ملامح صراع خفي بين جمهوري أكبر حزبين شيعيين في جنوب لبنان

إشكال بين مناصري «حزب الله» و«أمل» على خلفية تمزيق صور ولافتات

ملامح صراع خفي بين جمهوري أكبر حزبين شيعيين في جنوب لبنان
TT

ملامح صراع خفي بين جمهوري أكبر حزبين شيعيين في جنوب لبنان

ملامح صراع خفي بين جمهوري أكبر حزبين شيعيين في جنوب لبنان

وحدها اللافتات والصور الحزبية الممزقة في بلدة الصرفند في جنوب لبنان، هي ما تبقي من الإشكال الأخير الذي وقع بين عناصر تابعين لما يُسمى «حزب الله» اللبناني، وعناصر حليفه السياسي، حركة أمل التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري.
فقد طوّق الحزبان الشيعيان الأبرز في لبنان، تداعيات إشكال تخلله تبادل لإطلاق نار ليل الاثنين، بعدما طوّق الجيش اللبناني الحادث أمنيًا، ونفذ انتشارًا في البلدة.
ويعد «حزب الله» وحركة أمل، الحزبين الأكبر في الطائفة الشيعية، ويمثلانها في البرلمان والحكومة، ولا تخرج التباينات بينهما على الملفات الداخلية إلى السطح. ويكرر المسؤولون في الحزبين تأكيدهما أنه لا خلافات بينهما.
لكن الإشكال، يرسم ملامح صراع خفي بين جمهور الحزبين في بلدات جنوب لبنان، حيث يتمتع الطرفان بنفوذ كبير. وخلافًا للتنسيق والودّ بين قيادتي الحزبين في القضايا السياسية الداخلية، والاتفاق الكامل على مقاومة إسرائيل، وعمل قيادة «أمل» على محاصرة أي انتقاد علني لتدخل الحزب في القتال في سوريا، فإن الأمر لا يبدو كذلك لدى القاعدة الشعبية. إذ على الأرض، تكشف الإشكالات عن صراع خفي بين جمهور الحزبين، يتمثل في إشكالات متنقلة على خلفية التبادل في تمزيق صور أو لافتات الحزبين، سرعان ما تطوقها القيادتين.
واندلعت آخر تلك الإشكالات، ليل الاثنين الماضي في بلدة الصرفند التي تعتبر معقل «أمل» في الجنوب. وتختلف الروايات بين السكان على مسببات الإشكال، ففيما يقول البعض إن شبانًا من «أمل» بادروا إلى تمزيق صورة لشاب من الحزب قُتل في سوريا، يقول آخرون إن شبانًا من الحزب، بادروا إلى تمزيق صورة عملاقة للإمام موسى الصدر، مؤسس «أمل» الذي اختفى في ليبيا في عام 1978، وبحسب السكان، فإن تلك الصور واللافتات تنتشر على نطاق واسع سنويًا في شهر أغسطس (آب)، حيث تقيم «أمل» في آخره ذكرى اختفاء مؤسسها في احتفالات جماهيرية.
وقال أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة «سرعان ما تطورت إلى عراك ثم تبادل لإطلاق النار بين الطرفين قرب مجمع ديني تابع للحزب في البلدة»، مشيرًا إلى أن وحدات الجيش اللبناني «حضرت بسرعة، حيث عملت على تطويق الإشكال، وفرضت سيطرتها على المنطقة، كما فرضت هدوءًا حذرًا».
وسارعت قيادتا الحزبين إلى المبادرة لتطويق الإشكال، ومنع تطوره. وقال مصدر في البلدة لـ«الشرق الأوسط» إن ممثلين عن اللجان الحزبية في الطرفين «أجروا اتصالات وعقدوا اجتماعات لتطويق الحادث سياسيا»، مشيرًا إلى أن التوجه السياسي العام لدى القيادة «يقضي بمنع أي توتر أمني في البلدات الجنوبية والتزام التهدئة»، حيث يوجد الطرفان بكثافة، وأن «أمن الجنوب خط أحمر، يمنع المساس به، والقيادتين ترفعان الغطاء السياسي عن أي متسبب بإشكالات وتوترات أمنية».
لكن الإشكال في الصرفند، لم يكن الأول من نوعه. يقول السكان إن الخلافات «عادة ما تتخذ شكل الإشكالات الفردية»، كما أن مناصري الطرفين «يتعاركان على خلفية نزع الصور»، في إشارة إلى صور وأعلام ولافتات ينشرها مناصرو الطرفين في البلدة، وتحمل شعارات حزبية. وبحسب السكان، فإن «خلافًا مشابهًا حصل قبل ثلاثة أشهر حين ألصق الحزب صورًا لقتيل له قضى في سوريا هو علاء علاء الدين، واتهم مناصرون لحركة أمل بتمزيقها، لكن الإشكال لم يتطور إلى تبادل لإطلاق النار واقتصر على نزع اللافتات والصور والأعلام المنتشرة في البلدة، العائدة للطرف الآخر». ويشير هؤلاء إلى أن تلك الإشكالات «كان تُحاصر بسرعة، منعًا لامتدادها».
وتعتبر الصرفند، المعقل الأبرز لحركة أمل في منطقة الزهراني الواقعة جنوب مدينة صيدا، ولم يكن لما يسمى «حزب الله» نفوذًا فيها قبل عشر سنوات. لكن الحزب، وسع قاعدته الشعبية فيها خلال السنوات الأخيرة، وبات له مناصرون وعناصر يتبعون له، قتل منهم اثنان خلال عام، في الحرب الدائرة في سوريا، وأقام لهما احتفالات تأبينية.
وتتكرر الإشكالات للسبب نفسه في أكثر من بلدة جنوبية، لكنها عادة لا تحدث ضجيجًا إعلاميًا، بالنظر إلى أن القيادتين تبادران إلى إنهائها فورًا بتدخلات على أرفع المستويات، منعًا للخلافات في معقل الطائفة الشيعية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».