها جميعا في وقت متزامن.
أما الأمر الثاني، هو كيفية التأقلم مع أسعار النفط المنخفضة، وهو أيضا تحد صعب يجب الاهتمام به.
ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها صفتان مميزتان يجب ألا يغيبا عن الأذهان، الأولى وهي ذات قوة كبيرة، أن لدى هذه الدول عددا ديناميكيا وحيويا من السكان الشباب، المليء بروح المبادرة، الذي يريد المشاركة في تحسين المجتمع كله الذي يأمل في الحياة فيه، وليس ظروفه الشخصية فقط. والتحدي الرئيسي أمام صناع القرار هو في إزاحة المعوقات وإطلاق العنان للقدرات الإبداعية الكامنة لدى هؤلاء الشباب، بدلا من النظرة الواسعة للشباب على اعتباره تحديا في ذاته يجب تجاوزه. وشخصيا، أرى أن الشباب في المنطقة هو الحل الممكن لكثير من المعضلات التي نواجهها.
أما الميزة المهمة الثانية للمنطقة، فهي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقع في وسط كثير من المناطق الاقتصادية المهمة والمتباينة، وإذا تمكنا من تنظيم أنفسنا، فسنكون قادرين على أن نكون شريكا تجاريا واقتصاديا مؤثرا.. أي أن موقعنا يتيح لنا مزية استراتيجية يمكن أن تكون قاعدة انطلاق واستثمار لدولنا.
لكن من أجل استغلال كلتا الميزتين، يجب علينا إطلاق العنان للقطاع الخاص، ويجب أن نؤمن أن تقدمنا الاقتصادي المستقبلي سيأتي من التنافس الديناميكي القوي بين القطاع الخاص والحكومي لكن بطريقة مختلفة، عبر التمكين–أكثر من كونه وسيطا اقتصاديا–وأعتقد أننا إذا فعلنا ذلك فسنبلغ نتائج جيدة، وهو ما أراه يحدث بالفعل في عدد من الدول بالمنطقة حاليا، ويجعلني متفائلا بشدة حول تقدم المنطقة في المدى المتوسط.
* مسعود أحمد في سطور
- يشغل مسعود أحمد منصبه الحالي مديرا لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2008.
- في الفترة ما بين عام 2006 إلى 2008، عمل مديرا لإدارة التواصل الخارجي، في الوقت الذي بدأ فيه الصندوق عملية تغيير لزيادة التركيز على استخدام سبل التواصل باعتبارها أداة للسياسات.
- في الفترة بين عام 2003 إلى 2006 عمل مديرا عاما لقسم السياسات والتطوير الدولي لدى إدارة التطوير الدولي بالحكومة البريطانية.
- انضم إلى صندوق النقد الدولي في عام 2000 نائبا لمدير إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة (إدارة تطوير ومراجعة السياسات في ذلك الوقت)، وظل بها حتى عام 2003. حيث أشرف على مراجعة المبادئ الإرشادية لشرطية برامج الصندوق.
- ما بين أعوام 1979 وحتى 2000، تولى مسعود أحمد عددا من المناصب في البنك الدولي، من بينها نحو 10 سنوات من العمل في مجال البرامج والمشروعات الدولية في مناطق مختلفة، و10 سنوات أخرى في مجال السياسات الاقتصادية المرتبطة بالدين، وفاعلية المساعدات، وآفاق التجارة والاقتصاد العالمي.
- حصل على درجتيه الجامعية والعليا من جامعة «مدرسة لندن للاقتصاد» LSE، التي التحق بها أيضا للتدريس في كلية الاقتصاد.



الأسهم الآسيوية تنخفض متأثرة بتراجع «وول ستريت» قبيل نهاية العام

تُظهر شاشة مؤشر كوسبي وسعر صرف الدولار مقابل الوون الكوري في قاعة تداول بنك هانا في سيول (أ.ب)
تُظهر شاشة مؤشر كوسبي وسعر صرف الدولار مقابل الوون الكوري في قاعة تداول بنك هانا في سيول (أ.ب)
TT

الأسهم الآسيوية تنخفض متأثرة بتراجع «وول ستريت» قبيل نهاية العام

تُظهر شاشة مؤشر كوسبي وسعر صرف الدولار مقابل الوون الكوري في قاعة تداول بنك هانا في سيول (أ.ب)
تُظهر شاشة مؤشر كوسبي وسعر صرف الدولار مقابل الوون الكوري في قاعة تداول بنك هانا في سيول (أ.ب)

تراجعت غالبية الأسهم الآسيوية خلال تعاملات يوم الثلاثاء، متأثرةً بانخفاض الأسواق الأميركية في جلسة هادئة في «وول ستريت»، في وقت استقرت فيه العقود الآجلة للأسهم الأميركية مع اقتراب نهاية عام 2025.

وتراجعت أسعار النفط الخام، بينما استأنف الذهب والفضة مسارهما الصعودي، وسط انخفاض ملحوظ في أحجام التداول، مع قيام معظم المستثمرين الكبار بإغلاق مراكزهم قبل يومين فقط من نهاية العام. ومن المقرر أن تُغلق غالبية الأسواق العالمية أبوابها يوم الخميس بمناسبة رأس السنة الميلادية، بينما تتوقف بعض الأسواق أيضاً عن التداول يومي الأربعاء والجمعة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وفي اليابان، انخفض مؤشر «نيكي 225» بنسبة 0.4 في المائة ليغلق عند 50,339.48 نقطة، رغم أنه أنهى عام 2025 بمكاسب قوية تقارب 25 في المائة.

في المقابل، ارتفع مؤشر «هانغ سينغ» في هونغ كونغ بنسبة 1.1 في المائة إلى 25,914.14 نقطة، بينما استقر مؤشر «شنغهاي» المركب عند مستوى 3,965.51 نقطة دون تغيير يُذكر.

وفي أستراليا، تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز/مؤشر أستراليا 200» بنسبة طفيفة بلغت 0.1 في المائة إلى 8,717.10 نقطة.

كما انخفض مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 0.2 في المائة إلى 4,214.17 نقطة، بينما تراجع مؤشر «تايكس» التايواني بنسبة 0.4 في المائة، وانخفض مؤشر «سينسيكس» الهندي بنسبة 0.2 في المائة.

وكانت الأسهم الأميركية قد أنهت تعاملات يوم الاثنين على تراجع في جلسة اتسمت بالهدوء وضعف السيولة. إذ انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، رغم بقائه مرتفعاً بأكثر من 17 في المائة منذ بداية العام، متجهاً نحو تحقيق مكاسبه الشهرية الثامنة على التوالي.

كما تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 0.5 في المائة، وهبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة مماثلة بلغت 0.5 في المائة.

وشكّلت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى ذات التقييمات المرتفعة عبئاً على السوق، في ظل تصاعد مخاوف المستثمرين بشأن مدى قدرة العوائد المستقبلية على تبرير الاستثمارات الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتراجعت أسهم «إنفيديا» بنسبة 1.2 في المائة، بينما انخفض سهم «برودكوم» بنسبة 0.8 في المائة.

وفي سوق السندات، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، إذ انخفض عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.11 في المائة مقارنة بـ4.13 في المائة في أواخر تعاملات الجمعة.

وتراجعت العوائد بشكل ملحوظ منذ بداية العام، عقب قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي لدعم سوق العمل المتباطئ، وهي خطوة تُثير مخاوف من تفاقم معدلات التضخم التي لا تزال أعلى من مستهدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.


«المركزي» يعلن إنشاء بنك للذهب في مصر

محافظ «المركزي المصري» ورئيس بنك التصدير والاستيراد الأفريقي خلال توقيع الاتفاقية (المركزي المصري)
محافظ «المركزي المصري» ورئيس بنك التصدير والاستيراد الأفريقي خلال توقيع الاتفاقية (المركزي المصري)
TT

«المركزي» يعلن إنشاء بنك للذهب في مصر

محافظ «المركزي المصري» ورئيس بنك التصدير والاستيراد الأفريقي خلال توقيع الاتفاقية (المركزي المصري)
محافظ «المركزي المصري» ورئيس بنك التصدير والاستيراد الأفريقي خلال توقيع الاتفاقية (المركزي المصري)

أعلن البنك المركزي المصري، الثلاثاء، أنه وقّع مع بنك التصدير والاستيراد الأفريقي «أفريكسيم بنك»، مذكرة تفاهم لإنشاء بنك متخصص في الذهب على مستوى القارة الأفريقية، في مصر.

وأوضح «المركزي»، أن هذه المبادرة الاستراتيجية تهدف إلى «تقوية احتياطيات البنوك المركزية، وتقليل الاعتماد على مراكز التكرير والتداول خارج أفريقيا، وإضفاء الطابع الرسمي على منظومة صناعة الذهب وتداوله».

وبموجب مذكرة التفاهم، سيعمل الجانبان على إعداد دراسة جدوى شاملة لتقييم جميع الجوانب الفنية والتجارية والتنظيمية لإنشاء منظومة متكاملة لبنك الذهب بإحدى المناطق الحرة المخصّصة في مصر، تشمل إنشاء مصفاة ذهب معتمدة دولياً، ومرافق آمنة لتخزين الذهب، إلى جانب تقديم خدمات مالية متخصصة وخدمات تداول متقدمة مرتبطة بالذهب.

كما تهدف المبادرة إلى توسيع نطاقها ليشمل جميع الدول الأفريقية، مع إشراك الحكومات والبنوك المركزية وشركات التعدين وكل المؤسسات المعنية بصناعة الذهب، لتعزيز التعاون المؤسسي وتوحيد الممارسات، وتسهيل التجارة المستدامة في الذهب والخدمات المرتبطة به داخل القارة.

وصرّح محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله، في هذا الصدد، بأن هذه المبادرة تمثّل نواة لتعاون أوسع على مستوى القارة الأفريقية، بمشاركة الحكومات والبنوك المركزية والجهات الفاعلة في أسواق الذهب، و«تؤكد التزام مصر بقيادة جهود تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية».

وأكد حسن عبد الله أن اختيار مصر لتكون مقراً للمشروع الجديد، بعد استكمال جميع الدراسات والموافقات اللازمة، يعكس الثقة الكبيرة التي توليها المؤسسات الأفريقية لقدرة مصر على استضافة مشروعات قارية كبرى، فضلاً عن موقعها الجغرافي المتميز الذي يربط أفريقيا بالشرق الأوسط وأوروبا، مما يعزّز فرص مصر لتكون مركزاً إقليمياً لتجارة الذهب والخدمات المالية المرتبطة به.

ومن جانبه، قال رئيس بنك التصدير والاستيراد الأفريقي، الدكتور جورج إيلومبي: «قد تبدو مذكرة التفاهم بسيطة في مظهرها، إلا أنها تعود في مضمونها بنتائج اقتصادية هائلة على قارتنا. فمن خلالها نعلن أن ذهب أفريقيا يجب أن يخدم شعوبها. وتُنشئ هذه المذكرة -التي تُعد جزءاً من رؤية بنك التصدير والاستيراد الأفريقي لاستغلال موارد أفريقيا بما يعود بالنفع على مواطني القارة- بنكاً أفريقياً للذهب، سيساعدنا على البدء في تغيير جذري لطريقة استخراج مواردنا من الذهب وتكريره وإدارته وتقييمه وتخزينه وتداوله، بهدف أساسي؛ هو الحفاظ على قيمته داخل القارة. ومن خلال بناء مخزون الذهب بشكل فعّال، كما فعلت اقتصادات كبرى أخرى، فإننا ندعم قدرة القارة على الصمود، ونقلّل من تعرضها للصدمات الخارجية، ونعزز استقرار العملة بالدول الإفريقية وقابليتها للتحويل، ونخلق ثروة داخل القارة».


انتعاش الذهب بعد موجة بيع قوية وسط تقلبات نهاية العام

يعرض أحد الموظفين سبيكة ذهبية بوزن كيلوغرام في متجر «غاليري 24» للذهب والمجوهرات في جاكرتا (رويترز)
يعرض أحد الموظفين سبيكة ذهبية بوزن كيلوغرام في متجر «غاليري 24» للذهب والمجوهرات في جاكرتا (رويترز)
TT

انتعاش الذهب بعد موجة بيع قوية وسط تقلبات نهاية العام

يعرض أحد الموظفين سبيكة ذهبية بوزن كيلوغرام في متجر «غاليري 24» للذهب والمجوهرات في جاكرتا (رويترز)
يعرض أحد الموظفين سبيكة ذهبية بوزن كيلوغرام في متجر «غاليري 24» للذهب والمجوهرات في جاكرتا (رويترز)

ارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات يوم الثلاثاء، متعافيةً من موجة بيع حادة في الجلسة السابقة، بعدما أدى انخفاض المعروض في نهاية العام إلى تفاقم التقلبات في الأسواق، في وقت يراهن فيه المتداولون على أن تدفع العوامل الأساسية أسعار المعادن الثمينة إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال عام 2026.

وصعد سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 4.361.71 دولار للأونصة بحلول الساعة 07:09 بتوقيت غرينتش، بعد أن كان قد لامس مستوى قياسياً بلغ 4.549.71 دولار يوم الجمعة. وكان المعدن الأصفر قد تراجع يوم الاثنين إلى أدنى مستوى له منذ 17 ديسمبر (كانون الأول)، مسجلاً أكبر خسارة يومية له منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم فبراير (شباط) بنسبة 0.8 في المائة إلى 4.377.20 دولار للأونصة.

وقال كايل رودا، كبير المحللين في «كابيتال دوت كوم»، إن موجة البيع المكثفة التي بدأت منذ افتتاح تعاملات يوم الاثنين تُبرز بوضوح حجم التقلبات الكبيرة في السوق، والتي ربما تفاقمت بفعل انخفاض أحجام التداول خلال موسم عطلات نهاية العام.

وفي هذا السياق، تراجعت مؤشرات القوة النسبية لكل من الذهب، والفضة من منطقة «التشبع الشرائي» خلال جلسة الاثنين، في إشارة إلى تصحيح فني بعد موجة صعود قوية.

وسجل الذهب أداءً استثنائياً خلال عام 2025، محققاً مكاسب بنحو 66 في المائة منذ بداية العام، مدعوماً بخفض أسعار الفائدة، وتوقعات بمزيد من التيسير النقدي في الولايات المتحدة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، إلى جانب الطلب القوي من البنوك المركزية، وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب.

ويتوقع المتداولون أن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة الأميركية مرتين على الأقل خلال العام المقبل، وهو ما يدعم عادة أداء الأصول غير المدرة للدخل في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

وفي سوق الفضة، ارتفع السعر الفوري بنسبة 3.1 في المائة ليصل إلى 74.49 دولاراً للأونصة، بعد أن كان قد سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 83.62 دولاراً في الجلسة السابقة. وكانت الفضة قد سجلت يوم الاثنين أكبر خسارة يومية لها منذ 11 أغسطس (آب) 2020.

وحقق المعدن الأبيض مكاسب لافتة بلغت 158 في المائة منذ بداية العام، متفوقاً على الذهب بفارق كبير، مدفوعاً بإدراجه ضمن قائمة المعادن الأميركية الحيوية، إلى جانب قيود المعروض، وتراجع المخزونات، وارتفاع الطلبين الصناعي، والاستثماري.

وقال كيلفن وونغ، كبير محللي السوق في شركة «أواندا»، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الصعودي طويل الأجل لكل من الذهب، والفضة، مع تقديرات سعرية خلال الأشهر الستة المقبلة عند 5.010 دولار للأونصة للذهب، و90.90 دولار للأونصة للفضة.

وفي المعادن الأخرى، ارتفع سعر البلاتين في المعاملات الفورية بنسبة 1.8 في المائة إلى 2146.81 دولار للأونصة، بعد أن كان قد تكبد يوم الاثنين أكبر خسارة يومية له على الإطلاق عقب تسجيله مستوى قياسياً عند 2478.50 دولار.

في المقابل، تراجع سعر البلاديوم بنسبة 0.7 في المائة إلى 1605.72 دولار للأونصة، بعدما هوى بنسبة 16 في المائة خلال جلسة الاثنين.